• ١٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

ما وراء شطب الأونروا

د.مازن صافي

ما وراء شطب الأونروا

ما وراء شطب الأونروا، هو شطب حق العودة، فرمزية الأونروا بما تنفقه على اللاجئين أهم من تلك الأموال، فهذه الهيئة قد أنشأتها الأُمم المتحدة كنتيجة لنكبة 1948، حيث قامت العصابات الصهيونة ودولة الاحتلال بممارسة التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني، وسرقة مقدراته وتدمير حياته وتشريده في المنافي، في صورة مشابهة لصور الحرب العالمية الأولى والثانية، ولأنّ قرار التقسيم شمل قيام دولة فلسطينية بجانب دولة إسرائيل وفق ما اتفقت عليه دول الاستعمار وعلى رأسها بريطانيا العظمى والولايات المتحدة الأمريكية، ولكن القرار لم ينفذ، فكانت الأونروا بديل للدولة، ومهمتها الرئيسة تقديم المساعدة للاجئين، ولقد تم ربط استمرار وجودها باستمرار وجود الاحتلال فوق الأرض الفلسطينية المحتلة، ومن البديهي أنّ زوال الأونروا يرتبط بإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وعودة اللاجئين وقيام الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس، ودون ذلك فإنّ انهيار الأونروا يعتبر انهيار لمنظومة دولية وفشل في مهام ومسؤوليات وقرارات الأُمم المتحدة، مما يستدعي قيام الدول الكبرى بعقد مؤتمر دولي خاص بالأونروا لإنقاذها من تغول ترامب وتحريض نتنياهو، ومن هنا نجد خطورة كبرى في قرار الرئيس الأميركي ترامب القاضي بتقليص الدعم المالي للأونروا، ودعوته إلى تصفية هذه الوكالة وإخضاع خدمة اللاجئين الفلسطينيين إلى مفوضية شؤون اللاجئين في الأُمم المتحدة، استجابة للضغوطات الإسرائيلية، وتحدٍ جديدة إزاء الأُمم المتحدة، التي صوتت برفض قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

تقدم الأونروا خدماتها لأكثر من 5.9 ملايين لاجيء  فلسطيني مسجل لديها، وموزعين في فلسطين، والأردن، ولبنان، وسورية ومناطق أخرى، وسيؤدي تقليص هذه الخدمات إلى انعكاس خطير وسريع على مهام ومسؤوليات الأونروا، مما يعني الوصول لحالة من التدهور الشديد في الوضع الاقتصادي والحياتي للشعب الفلسطيني، وتأجيج الصراع، وعواقب كارثية، وتهديد حقيقي للعملية السياسية والاستقرار، والأمن في المنطقة، وبالتالي فإنّ عبث ترامب في هذه القنبلة الموقوتة، لن يخضع القيادة والشعب الفلسطيني للابتزاز، وكلّ أموال الأونروا لا تساوي القدس أو حقّ العودة أو الحدود، وأمام ترامب والمجتمع الدولي فقط مدخل واحد وهو الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في الأُمم المتحدة وانهاء الاحتلال، فالفلسطيني يطلب الحرّية والاستقلال ولا يطلب صدقة من أحد، ولا يخترع بدعة، لأنّ العلة الأصلية لكلّ مآسي الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده هو الاحتلال الإسرائيلي والانحياز الأمريكي السافر له وتعطيل تنفيذ القرارات الدولية وإدامة عمر الاحتلال وإعدام أي عوامل تنمية واستنهاض للقدرات الفلسطينية.

ارسال التعليق

Top