• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

هل الإبتلاء شقاء؟

هل الإبتلاء شقاء؟

هناك ثلاثة أنواع من البلاء:

بلاء انتقامي: وهو الذي ينزل بالقوم الظالمين وينزل بالكافرين مثل قوم لوط وعاد وثمود.

بلاء تربوي خاص بالفرد: وهو ينزل على إنسان بهدف تربيته.

بلاء تربوي ينزل على الجماعة المؤمنة: وذلك لتربية الجماعة المؤمنة والجماعة الصالحة والفئة التي ترتبط بالصلاح وبأنوار الصلاح.

فالبلاء في الغالب يكون للأنبياء وللمصلحين وللمربين وللجماعة الصالحة بلاءً تربوياً كي يسمو الإنسان بذاته وتنمو لياقته الروحية مثلما تنمو اللياقة الجسدية بتربية العضلات من خلال رفع الأثقال المادية. وتنمو العضلات الروحية بتحمل المحن وتحمل المشكلات والوقوف بوجه التحديات.

فالبلاء بحقيقته تربية للإنسان ونهوض به كي يصل إلى المقام الذي اختاره له الله سبحانه وتعالى، وإذا قلنا إن السعادة تكون فقط بعدم مواجهة التحديات وعدم مواجهة المحن فعلى هذا التقدير علينا أن نحسم الأمر، ونقول بأنّ الأولياء الصالحين والهداة والأنبياء كلهم لم يعيشوا حياة سعيدة، لماذا؟ لأنّهم كلهم واجهوا المحن. مثل نبي الله موسى (عليه السلام) الذي واجه الكثير من التحديات، ولكن هذه التحديات أوصلته إلى ماذا؟ أوصلته إلى السعادة المعنوية، ولذلك في الحديث القدسي الذي يروى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «إذا رأيت عبدي يكثر من ذكري نقلت شهوته في مسألتي ومناجاتي».

فشهوة المؤمن قد تصبح في الجلوس بين يدي الله (سبحانه وتعالى) ويصبح من أهل هذه الآية  (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي) تصوروا هذا المقام لأنّ العلاقة متبادلة (يا حبيب من تحبب إليه) من يريد أن يتحبب إلى الله فعليه أن يتوقع أن ينزل الله محبته في قلبه، فموسى (عليه السلام) اصطنعه الله وصاغ شخصيته وفق المعايير التي يراها صالحة حتى لو واجه المحن وواجه البلاء وواجه التحديات، لكنه ماذا نال؟ نال محبة الله! والإنسان في الغالب ينظر إلى ما يحب، يريد أن ينظر إلى الجمال وإذا نظر إلى الجمال ينتظر من الجمال أن ينظر إليه.

كذلك من ينظر إلى الله من الطبيعي له أن يتلقى نظرة من الله والنظرة من الله تكون من خلال أهل البيت (عليهم السلام)، لذلك نقرأ في الدُّعاء: «أين وجه الله الذي يتوجه إليه الأولياء».

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: «نحن وجه الله».

إن انشراح الصدر هو الوسيلة لتحصيل المحبة. عندما يكون الصدر والقلب مؤهلين لتلقي محبة الله.

انظروا إلى نبي الله موسى (عليه السلام) عندما كان مع السحرة بعد أن آمنوا وكانوا تحت تهديد فرعون بالقتل والشقاء والتعذيب والاضطهاد والتشريد. ومع ذلك كان نبي الله موسى (عليه السلام) مع القوم الذين آمنوا يعيشون السعادة، وفرعون صاحب القصور وصاحب الأموال وصاحب الدول والممتلكات كان يعيش الشقاء. فالمسألة قلبية ومتى ما استشعرنا السعادة في قلوبنا أدركناها، ومتى ما عشنا الشقاء القلبي لن نصل إلى السعادة.

المصدر: كتاب صناعة السّعادة

ارسال التعليق

Top