مقدمة:
تعتبر مسألة الذاكرة من أكثر مسائل علم النفس إثارة للجدل والدراسة نظراً لأهميتها في نقل المعارف والحضارة من جيل لآخر. فلا يمكن أن يتقدم الإنسان بأي شكل من الأشكال، أو أن يتعلم دون امتلاكه ذاكرة حية. ودون قابلية الدماغ لحفظ المعلومات وخزنها مما سيضطر الإنسان إلى إعادة ما يتعلمه كل يوم. فالذاكرة هي المسؤولة عن القفزة الحضارية الهائلة، ولولاها لظل الإنسان مثله مثل القردة، ولصارت الحياة كئيبة دون قراءة وكتابة ودون اكتشاف وعلوم.
فهي ذلك اللغز الذي طالما حيّر العلماء ودفعهم إلى البحث والتقصي عن حقيقتها وماهيتها. لهذا السبب تهدف هذه الدراسة إلى إماطة اللثام عن آلية عمل الذاكرة، ومعرفة البنى العصبية المسؤولية عن عملها والاطّلاع على بعض الاضطرابات والآفات التي تصيبها. لقد كانت الذاكرة موضوعاً حيوياً حفز الباحثين والعلماء للغوص في غياهب الدماغ بغية كشف أسراره. فقد قام عالم النفس (لاشلي) بدراسات تجريبية تناولت الدماغ والسلوك وحاول إعطاء إجابات عن مشكلة النظام الحيزي (المكاني) للذاكرة في الدماغ. ولم يشك (لاشلي) أبداً في أنه كي نفهم السلوك يجب أن نفهم الدماغ أولاً. لذلك أجرى تجارب للكشف عن معالم الذاكرة في الدماغ مبتكراً تقنيات ووسائل لإحداث أذيات دماغية ومن ثم تحديد مواقع تلك الآفات وقياس مداها. حيث قام بتعليم الحيوانات حل مهام محددة، وبعد ذلك استأصل أجزاء مختلفة من القشرة الدماغية المركزية، وبدأ يبحث ويتقصى عن أماكن حفظ الآثار الذاكرية. ولم يتسن لهذا العالم وبغض النظر عن المقدار المستأصل من النسيج السنجابي أن يتوصل إلى المكان الخاص والمسؤول عن حفظ ما يتعلمه الإنسان من خبرات وانطباعات. لقد أظهرت الدراسات اللاحقة أسباب إخفاق (لاشلي) بالنسبة للتعلم والذاكرة، وأن كثيراً من المناطق والبنى الدماغية هامة إلى جانب القشرة الدماغية.
إذاً فقد اقتنع لاشلي بعد النتائج التي توصل إليها في دراساته. أنّ الآثار الذاكرية لا تخزن في منطقة واحدة من الدماغ، وإنما هناك بنى دماغية كثيرة مسؤولة عن ذلك (ميلنر، 1995).
لقد تابع (دونالد هب) donald Hebb طريق أستاذه (لاشلي)، حيث افترض (هب) نظرية العمليات الجارية في الذاكرة والتي حددت مسار البحوث والدراسات التالية لأكثر من ثلاثين سنة، وأدرج مفهوم الذاكرة قصيرة المدى والطويلة المدى. واعتبر أن الذاكرة قصيرة المدى هي عملية نشطة وذات استمرارية مقيّدة، دون أن تحتفظ بأية آثار وانطباعات، أما الذاكرة طويلة المدى فإنها تشترط تغيرات بنيوية في الجهاز العصبي.
وكما اقترح (هب) فإن هذه التغيرات البنيوية يمكن أن تستدعي التحفيز والتنشيط المتكرر لسلسة من العصبونات، على سبيل المثال من القشرة إلى التلاموس أو قرن آمون وبالعكس إلى القشرة الدماغية. إن الآثار المتكورة لتلك العصبونات تؤدي إلى ارتباط المشباك العصبية synapses لتصبح بصورة وظيفية ذات تأثير وفعّالية. وبعد إقامة مثل تلك الارتباطات لهذه العصبونات تتشكل تجمعات Cell assemblies وإن أي تحفيز يمس أي عصبون من العصبونات ينشط ويفعل التجمعات بأكملها وهكذا يمكن أن يتحقق حفظ المعلومات واسترجاعها، واستدعائها المتكرر تحت تأثير أي أفكارٍ وإحساسات ما أو انفعالات من شانها أن تثير العصبونات المستقلة لتجمعات الخلايا.
إن التبدلات البنيوية، كما أشار هب يمكن أن تجري في نقاط المشابك نتيجة لعمليات ما أو نتيجة لتبدلات الايض Metabolic والتأثيرات المعززة لكل عصبون على الذي يليه ( Bloom et. Al 1985).
