• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

هدف التربية في الإسلام

هدف التربية في الإسلام
◄إنّ التربية كأي إرادة فعلية أخرى للإنسان، لها هدف تسعى إليه، وليس الهدف من التعليم والتربية أمراً منفصلاً ومذهباً مستقلاً عن أهداف نظام الخلق ونوع النظرة إلى العالم ومباني معرفة الإنسان والمباني المرتكزة الأخرى، بمعنى أنّ كلّ مذهب من المذاهب له بملاحظة مبانيه الاعتقادية هدف خاص من التربية يسعى لتحقيقه.

لقد كان إعداد الفرد في اليونان من أجل التضحية والفداء في سبيل الوطن هدفاً للتربية، والطبيعيون يعتقدون أنّ هدف التربية والتعليم إنّما هو إعداد الفرد من أجل الانتصار في صراع البقاء، واعتبر الشيوعيون أنّ الهدف النهائي للتربية هو تجميع الإمكانات وتركيزها من أجل تنمية وتوسيع رقعة الدولة الشيوعية.

واعتبر البروفسور برودي أستاذ التعليم والتربية في جامعات أميركا أنّ الحياة المرفهة هي الهدف الأساسي للتعليم والتربية، وقد أوضح الجهات الشخصية للحياة الجيدة المرفهة في الموارد التالية:

1-  التمتع بسلامة البدن.

2-  التمتع بالأمن العاطفي.

3-  الإحساس بالقدرة والاحترام.

4-  الأمل بالمستقبل.

والهدف في البعد الاجتماعي هو التربية اللائقة لأبناء المدن من أجل ما هو ضمن حدود تلك المدن.

واعتبر الفيلسوف الإنكليزي جان لوك أنّ هدف التعليم والتربية هو القوة البدنية للفرد والفضيلة والعلم، وقسّمه إلى ثلاثة أقسام (بدني وأخلاقي وفكري).

وفي بعض المذاهب التربوية قيل أيضاً بقضايا مثل (فهم النفس) و(معرفة النفس) و(الأخلاق)، فاعتبر مذهب الوجودية أنّ هدف التربية والتعليم إنّما هو خدمة الإنسانية وفهم الذات ووضوحها، وينبغي بالتربية أن توصل الإنسان إلى درجة الوضوح الضروري والصحيح لذاته، واتساع فهم الذات ووضوحها من أهم أهداف التربية عند الوجوديين فهي تهيئ الفرصة للاختيار الحرّ والأخلاقي وتشجّع على معرفة النفس، وعلى الوعي وتكامل الإحساس بالمسؤولية الشخصية، فتقدم للمجتمع إنساناً مسؤولاً.

وهذه النظرة الوجودية لقضايا معرفة النفس وفهم الذات ووعيها والاختيار الحرّ والأخلاقي ليست متناقضة أصلاً مع الأهداف الدينية بل تسير معها جنباً إلى جنب، ولكن الخط الفاصل بين التربية الدينية وغير الدينية إنّما هو في تشخيص النفس الإنسانية وكيفية معرفة الإنسان وتعيين حدود الحرّية والمعايير الأخلاقية.

وعلى هذا الأساس فإنّ الأهداف المذكورة للتربية يجب قراءتها بملاحظة المباني والأصول المذهبية. فالوجودية مثلاً تؤمن بأصالة الإنسان وأنّه هو المبدأ والأساس لخلق كلّ القيم، ولكن طالما أنّها لا تعترف بمبدأ الوجود الذي هو أصل كلّ القيم ولا بالفطرة الإنسانية الأولى التي تخلق مع الإنسان فإنّ دعواها في قضايا الوعي والكمال والأخلاق تبقى غير مفهومة وبدون أي أساس علمي أو فلسفي.

إنّ وجهات النظر والآراء التي رأيناها في أهداف التربية والتعليم الحديثين والعناوين التي لوحظت من قبيل الحياة المرفهة وقوة وسلامة البدن والأمن العاطفي وعدم القلق والنمو العقلي قليلاً ما شاهدنا فيها أثراً للعنصر المعني في تربية الإنسان.

يقول الدكتور كارل: "مع الالتفات إلى التربية المفرطة للقوى العقلية في التعليم والتربية هذه الأيّام. فإنّنا نجد أنّها أوقفت إعلاء الروح" ويكتب فريدريك ماير: "لا يمكن تفكيك القيم المعنوية والأخلاقية عن حوافز الأجواء التربوية. ومع ذلك فإنّهم في أغلب الأوقات ينظرون بقصر نظر إلى هذه القيم".

من البديهي أنّ سمو الروح والقيم الأخلاقية والمعنوية بالمفهوم الذي يطرحه الدين هو خارج محيط التعليم والتربية الحديثة.

حتماً، في بعض وجهات النظر الحديثة أحياناً يجري حديث عن الله، والإيمان، والدين والهدف من المعنويات.

يقول تولوستوي: "الحُسن هو أسمى غاية خالدة لحياتنا. ليس المهم من أي طريق فهم الحُسن، إنّ ما يجب أن يقال إنّ حياتنا ليست سوى سعي من أجل الوصول إلى الحُسن، يعني السير إلى الله. إنّ الحسن في الواقع هو مفهوم أصلي أساسي، وهو يشكل جوهر وجودنا من أجل عالم ما وراء الطبيعة وهو لا يعرف بإرادة العقل".

والهدف النهائي للتعليم والتربية، برأي "هربارت" الفيلسوف الألماني، يجب أن يكون التربية الأخلاقية وتكوين العادة والطبيعة للطفل وأن يكون عنده دين وإيمان.

وهدف التعليم والتربية برأي "المثاليين" هو تحقق الذات، ويجب أن يبتني كلّ نوع من التربية على الدين والأخلاق والمعنويات والجمال.

والكليات التي جاءت في وجهات النظر هذه ليست هي محل بحث ومناقشة. إنّ ما يهم هو البحث عن المباني، الأصول، المسائل والأهداف التربوية وأي دين ومذهب وبأي أصول ومباني وطرق وبرامج تحقق رغبات الإنسان وسعادته الواقعية، ومن يجب أن يعيّن الطرح العملي للتربية؟

إنّ هذا لا يمكن الحصول عليه إلّا عن طريق التربية الدينية الصحيحة وتبلورها الكامل في المذهب التربوي الإسلامي. إضافة إلى ذلك فإنّ (المعنوية) أيضاً لها تفسيرات متفاوتة. مثلاً (فريدريك ماير) يقول: "المعنوية الحقيقية هي أنّ للإنسان روح خالدة وأن يقوي نفسه بأعلى مظاهر الثقافة".

 

الهدف من التربية في الإسلام:

"على أساس نظرة الإسلام إلى عالم الخلق ومبدأ الوجود والهدف المعتبر للحركة العامة للعالم والعنصر الروحاني والإلهي الذي يقدمه للإنسان ومبدأ وانتهاء الحياة، فإنّ أعلى هدف ومقصود من التربية هو بناء الإنسان وجعله خالصاً لله الذي هو رمز سعادته وفوزه وفلاحه وخلوده".

الإسلام هو شريعة التوحيد: التوحيد في الذات، التوحيد في الصفات، التوحيد في الأفعال، التوحيد في العبادة والطاعة، والتوحيد في "الهدف"، فلا يعرف هدف في الإسلام إن كان في الحركة التكوينية أو في الحركة التشريعية غير الله. وهذا ما يعلمنا إياه القرآن: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام/ 162).

وإذا تمت تربية الإنسان على أساس المعارف الإسلامية فسوف تحصل له الكمالات والمراتب الآتي ذكرها:

 

أ‌)       اليقين الشهودي:

اليقين من المدارج العالية للعلم والإيمان، وهو مرحلة ليس فيها سبيل لأي نوع من الشك والتردد. وأعلى مراحل اليقين هي عين "اليقين" التي تترافق مع مشاهدة الحقائق الوجدانية.

إذا تعمقنا في فلسفة الخلق من وجهة نظر الإسلام نجد أنّ غاية الخلقة والهدف من التربية هو إيصال الإنسان إلى مقام القرب من الحقّ (لقاء الله) وتمتعه بالرزق والأنعام الإلهية التي لا حدّ لها والتي تكون الحكمة والمعرفة واليقين الشهودي أعلى مراتبها. وبعبارة أخرى إنّ تقرب الإنسان من الله وتكامله القلبي وغناه الروحي واستكمال وجوده في ظل الإيمان والمعرفة والعلم والعمل والتعبد والتسليم والانقطاع عن غير الله، ومعرفة الطريق إلى منبع الجمال والكمال المطلق، الذي تطلبه فطرة الإنسان هو أسمى هدف يعرضه الدين من أجل حياة وحركة الإنسان وتربيته. يقول القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ) (الإنشقاق/ 6).

على هذا الترتيب فإنّ منتهى سير وحركة الإنسان بدأت من الله وسوف ترجع إليه. وإنّ كمال وأوج هذه الحركة عندما ينال الإنسان اليقين والعلم والمعرفة الحقيقية التي هي نبع شهود حقائق علّام الوجود، وعندما يحصل الإنسان على هدوء النفس من عالم مملوء بالمحبة والرضى المتبادل بجوار الحقّ، ويكون في زمرة عباد الله الصالحين الذين حصلوا على منازل الجنة، جنة الحضور (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) (الفجر/ 27-28).

التربية الإسلامية تحدث في الإنسان روح الهدف السامي؛ وتربي شخصيته وتوصله إلى مرحلة من الشهود والعرفان بالعبادة والرياضة وتصفية النفس وتطهير الروح الإنسانية ليجد اللياقة للحصول الوجداني والحضوري لحقائق عالم الوجود ولا يرى غير الله ولا يفكر بغير رضاه ويرجو ذاته ويرى أنّ كلّ العالم لله ويطلق قلبه من الألوان التي تعلق في القلب، وبمصطلح أهل المعرفة "فإنّي في الله"، منقطع عن الغير، ومتصل بالحقّ ومستقر وهادئ في حياة الآخر الطيبة، ومبتهج بلقاء الجميل المطلق ومشاهدة آيات ومظاهر الأسماء والصفات.

ونقرأ في المناجاة الشعبانية التي هي من الذخائر النفسية لمعارف وأدعية أهل البيت (عليهم السلام): "إلهي هب لي قلباً يدنيه منك شوقه، ولساناً يرفعه إليك صدقه ونظراً يقربه منك حقه، إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة".

إنّ مراتب الكمال والسموّ والقدرة الروحانية للإنسان تتبع مراتب يقينه، وعلى ضوء اليقين يمكن للإنسان أن يصل إلى مستوى التحلل من قيد الزمان والمكان، وإلى جانب الملائكة، يجعل مسرحه صعيد الطبيعة وما وراء الطبيعة.

جرى حديث في حضور الرسول الأكرم (ص) عن مسير أحد أصحاب عيسى (ع) على الماء فقال (ص): "لو كان يقينه أشد من ذلك لمشى على الهواء".

اليقين والعبودية:

كما صرّح القرآن الكريم، فإنّ العبادة هي طريق الحصول على اليقين وشهود الحقائق، (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (الحجر/ 99)، ويمكن النظر إلى العبودية والطاعة بلحاظين:

الأوّل: بالمفهوم التشريعي، مثل الصلاة والصوم وأمثالهما، وهي من هذا اللحاظ إحدى الطرق التربوية الإسلامية.

الثاني: حقيقة وجوهر العبودية على ضوء الولاية الإلهية، وهي حصيلة ونتيجة للعبادة التشريعية؛ يعني: انقطاع العبد عن الذات وكلّ شيء غير الله، والتبعية للحقّ والاستغناء عن الغير. وبهذه المفهوم فإنّ العبودية أوسع من العبادة التشريعية.

يقول الإمام الحسين بن عليّ (عليهما السلام): "إنّ الله جلّ ذكره ما خلق العباد إلّا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة مَن سواه".

يقول العلامة الطباطبائي في ذيل الآية الكريمة (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات/ 56)، في بيان حقيقة العبادة: فحقيقة العبادة نصب العبد نفسه في مقام الذلة والعبودية وتوجيه وجهه إلى مقام ربّه، وهذا هو مراد من فسّر العبادة بالمعرفة يعني المعرفة الحاصلة بالعبادة.

فحقيقة العبادة هي الغرض الأقصى من الخلقة وهي أن ينقطع العبد عن نفسه وعن كلّ شيء ويذكر ربّه. وأن يأنس به ويصبح غير محتاج للغير، عندها، وبإشارة إلى رواية الإمام الحسين بن عليّ (عليهما السلام) نلاحظ أنّه يطمئن إلى أنّ العبادة والعبودية هي هدف متوسط واتباع الحقّ هو الهدف النهائي.

بهذا الترتيب، فإنّ العبادة بمفهومها المصطلح والتشريعي تعني أنّ الطاعة للأوامر والنواهي الإلهية هي الوسيلة للوصول إلى حقيقة العبودية، وجوهر العبودية يعني الاستغناء عن الغير والاتصال بالحقّ الذي يهب الإنسان لياقة إدراك الحقائق والوصول إلى مقام القرب واليقين والحضور والشهود.

