إنّ الإسلام والتنمية لكلّ منهما مفهوم واسع له دلالات واسعة؛ لذلك من الصعب الحديث عن العلاقة بينهما على نحوٍ يسير. والإسلام ليس نظرية من نظريات التنمية، ويُحاكم بما تُحاكم به هذه النظريات، وإنّما يؤثِّر الإسلام تأثيراً واضحاً على عملية التنمية.. ففي إطار العلاقة بين الإسلام والتنمية يحقّق السلام للكثير من المزايا لعملية التنمية؛ فهو يوفِّر الإطار المرجعي لعلاقة الإنسان بالجماعة والقانون والأخلاق.
السلام والتنمية تعتبر كعلم من العلوم السياسية والدبلوماسية في الدارسة الاجتماعية والفلسفية، فحالة السلام تتقدّم على التنمية في كلِّ شيء، فأوّلاً استتاب السلام يعمّ في جميع ربوع العالم ومن بعد تكون التنمية والتي يجب أن تعمّ، فالتنمية يجب أن تشمل جميع مرافق الحياة دون فرز حتى تكون شاملة وكاملة بعيدة عن الآحادية.
إنّ قضية السلام هي قضية إنسانية ودينية ووطنية من الدرجة الأولى، فقد أكدت الشرائع السماوية على قضية واعتبرتها أساساً لخدمة الإنسان والارتقاء به، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) (البقرة/ 208).
إنّ التوعية بالاتفاقية ونشر ثقافة السلام وحشد الطاقات، من أهم المهام التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني، ويكون التنافس في برامج ثقافة السلام وهو برنامج الوحدة. كما إنّ السلام أحد اسم الله الحسنى، والسلام مبدأ من المبادئ التي عمّق الإسلام جذورها في نفوس المسلمين، ولفظ الإسلام مأخوذ من المادّة السلام، لأنّ السلام والإسلام يلتقيان في توفير الطمأنينة والأمن والسكينة، فجعل الله تحيّة المسلمين بهذا اللفظ، للإشعار بأنّ دينهم السلام والأمان، وهم أهل السلم ومحبو السلام، قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء/ 107)، وقال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّ الله جعل السلام تحيّة لأُمّتنا، وأمناً لأهل ذمتنا».
وتحيّة الله للمؤمنين في الجنّة تحيّة السلام، قال الله تعالى: (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) (الأحزاب/ 44)، (وَاللهُ يَدْعُو إلى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (يونس/ 25)، ويقول سبحانه وتعالى: (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) (الأنفال/ 61)، فالإسلام حثّ على العلاقات بين المسلمين وغيرهم، وهي علاقة تعارف وتعاون وبرّ وعدل، يقول الله تعالى في التعارف المفضي إلى التعاون: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات/ 13).
كما وردت كلمة السلام في معظم النُّظم والاتفاقيات التي نظّمت العلاقات الدولية، والتفاهمات الثنائية بين الحكومات، ومن هنا فإنّ السلام هو القاعدة الأساسية، والدعامة القوية التي تمكن الإنسان من أن يعيش في خير ورفاهية وطمأنينة، ويساعد الإنسان والمجتمع البشري للعيش في بيئة صالحة قادرة على خلق الازدهار الثقافي، والحوار الديني والفهم السياسي على نُسق إنساني يتسم بالرقي والتوازن، وفي إطار مبني على الاحترام المتبادل والحوار البناء المتكافئ.
لاشكّ أنّ التنمية في ظل السلام غاية المجتمعات كافة، من أجل تحقيق الاكتفاء لشعوبها، وسعياً لمستوى حياتي يتيح العيش بكرامة لكلّ فرد من أفراد المجتمع، دون اللجوء إلى ذل الحاجة والطلب داخل المجتمع، أو الهجرة الاختيارية أو الإجبارية خارج المجتمع. ومن هنا، فإنّ تنمية المجتمع واستغلال موارده بشكل اقتصادي فاعل، دون إسراف وإهدار، لهو الهدف الأسمى لأية بلد، يملك رؤية إستراتيجية واضحة الهدف والمقصد.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق