أسرة
لإنحراف الشباب، الذي يمثل بداية الإنزلاق نحو الهاوية، والابتعاد عن الخط الصحيح، آثاره السلبية ونتائجه الوخيمة التي لو نظر إليها الشاب والفتاة نظرة متفحّصة لرأفوا بأنفسهم وخافوا عليها وثابوا إلى رشدهم وما فضّلوا على الاستقامة والاعتدال شيئاً. فمن بين النتائج التي يفرزها الانحراف:
1- الاسترسال والمضي في طريق الانحراف أشواطاً أخرى.
فليس المدمن هو الذي أدمن تعاطي المخدرات أو الخمر أو التدخين فقط، فالذي يدمن التحرّش الجنسي، والألفاظ البذيئة، والتهاون في العبادات، والتساهل في أحكام الشريعة، هو مدمن من نوع آخر، أي أنّ هذه الأمور تصبح – مع الإصرار والمداومة – صفات ملازمة ولصيقة ومتحكّمة بالشاب أو الفتاة، مما يشكل فاتحة لعهد الانحراف الذي إذا لم تغلق بابه مبكراً دخلت منه الشرور كلّها.
2- الانحراف عن طريق معيّن قد يؤدي إلى الانحراف عن طريق آخر.
كما لو أنّ الشاب أو الفتاة انحرفا ابتداءً بإقامة علاقات غير مدروسة مع قرناء السوء، فإنّ الانحرافات التي تستتبع ذلك ستكون نتائج حتمية للإنحراف الأوّل، ولو تتبعت انحرافات بعض الشبان لرأيت إنّها ابتدأت بانحراف واحد، ثمّ أهمل فتطوّر فجرّ إلى انحرافات أخرى.
3- الأمراض والاضطرابات النفسية التي تنجم عن الانحراف.
إنّ الانحراف عن خطّ السير يجرّ إلى انحراف في الصحّة سواء البدنية أو النفسية أو الروحية أو العقلية أو السلوكية العملية. فالسارق قد لا تبدو عليه علائم الانحراف بدنياً لكن سرقته ستترك أثرها في نفسيته وقد يعيش حالة التأنيب الداخلي، ولكنّ المدمن على المخدّرات يعاني من اضطرابات كثيرة بدنية وعقلية ونفسية وروحية وسلوكية.
إنّ الكثير من حالات الكآبة والقلق والأرق والتشاؤم واليأس والإحباط والشعور بالعجز وتأنيب الضمير، والإعراض عن الطعام والهزال والانطواء، هي ثمار للعديد من الانحرافات التي يبتلى بها الشباب، وقد يدفع بعضها إلى البرم والنرفزة وضيق الصدر بالآخرين، وإلى الملل والسأم السريعين، والاستمناء، والرغبة بالانتقام، والحقد، والميل إلى الأفكار السلبية ومنها الانتحار.
4- التدهور الإيماني: إنّ ضعف الإيمان أو الوازع الديني الذي اعتبرناه عاملاً من عوامل الانحراف، هو سبب ونتيجة أيضاً، فالمنحرف إذا تعايش مع انحرافه واستفحل لديه ازداد تدهوره القيمي والديني والأخلاقي فلا يعود يقيم وزناً للعفّة والطهارة والنزاهة والاستقامة ونبل الشخصية ومكانتها بين الناس، ولا يعود يأبه بالالتزامات العبادية حيث تبدأ مؤشرات الانحراف عنده بالشعور بعدم جدواها أوّلاً، ثمّ بالتقصير في أدائها، ثمّ ينتهي إلى إهمالها تماماً.
5- ضعف الأداء العملي: ففي الكثير من الحالات، لا يبقى المنحرف مواظباً على تقديم نفس المستوى من النشاط والفعالية والجدية والتجاوب مع الأفكار الإيجابية والإبداع. فكما يضعف التزامه الديني يضعف كذلك مستواه الدراسي والثقافي والأخلاقي والاجتماعي، أي أن منعكسات الانحراف لا تقف عند حد واحد، فالسارق يلجأ إلى السرقة الدراسية فيغشّ، ويرى أن لا حاجة للتحصيل العلمي طالما أنّه يمكن أن يؤمّن احتياجاته بالسرقة، كما أنّه يشعر بالاستغناء عن أسرته باستقلاله المالي وهكذا يضعف ارتباطه بأسرته، وهذه كلّها انحدارات وانحرافات متلاحقة تضعف الأداء في مختلف المجالات.
6- النفور الاجتماعي: أي أنّ الشاب المنحرف أو الفتاة المنحرفة سيجدان إعراضاً وصدوداً وجفاء بل امتعاضاً من الناس والمجتمع الذي يعيشان فيه خاصة إذا كان للمجتمع تقاليده وأعرافه والتزاماته التي يُراعيها. وإذا أمعن أحدهما في الانحراف فإن ذلك قد يؤدي إلى مقاطعته تماماً حتى يجد نفسه بعد حين منبوذاً مما يخلق له متاعب كان في غنى عنها، فلا يجد مَن يؤويه أو يوظّفه أو يزوّجه بل لا يجد مَن يصادقه مخافة أن يُتهم به، اللّهمّ إلا النفر الضال الذي يماثله في انحرافه على طريقة "شبيه الشيء منجذب إليه". وبالتالي فإن أجواء الانحراف التي ستحتضنه ستوقعه في المزيد من الارتكاس والتردّي في مهاوي الانحراف والضياع.
7- ضعف الإرادة وانحلالها وفقدان السيطرة على النفس: وهي أيضاً سبب ونتيجة، فالإرادة الواهية تقود إلى الانحراف، والانحراف يزيد في ضعفها وانحلالها حتى ليغدو الشاب المنحرف كالمريض الضعيف البنية يسهل على الجراثيم والميكروبات والفيروسات افتراسه فيصاب لأدنى عارض، أي أن قابليته على الإصابة تزداد بسبب نقص المناعة أو اندثارها.
ارسال التعليق