يمكن اعتبار اليقين الشهودي بالمعارف الهدف النهائي للخلق، والذي هو دائماً مستند على العبادة؛ مع أنّ كيفية استناده على العبادة في كلّ نشأة يتناسب مع تلك النشأة؛ يعني يستند في الدنيا إلى متن العبادة التشريعية، وفي الآخرة يستند إلى باطنها الذي يظهر حينها، وفي اللحظة التي لا يكون فيها عبادة فإنّ ما يكون مشهوداً هناك يصبح مستوراً وما يكون شاهداً يصبح محجوباً، لذلك فإنّ وسيلة السالك وظهور الغيب هو تلك العبادة (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ).

 

ب‌)  تكامل القلب والعقل:

نحن نعرف أنّ المنشأ الدائم للفعاليات المعنوية والروحانية للإنسان هو العقل والقلب، وينبغي القول إنّ أحد أهداف التربية الإسلامية هو تكامل العقل والقلب اللذين يشكل أحدهما وسيلة الفهم والإدراك ويشكل الآخر مركز الإحساس والعرفان، ولقد تمت رعاية هذه الفلسفة في بعثة الأنبياء (عليهم السلام). يقول عليّ (ع): "فبعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبياءه بما خصهم به من وحيه، وجعلهم حجة له على خلقه ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكروهم منسي نعمته ويحتجوا عليهم بالتبليغ".

لقد وضعت أكثر المذاهب التربوية عنوان تربية العقل والقلب، ولكن هذا العنوان حسب المفهوم الوارد في نظام التربية الإسلامية خارج عن نطاق التربية غير الدينية، والطريق للحصول عليه هي التقوى والمجاهدة وتنقية النفس وسمو الروح، حتى تكون للإنسان اللياقة للحصول على حقائق علّام الوجود، يؤكد القرآن على أنّ الإنسان كلما جاهد في طريق الله (مجاهدة النفس) فإنّ الله وبعنايته الخاصة سوف يريه طرق الهداية: ويعطى بصيرة الله (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت/ 69).

يقول الإمام عليّ (ع): "ذك عقلك بالأدب كما أنّك تذك النار بالحطب"، ويقول أيضاً: "إنّ الذي لا يهذّب نفسه لا يستفيد من عقله".

فمادام الإنسان في البيت المظلم للنفس، وهو مشدود بالتعلقات والرغبات النفسية، تكون أبواب المعارف والمكاشفات عليه مسدودة، وعندما يغادر هذا البيت المظلم ببركة ترويض النفس وأنوار الهداية ويجتاز منازل النفس، تتفتح أبواب قلبه عليها – العلوم والمكاشفات – وتلقى المعارف في قلبه.

وينبغي التذكير بهذه النقطة وهي أنّه مع أنّ التكامل العقلي من أهداف التربية ولكنه يعتبر مقدمة من أجل تكامل القلب والوصول إلى القرب واليقين الشهودي الذي هو الهدف النهائي.

 

ج) العدل والقسط:

إنّ تحقق ملكة العدالة في الفرد. واستقرار القسط والعدل في النظام الاجتماعي هو أحد أهداف التربية الإسلامية. وقد لوحظ ذلك أيضاً في فلسفة رسالة الأنبياء. وبيّنه القرآن الكريم: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد/ 25).

من أجل تحقق العدالة الفردية والاجتماعية فإنّ الشرع المقدس وضع تكاليف وأوامر إجرائية في قالب الحلال والحرام يجب الالتفات إليها في مرحلة بناء الحياة والتربية. ومن جملتها الأمر بإجراء العدالة والابتعاد عن الظلم حتى بالنسبة للأعداء.

وعندما نقول إنّ العدل والقسط هدف، فإنّما يكون وسيلة تستفيد منها التربية الإسلامية من أجل الوصول إلى أهداف إنسانية أسمى. وعلى هذا الأساس فإنّ تصور أنّ العدالة الاجتماعية هي الهدف النهائي للشرائع وأما الأمور الأخرى فهي مجرد وسائل، هو تصور بعيد عن الواقعية، ولذلك كان الهدف النهائي للتربية هو دائماً القرب من الحقّ ومعرفة الحقائق بالعرفان الشهودي، وأمّا العدالة الاجتماعية التي هي وليدة العدالة الفردية، فهي مقدمة من أجل الوصول إلى الكمالات الإنسانية السامية والسير على الصراط الإلهي المستقيم والحصول على السعادة الأبدية. ►

 

المصدر: كتاب التربية والأخلاق

ارسال التعليق

Top