• ٢٢ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٠ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

لو عشت حياتي من جديد

لو عشت حياتي من جديد

الرحلة نحو الداخل هي تلك التي نقوم بها حينما نلتقط نداء الأعماق. بعد تجوالنا في العالم بحثاً عن المعنى أو عن المعرفة، وبعد تلاشي الكثير من الأوهام، نصير على استعداد للقيام برحلة أطول وأكثر شغفاً، تلك التي تحملنا على اكتشاف أنفسنا وإنسانيتنا.

هذه الجولة في الحكم العالمية وهذه الأقوال التي تتطرق إلى كلّ ظروف الحياة هي دعوة للاستمتاع بأجمل نصوص كتبتها شخصيات أو أشخاص مجهولون.

 

الصديقان:

هي حكاية صديقين كانا يمشيان في الصحراء. وحين وقع جدال بينهما صفع أحدهما الآخر. فرك هذا الأخير خده ولم يقل شيئاً لكنه كتب على الرمل: "اليوم، تلقيت صفعة من أفضل صديق عندي".

واصلا طريقهما ثم وقعا على واحة قررا أن يستحما فيها. لكن المصفوع كاد أن يغرق فأنقذه صديقه. وحين استعاد رشده، كتب على صخرة: "اليوم، أفضل صديق لدي أنقذ حياتي".

فما كان من صديقه الذي صفعه ثم أنقذ حياته أن سأله:

حينما جرحت مشاعرك كتبت على الرمل والآن تكتب على الصخر، لماذا؟

فأجابه صديقه:

حين يجرح أحدهم مشاعرنا يجب أن نكتب الحادثة على الرمل حيث رياح العفو يمكن أن تمحوها. ولكن حين يقدم أحدهم على فعل الخير معنا، يجب أن نحفر ما فعله على الصخر حيث لا تستطيع أي رياح أن تمحو ما كتبنا.

تعلّم أن تكتب جراحك على الرمل وأن تحفر أفراحك في الصخر.

كاتب مجهول

 

ابنِ حياتك:

بلغ أحد النجارين سن التقاعد فأعلم صاحب عمله عن نيته بترك عالم البناء حتى يمضي بقية حياته بسلام مع زوجته. حزن رب العمل على اضطراره للتخلي عن نجار بهذه البراعة وطلب منه خدمة شخصية ألا وهي أن يبني منزلاً أخيراً. قبلَ النجار ولكنه لم يكن سعيداً في إنجاز هذا العمل فجاء سيئ التصميم ومشغولاً بمواد أولية ذات نوعية رديئة. وحين انتهى النجار من المنزل، جاء رب العمل ليتفقده ثم قدم مفتاح المنزل إلى النجار قائلاً: "هذا المنزل هو منزلك، إنّه هديتي لك".

فشعر النجار بحزن شديد! أي عار هذا الذي جلبه على نفسه! لو كان يعلم أنّه يبني منزله الخاص لكان تصرف بطريقة مغايرة تماماً.

الأمر سيان بالنسبة إلينا في حياتنا. نحن نبنيها للأسف بإهمال كبير في كثير من الأحيان. وفي لحظة معينة، ندهش إذ ندرك أنّه ينبغي أن نعيش في المنزل الذي قمنا ببنائه. ولو كان بالإمكان أن نبدأ من جديد لكنا تصرفنا بطريقة مغايرة تماماً، لكن لا يمكننا العودة إلى الوراء. نحن نصنع منزل حياتنا وفي كلّ يوم ندق فيه مسماراً ونركّب خشبة ونبني جداراً، فالحياة هي مشروع كلّ لحظة من لحظاتنا.

إنّ موقفنا وخياراتنا اليوم هي التي تبني المنزل الذي سنسكن فيه غداً ولبقية عمرنا.. فلمَ لا نبنيه بحكمة؟

كاتب مجهول

 

اللحظة الراهنة:

من أجل إدراك قيمة سنة واحدة، اسأل طالباً رسب في سنته الدراسية.

من أجل إدراك قيمة شهر واحد، اسأل أماً ولدت طفلها قبل موعده.

لمعرفة قيمة أسبوع واحد، اسأل ناشر مجلة أسبوعية عما يفعل في أسبوع.

لمعرفة قيمة ساعة واحدة، اسأل عاشقين افترقا مؤقتاً الواحد عن الآخر.

لتفهم قيمة دقيقة واحدة، اسأل شخصاً فاته القطار.

لتدرك قيمة ثانية واحدة، اسأل شخصاً تمكن من تجنب حادثة سيارة.

لتعرف قيمة ألف الثانية الواحدة، اسأل شخصاً ربح ميدالية فضية في الألعاب الأولمبية.

فلندرك أهمية كلّ لحظة نملكها، لأنّ الأمس جزء من التاريخ والغد يبقى لغزاً واليوم هو الهدية.

كاتب مجهول

 

رجاء طفل لأهله:

أود لو كنت هراً حتى تأخذاني بين ذراعيكما كلما تعودان إلى المنزل.

أود لو كنت سماعة جهاز الموسيقى حتى أشعر أنكما تصغيان إلي أردد لحن وحدتي.

أود لو كنت صحيفة حتى تأخذا الوقت الكافي لتسألاني عن أحوالي كلّ يوم.

أود لو كنت جهاز تلفزيون حتى لا أنام كلّ ليلة قبل أن تنظرا إليّ باهتمام.

أود لو كنت فريق كرة قدم بالنسبة إليك يا أبي حتى أراك تقفز فرحاً بعد كلّ انتصار أحرزه، وأن أكون رواية بالنسبة إليك يا أمي حتى تقرئي كلّ مشاعري.

وبعد تفكير ملي، أود لو كنت شيئاً واحداً وهو هدية لا تقدر بثمن في نظركما.

لا تشتريا لي شيئاً في عيدي، بل اسمحا لي أن أشعر أني طفلكما.

كاتب مجهول

لو استطعت أن أعيش حياتي من جديد...

لو استطعت أن أعيش حياتي من جديد...

لتكلمت أقل وأصغيت أكثر، لدعوت أصدقائي حتى لو كانت السجادة باهتة الألوان والديوان عتيق،

لأصغيت إلى جدي يحكي لي قصص شبابه،

     لما أصريت على إقفال نوافذ السيارة في يوم جميل من أيام الصيف لأني صففت شعري عند المزين،

لجلست على العشب مع أطفالي من دون أن أهتم للبقع على ثوبي،

لضحكت أقل وبكيت أكثر عند مشاهدة التلفزيون، ولضحكت أكثر وبكيت أقل عند مشاهدة الحياة،

لبقيت في السرير حين كنت مريضة من دون أن أدعي أنّ الأرض ستتوقف عن الدوران فيما لو امتنعت عن العمل يومها،

لما اشتريت شيئاً لمجرد أنّه عملي أو لأنّه مضمون مدى الحياة،

لما رغبت في انتهاء أشهر الحمل بل لكنت تمتعت بكلّ لحظة لعلمي أنّ الأعجوبة التي تكبر في داخلي هي هدية الله لي،

لما قلت لأولادي وهم يقبلونني بحماسة: "فيما بعد... اذهب الآن واغسل يديك قبل الطعام"،

ولقلت لهم "أحبكم" أكثر بكثير،

والأهم، أني لو أعطيت فرصة لأعيش حياتي مجدداً، لالتقطت كلّ دقيقة ونظرت إليها ورأيتها حقاً وعشتها وما استبدلتها بشيء آخر.

ارسال التعليق

Top