• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

مواقع اللهو الإلكترونية.. هدر للوقت وضياع للطاقة

مواقع اللهو الإلكترونية.. هدر للوقت وضياع للطاقة
◄بعد تركه لمقاعد الدراسة الإعدادية نتيجة رسوبه المتكرر، وعدم حصوله على فرصة عمل مناسبة بما يوازي قدراته وإمكاناته، ونتيجة لشعوره بالفراغ الممل، توجه الشاب محمود عبدالكريم إلى عدد من مقاهي الانترنيت لتمضية أوقات فراغه في تصفح مواقع اللهو والدردشة.   -        إحباط نفسي: يقول محمود 18 سنة: أعترف إن ما أقوم به من إرتياد مقاهي النت لقتل أوقات فراغي هو عمل خاطىء، وأنا نادم لعدم إكمالي لدراستي، وعدم إيجادي لفرصة عمل نتيجة لقصور مني ما دفعني إلى تصفح مواقع اللهو غير المفيدة، لذلك فإنني أشعر بالإحباط وأُعاني من عدم إستقرار نفسي نتيجة لشعوري بأني شخص غير نافع في المجتمع.   -        تقاليد إجتماعية: في مقهى الإنترنيت قرأنا ملصقات على جدران المقهى مكتوب عليها (رجاء عدم إستخدام المواقع الممنوعة) وعند إستفسارنا من صاحب المقهى أبو وليد، ماذا يقصد بالمواقع الممنوعة، قال: عدد من رواد المقهى ومستخدمي النت يتصفحون مواقع منافية لعاداتنا وتقاليدنا الإجتماعية ومنافية للأخلاق والدين، منها المواقع (الإباحية)، وأنا أمنعهم من هذا وإذا أصر أحدهم على تصفح هذه المواقع أضطر إلى طرده من المقهى بالرغم من إنّ هذا الإجراء يسبب لي خسارة زبائن كثر، إلا انّ المحافظة على سمعة ونظافة المقهى أفضل بكثير من الربح. ويضيف: يرتاد المقهى عدد كبير من مستخدمي النت ومن مختلفي الأعمار وكل شخص يتصفح ما يرغب به من مواقع دردشة ومواقع غير نافعة في التراسل والكلام غير المجدي، وهذا شأنهم، ولكن هنالك من يتصفح مواقع علمية وثقافية للإستفادة منها في الدراسة أو في إعداد بحث أو غيرها من الأمور العلمية والثقافية.   -        مواقع رصينة: إبتهاج أمان، مدرسة إعدادية، تعتقد، إنّ توجه الكثير من مستخدمي المواقع الإلكترونية إلى مواقع التسلية واللهو هو إنعكاس لما يعانيه هؤلاء من فراغ في الوقت، ويقتل هؤلاء أوقات الفراغ في التوجه إلى مواقع كهذه أو لعدم رغبتهم في إستخدام المواقع الرصينة، منها المواقع العلمية والثقافية والمواقع التي تهتم بالإرتقاء بالإنسان، ويأتي هنا دور الأسرة في توجيه أبنائهم بالإهتمام بدراستهم والإستفادة من المواقع الإلكترونية التي تزود المستخدم بالمعلومات التي بالإمكان الإستفادة منها في تطوير ثقافته وقدراته في مجالات الحياة كافة.   -        ضغوطات الحياة: أحد ملازمي مواقع التواصل الإجتماعي، حميد عبدالستار (35 سنة)، يرى إن مواقع التواصل والتسلية هي تفريغ لما يعانيه بعض الشباب من ضغوطات حياتية تؤثر سلباً على نفسياتهم، ما يضطر الكثير للتوجه إلى إستخدام هذه المواقع للتخفيف من ضغوطات الحياة في التسلية وتمضية الوقت مع الأصدقاء في (الدردشة) والإطلاع على ما يفكر به الآخرون وكيفية الخروج من مأزق الضغط الحياتي. ويقول عبدالستار: أدخل هذه المواقع في أي وقت وليست هنالك ساعة محددة لإستخدام هذه المواقع، وأبقى جالساً أمام جهاز الكومبيوتر لساعات طويلة في الدردشة مع الأصدقاء وبذلك أكون قد أمضيت أوقات فراغي في التسلية والمتعة، وهذا ما يسبب لي ألماً في الظهر وحرقة في العينين (في البصر).   -        مواقع رصينة: سناء حسن، طالبة جامعية، (22 سنة)، تعارض بعض زميلاتها اللواتي يرغبن كثيراً باستخدام مواقع اللهو والتسلية والمواقع التي لا تفيد مستخدمها بشيء، وتعد إستخدامها لساعات طويلة مضيعة للوقت، تقول سناء: من الأفضل إستثمار هذا الوقت الضائع في إستخدام مواقع غير مجدية، في الدراسة والبحث وتثقيف الذات، أو إستخدام مواقع النت الرصينة في التحصيل العلمي والثقافي والإفادة منها في كتابة البحوث الدراسية، والإطلاع على التطور العلمي والتقني الذي توصلت إليه الدول المتقدمة، من أجل الإرتقاء بالإنسان وبناء البلد الذي هو بحاجة لجميع الجهود.   -        الترابط الإجتماعي: من جهته يقول الطبيب خالد أنور رشيد: الكثير من الأشخاص ورواد مقاهي النت يستخدمون خدمة النت في مجالات اللهو وضياع الوقت بصورة غير مفيدة، منها الدخول إلى مواقع (التحشيش) ومواقع الدردشة غير المفيدة، أو مواقع اللهو الأخرى وهي بالتأكيد غير مجدية في حين يمكن الإستفادة من النت في مجالات نافعة، كالحصول على معلومات حديثة ومصادر متعددة في مجالات الطب والهندسة والفلك وعلم الإجتماع والمواقع الثقافية المفيدة، فضلاً عن الإتصال المباشر مع أشخاص من جنسيات متعددة وثقافات مختلفة وأعمار متباينة، يمكن من خلالهم التوصل إلى تبادل المعلومات ونقل الأفكار الإجتماعية المفيدة للجميع. ويؤكد رشيد، إنّ الاستخدام الخاطىء والسيء للنت يسبب هدراً في الوقت وفقدان الترابط الإجتماعية والأسري، نتيجة المبالغة باستخدامه لأوقات طويلة والتأثير السلبي له بسبب الدخول إلى هذه المواقع، ويجب الحذر من استخدامه لاسيما من قبل الأشخاص ذوي الأعمار الحرجة من المراهقين وقليلي الثقافة، ما يؤدي إلى ضياعهم دراسياً واجتماعياً وخلقياً.   -        ثقافة إستهلاكية: ولإختصاص علم النفس رأي في هذه القضية، اذ يقول الدكتور سعد مطر عبود، إختصاص علم نفس ومناهج تربوية: تختلف توجهات الأشخاص الذين يستخدمون مواقع الإنترنيت وهي كثيرة ومختلفة ومتنوعة التوجهات، بحسب أعمارهم وثقافاتهم ومستوى تحصيلهم، وكذلك المستوى المهني، فالصغار يتوجهون في أكثر الأحيان إلى الألعاب الالكترونية، خصوصاً التي تتميز بالعنف والقتال، في حين يتوجه الشباب إلى مواقع التواصل الإجتماعي (facebook) أو (twitter) وغيرهما من مواقع التسلية واللهو لمحاولة ردم الهوة بينهم وبين الشباب في المجتمعات الأخرى، أو محاولة الخروج من المأزق الوجودي، والتفريغ الإنفعالي فيسعون لبناء علاقة مع الآخرين عبر الإتصال الإلكتروني، ومعالجة أزماتهم بسبب البطالة والفراغ الثقافي وبهذه الحالة يكون الإنترنيت وسيلة لإشباع رغباتهم ودمجهم بالقطيع الإلكتروني. ويضيف: الإشكالية الأخرى هي ميل الكثير من الأشخاص إلى العزلة المجتمعية والإنسحاب التدريجي من الواقع الإجتماعية فيتحولون إلى (روبوتات) تحركهم شركات (غوغل) و(ياهو) حسب غاياتها في غسل أدمغتهم، فالنت سلاح ذو حدين، فإذا ما تم إستخدامه على الوجه الحضاري، سيحقق نتائج باهرة، وإذا كان الأمر معكوساً فسيؤدي إلى إنقلاب القيم لدى هؤلاء الأشخاص، ويؤدي إلى ضعف إرادتهم، وضعف ثقتهم بنفسهم، فيسهل إصطيادهم لمآرب شتى.   -        رقابة قانونية: ويؤكد الدكتور مطر، إن أخطر ما في هذه المواقع هو إستقطاب الشباب إلى ثقافة العولمة الإستهلاكية وقطع صلة الرحم بينهم وبين أقرانهم، وإدمانهم هذه المواقع وإنسحابهم من المجتمع، وهذا الأمر له نتائج سلبية على تطور المجتمع، فلذلك لابدّ أن يستوعب المعنيون والمختصون النتائج السلبية لهذه المواقع، وبرمجتها بما يحقق التوازن، بين متطلبات التغيير ومتطلبات الواقع الإجتماعي، ولابدّ من إستثمار وسائل الإعلام والمؤسسات التربوية في توعية وتوجيه الناشئة والشباب وجميع شرائح المجتمع الذين يستخدمون هذه المواقع، بما يجعلهم يدركون معطيات التغيير الإيجابي المتمثل بالتطور العلمي ونتائج التغيير السلبي المتمثل بالإنحدار الأخلاقي والقيمي، ولابدّ من تفعيل الرقابة القانونية الإلكترونية، لردع من يحاول إستثمار وسائل الإتصال في تفكيك المجتمع.►

ارسال التعليق

Top