• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

التعاون والعمل الجماعي

التعاون والعمل الجماعي

◄لقد بحثنا من قبل في تكوين فريق المساعدة الخاص بك والذي يتضمن أفراداً يحبونك، كما أنّ مساعدتهم ستغنيك عن تغيير أسلوبك في العمل وذلك لزيادة القبول والكفاءة والفاعلية. ولكن ماذا عن هؤلاء الذين تضطر إلى العمل معهم سواء رغبت في ذلك أم لا؟ وماذا عن هؤلاء الناس الذين لديهم أسلوب في العمل مختلف تماماً عن أسلوبك ولا يستطيعون أن يفهموا سبب اختلافك عنهم.

إنّ تنمية ذكائك الانفعالي تعني تنمية القدرة على الانسجام مع الآخرين وذلك في بيئة من العمل الجماعي. فالعمل ضمن فريق هو كالتواصل مع أفراد أسرتك حيث لا تستطيع أبداً اختيارهم ودائماً ما يوجد الاختلافات والفوارق في الأسلوب والأولويات وحتى في القيم الأساسية.

يطلب ذوو الذكاء الانفعالي المرتفع مشاركة الآخرين – بما في ذلك الأشخاص الذين لديهم وجهات نظر مختلفة ومفاهيم مغايرة. فهم يشجعون الآخرين على المشاركة بدلاً من الإصرار على القيام بالمهام كلّها بأنفسهم. لذا، تقيم هذه النوعية من الأشخاص علاقات قوية قائمة على الثقة المتبادلة والاحترام والإخلاص.

يشير أحد الكتّاب في كتابه الذي يتحدث فيه عن العبقرية إلى الاختلاف على أنّه يثير الإبداع. فعندما يختلف الأفراد، يميل بعضهم إلى ابتكار شيء جديد. يقول الكاتب:

"ينبع تفرد العبقرية من قدرتها على التوفيق بين الآراء السائدة المتعارضة. وبينما قد لا يؤدي ذلك إلى فكر جديد غير مسبوق، إلّا أنّه يهيئ المناخ المناسب لتدفق الأفكار الجديدة. لكن لابدّ من توافر قدر من التسامح إزاء الاختلافات الموجودة بين الأفراد. فالاختلاف هو عامل مساعد على الإبداع. ولابدّ من وجوده وإلّا فلن يوجد ما يثير الأفراد لوضع أنماط جديدة من الفكر الذي يوفق بين الاتجاهات المختلفة ولن توجد فرصة لظهور الفكر الإبداعي".

ومن ثمّ، فإنّ الصراع والاختلاف وتعارض الأفكار في المواقف المختلفة وأساليب العمل والقيم يمكن أن يثير ويحفز الخيال ويجعله أكثر ثراءً. مثلما تستخدم عودين من الكبريت لإشعال النار، فاختلاف الأشخاص يؤدي إلى الوصول إلى الأفكار الصحيحة وتجنب الأفكار الخاطئة.

ولكي نراعي ذلك، لابدّ أن يحدث تغيير في طريقة التفكير. فأنت تحتاج – عزيزي القارئ – إلى أن تقبل حقيقة أنّ طرق وأساليب الآخرين في العمل صالحة وجيدة مثل طرقك وأساليبك تماماً. وسوف تضطر إلى القيام بذلك حتى لو لم يبادلك الآخرون نفس الشعور. وبسلوكك الجيد والتزامك، قد تستطيع التأثير في سلوك الآخرين، وبالتدريج سوف تحوز القبول الذي خولته للآخرين من قبل، ولكن لا تتعجل في ذلك.

لكي تجعل ذلك منهجاً رسمياً في التعامل مع الآخرين، وبذلك تُنشئ أسلوباً جديداً يناسبك كثيراً في العمل، قد تحتاج إلى وضع تعليمات خاصة تنظم العمل الجماعي – وهو معايير يتفق عليها الجميع.

لا يعني هذا نبذ الاختلافات والتخلص من التنوع الذي يمكن أن يكون عاملاً مساعداً على ابتكار الجديد من الأفكار. ولكنه يعني جعل الاختلاف سلمياً والاتفاق على قواعد مشتركة للعمل الجماعي لكي ينتج عن الاختلاف سبق إبداعي وليس تفرقاً وانسحاباً لبعض الأفراد.

يمكن عقد جلسات لمناقشة ميول واتجاهات الآخرين. وأثناء هذه الجلسات، يمكن الاتفاق على أسس للعمل المشترك يلتزم بها كلّ أعضاء الفريق بحيث تمنع التعارض والشقاق فيما بعد.

فلكي تكون فعّالاً ومؤثراً – فإنّك تحتاج إلى بيئة مناسبة للعمل – يمكنك فيها مشاركة الآخرين أفكارهم وإنجاز المشاريع الواعدة وتحقيق النجاح. ولابدّ أن تتأكد من أنّ القواعد المشتركة للعمل التي وضعها الفريق تعطيك الفرصة للعمل بأقصى طاقة لديك، حتى لو اضطررت لتقديم تنازلات كي يتمكن الآخرون من العمل بأقصى طاقة لديهم حسب ما يوافق ميولهم.

إليك بعض الخطوات الهامة التي تساعد أعضاء الفريق على وضع قواعد للعمل المشترك:

1-  قدم مخططاً مختصراً بالأهداف العامة للمشاركين في الجلسة. مع الأخذ في الاعتبار أنّ المنطويين يستغرقون وقتاً لتجميع أفكارهم.

2-  تأكد من توافر البيئة المناسبة للمشاركة والتي تمكن الآخرين من التعبير عن آرائهم دون توجيه النقد المتبادل؛ فما يساهم به كلّ فرد يعبر عن ميوله وأسلوبه الخاص في العمل.

3-  ناقش المهام التي سيقوم بها الفريق المساعد لك وما هو المطلوب منه تنفيذه لمساعدتك في إنجاز عملك.

4-  ناقش المعوقات التي صادفت العمل في الفترة السابقة مع إعطاء الفرصة لكلّ فرد للتعبير عن رأيه.

5-  شاور الآخرين فيما يُجري من الأعمال مع مراعاة الاستماع إلى مشاركات الأعضاء كافة.

6-  ضع القواعد المشتركة لعمل الفريق التي تساعد على تحقيق الوحدة الناجحة التي شارك الجميع في صياغتها منذ بداية الجلسة، بحيث تمنع القيل والقال والمضايقات وتفتح صفحة جديدة من الحوار البنّاء الصادق.

7-  احرص على الإيجاز في المجموعة النهائية لقواعد العمل المشتركة – يمكن الاكتفاء بعشرة بنود – وتأكد من موافقة الجميع عليها بشكل رسمي. ذلك أنّه إذا لم يقتنع الأعضاء ببعض بنودها، فهذا يعني أنّك بددت وقتك وجهدك.

وختاماً، لابدّ من تنفيذ هذه القواعد المشتركة على الجميع. ويجب أن تبدأ بنفسك حتى تكون قدوة للآخرين، ويكون ذلك بعد الاتفاق مباشرة بقدر الإمكان.

لابدّ من تذكير الجميع بما قطعوه على أنفسهم من تعهدات، فلا حاجة للتشاجر عند ظهور بوادر الخلاف. يكفي تذكير الأعضاء ببنود الاتفاق وقواعد العمل المشترك بهدوء ولباقة.►

 

المصدر: كتاب كيف تهتم بأفكارك وتنميها لتصبح من أنجح الأشخاص

ارسال التعليق

Top