◄الذي لا يعرفه البعض أنّ العرق بحد ذاته لا رائحة له، فالعرق وقت إفرازه يكون خالياً من أي رائحة، غير أن وجود بكتريا مُعيّنة تحت الإبط، أو تحت الثديين، أو في منطقة الفخذين تؤدي إلى تحلُّل المواد الدهنية الموجودة في العرق وتحولها إلى أحماض أمينية متطايرة، ومن هذه الأحماض حامض "الفاليرك" بالإضافة إلى مواد "سترونية" أخرى حيث تعطي الرائحة الكريهة المنفرة.
لدى الإنسان نوعان من الغُدد العرقية: الغُدد العرقية الناتجة والغُدد العرقية المُفترزة أمّا فرط التعرُّق "كثرة العرق" فيُعرَّف في الأبحاث العلمية على أنّه: إنتاج أكثر من 100 مليجرام عرق من إبط واحد في فترة خمس دقائق.
وفرط التعرُّق نوعان هما: فرط التعرُّق الموضعي، حيث يُصيب غالباً منطقة الإبطين، راحة اليدين، باطن القدمين، منطقة الوجه وهذا النوع يُصيب 0.05% من الناس، ويظهر عادةً في العقدين الثاني والثالث من العُمْر "ما بين 11-30 سنة"، وينتج عن زيادة في إستجابة الغُدد العرقية للإشارات العصبية.
- فرط التعرُّق العام وهو يُصيب عامة الجسم، وأسبابه متنوعة مثل: الإصابة بمرض السرطان، أمراض الجهاز العصبي، أمراض الأيض وهبوط السكر في الدم، والنقرس، وإدمان الكحول المزمن.
- أسباب ظاهرة التعرُّق:
الغُدد العرقية تقوم بإفراز الماء والأملاح والمواد الضارة تحت سطح الجلد، وتعتمد كمية إفرازات العرق ورائحته على عدة عوامل منها: القصور الذي يُعانيه بعض الأشخاص من عملية التمثيل الغذائي لمادة "الستراسيلامين"، أو نقص بعض الإنزيمات والمعادن والفيتامينات، وكذلك تناول بعض الأطعمة مثل البصل والثوم، أو الإسراف في تناول الدهنيات واللحوم. وأيضاً مدى كمية السوائل التي يتناولها الفرد علاوة على درجة حرارة الجو، ولا ننسى العوامل النفسية والعصبية التي تؤثر على زيادة إفراز العرق من الجسم مثل: التوتر والقلق والخوف والمجهود الذهني. كما تلعب الوراثة دوراً مهماً في ظاهرة التعرُّق.
- أكثر مناطق الجسم إفرازاً للعرق:
يتركز نشاط البكتيريا في منطقة الإبط والمنطقة التناسلية لكونهما منطقتين دافئتين ورطبتين باستمرار، ولا تسمح بتبخر العرق بسهولة. والنظافة هي العنصر الأهم في التحكم برائحة الجسد والاستحمام يُزيل العرق ويُخفف من البكتيريا على سطح الجلد، ومن المفيد إزالة شعر الإبط.
وهناك مَن يشكو من كثرة إفراز العرق في باطن القدمين مع حدوث رائحة كريهة وتسلُّخ في الجلد، وينتج هذا عادةً من لبس الأحذية المطاطية والجوارب الصوفية، لذا يُفضَّل لبس الجوارب القطنية مع تغييرها بصفة دورية، وارتداء الأحذية الخفيفة، المفتوحة في فصل الصيف. وأن يتم وضع القدمين في محلول "فوربالين" كل ليلة من خمس إلى عشر دقائق. ورش بودرة "التلك" بين الأصابع قبل إرتداء الجوارب، كذلك يُنصح بتهوية الأرجل والأحذية وتجنُّب إرتداء نفس الحذاء بشكل يومي، ورش بعض السوائل ذات الروائح الطيبة داخل الحذاء.
- فوائد لا يمكن إنكارها:
العرق له دور مهم في تنظيم حرارة الجسم عند إرتفاع درجة حرارته عن طريق التبريد بتبخير العرق على سطح الجلد. والعرق يحفظ الماء اللازم داخل الجلد ويطرد الزائد منه، كذلك تخليص الجسم من السموم الضارة والأملاح الزائدة. كما يُحافظ العرق على القلب من التوقف والدماغ من الجفاف، كذلك يُعتبر العرق أحياناً مؤشراً على بداية الشفاء من مرض الحُمى.
وقد توصل العلماء في بحوثهم عن العرق إلى أن له فوائد جمّة تنعكس على صحة المرأة ليس من عرقها، وإنما بعرق الرجل، فقد اكتشف العلماء في جامعة بنسلفانيا الأمريكية لأوّل مرّة أنّ الجسم يُفرز مادة تُسمى "الفيرمونات" وهي مادة عطرية، أي ذات رائحة مُعيّنة غير محسوسة في معظم الأحوال، وأن هذه المادة تؤثِّر على الفسيولوجيا الجنسية في الأشخاص الآخرين.
أما فيما يتعلَّق بالرابطة الطبيعية بين الطفل وأمه فيعتقد العلماء الآن أن ارتباط الطفل بالأمِّ ربما كان سببه نوعاً من الإدمان على الأم، هذا الإدمان معناه ببساطة أن مخ الطفل يقوم بإفراز مادة تأثيرها مثل تأثير المواد المُخدرة كالموروفين، وأنّ هذا الإفراز يتم كلّما التصق الطفل بأمه، بحيث إذا ابتعد عنها انقطع إفراز هذه المادة التي هي إنزيم يُسمّى علمياً "أوبيدو"، وبالتالي تعكر مزاج الطفل فينطلق في البكاء، وبمجرّد أن تحتضنه مرة أخرى يستأنف المخ إفراز هذه المادة فيشعر الطفل بالسعادة ويروق مزاجه.
