كشفها في الطفولة يُغني عن تقويمها لاحقاً
يراجع شبان وشابات كثيرون عيادات الأسنان بغية تقويم عيب ما. وأغلب الظن، ما كانوا ليرغموا على تقويم القصور بشكل مضنٍ، ومكلف، لو شُخّص في سن مبكرة. يستعرض الدكتور فادي مراد، أخصائي تقويم الأسنان في قطر، في هذا الموضوع أكثر عيوب الأسنان انتشاراً، ويشرح أسبابها.
عيب الأسنان ليس حالة مرضية عرضية، أو مؤقتة (مثل التسوس أو وجود خرّاج أو التهاب، وما إلى ذلك)، إنما حالة دائمة ينجم عنها تشوه معين، قد يمكن تلافيه بواسطة إحدى تقنيات تقويم الأسنان. ويعرّف الأخصائيون "عيب الأسنان" بأنه كناية عن تداعيات لقوة ما، تضغط على مجموعة من الأسنان، أو أحد صفيها العلوي أو السفلي، أو كليهما، وذلك لفترة طويلة متواصلة، ما يؤدي إلى إحداث تشوه معين، متفاوت الشدة، في شكل الأسنان نفسها، أو طريقة تراصها أو تنضدها، أو وجود فجوات وثغرات بين الفكين، أو بين الأسنان، وما إلى ذلك. عن هذا الموضوع، الذي يهتم به عدد كبير من الشبان والشابات، في هذا الموضوع تم عرض مجموعة من الأسئلة على الدكتور فادي مراد، أخصائي تقويم الأسنان في قطر وكانت الأجابة عنها كالتالي:-
* ما هي أكثر حالات قصور الأسنان التي يأتيك مراجعون بسببها؟
- يمكن القول إن مشاكل ميلان الأسنان، وعدم ارتصافها (أو تراصها)، فضلاً عن تزاحمها، هي التي يراجعنا بسببها شبان كثيرون، وبالأخص شابات وفتيات كثيرات. وهذا ما يدعو أطباء الأسنان والمختبرات والشركات الطبية إلى استنباط وسائل تقويم ما انفكت تتطور بسرعة، لا سيما في السنوات الأخيرة، لغاية إصلاح تلك العيوب.
* هل يمكن القول إن ميلان الأسنان يمثل الحالة الأكثر شيوعاً؟
- كلا. فصحيح أن ميلان الأسنان يعد من الحالات التي لا يندر أن نراها. لكن، في الواقع، الحالة التي نصادفها أكثر، كأطباء أسنان، تتمثل في "ازدحام الأسنان"، أي تزاحمها وتلامسها بعضها ببعض، بمعنى عدم وجود مسافات كافية بينها، خصوصاً الأنياب، أو نمو إحداها خلف سن أخرى، أو أمامها، وما إلى ذلك. وبعد تزاحم الأسنان، بحسب ملاحظاتي، يأتي "تضيق الفك العلوي"، وعدم انتظام الفراغات بين الأسنان، كأكثر ما يُراجع بسببه. وينبغي التشديد على أن أكثر تلك المشاكل يمكن تجنبها، أو أقله تخفيف تداعياتها، في حال كشفها مبكراً عند الطفل من جانب الأهل أو طبيب عام أو طبيب أطفال.
* هل تعود تلك العيوب لأسباب "ميكانيكية" أم وراثية، أم هي عيوب خلقية... أم ماذا؟
- سؤال مهم. فحين يُعرف السبب، يبطل العجب. صحيح أن ثمة عيوباً خلقية. لكن مردّ عيوب الأسنان يكمن، بشكل خاص، في اتباع عادات سيئة أثناء الطفولة، تؤدي إلى تشويه الأسنان والفكين، بدرجات متفاوتة طبعاً. وبما أن هذا الجانب مهم، إذ يتوقف عليه منع حدوث تلك العيوب من الأساس، سآتي على تفصيله بشكل وافٍ. تتمثل الأسباب في الآتي:
أولا: عادة مص الأصابع. لا بد من أن تفضي هذه العادة إلى مشاكل في مستوى الأسنان والفكين. وتتلخص آلية التشويه في كون ضغط الإصبع المتواصل على الأسنان العلوية أو السفلية، بحسب طريقة وضع الطفل إصبعه في فمه، يؤدى إلى بروز الأسنان العلوية مع تراجع الأسنان السفلية، أو العكس. كما يؤدي ذلك الضغط إلى تزاحم الأسنان، وربما ظهور فرجة أو فجوة بين الفكين. طبعاً، ثمة ما يجنب الاضطرار إلى تقويم الأسنان مستقبلاً، ألا وهو ملاحظة هذه المشكلة بشكل مبكر، من جانب الأهل أو الطبيب، وإيجاد حل طبي سريع لها، ينصب على إعادة تأهيل الطفل، أو وضع أجهزة بسيطة خاصة، تحول دون تمكنه من مص إصبعه.