تثبت الآثار الذاكرية Conslidation يقع قرن آمون في المنطقة الصدغية الدماغية حيث تم الحكم وفق بعض المعطيات أنه واللوزة المخية جزءان من الفص الصدغي، وهذا يعني الجزء الأقرب إلى مستوى الجسم الدماغي المتوسط الذي لعب دوراً هاماً في عملية تثبيت الآثار الذاكرية وترسيخها.
إن السؤال المطروح ما هي التغيرات الفيزيائية والسيكولوجية التي يجب أن تحدث في الدماغ بهدف انتقال المعلومات إلى مستودع الذاكرة طويلة المدى؟ حالما تتوارد المعلومات لتصل إلى الذاكرة طويلة المدى فإن قسماً من تلك المعلومات يمكن أن يتعرض للتغيير أو حتى النسيان. وبعد ذلك فقط يعاد تنظيم الأشياء والمعلومات لتُرسل إلى الحفظ الدائم. وسنعطي مثالاً بسيطاً يوضح ما المقصود بإعادة التنظيم عندما يتعلم الأطفال الانكليزية. في البداية هناك ضرورة للتمييز ما بين الحرفين (d,b) حيث يتلخص في أن (d) إلى اليسار. أما الحرف (b) فتحدبه إلى اليمين. وحالما يتقن الأطفال الحرفان بشكل جيد فإن إعادة تنظيم الآثار الذاكرة يسمح لهم بالتعرف عليهما دون تحليل للسمات أو العلامات المنفصلة. وعلى ما يبدو فإن قرن آمون والمنطقة الصدغية اللوزية اللذان يشاركان في تكوين الآثار الذاكرية وتنظيمها ليسا مكاناً لحفظ المعلومات وخزنها بشكل مستديم. فعند المريض (H.M) الذي كان يعاني من تلف قسم من دماغه فإنه يتذكر الأحداث الجارية لأكثر من 3 سنوات قبل إجراء العملية الجراحية بشكل جيد. مما يؤكد على أن المنطقة الصدغية ليست مكاناً لحفظ طويل للآثار الذاكرية لكنها تلعب دوراً في تكوين الآثار الذاكرية. لكن إلى أن شيء تدل خسارة ذاكرة المريض (H.M) لكثير من الأحداث التي حدثت في السنوات الثلاثة قبل إجراء العملية الجراحية (من المحتمل أن الصرع Epilepsia عاق وشوش عملية ترسيخ الآثار الذاكرية وتثبيتها (Shep-pard,1983).
لقدتم الحصول على معطيات مماثلة لدى دراسة المرضى الذين خضعوا للعلاج بالصدمة الكهربائية electroshock فمن المعروف أن الصدمة الكهربائية تؤدي إلى تأثير مدمر خصوصاً على قرن أمون.
وبصورة عامة بعد علاج المريض بالصدمة الكهربائية عانى من فقدان ذاكرة جزئي للأحداث التي جرت في غضون عدة سنوات وسبقت العلاج. أما الذاكرة الأكثر بعداً فقد حافظت على الآثار الذاكرية.
لقد عبّر (لاري سكايري) Squire عن افتراض مفاده أن المنطقة الصدغية في حالة استيعاب معلومات ما تقيم اتصالات بأماكن حفظ وخزن الآثار الذاكرية في أجزاء أخرى من المخ وعلى الأغلب في القشرة المخية.
إن الحاجة لمثل تلك التفاعلات يمكن أن تصان وتحفظ طويلاً – خلال عدة سنوات – طالما أنه تجري عملية إعادة تنظيم المعلومات في الذاكرة. وحسب وجهة نظر سكايري فإن إعادة التنظيم مرتبط بإعادة البناء الفيزيقي للشبكات العصبية.
وفي لحظة ما عندما تنتهي عمليتا إعادة التنظيم وإعادة بناء الآثار الذاكرية تصبح المعلومات مخزنة في القشرة الدماغية بصورة دائمة. إن مشاركة المنطقة الصدغية في تثبيت تلك المعلوما المخزنة واستدعائها يصبح أمراً غير ضرورياً. إضافة إلى ذلك فإن طوري الذاكرة طويلة المدى والقصيرة المدى اللذان يميزان التذكر عند الإنسان هما على ما يظهر أسلوبان مختلفان لاستيعاب المعلومات وتذكرها.
الذاكرة قصيرة المدى والذاكرة طويلة المدى:
أولاً- الذاكرة قصيرة المدى:
تمثل الذاكرة بعدد من الأطوار فعلى سبيل المثال هناك ذاكرة غير مستمرة، وهي ذاكرة مباشرة تماماً حيث تحفظ المعلومات لثوانٍ معدودات فقط.
عندما نسافر بالسيارة إلى مكان ما ونشاهد السباحين على شاطئ البحر وننظر إلى المناظر الخلابة. عند ذلك نحتفظ في ذاكرتنا بالأشياء والظواهر التي رأيناها خلال ثانية أو ثانيتين ليس أكثر. لكن بعض الموضوعات التي أعرناها اهتماماً خاصاً يمكن أن تنتقل من الذاكرة المباشرة إلى الذاكرة قصيرة المدى.
فالذاكرة قصيرة المدى يمكن أن تحتفظ بالمعلومات ولمدى بضع دقائق. تصور ماذا يحدث عندما يذكر صديق رقم هاتف أحدهم في تلك اللحظة ليس لديك قلم لكتابته فإنك تعتمد على ذاكرتك في حفظه. وعندما تتجه صوب مقصورة الهاتف للاتصال بأحدهم وإذ بشيء ما يشتت انتباهك (كأن يكلمك أحدهم أو ترمي قطعة النقود على الأرض) فاحتمال كبير أن ننسَ ذلك الرقم ليحصل هناك تشابك بالأرقام. فالذاكرة قصيرة المدى تحتفظ بالقليل من الانطباعات والمعلومات وذلك لأن مستودعها صغير جداً لا يتجاوز حجم أياً من المواد المذكورة (+7) عناصر وهذا يعني (7+2) أو (7-2) هو الحجم المتوسط للذاكرة الإنسانية القصيرة المدى (منصور، 1993) فعلى سبيل المثال ليكن لدينا الأرقام التالية 65-69-481 فإنها تمثل سبع وحدات، أما الأرقام 78-56-234 فيمكن اعتبارها مجموعة. وإذا نظرنا إلى كل رقم من تلك الأرقام بصورة مفردة فإنه يمثل وحدة. إما إذا نظرنا إلى مجموعة الأرقام مجتمعة فإنها تمثل وحدة متكاملة وتدرك على هذا الأساس.
إن السؤال الذي يطرح نفسه يتعلق بالاستراتيجية التي تتبعها الذاكرة قصيرة المدى في الواقع هناك أسلوبين تلجأ إليهما هذه الذاكرة:
1- أسلوب التكرار: حيث يرى بعض الباحثين أن عملية التكرار مناسبة للنطق غير الصوتي "عقلياً" لأن كل إعادة تؤدي وظيفة الإدخال الأول للعنصر نفسه إلى الذاكرة القصيرة المدى. وهكذا يعتبر التكرار مفيد في إبقاء المعلومات مخزنة في الذاكرة القصيرة المدى. أضف إلى ذلك فإن بعض المعلومات والموضوعات الموجودة في الذاكرة قصيرة المدى يمكن أن تنتقل إلى مستودع الذاكرة طويلة المدى حيث يمكن أن تحفظ وتخزن هناك لساعات طوال تمتد على طول حياة الإنسان. والشرط اللازم لنقل تلك المعلومات من مستودع الذاكرة قصيرة الأمد إلى الذاكرة طويلة الأمد هو التكرار (المرجع السابق).
لقد أصبح بمقدورنا الآن معرفة أن أحد أعضاء الدماغ الضروري لتحقيق مثل ذلك الانتقال يعرف باسم حصان البحر (قرن آمون) Hippocampus لقد عرفت هذه الوظيفة لقرن آمون بالصدفة عندما كان أحد الأطباء يجري عملية جراحية في دماغ أحد المرضى. لقد وصفت تلك الحالة في الكثير من الأدبيات المتخصصة بعلم الجراحة ويدعى هذا المريض الختصاراً (H.M). لقد حاول الأطباء تخفيف نوبات الصرع Epilepsy الحادة والخطيرة عند هذا المريض عن طريق استئصال تلفيفي حصان البحر لقد عاش المريض المذكور بعد إجراء الجراحة بشكل أقرب إلى الطبيعي، ولم تظهر عنده أية اضطرابات حسية أو عقلية لكنه بدأ يعاني من اضطرابات في الذاكرة رافقته طيلة حياته.
لقد تمتع هذا المريض بذاكرة مباشرة وآنية بصورة جيدة، أي أنّه بإمكانه تكرار المعلومات التي تلقى عليه كما أنه يتذكر بصورة عادية الوقائع الماضية والتي سبقت إجراء الجراحة.
إذاً فقد عاش ذاك المريض الحاضر و استطاع تذكر الأحداث والأشياء والناس بقدر احتفاظهم في ذاكرته قصيرة المدى. لقد تذكر المريض (H.M) بشكل جيد وواضح تلك الأحداث والوقائع الجارية في حياته قبل إجراء الجراحة. فتلك الخبرات والمعلومات كانت مخزنة في ذاكرته طويلة المدى (Bloom et.aal 1985).
2- طريقة التصوير السمعي: أسلوب آخر تعتمده الذاكرة قصيرة المدى فحتى لو دخلت المعلومات والانطباعات إلى الذاكرة قصيرة المدى على شكل صور بصرية أو لمسية أو سمعية فإنها تترجم أو تحوَّل إلى صور سمعية إذا كانت قابلة أو سهلة التحول إلى ذلك (منصور 1993).
