• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

هدرجة الزيوت بين توفير الاحتياجات والمحافظة على الصحة

هدرجة الزيوت بين توفير الاحتياجات والمحافظة على الصحة
  الدهون الطبيعية هي مصدر أساسي للطاقة في جسم الإنسان، تساعده على امتصاص الفيتامينات (A,D,E,K)، وتعمل الأحماض الموجودة بها على حماية البشرة، والشعر، والأظفار من الجفاف، لكنها ضارة في الوقت نفسه، وبالتالي علينا الاعتدال في تناولها. وثانياً، هناك مصدران للدهون، حيواني (السمن والزبد والقشدة)، ونباتي (الزيوت). ومن أهم الزيوت المعروفة حالياً، النخيل، الصويا، عباد الشمس، الزيتون، بذرة القطن. ومن المهم أن نعرف معنى دهون مشبعة وغير مشبعة، وهو المصطلح الذي يشير إلى درجة تشبع جزيء الحمض الدهني (أو أي مركب هيدروكربوني آخر) بالهيدروجين، ففي الحمض الدهني غير المشبع، توجد روابط ثنائية تسمح بضم ذرات إضافية من الهيدروجين، فإذا كانت الرابطة الثنائية وحيدة، يُسمى الحمض الدهني غير مشبع أحادي (Mufa)، وإذا كانت الرابطة الثنائية اثنتين أو أكثر فيسمى غير مشبع متعدد (Pufa). أما الحمض الدهني المشبع، فجزيئه مستقر ولا يقبل ذرات هيدروجين إضافية. الدهون التقابلية (Trans Fats) اسم شائع لنوع من الدهون غير المشبعة، ومعظم الدهون التقابلية في الوقت الحالي تُنتَج صناعياً عن طريق هدرجة الزيوت النباتية. وتم إنتاج أول نوع من الدهون التقابلية عام 1911 تحت اسم كريسكو، وهناك نوع آخر من الدهون التقابلية (Vaccenic Acid) يُستخدم في صناعة منتجات اللحوم والألبان. أما الهدرجة (Hydrogenation)، فتعني إضافة ذرات هيدروجين للزيوت السائلة – المحتوية على أحماض دهنية غير مشبعة – إلى دهون صلبة، في وجود عامل مساعد كالنيكل لتحويلها إلى سمن. وتتم هَدْرَجةُ الزيوت والسوائل الدهنية لتحسين نوعيتها، فيوضع الزيت النباتي – الطبيعي الطازج – في مراجل تتجاوز درجة حرارتها الـ 400 درجة مئوية، ويُضخ الهيدروجين تحت ضغط عال، مما يحث الدهون غير المشبعة على قبول الهيدروجين والوصول إلى حالة التشبع. تستخدم الزيوت المهدرجة (Hydrogenated) لثلاثة أسباب: التكلفة، والعوامل التسويقية، ومدة الصلاحية. فهي أولاً، أرخص ثمناً من زيت الزيتون البكر وزيت جوز الهند الصحي، والمنتج ليس له نفس المذاق، ولا يحقق الطراوة المطلوبة. وثانياً يصعب على الزيوت النباتية أن تحل محل الزيوت المهدرجة في كل أنواع الطعام خاصة في المخبوزات، وهناك عامل حقيقي هو الجهل العام بمكونات الطعام، فمعظمنا يتصور أن مصنوعات الدهون الحيوانية ضارة، وأن منتجات الزيوت النباتية ممتازة، وأيضاً نجد أن تعبير "خال من الكوليسترول" تعبير سحري جاذب يجعلنا نقدم على الشراء. أما السبب الثالث، فبالنظر إلى احتوائها على أحماض دهنية متحولة (Trans fatty Acids)، فإن الأطعمة المحتوية على زيوت مهدرجة تكون ألذ طعماً، ومدة صلاحيتها أطول. برغم كل ذلك فإن الدنيا منقسمة حيال موضوع الزيوت النباتية المهدرجة، ففي حين يقول البعض إن "الزيوت النباتية المهدرجة جزئياً، أفضل من تلك المهدرجة بالكامل"، ونجد أصحاب الرأي الآخر يقولون، "الأطعمة المحتوية على زيوت مهدرجة، يصعب هضمها وتبقى في الجسم لمدة طويلة، مما تسبب زيادة في الوزن، واضطرابات في المعدة، كما تزيد من احتمالات الإصابة بأمراض منها السكري، والسرطان، والشريان التاجي في القلب، فهي ترفع مستوى الكوليسترول السيئ (LDL)، وتخفض مستوى الـ HOL، الذي يعيد الكوليسترول إلى الكبد ليتخلص منه، كما يساعد على عدم انسداد الأوردة". والباحثون في كلية الطب بجامعة هارفارد، يقولون: "إن تلك الزيوت الصناعية ذات علاقة سيئة بانتشار ارتفاع ضغط الدم، واضطرابات الكوليسترول، وأمراض شرايين القلب، والحساسية، وتدني قدرات أجهزة مناعة الجسم". ويختصر باحثو كلية الطب بجامعة هارفارد النقاش في الأمر بالقول: "إن إحلال تناول الزيوت النباتية الطبيعية محل الزيوت المهدرجة جزئياً وكاملة الهدرجة، سيؤدي إلى حماية أرواح 100 ألف شخص سنوياً من الموت المبكر (في الولايات المتحدة وحدها)، هذا دون إضافة الأرقام في باقي دول العالم. ونقف نحن (جموع المستهلكين)، لا نعرف إلى أي الطرفين ننحاز؟ نثق في ما يقوله العلماء والباحثون، ونثق في ذات الوقت بذائقتنا القائلة بأن هذه الأغذية الحاوية على الدهون المتحولة والزيوت المهدرجة رخيصة وطيبة المذاق بصورة لا يمكن إنكارها عن مثيلاتها المصنعة بالزيوت الطبيعية الطازجة. فمن سيحسم موضوع الهدرجة؟ لا زلنا ننتظر.   المصدر: مجلة العربي العلمي/ العدد الثامن عشر- يونيو 2013

ارسال التعليق

Top