• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الاعتصامات تعرقل ليبيا الجديدة

خالد المهير

الاعتصامات تعرقل ليبيا الجديدة

 

ترك اعتصام موظفي قطاع الطيران المدني في مدينة بنغازي أمس آثارا سريعة على الخطوط الليبية والتونسية والتركية والمصرية، وقدرت الخسائر الأولية بحوالي 750 ألف دينار ليبي (579 ألف دولار) بعد إلغاء 10 رحلات دولية ومحلية. جاء اعتصام أمس بعد مرور أيام قليلة على تصريحات وزير المواصلات يوسف الوحيشي التي كشف فيها عن خسائر بـ4 ملايين دينار هي حصيلة ستة أيام من إضرابات واعتصامات موظفي شركة الخطوط الأفريقية. ويضاف إلى ذلك خسائر جميع قطاعات الدولة الخدمية والاقتصادية والمصرفية التي تشهد إداراتها اعتصامات أثناء فترة الدوام الرسمي، في وقت تحتاج فيه البلاد التي خرجت للتو من حرب "طاحنة" إلى جهود إضافية لخفض نسبة الانكماش الاقتصادي التي بلغت العام الماضي 60% حسب تقديرات البنك الدولي. وبينما اعتذر ديوان المحاسبة عن التصريح، أقر رئيس الرقابة على المصارف والشركات في بنغازي إدريس عبد الحميد الشريف -خلال حديث للجزيرة نت- بالتداعيات السريعة للاعتصامات التي قال إن أغلبها جاء لتصفية الحسابات الشخصية، بينما بعضها حقيقية قد تؤدي إلى دعم الاقتصاد لو تمت مراعاة المصلحة الوطنية. وتأسف الشريف على الأضرار الكبيرة التي لحقت بالبلاد نتيجة الاعتصامات، وقال إن أي اعتصام يعني توقف العمل الذي بدوره يقود إلى خسائر مادية ومعنوية، وإهدار لموارد الدولة، مطالبا المجلس الانتقالي والحكومة بالكشف السريع عن الخطط والبرامج التي تكفل سير الأعمال أثناء الاعتصامات، مؤكدا أن قرار الاعتصام آخر مطاف أصحاب المطالب. وذكر الشريف أنه "بدلا من الدخول في اعتصامات لمدة أسبوعين أو ثلاثة, من الممكن أن تكون خارج أوقات الدوام الرسمي" لتفادي تعطيل مصالح المواطنين وعدم الإضرار بالمصالح الوطنية.  عراقيل ويرى الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية أحمد الخميسي أنه نظرا لعدم ثقافة الليبيين في موضوع الاعتصامات السلمية والمطالبة ببعض الحقوق كزيادة مرتب أو تدريب أو إسقاط مدير لأنه ليس ذا كفاءة أو أنه من أتباع النظام السابق، فقد تحول الأمر في بعض المؤسسات إلى إضراب عن العمل. ويسوق الخميسي -في تصريح للجزيرة نت- أمثلة على ذلك بقوله إن اعتصامات العاملين في شركة الواحة أثرت في إنتاج النفط في ليبيا، بالإضافة إلى أن رحلات شركة الخطوط الأفريقية توقفت لمدة ستة أيام ولم يكن المطلب سوى المطالبة بإحالة المدير التنفيذي، ولا شك في أن لها تأثيرا كبيرا في عرقلة تعافي النشاط الاقتصادي في البلد. ويضيف أن الاعتصامات السلمية أو كتابة عريضة ضد مسؤول أو ما شابه ذلك من الأمور السلمية المتعارف عليها في جميع المجتمعات، أما ثقافة الزحف على الإدارات أو خلع المديرين -كما حصل في شركة تمويل الحقول النفطية- فإنه "أمر لا يقبله العقل". وبينما يستبعد الأكاديمي في مجال الاقتصاد عبد الجليل المنصوري حصول تداعيات خطيرة على الاقتصاد الليبي القائم على النفط, يذهب الخبير في القوى العاملة عمر بالخير -خلال حديثه للجزيرة نت- بعيدا إلى حد قوله إن الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية شبه مشلولة نتيجة غياب الضوابط والانفلات القائم على كافة الأصعدة. وبالإضافة إلى ابتعاد الخبرات والكفاءات عن الانخراط خشية تعرضهم لأساليب لا تتناسب مع أعمارهم من قبل بعض العناصر المندفعة تحت الشعار الثوري والذين يأخذون الناس بجهالة، مضيفا أنه "لا يوجد من يضع حدا لمثل هذه التصرفات التي تتصف بالخطورة في أحيان كثيرة". وبينما يدعو رئيس تحرير صحيفة "مال وأعمال" طارق الهوني إلى وضع شارة احتجاج أثناء الدوام الرسمي مع استمرار العمل، قال منظمو اعتصام مصرف الوحدة ببنغازي -وهو مصرف يخدم 43% من الجمهور- إنهم غير مسؤولين عن التداعيات، وإن قرارهم جاء نتيجة تجاهل مطالبتهم بضرورة الحد من الفساد. لكن الهوني يقول إنه لا تمكن استعارة تجارب الآخرين واعتبارها آمنة ومناسبة لكل الظروف، فما يسري على "ميدان التحرير" في القاهرة الذي تعمل أجهزة دولته وإداراتها بشكل شبه عادي، قد لا ينفع في ميادين ليبيا "المتهالكة". وشخص المشكلة حاليا في نتائج الظاهرة الصحية وتبعاتها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية نتيجة لهذا العرس المتواصل وقيمة فاتورته المتصاعدة. 

ارسال التعليق

Top