ثانياً- الذاكرة طويلة المدى:
تتسم هذه الذاكرة نسبياً بالديمومة وثبات الاحتفاظ بالأشياء والمواد المدركة. وهي تنشأ من خلال التراكم المعرفي وإدخار المعارف والخبرات التي يحتفظ بها الإنسان (أركيلوف 1990) فالذاكرة طويلة المدى هي استرجاع معقد يتم تحتفظ بالمعلومات لفترة طويلة جداً وذلك بسبب التنظيم وفق معايير متعددة (إملائية- منطقية- نحوية- إيقاعية..) وهي ذات طابع منظومي بعيد عن العشوائية يشمل مستودعها على معلومات متنوعة إلى أقصى حدود التنوع، وهي على نوعين كما يشير تولفنيك Tulving (منصور، 1993).
1- الذاكرة المعنوية: الاحتفاظ بكل ما نحتاجه من أجل الكلام (الكلمات، التراكيب اللغوية الرموز الموضوعات، المعاني، الأسماء وكذلك القواعد مثل قواعد الضرب والقسمة والنحو، الخصائص الفيزيائية). أي ترتبط الذاكرة المعنوية بتلك الحقائق التي لا ترتبط بزمن معين أو مكان ما، وإنما تمثل حقائق عامة.
2- ذاكرة الأحداث: وهي المسؤولة عن خزن الزمان والمكان مثال سافرت إلى دمشق عام 1982 صيفاً.. وتزوج صديقي يوم الخميس في شباط 1995. وهذه الذاكرة أكثر عرضةً للنسيان من الذاكرة المعنوية (المرجع السابق).
إذاً فالذاكرة طويلة المدى لا تتأثر بالإصابات التي تصيب قرن آمون. فعجز الإنسان عن التذكر بعد إصابة حصان البحر يمثل عجزاً في تثبيت المعلومات وتوطيدها Consolidation، حيث يظهر الإنسان وكأنه قادر على دفع المعلومات من مستودع الذاكرة قصيرة المدى إلى مستودع الذاكرة طويلة المدى، كما أنه ينسى بصورة سريعة ومتدرجة ما سمعه منذ فترة ليست بعيدة.
لقد فشل الإنسان في الحصول على عجز ذاكري عند الحيوان مماثل للعجز الذاكري عند الإنسان مهما كان نوع الحيوان (كلب، قط، قردة.. إلخ) فقد قام (سكوفيل) Scoville باستئصال تلفيفي قرن آموز عند عينه من القرود بلغت 200 قرداً من نوع (ماك)، وتبين أنه إذا ترك فاصل زمني عدة دقائق أو أكثر فإن ذلك لم يؤثر على ذاكرة القرود التي استئصل منها قرن آمون. عكس الإنسان الذي في حالة استئصاله يظهر عنه وبشكل واضح عجز ذاكري إذ ترك فاصل زمني عدة دقائق. كما تبين أن هناك دراسات قام بها كل من (كمبل وبربيرام) Kimble, Bribram أكدت على قدرة القردة على التعلم رغم استئصال ثنائي الجانب لقرن آمون ورغم وجود فاصل زمني بين المحاولتين بلغ ست دقائق (Bloom et.al 1985).
- الذاكرة الإجرائية والذاكرة التوضيحية:
رغم أن المريض (H.M) والمرضى الآخرين الذين لديهم إصابات دماغية مماثلة ليس بوسعهم تذكر معلومات جديدة عن العالم الخارجي المحيط بهم. لكن بمقدورهم تعلم وتذكر كيفية فعل هذه الأشياء أو تلك. على سبيل المثال إن أمثال أولئك المرضى تعلموا قراءة نص في "المرأة" فمن أجل إتقان هذه التجربة احتاجوا إلى ثلاثة أيام تقريباً نفس الوقت الذي استغرقه الناس الطبيعيون وفي مرحلة التجارب اللاحقة التي أجربت على امتداد ثلاثة شهور تمت المحافظة على المهارة المكتسبة بمستو عالٍ إن كثيراً من المرضى لم يتذكروا أنهم حلوا المهمة المشابهة سابقاً ولم يتمكن أي منهم من تسمية الكلمات التي قرؤوها فيما بعد.
لقد لاحظ (نيل كوان) أن كثيراً من الناس الذين تعلموا جمع "برج هانوي"- تمكنوا وبصعوبة من وصف مات تعلموه. وتوصل هذا الباحث إلى استنتاج مفاده أن حل مثل تلك المهمات ممكن وذلك لارتباطه بالخبرات الإجرائية والتي استطاع المريض (H.M) من اكتسابها. وبعد انقضاء عدة أيام من الممارسات تعلم المريض (H.M) بالفعل تنفيذ هذا الاختبار وتمكن من إعادة تجميع "البرج" بصورة متكررة. رغم أنه في كل مرة كان يلتحق بالعمل كان يبدو وكأنه لم يذكر أنه مارس هذا العمل سابقاً، وكأنه لم يفهم ما هو المطلوب منه.