ثانياً: طريقة البلع أثناء الطفولة. عند الطفل، تنصب عملية بلع الأطعمة على وضع اللسان بين الأسنان السفلية والعلوية. وذلك طبيعي حتى سن الـ6. لكن، بدءاً من ذلك العمر، ليس معقولاً الاستمرار على ذلك المنوال. إذ قد تؤدي تلك الطريقة في تناول الطعام، بمرور الزمن، إلى إحداث ثغرة بين صفي الأسنان العلوية والسفلية. هنا أيضاً، من المجدي جداً ملاحظة تلك العادة الخاطئة بشكل مبكر عند طفلك، بغية علاجها، ما سيجنبه المشاكل لاحقاً، ويغنيه عن اللجوء إلى الجراحة التقويمية.
ثالثاً: التنفس من الفم. قد يرغم الطفل على التنفس من الفم في حال وجود ما يدعى "الناميات"، أي معاناته تضخم الجيوب الأنفية. والتنفس من الفم عادة تعد سيئة لكونها لا تتطابق مع التركيب الوظيفي الطبيعي. إلى ذلك، تؤدي إلى تضييق الفك العلوي. كما يفضي إبقاء الفم مفتوحاً إلى تكوين فتحة بين الأسنان العلوية والسفلية.
رابعاً: لجام الشفة العلوية. ثمة حالة تتمثل في هبوط لجام الشفة العلوية، بالتالي تغلغله بين جذور الأسنان الأمامية العلوية. فإن دامت الحالة من دون أن يشخصها طبيب، ربما ينجم عنها ظهور فاصل بين السنين القاطعتين العلويتين، اللتين تبدوان متباعدتين. ذلك الفاصل، المسمى "diastema" بالإنجليزية، يمكن تفاديه هو أيضاً إن شخّصه الطبيب قبل بزوغ الأنياب الدائمة. فثمة جراحة بسيطة، بالاستعانة بأشعة الليزر، كفيلة بإنهاء المشكلة، ما يجنب الطفل الاضطرار إلى تقويم الأسنان لاحقاً.
* في أي سن يمكن الشروع في جراحة تقويمية؟
- هناك فروق بين ثلاثة أنواع من المعالجة التقويمية: الثابتة والمتحركة والوقائية. بالنسبة إليّ، ومعظم زملائي، تعدّ المعالجة الوقائية أهم بكثير من النوعين الآخرين. وذلك للأسباب التي أتينا على ذكرها، المتعلقة بالاستغناء عن الحاجة إلى إجراء تقويم أسنان أو الخضوع للجراحة لمعالجة الفك. إلى ذلك، في أكثر الأحيان، تلغي المعالجة الفك. إلى ذلك، في أكثر الأحيان، تلغي المعالجة الوقائية ضرورة قلع أسنان دائمة. وهي تبدأ منذ الصغر، منذ بدايات ظهور الأسنان الدائمة. والفحص الدوري هو ما يتيح العلاج الوقائي، مثلاً من خلال تعويض فقدان الأسنان المؤقتة بحافظات المسافة، وغيرها من إجراءات يحددها طبيب الأسنان وفق الاحتياجات الخاصة لكل طفل، إن كان ثمة ضرورة لذلك. أما النوعان الآخران من المعالجة التقويمية، الثابتة والمتحركة، فيمكن البدء بهما للأعمار المتوسطة، أي منذ المراهقة. وهما ينصبان على تطبيق تقنيات مختلفة، إن اقتضت الحاجة، منها على سبيل المثال وضع تقويم شفاف، وغيره من وسائل أخرى عدة.
* ما هي، في رأيك، أحدث تقنيات التقويم؟
- في هذا المجال، ما من شك في أن تقنية "غلام سمايل" تعدّ أفضل ما استُنبط في السنوات الأخيرة. وهي ابتكار بلجيكي، تخصص بعض العيادات في منطقة الخليج في تطبيقه لمراجعيها، من شتى الأعمار، شرط توافر بعض الشروط. فالتقنية تضفي، مثلما يقال، "ابتسامة هوليوودية"، إذ تنصب على صنع ما يشبه "عدسات لاصقة"، لكل مراجع أو مراجعة على حدة، ووفق مقاساته المضبوطة، المحسوبة بأجهزة بالغة الدقة، مع صور فوتوغرافية دقيقة هي أيضاً، ترسل مع الملف إلى المختبر البلجيكي. صحيح صحيح أنه لا يوجد عمر معين، لكننا نرفض أحياناً تطبيق التقنية إن رأينا أن المراجع، أو المراجعة، في سن يافعة وبتركيبة أسنان جيدة، لا تحتاج إلى مثل ذلك التجميل، وأن من الأفضل إبقاؤها على طبيعتها. وأحياناً على العكس: تكون تركيبة الأسنان متردية، ومتآكلة، إلى درجة لا تصلح معها تقنية "غلام سمايل".
ارسال التعليق