- المشكلات الناجمة عن كثرة العرق:
رائحة الجسد الكريهة أكثر وأهم الحالات المزعجة والمخجلة وتؤثِّر في الحالة النفسية لكثير من الأشخاص، ويرى صاحبها الضيق في عيون الآخرين، وتؤثِّر في علاقاته مع زملائه وبخاصة في بعض المهن التي يتعامل فيها الإنسان مع الجمهور، وأحياناً كثيرة تؤثِّر تأثيراً سالباً في العلاقات الزوجية فقد تكون سبباً في النفور بين الزوج وزوجته.
وهناك بخلاف ذلك مشكلات صحية تنجم عن كثرة العرق نذكر منها:
- التهاب الغدد العرقية أحياناً، وقد يحدث التهاب صديدي حاد وغالباً ما يظهر تحت الإبط "أشد المناطق إفرازاً للعرق". وفي بعض الأحيان تُصيب الغدد التناسلية والشرج وخاصة عند مرضى السكري.
- لزوجة الدم بسبب العرق الزائد، وهذه اللزوجة تؤدي إلى مضاعفات كثيرة.
- الإصابة بالجفاف نتيجة كثرة العرق أيضاً، حيث يصعب سير الدم واندفاعه عبر الشعيرات الدموية الدقيقة في المخ، وبالتالي ترتفع درجة الحرارة وتضر بدوالي المريء وقد يحدث شلل في بعض الأطراف.
والعرق الغزير مع الحر الشديد يُسبِّب أمراضاً جلدية مثل: الأكزيما، والارتكاريا، والتسلُّخات في ثنايا الجسم وتحت الإبط وحول الثديين.
- أساليب الوقاية والعلاج:
يُنصح دائماً بالاستحمام، وتغيير الملابس الداخلية بصفة دورية، ولا شك فإنّ المستحضرات المُعطرة أو المستحضرات المُضادة للعرق قد تُفيد في السيطرة على كمية العرق ولكنها لا توقفه تماماً، فهي يمكن أن تُقلل العرق بنسبة 40%.
وهناك نباتات طبيعية في متناول الجميع يمكن أن تُخلص الإنسان من رائحة العرق نذكر منها:
- الكرفس: حيث يحتوي على أملاح معدنية وعناصر مهدئة ورائحة عطرية نفاذة، لذا يُنصح بأكله سواء طازجاً مع السلطة، أو مطبوخاً مع الحساء.
- الباذنجان: حيث يحتوي على ماء وألياف وبروتين وسكريات وفيتامين أ، ج، وأملاح معدنية ومواد مُلينة، لذا يُطيِّب رائحة العرق ويساعد على إدرار البول، ويؤكل منه نصف كيلوجرام يومياً.
- الطماطم: حيث تؤكل ثمرتان على الريق بقشرهما أو كوب من عصيرها مُذاب فيه ملعقة ملح ويشرب على الريق أيضاً.
وهناك وصفات طبية ناجعة تُخلِّص الجسم من روائح العرق منها:
- يُغلى مبشور الثوم في الماء ويُدهن بين الأصابع لمنع نمو البكتيريا.
- تُغلى كمية من أوراق نبات النعناع أو أوراق نبات الميرامية وتدلك بها الجسم خاصة مناطق إفراز العرق.
- تُذاب ملعقة بيكربونات الصوديوم في كوب ماء ويُدهن بها الجسم وخاصة مناطق إفراز العرق.
- استخدام "الشبة" التي توجد عند العطار في تدليك مناطق إفراز العرق.
- يجب الإقلال من تناول الأدوية التي تساهم في زيادة إفراز العرق مثل: الأسبرين والعقاقير المنشطة.
- ومن المهم استشارة اختصاصي الأمراض الجلدية إذ قد يكون سبب الرائحة وجود مرض جرثومي كالفطريات أو الطفيليات.
أمّا حالات العلاج فتبدأ بحقن المريض بحقن "بوتوكس" فهي وسيلة علاجية ناجحة أقرها الأطباء وخصوصاً لحالات العرق الشديد تحت الإبط، وإن كان مفعولها لا يستمر إلا بضعة أشهر فقط.
كما ظهر مؤخراً جهاز صغير يعمل بالبطارية ويبعث تياراً كهربياً منخفضاً يسد قنوات العرق، يُدعى Dionic، وتقدر نسبة نجاح هذا الجهاز بـ86%، على أن يُعاد استعماله كل 6 أسابيع.
وأخيراً حالات التدخُّل الجراحي، حيث تُجرى الآن جراحات ناجحة لاستئصال العُقدة السمبثاوية أو العصب السمبثاوي من الصدر لأنّه المسؤول عن تنبيه الغُدد العرقية، وذلك عن طريق منظار الصدر بفتحات صغيرة ومضاعفات بسيطة ومدة شفاء قصيرة وذلك مع تطور التقنيات الحديثة في جراحة المناظير. وحديثاً إتجه الجراحون إلى تدبيس العصب السمبثاوي بدلاً من قطعه، باستخدام دبابيس "التيتانيوم" وهو معدن آمن لا يُحدث أي تفاعل مع الجسم، ويحقق نتائج أفضل.►
ارسال التعليق