وحسب تصورات بعض الباحثين فإن السلوك المماثل دل عند المريض (H.M) على أن عملية استخراج المعلومات واستدعائها من الذاكرة هي التي أصيبت بتأذي، وليست عملية حفظ المعلومات وخزنها لكنّ (سكايري، كوان) اعتبر أن المريض (H.M) والمرضى الأخرين المماثلين لم يحتفظوا ببساطة بكل المعلومات التي يحتفظ بها الناس الأسوياء الذين تعلموا حل المهام المشابهة. وعلى أساس هذه المعطيات افترض الباحثون أن معالجة نوعين من المعلومات يتحقق بصورة منفصلة في الدماغ. فالمعلومات "الإجرائية" و"التوضيحية" يتم معالجتها بصورة منفصلة في الدماغ. إن المعرفة الإجرائية Operant هي المعرفة المسؤولة عن كيفية فعل شيء أو أداء عمل ما. أما المعرفة التوضيحية declarative فتشمل الاستجابة السهلة والصريحة للتجربة الفردية الماضية والشعور بالمعرفة القريبة من هذه الخبرة أو التجربة (Cooper. et.al1998).
وبالطبع فإن هذه المعرفة الثانية تتطلب معالجة المعلومات في المناطق الصدغية الدماغية ومنطقة المهاد البصري. وعلى ما يبدو ولا يوجد ارتباطات بينهما. ومن المرجع أن المعرفة الإجرائية تمت في سياق التطور بصورة أسبق من المعرفة التوضيحية. وبالفعل فإن التعود والحساسية والاشراط الكلاسيكي عند أولئك الذين لا يعون ماجرى تعلمه وما ينتج عن ذلك هي أمثلة على اكتساب المعرفة الإجرائية.
إن الاختلاف الآخر (لم يؤد بصورة تجريبية بعدُ) يمكن أن يتخلص في أن الذاكرة الإجرائية Operant Memory مرتكزة على التغيرات البيوكيميائية والبيوفيزيقية التي تتم في الشبكات العصبية والتي تشارك بصورة مباشرة في الأفعال المتقنة.
لقد تمت دراسة التغيرات المشابهة للتعود عند حلزونة (الابليزيا) وتكون المنعكسات الشرطية الكلاسيكية عن حلزونة (الهرميسيندا). أما التبدلات في هذا النمط فتختلف عن إعادة بناء الشبكات العصبية والتي افترض أنها مرتبطة بالذاكرة التوضيحية التي تتضمن المعلومات الصريحة والمتاحة بشكل شعوري. وهذه الذاكرة موجودة في منطقة دماغية تعرف باسم حصان البحر (لودو، 1996).
إن الاختلاف بين نمطي المعرفة يساعد على تفسير عدم قدرة الناس وبشكل تقريبي على تذكر الأحداث والوقائع التي ترجع إلى مرحلة الرضاعة ومرحلة الطفولة المبكرة.
لقد أطلق عالم نفس الطفل جان بياجه على أول سنتين من حياة الطفل اسم المرحلة الحسية – الحركية Sensorimetor – stage وذلك في سياق نموه المعرفي. وفي حقيقة الأمر فإن الطفل يصرف خلال هذين العامين الأوليين جل وقته على استخدام جسمه من أجل تعلم الإمساك بالأشياء وتنسيق عمل العضلات الضرورية للحبو.. طالما أن الطفل لا يستطيع في المرحلة الحسية – الحركية الاحتفاظ بصورة ذهنية للأشياء والأحداث فإن ظهور الذاكرة التوضيحية على ما يبدو في هذا العمر قضية غير ممكنة.
- أشكال فقدان الذاكرة:
لا شك أنّ فقدان الذاكرة أو عجز الناس على التذكر يعتبر مشكلة نظراً لأن الإنسان قد ينسى ذكريات حياته الماضية، لدرجة أنه قد ينسى زوجته وأولاده ومحيطه. إن فقدان الذاكرة قد يتجلى بأشكال مختلفة. فقد يكون على شكل عجز لبعض الذكريات، وقد يكون عجز للذكريات المكانية، أو يكون كلياً وهذا نادر الحدوث. ويشير سترانج (Strange) إلى أن فقدان الذاكرة ناتج عن أسباب عضوية وقد يكون راجعاً إلى عوامل وظيفية كما هو الحال في حالة الهستيريا (Strange.1965). وقد يكون فقدان الذاكرة كلياً عندما ينسى الفرد كل ما تعلمه سابقاً وقد يكون جزئياً أي نسيان انتقائي بعض الأحداث. ومنها الفقدان الموضعي Localized وهو الفقدان الذي يحدث بالنسبة لفترة معينة من الزمن أو لمكان معين من الأمكنة أو لمجموعة معينة من الخبرات (العيسوي، 1989).
