لقد أنزل الخالق سبحانه وتعالى القرآن وأرسل الأنبياء (عليهم السلام) إلينا وفرض علينا شريعته وكلّفنا لمصلحتنا ببعض الواجبات ومن ضمنها إقامة الصلاة ووعدنا بأنّ لنا على أدائها عظيم المكافآت. لأنّ الصلاة منفعة لنا في الدُّنيا والآخرة ولا تعود فائدتها إلّا علينا، فالله هو الغنيّ الحميد ونحن مَن نحتاجه وما فرضه علينا ما هو إلّا لينصلح حالنا في هذه الدُّنيا قبل فوات الأوان. أمّا في الآخرة فالصلاة عمود الدِّين، إن صلحت صلح الدِّين كلّه، وفيها الثواب العظيم والأجر الكبير وهي من أسباب مغفرة الذنوب، وهي من أهم الأسباب لدخول الجنّة والنجاة من النار. كيف لا وهي أفضل الأعمال عند الله بعد التوحيد؟! وذلك مصدّقاً لما أخبرنا به المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم). إنّها الحدّ الفاصل بين الإيمان والكفر وهي أوّل ما يسأل عنه العبد يوم الحساب.
من جهة أُخرى، يكفي أنّك كي تقوم بالصلاة يجب أن تتوضأ عدّة مرّات في اليوم وأن تغتسل غسلاً واجباً من حين لآخر أو غسلاً مستحباً، وهذا يكفي لتنعكس الصلاة على نظافتك الشخصية بالإيجاب ممّا سيوقيك من العديد من الأمراض. كما وأنّ للوضوء أثر مهمّ على الصحّة النفسية. وكذلك فإنّ الحركات الخفيفة المتكررة في الصلاة تحرّك جميع أجزاء الجسم بشكل متناسق وتنعكس إيجاباً على العظام والفقرات والمفاصل والعضلات وكذلك تنعكس على الجهاز الدوري الدموي وخاصّةً أثناء السجود، لأنّ الأوعية الدموية في الدماغ تزداد مرونة وقوّة. والصلاة تحسّن المزاج والصحّة النفسية وبالتالي هذا يؤدِّي بدوره إلى زيادة قدرة جهاز المناعة على مقاومة الأمراض.
الصلاة إذن مطهرة للقلب، تضمن إعادة الفطرة إلى نقائها، والنفس إلى صفائها، فإن أصابها كدر المعصية، أو ثقل الهموم، أو حيرة التردد كانت الصلاة هي المقوم لهذا الإعوجاج، والمصلح لهذا الفساد. هذه القوّة الخفية للصلاة دفعت بالطبيب الدكتور «الكسيس كاريل» إلى أن يقول: «لعلّ الصلاة هي أعظم طاقة مولدة لنشاط عرفت إلى يومنا هذا، وقد رأيت بوصفي طبيباً كثيراً من المرضى فشلت العقاقير في علاجهم، فلمّا رفع الطب يديه عجزاً وتسليماً، تدخلت الصلاة فأبرأتهم من عللهم، إنّ الصلاة كمعدن «الراديوم» مصدر الإشعاع، ومولد ذاتي للنشاط، وبالصلاة يسعى الناس إلى استزادة نشاطهم المحدود، حين يخاطبون القوّة التي لا يفنى نشاطها، إنّنا نربط أنفُسنا حين نصلي بالقوّة العظمى التي تهيمن على الكون، نسألها ضارعين أن تمنحنا قبساً منها نستعين به على معاناة الحياة، بل إنّ الضراعة وحدها كفيلة بأن تزيد قوّتنا ونشاطنا، ولن نجد أحداً ضرع إلى الله مرّة إلّا عادت عليه الضراعة بأحسن النتائج».
عن النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم): «إذا قام العبد إلى الصلاة فكأنّ هواه وقلبه إلى الله تعالى انصرف كيوم ولدته أُمّه». وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «لو كان على باب أحدكم نهر فاغتسل منه كلّ يوم خمس مرّات هل كان يبقى على جسده من الدرن شيء؟ إنّما مَثل الصلاة مثل النهر الذي ينقي كلّما صلّى صلاة كان كفارة لذنوبه إلّا ذنب أخرجه من الإيمان مقيم عليه».. وهكذا فإنّ العبادات هي من صميم إسلامنا، وهذه العبادات تنشر السلوك الطيِّب والأخلاق الحميدة بين الناس، كما وأنّها ليست فقط للآخرة وإنّما هي للدُّنيا والآخرة، فالله - عزّوجلّ - غنيّ عن عبادة عباده.. وهذه العبادات يصلح بها حال الإنسان على الأرض، لذا فالصلاة فيها فائدة للأبدان، وراحة للأفئدة والألباب، وفيها رقي بالمجتمعات ونماء في الأموال، وفيها الأخلاق والعلم والإحسان، وفيها بعد الموت بإذنه تعالى أن يكون صاحبها من أهل الجنان.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق