• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

بإسعاد الآخرين تتحقق سعادتك

بإسعاد الآخرين تتحقق سعادتك

◄يخطئ مَن يعتقد أنّه يستطيع أن يحقق سعادته في انفصال عن سعادة غيره. والواقع أنّ السعادة كلّ لا يتجزأ. إنّك لا تستطيع أن تكون سعيداً وغيرك يتمرغ في الشقاء. ألا تعلم أنّ الروابط التي تجمع بينك وبين الآخرين أقوى من أن تمزق؟

قد يعتقد الأناني أنّه يستطيع تحقيق سعادته بالالتفاف حول ذاته والبعد عن الآخرين. ولكنّه ما يفتأ أن يكتشف بطلان هذا الاعتقاد. فهو يحس بأنّ الناس من حوله يتربصون به ولا يحبونه.

ونحن نعلم أنّ سعادة الإنسان لا تتحقق إلّا إذا أحس أنّ الناس يحبونه. صحيح إنّك لا تستطيع أن تعيش بلا أعداء. ولكن قل لي هل أعداؤك أكثر من أحبائك؟ إذا كان أعداؤك أكثر من أحبائك، فإنّك إذن أشقى الأشقياء.

وطبيعي أنّك إذا نشرت السعادة من حولك، فإنّك بذلك تطفئ الكراهية في قلوب أعدائك. فكلّ شخص تدخل السعادة إلى قلبه، يكافئك بأن يحبك. فمفتاح قلب عدوك موجود في يدك. إنّ ذلك المفتاح هو العمل على إسعاده. فكم من عدو أصبح صديقاً عندما استطاع عدوه أن يقهر كراهيته له. وقهر الكراهية لا يكون إلّا بإحلال الحب محل العداء وأنت لا تستطيع أن تجعل عدوك يحبك إلّا إذا سببت له السعادة.

فالفقير الذي يحقد عليك لأنّك غني، يمكن أن يصير صديقاً لك وأن تصير قريباً من قلبه. أغدق عليه من مالك فتقهر كراهيته لك، وتحل محلها حباً لك. والأمي الذي يحقد عليك لأنّك متعلم يمكن أن يصير صديقاً لك وأن تصير قريباً من قلبه. أظهر له استعدادك لمحو أميته وتعليمه القراءة والكتابة.

إنّك تطفئ كراهية الحاقدين عليك بأن ترفعهم إلى مستواك أو بأن تقربهم من ذلك المستوى. إنّك تحاول محو فقر الفقير، كما تحاول محو أمية الأمي. ونفس الشيء عندما تقوم بتعزية الحزين فأنت تخفف من حزنه وتنشله من غمه.

وبتعبير آخر إنّك توزع السعادة على الآخرين. وطريقة توزيع السعادة تختلف من شخص لآخر. ولكن المؤكد أنّ جميع الناس من حولك يحتاجون إليك. لقد يحتاج أحد الأشخاص إلى التشجيع وبتشجيعك له فيما يعمل تكون قد أسعدته. وهناك شخص آخر دب اليأس في قلبه وأغلقت المنافذ أمامه. إنّ كلمة منك ربما تحل الأمل محل اليأس في قلبه. إنّه في يأسه الحالك بحاجة إلى معاونتك إنّك تطفئ يأسه وتفتح أمامه الطرق المسدودة.

وطبيعي أنّ النور الذي يصدر عنك وينعكس على حياة الآخرين يسعدك. من المؤكد أنّك لا تعرف قيمة ذلك النور الذي فيك إلّا إذا انعكس على غيرك. فالمصباح لا يمكن أن يضيء لنفسه. إنّه لابدّ أن يضيء لغيره. وأنت أيضاً لا تستطيع أن تستقل بسعادتك. إنّك تحس بالسعادة عندما تنعكس أضواء سعادتك على غيرك.

لا تترك نفسك للمصادفة. أنّ بعض الشباب يسعدون الآخرين بالمصادفة. حقا إنّهم يحسون بالسعادة عندما يسعدون غيرهم. ولكنهم سرعان ما ينسحبون إلى أنفسهم، بل ربما يندمون على ما ضحوا به وعلى ما قدموه. لقد يقال لهم إنّ التضحية من أجل الآخرين خسارة على المضحى.

ولكنك بذكائك تستطيع أن تدرك الشقاء المرتسم على وجوه الأنانيين. فالأناني يكون ضعيفاً. ذلك أنّنا نكون أقوياء بغيرنا، ولا نستلهم قوتنا من ذواتنا.

فكن قوياً بما تضمه من قوة الآخرين إليك. وكن سعيداً بما تحرزه من قوة ومنعة وعزوة. واعلم أنّك لا تستطيع أن تحقق سعادتك إلّا بأن تدأب على إسعاد الآخرين من حولك.►

المصدر: كتاب شخصيتك بين يديك

ارسال التعليق

Top