أولاً- فقدان الذاكرة عند المريض (H.M):
لقد تحدثت الأدبيات المتخصصة عن هذا المريض مطولاً. إنه عانى من فقدان الذاكرة نتيجة لإصابته بنوبات من الصرع Epilepsy حيث حافظ هذا المريض على الذكريات والأحداث التي جرت معه حتى إجراء العملية الجراحية بثلاث سنوات. إن العجز الذاكري عند هذا المريض يرتبط في حقيقة الأمر بخلل في نقل المعلومات التوضيحية من الذاكرة قصيرة المدى إلى مستودع الذاكرة طويلة المدى وليس المريض بحالة تمكنه من تذكر حقائق جديدة لكن بإمكانه استيعاب أفعال مختلفة. إن فقدان الذاكرة عند نتيجة عملية جراحية حيث تم استئصال قسماً كبيراً من تلفيفي حصان البحر واللوزة المخية (Bloom, et.al1985).
ثانياً- فقدان الذاكرة عند المريض (N.A):
إنها حالة أخرى من حالات فقدان الذاكرة وصُفتْ عند المريض (N.A) حيث أصيب بجرح دماغي أثناء ممارسة لعبة المبارزة بالشيش. إذ اخترق الشيش وجهه بجانب الأنف ليصل إلى دماغه. إن الذاكرة طويلة المدى التي تحتفظ بالأحداث والوقائ عند المريض (N.A) بدت وكأنها سليمة كما عند المريض (H.M) وكذلك اتخذت عند المريض (N.A) شكل عدم القدرة على إتقان الانطباعات والمواضيع الجديدة. لقد تأذى الجانب اللفظي على وجه الخصوص عند المريض (N.A) إذ نسي قائمة الكلمات بسرعة أو ما يتصل بالنثر، لكنه في الوقت نفسه تذكر الوجوه الإنسانية بمنتهى السهولة، وكذلك الأماكن المحددة في الفراغ المحيط به. إن المنطقة التي تأذت من جراء الشيش هي بالتحديد جزء من الدماغ صغير يسمى النواة المهادية الظهرت الوسطى dorso-Median (المرجع السابق).
ثالثاً- تناذر كورساكوف Korsakor Syndromr:
يصادف هذا النوع من فقدان الذاكرة عند المرضى الذين يتناولون كميات كبيرة من الكحول لدرجة الإدمان. لذلك تسمى هذه المتلازمة بالكحولية المزمنة أو إدمان الكحول Chronic alcoholism وهذه الأعراض التي اكتشفت منذ عام 1887 مرتبطة بفقدان ذاكرة عام، وباضطراب في إدراك الزمان والمكان، وباضطرابات انفعالية.. إلخ إن تلك الاضطرابات تنجم عن عوز شديد في الفيتامين (ب1) Thiaminum الذي يسهم في تخليق الاستيل كولين الذي يسهم بنشاط في النقل العصبي وآلية التذكر فما هو سبب عوز فيتامين (ب1)؟
إن تغذية مدمني الكحولية سيئة جداً (تزودهم الكحولية بـ40% من الحريرات) إضافة إلى أن جهازهم الهضمي وجملتهم العصبية تتمثل الغذاء بشكل سيِّئ واختلال وظائف الخلايا الذي يسبب العوز الغذائي يكفي للتسبب في اضطرابات الذاكرة ولا سيما الذاكرة الاستطرادية التي تنسى الحاضر ويكفي علاج مناسب بالفيتامين (ب1) إعادة الخلايا إلى أداء وظيفتها جيداً وإعادة القدرة على التذكر (ميرييل وآخرون 2001).
كما يحدث اضمحلال في خلايا الدماغ وخاصة في موضع الحلمات الدماغية Mammilary Bodies والعقدة القاعدية Basal ganglia وقرن آمون. إن مايميز هذا النوع من فقدان الذاكرة هو حدوث تشوش في معرفة الأيام والتواريخ والأوقات وتبقى الذكريات القديمة سليمة إلا أن أية قضية جديدة لا يستوعبها المريض ولا يحتفظ بها في ذاكرته. أي أن قابلية الخزن عنده ضعيفة جداً فهو ينسى الأشياء في بضعة دقائق (الدباغ 1983).
إن المرضى الذين يعانون من تناذر كورساكوف لا يقاسون صعوبات أثناء استيعاب معلومات جديدة فحسب، لكنهم يعانون من فقدان تذكرة تلك الأحداث والوقائع التي جرت في حياتهم قبل إجراء الجراحة. وفي اختلاف هؤلاء المرضى عن المريض (H.M)، أو المريض (N.A) تبين أن هناك عجزاً في التفكير أو في عملية حل المهمات.
وهكذا ففي سلسلة من المهمات التي تطلب الانتقال من استراتيجية واحدة إلى أخرى استمر المرضى الذين يعانون من متلازمة كورساكوف بالمواظبة على نفس الاستراتيجية خلال زمن طويل وبدا أثناء حل مهمات تذكرية عند الناس الأسوياء سمة مميزة هي الكف التقدمي أو (اللاحق) Proactive inhibition فعند حفظ قائمة الكلمات (على سبيل المثال أسماء حيوانات أو كلمات ما).
فإن الكلمات التي تم تعلمها أولاً تعرقل تلك الكلمات التي تم تعلمها بعد ذلك. بكلام آخر تقوم الانطباعات والمعلومات المحفوظة أولاً بإعاقة عملية خزن الانطباعات الجديدة. وكذلك هناك الكف الرجعي أو (السابق) Retroactive in hition الذي يعني أن المعلومات قيد التعلم تعيق المعلومات والانطباعات التي تم تعلمها وخزنها في الذاكرة. وإذا أدرجنا قائمة من الكلمات الجديدة تنتمي إلى فئة مغايرة (أسماء نبات) فإن الكف التقدمي يزول ويطرأ تحسن على التذكر، أما المرضى الذين يعانون من تناذر كورساكوف فلم يطرأ عندهم أي تحسن على التذكر أثناء إدخال كلمات جديدة (Bloom et.al1985).
وعلى ما يبدو فإن الآفات الدماغية عند المصابين بمتلازمة كورساكوف غير محددة بمنطقة ما ومن المحتمل أن هناك إصابة عند غالبية المرضى بالنواة التلاموسية المهادية نفسها، بما في ذلك المريض (N.A). لكن إضافة إلى ذلك يحدث تخرب للعصبونات في المخيخ، وفي نصفي كرتي المخ وقشرة الدماغ الجبهية والدماغ البيني تؤثر في عملية ترميز المعلومات وتخزينها فيها جرّاء انخفاض الانتباه والدافعية واليقظة (فرييل وآخرون، 2001).
لقد تم التأكد في سلسلة من البحوث والدراسات أن المرضى الذين لديهم تلف في المنطقة الجبهية يعانون من فقدان الذاكرة، حيث يكرون أخطاءهم بشكل ثابت لدى حل المهمات يشبهون بذلك وبالتحديد الأشخاص المصابين بتناذر كورساكوف (المرجع السابق).
وعلى هذا المنوال فإن العجز من المحتمل ألا يكون مرتبطاً بصورة مباشرة بفقدان الذاكرة بل يمكن أن يكون هناك إصابات دماغية أخرى. فعلى سبيل المثال كثيراً ما يسقط مدمن الكحولية على الأرض مما يتسبب بإصابته برضوض دماغية.
إن المرضى المصابين بتناذر كورساكوف يعانون من التية الزماني والمكاني desorgonistion spatio- temporelle أضف إلى ذلك فإن المصاب بمتلازمة كورساكوف يعاني من الاختلاق Confabulation أو الفبركة Fabrication حيث يحاول المريض اختلاق القصص والأحداث (ميرييل وأخرون 2001) وتبدو تلك المحاولات غير مقصودة بل كرد فعل لاضطراب الذاكرة وهي لا تماثل الكذب الصريح أو التحايل المقصود. ويعاني كذلك المصاب من فقدان المعالم Flase Recognition فهو لا يستطيع التمييز بين معارفه والغرباء فيتوهم أن بعض الغرباء هم من أصدقائه القدامى ويبادر إلى التحدث معهم ومصافحتهم (الدباغ 1983).
رابعاً- العلاج بالصدمة الكهربائية:
إن النمط الرابع من فقدان الذاكرة تسهل دراسته (لأنه يمكن مراقبة المريض قبل العلاج وبعده) إن هذا العجز الذاكري يزداد بعد الصدمة الكهربائية. تستخدم هذه الطريقة في علاج حالات الاكتئاب الشديد depression على شكل صدمات كهربائية من 6 إلى 12 مرة يومياً.
وفي الفواصل بين الإجراءات العلاجية تعاد الذاكرة بصورة جزئية لكن المظاهر المتبقية تتكدس وتتجمع على امتداد مجمل الإجراءات. وأثناء العلاج بالصدمة الكهربائية تعاني ذاكرة الأحداث القريبة أما الذاكرة طويلة الأمد فيحافظ عليها. إننا لا نستطيع أن نقول بالضبط ما هي البنى الدماغية التي تعرضت لتأثير العلاج بالصدمة الكهربائية. لكن يبدو من المحتمل أن فقدان الذاكرة يتطور نتيجة خلل في المنطقة الصدغية وحصان البحر.
إن فقدان الذاكرة ليس ببساطة عدم القدرة على التذكر، بل هو نسيان. إن دراسة سرعة النسيان عند المرضى الذي يعانون من فقدان الذاكرة والناس الأسوياء كعينة ضابطة أظهرت على أن إصابة منطقتين دماغيتين مختلفتين عند هؤلاء المرضى يؤدي إلى إخلال في وظيفتين من وظائف الذاكرة وفي إحدى الدراسات التي أجريت على أناس أسوياء والمريض (H.M) ومريض يعاني من متلازمة كورساكوف حيث عرض عليهم 120 صورة (سلايدية) واحدة تلو الأخرى. إن الناس الأسوياء كان بمقدورهم النظر لكل صورة خلال ثانية واحدة، أما المرضى الذين يعانون من فقدان الذاكرة فاحتوجوا إلى 16 ثانية.
وبعد ذلك فإن قسماً من الصور عُرضت بعد أن تم خلطها بصورة جديدة وذلك بعد عشرة دقائق وفي اليوم التالي وخلال أسبوع طرح عليهم السؤال التالي هل عرفتم هذه الصورة أم لا؟ ولدى تحليل النتائج وجُد أن هناك سرعة نسيان عند الأشخاص الذين يعانون من متلازمة كورساكوف وبذلك بعد عشرة دقائق من المشاهدة أو العرض الأول، أما المريض (H.M) فقد نسي كل شيء بسرعة غير عادية (Bloom et.al1985).
وفي بحث آخر مماثل تبين أن عملية النسيان عند المرضى الذين يعانون من تناذر كورساكوف تمت بصورة عادية. أما المرضى الذين تعرضوا للعلاج بالصدمة الكهربائية فكانت سرعة النسيان كبيرة جداً. وفي تجربة أخرى فإن سرعة النسيان عند المريض (N.A) بدت وكأنها طبيعية بصورة نسبية. ووجد أن مكان الإصابة في منطقة المهاد (التلاموس) أما فيما يتعلق بالمريض (H.M) والمرضى الذين تلقوا العلاج بالصدمة الكهربائية فإنهم نسوا كل شيء بصورة سريعة جداً وكانت الإصابة عندهم متركزة في قرن آمون والبنى تحت القشرية Subcorticalis. وهذا إن دل على شيء فإنه يدل بشكل واضح على أن المنطقتين تلعبان دوراً أساسياً في عملية التذكر.
إن حصان البحر واللوزة المخية وما يرتبط بهما ضروريان لترسيخ الآثار الذاكرية ونقل المعلومات التوضيحية إلى مستوى الذاكرة طويلة المدى. إن المنطقة المهادية ذاتها على ما يبدو لازمة للترسيخ المبدئي لبعض المعلومات التوضيحية. فعلى سبيل المثال عند المريض (N.A) كان هناك صعوبة في ترميز المادة اللفظية، لكنه استوعب هذه الخبرات الإجرائية.
إن المرضى الذين يعانون من تناذر كورساكوف كانوا الوحيدين من ضمن الذين تدهورت ذاكرتهم وساءت بالنسبة للأحداث المتذكرة. ولو حظ عند المرضى أيضاً مجموعة من العيوب في نشاطهم العقلي- تكوين غير واضح للمفاهيم، عدم القدرة على اختيار الطريقة الملائمة لحل المهام المنوطة بهم، وكذلك عدم القدرة على رفض الحلول غير الصحيحة ومن المحتمل أن هذا بالضبط هو الذي يعرقل إعادة الذكريات عن الماضي. إن المرضى الذين يعانون من تناذر كورساكوف كانوا الوحيدين الذين لوحظ عندهم إصابة في القشرة الدماغية لنصفي كرتي المخ.
1- اراكيلوف، غ. علم نفس المراهق، موسكو "المدرسة العليا" 1990.
2- الدباغ، فخري، أصول الطب النفساني. دار الطليعة. الطبعة الثانية بيروت- لبنان 1983.
3- العيسوي، عبد الرحمن. علم النفس في المجال التربوي. دار العلوم العربية بيروت، لبنان 1989.
4- لودو، خ الانفعال والذاكرة وارتباطهما بالدماغ. مجلة العلوم- ترجمة زياد القطب. أحمد الكفراوي مؤسسة الكويت للتقدم العلمي. الكويت، مجلد (12) عدد (1) 1996 ص4-12.
5- ميرييل فينو- هرملان. الذاكرة والمخدرات وأضرارها الانتقائية مجلة الثقافة العالمية ترجمة محمد ياسر منصور، المجلس الوطني للثقافة والفنون والأدب. الكويت عدد/ 105/. 2001 ص77-74.
6- ميلنر، م ب. العقل ودونالد هب مجلة العلوم مؤسسة الكويت للتقدم العلمي. الكويت المجلد (11) العددان (9,8) 1995 ص42-49.
· أستاذ مساعد علم النفس التربوي- في كلية المعلمين- الرس- المملكة العربية السعودية.
ارسال التعليق