• ٦ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٤ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الزوج والمدير.. أيهما تعاني المرأة منه أكثر؟

تحقيق: ريما كيروز

الزوج والمدير.. أيهما تعاني المرأة منه أكثر؟
   كلاهما يمثل مصدر ضغط نفسي بالنسبة إليها بين زوجها ومديرها، تُجري الزوجة العاملة مقارنة فتخلص إلى نتيجة أحياناً تكون في مصلحة أحدهما، وأحياناً تكون في مصلحة الآخر. ولكن، في كلتا الحالتين، فإنّ المقارنة ليست في مصلحتها هي. إذ إنّ الرجلين كليهما، زوجها ومديرها، يمثلان مصدر ضغط نفسي لها. في استطلاع بعنوان "بين زوجها ومديرها" أُجري على مجموعة من النساء وشمل 188 سيدة من مختلف الأعمار والثقافات، جاءت النتيجة كالتالي: نسبة 78 في المئة من المشاركات، أكدت أنهنّ عندما لا يكن على خلاف مع أزواجهنّ، يشعرن بأن نصف مشاكلهنّ محلولة، مقابل 22 في المئة رأين أنهنّ يشعرن بأن نصف مشاكلهنّ محلولة، عندما لا يكن على خلاف مع المدير. وقالت 75 في المئة من العينة المشاركة لا شيء يمكن أن يفسد يومهنّ مثل خلاف مع الزوج. في حين أشارت الـ25 في المئة المتبقية من العينة نفسها، إلى أنّ الخلاف مع المدير هو الذي يفسد النهار. واعترفت نسبة 73 في المئة من السيدات بأن كلمة تقدير وثناء من الزوج، تجعل الزوجة في أحسن حالاتها، مقابل 27 في المئة أخريات صرّحن بأن كلمة تقدير وثناء من المدير تجعلهنّ في أحسن حالاتهنّ. وأظهر الاستطلاع أيضاً، أن نسبة 72 في المئة من المشاركات، يؤكدن أن عبارة انتقاد واحدة من أزواجهنّ، كفيلة بأن تجعل دموعهنّ تنهمر، في حين صرحت الـ28 في المئة المتبقيات بأن عبارة انتقاد واحدة من المدير كفيلة بأن تجعل دموعهنّ تنهمر. كما وجدت نسبة 60 في المئة من السيدات أنهنّ يجدن صعوبة أكبر في التعامل مع الأمر إذا كن على خلاف مع أزواجهنّ، على عكس 40 في المئة أخريات يجدن صعوبة أكبر في التعامل مع الأمر إذا كن على خلاف مع المدير. أمّا النتيجة غير المتوقعة التي جاءت في الاستطلاع، فتشير إلى أن 57 في المئة من السيدات يجدن صعوبة كبيرة في التعامل مع المدير، لأنهنّ بالكاد يفهمنه، مقابل 43 في المئة أخريات يجدن صعوبة كبيرة في التعامل مع الزوج، لأنّهنّ بالكاد يفهمنه. وعلى الصعيد نفسه، سجل الاستطلاع نسبة 53 في المئة من السيدات، أشرن إلى أنهنّ يجدن صعوبة حقيقية في التعبير عن أنفسهنّ وشرح وجهة نظرهنّ أمام المدير، مقابل 47 في المئة أخريات يجدن الصعوبة نفسها أمام أزواجهنّ. هذا وصرحت كل واحدة من نسبة الـ55 في المئة المشاركات، بأنها أكثر من مرة كادت تفقد أعصابها وتنفجر في زوجها صارخة: من تظن نفسك؟ أنا لست مستعدة لتحمل عطرستك إلى الأبد، مقابل 45 في المئة قلن إنهنّ كدن يفقدن أعصابهنّ وينفجرن في المدير. وخلصت نتيجة الاستطلاع إلى أن 47 في المئة من السيدات يعتبرن أنّ الزوج يمثل مصدر ضغط نفسي أكبر بالنسبة إليهنّ من المدير الذي يعملن تحت إمرته، مقابل 53 في المئة أكدن عكس ذلك، مؤكدات أن المدير هو مصدر الضغط الأكبر على نفسياتهنّ. باختصار، بعد قراءة نتائج هذا الاستطلاع قد تتوقف المرأة لتعيد حساباتها، وتفكر ملياً في نظرتها إلى كل من زوجها ومديرها. وبالتأكيد هي وحدها القادرة على أن تضع كلا الشخصين في المكان المناسب، وعلى أساسه تنطلق في تعاملها مع كل منهما.   - تسلُّط: تنظر سامية (مسؤولة علاقات عامة) من نافذة مكتبها الصغير، تعيد في رأسها كلمات زوجها التي تحفر ألماً في نفسها، فتتمتم بصوت مخنوق: "أنا مخلوق ميؤوس منه؟ أنا سيدة منزل فاشلة؟ وأم غير صالحة؟ لِم؟ لأنني نسيت تذكير زوجي العزيز بموعد تجديد جواز سفر ابننا؟ أتكون نهاية العالم؟ لماذا علي أن أسمع شتائمه وتسلطه عليّ إلى درجة لا يمكن لإنسان احتمالها؟ ألا يكفيني تسلط مديري وغطرسته؟". تتدحرج دموع سامية على وجنتيها، تفكر في كلمات زوجها اللاذعة من جديد، ينفتح باب مكتبها، وتدخل زميلتها في العمل. تحاول أن تخفي دموعها دون جدوى، فتسألها الزميلة: "يا إلهي لا تقولي إنك تشاجرت مع المدير من جديد؟". سؤال اعتبرته سامية قاسياً لأنّه وقع عليها كالسوط، فبادرت إلى الإجابة بعصبية: "يستحيل أن يبكيني المدير، صحيح أنه متسلط ومتعجرف، وكلماته تقف في الحلق ولا يمكن بلعها، ولكنها لا تجرحني ولا تسيء إلى شخصي كامرأة. أنا يا صديقتي أبكي من تسلط آخر يهيمن عليّ في البيت، وهو أبشع تسلط يمكنك أن تفكري فيه يوماً".   - ضغط نفسي: في مكان آخر، تستعد زهرة (سكرتيرة تنفيذية) للإقرار بحقيقة أخرى، حيث تخبر بكثير من الحياء: "في الحقيقة إن زوجي هو ملاك، في حين أن مديري هو الشيطان بعينه". لا تبتسم زهرة لما قالته، بل تقول: "أنا أعاني في العمل معاناة كبيرة، فمديري لا يكف عن انتقادي، وهذا كفيل بأن يجعل يومي عاصفاً وملبداً بالغيوم". تضيف: "لا أنكر أن زوجي هو الآخر ينتقدني من حين إلى آخر، ولكن الأمر لا يشكل بالنسبة إليّ أية مشكلة حقيقية، بينما أعتبر تعليقاً ساخراً من سيد مكتبنا، بمثابة سُم مميت". مع هذا الواقع، كان السؤال الملح الذي يتبادر إلى ذهن أيٍّ كان: لِم لا تستقيل زهرة من عملها، مادامت متضايقة من مديرها إلى هذه الدرجة؟ ولأن زهرة كانت مستعدة للإجابة، ترد بعفوية: "أوّلاً لأنني في حاجة إلى العمل، وثانياً لأنّهم يدفعون جيِّداً". ثمّ تعود لتقول: "بحسب زملائي في العمل، أنا أبالغ في رد فعلي تجاه المدير، وهم ربما على حق". تتابع: "أحلم بنهار أفقد فيه أعصابي، وأنفجر في مديري غاضبة.. عندها فقط سوف أرتاح، وأنفِّس عن الضغط النفسي الذي يمارسه عليّ، سامحه الله".   - كتاب مفتوح: تُسقط منال السقا (مسؤولة متجر، متزوجة منذ 27 عاماً ولديها 6 أولاد) فرصتها في التعليق على حكايتي سامية وزهرة، وتبادر إلى القول بعفوية: "شخصياً أعترف بأنني أفهم مديري أكثر من زوجي. فمديري لا يخفي عني شيئاً، وهو كتاب مفتوح، واضح وصريح، بينما زوجي يخفي عني أسراره، ويصعب عليّ فهمه بالأسلوب الذي أرغب فيه". هذا الاعتراف الذي يصدر عن لسان منال، لا يمنعها من التأكيد بالقول: "يقدر زوجي بكلمة واحدة أن يجعل يومي كابوساً طويلاً، لأنّه حبيبي ووالد أبنائي، وكلمته في نفسي تقع وتستقر وتؤثر، في حين أنني لا أتوقف كثيراً عند انتقاد يوجهه المدير إليّ". ثمّ تبتسم منال وتضيف: "بالتأكيد أن أنفجر غضباً في حضور زوجي، فنحن شريكان في الهم والفرح، ولكنني أحاول السيطرة على غضبي أمام مديري، لكوني موظفة تحترم قانون العمل وآداب التعامل مع الآخرين، كما أنني أحرص على البقاء في وظيفتي، لأنّها مصدر رزقي ولا أرغب في أن أخسرها".   - تأثير ضعيف: "أنا الذي أؤثر في زوجتي داخل البيت، أما في العمل فقد يكون المدير هو المؤثر، ولكن بنسبة ضئيلة". هذا هو التصور الذي يطرحه روفائيل مكرم (موظف مصرف، متزوج منذ 5 أعوام ولديه ولد وحيد) ويكمل شارحاً: "إنّ الزوجة العاملة، تميل أكثر إلى استيعاب وفهم مديرها في العمل إلى حد كبير، مستندة في ذلك إلى خبرتها وكفاءتها، لكنها مع زوجها تبدو أكثر ميلاً إلى تقبله وتقديره". ويشير في الإطار نفسه: "أنا أيضاً أجد أنني الوحيد القادر على إفساد يوم زوجتي، وأرجح أن معظم السيدات العاملات، ينزعجن طيلة النهار، لمجرد سماعهنّ كلمة ليست في محلها، أو ليست على مزاجهنّ، تصدر عن أفواه أزواجهنّ. وفي هذا المجال، يكون تأثير المدير ضعيفاً جدّاً أو يكاد لا يُذكر".   - خجل: من جانبه، يقول مصطفى حسن (مهندس ميكانيكي، متزوج منذ 3 أعوام ولديه ابنة وحيدة): "يختلف تأثير الزوج في زوجته عن تأثير المدير فيها. شخصياً أعرف أنني أؤثر في زوجتي العاملة، في كل ما يرتبط بالعائلة والمستقبل والأولاد، وفي المقابل أدرك أن مديرها هو المؤثر الأكبر في مجال العمل والوظيفة". ولأن زوجة مصطفى "خجولة جدّاً"، على حد قوله، يضيف: "أتوقع أنها إذا عانت ضغطاً نفسياً في العمل، لن تجرؤ على أن تنفّس عن غضبها وتنفجر في مديرها. لكن الموضوع يختلف معي، لأنّها زوجتي وشريكة حياتي، وبالتالي تشعر براحة أكبر، فلا قيود أو حدود تقف حائلاً بيننا، أو تمنعها من التصرف على سجيتها وكما يحلو لها". يغيب مصطفى بشروده قليلاً، ثمّ يعلق ممازحاً: "الويل لزوجتي لو كان هناك من يؤثر فيها أكثر مني".   - احترام مادي: ترتكز المقارنة في رأي الأمير المليجي (مبرمج نُظم معلومات، متزوج منذ 5 أعوام ولديه ابنتان) على الاختلاف الكبير بين مدير الزوجة وزوجها. يفصّل: "يجب التمييز بين المدير والزوج، فالأوّل يفرض على الزوجة الموظفة، احتراماً مادياً لكونها تأخذ راتبها منه في نهاية الشهر، بينما تتمحور علاقتها بزوجها على العاطفة والحب". من هنا، كان تشديد الأمير على أنّ "الزوج هو الأكثر تأثيراً في زوجته، وهو وحده القادر على جعلها تعيسة أو العكس". يضيف الأمير قائلاً: "أنا أستند في رأيي هذا إلى تجربتي الشخصية مع زوجتي". يتابع: "أما واقع العمل فيفرض على الزوجة فهم مديرها بشكل أكبر من فهم زوجها، لكي تتقن العمل معه وترضيه، وذلك لاستحالة التفاوض معه عملياً، مثلما يمكنها أن تفعل مع زوجها".   - حق: لا توافق هيلين ديب (خبيرة تجميل، متزوجة منذ 18 عاماً ولديها ولد وحيد) على أنّ الزوجة تفهم مديرها أكثر من زوجها، وتصرخ: "أنا أفهم زوجي أكثر بكثير مما أفهم مديري، لذا يسهل عليّ التعامل معه. لا أعرف ما إذا كانت العاطفة هنا تلعب دورها في تقريب وجهات النظر بيننا، ولكن زوجي يبقى شريكي في الحياة". وتتطرق هيلين إلى موضوع الانفجار بسبب الضغوط النفسية، فتبوح: "كامرأة عاملة أقول إنّه يحق لي أن أنفجر غضباً، في وجه من يكون مصدر الضغط النفسي بالنسبة إلي، شرط أن أكون مقتنعة بأنني على حق. يعني أنني لا أخشى إظهار غضبي أمام زوجي أو أمام مديري، لو كان الضغط الذي يُمارس علي من أي منهما، ليس في محله، أو ليس في مصلحة البيت أو العمل. ولكنني لا أتمادى في الانفجار إلى حد التقليل من احترام أحد، ولا أتسلح بكلمات مؤذية أو جارحة". وتتابع كلامها قائلة: "يجب على السيدة ألا تفقد السيطرة على رباطة جأشها، لكي لا تقلل من قدرها ومركزها، ولا من صورتها كأنثى ناعمة ومهذبة، تتحلى بأخلاق رفيعة وعالية".   - عاطفة وعمل: على غرار من يرى أنّ الزوج هو المؤثر الأكبر في المرأة، يؤكد وضاح التميمي (مهندس مدني، متزوج منذ 31 عاماً ولديه ولدان) بصوت حازم "أنّ الزوج هو الذي يؤثر في زوجته أولاً وأخيراً، لأنّها تعيش معه تحت سقف بيت واحد، واحتكاكها به أكبر، كما أن عاطفتها له وحده، لذا تشعر بتقلبات نفسية إزاء انتقاداتها أو معاتبته لها". ويجد وضاح "أن مدير المرأة هو مدير لا أكثر ولا أقل، وما يجتمعان عليه هو العمل المحض، أي لا عواطف ولا مشاعر، من هنا كان انتقاده لها، يمر عملياً مثل حال العمل، لا يوقفها نفسياً ولا يترك جرحاً في داخلها، على غرار فعل كلمة قاسية قد تسمعها من زوجها".   - حب وغيرة: صحيح أن إنجي شيباً (مضيفة طيران، متزوجة منذ سنة) تشعر، وعلى حد اعترافها "بتأثير زوجي الكبير فيّ"، ولكنها تعارض "تسليم البعض بأنّ الزوج يُعكر يوم الزوجة أكثر مما يفعل المدير". وتوضيح: "إنّ كلمة انتقاد واحدة من مديري، كفيلة بتعكير مزاجي طيلة النهار". وتقول: "هذا الشعور لا ينتابني حين ينتقدني زوجي، لأن في انتقاده حباً وشعوراً بالغيرة عليّ وعلى مصلحتي، ولا يقصد به تجريحاً أو أذية". تضيف: "أمّا المدير فانتقاداته مادية صرف وتفعية، لا عاطفة فيها ولا رحمة". وفي موضوع فهم الزوج والمدير، لا تخفي إنجي: "أنا أفهم زوجي كثيراً، على عكس مديري الذي أفهمه ولكن بشكل أقل"، وانطلاقاً من تصريحها هذا، تتابع معلقة: "لأنني أفهم زوجي وأدرك مدى استيعابه لي، لست قادرة على التنفيس عن غضبي إلا أمامه، لا بل يستحيل أن أعبر عن نفسي مثلما أرغب، إلا معه هو حده".   - المؤثر الأكبر: على صعيد متصل، يجاهر هاشم الجمل (محامٍ، متزوج منذ 9 أعوام ولديه ابنتان) بالقول: "نعم، إنّ الزوجة تفهم زوجها أكثر مما تفهم مديرها. ذلك أن لا جدران تحول بينهما، ولكونها تفقه بغريزتها العوامل النفسية التي تحيط بعلاقتهما. في المقابل نجد أنها لا تقرأ في المدير إلا ما يظهر للعيان أمامها، ولا تكترث لأكثر من ذلك". واستناداً إلى ما ذكره يواصل كلامه قائلاً: "يقودني استنتاجي إلى حتمية أنّ الزوج هو المؤثر الأكبر في الزوجة، لكون تصرفاته محسوبة عليه، ولأن شريكة حياته تهتم به وبتصرفاته، في حين أن تصرفات المدير لا تعنيها كثيراً". ويعود هاشم إلى موضوع تفهُّم الزوجة الرجلين كليهما، أي المدير والزوج، فيقول: "إنّ مسألة التفهم، منوطة بثقافة السيدة وانفتاحها بشكل عام، فإذا كانت من بين المنفتحات على قبول الآخر وآرائه، لن يصعب عليها فهم أيٍّ كان، أما إذا كانت منغلقة أو متزمتة، فالعكس يجوز معها". بردّها على ما جاء على لسان زوجها، تقول منى فوزي (زوجة هاشم): "قد تكون تجربتي مع هاشم، أكبر دليل على العلاقة المتينة التي تقوم بين المرأة ومديرها من جهة، وبينها وبين زوجها من جهة ثانية". تشرح: "لقد عملت كسكرتيرة في مكتب مديري هاشم الذي أصبح زوجي الحالي، واليوم أنا مديرة مكتبه. وأقول إنني فهمته عن ظهر قلب حين كنت أعمل بإمرته، وحفظت كل أسراره وأسرار موكليه، وقادتني قراءة تفاصيل حياته العملية إلى إتقان العمل معه". وترسم منى ابتسامة على ثغرها وهي تنظر إلى زوجها الواقف إلى جانبها، وتعلق: "لم أفكر لحظة في ارتباطنا، فاهتمامي كله كان منصباً على العمل ولا شيء غير العمل". تجربة منى هذه، تبدو كافية لتصرح من خلالها قائلة: "هاشم هو زوجي اليوم وتأثيره في البيت فيّ أكبر من تأثيره فيّ في المكتب، أنا أحبه كزوج وكأب لابنتي، وبصراحة أفضله في البيت على كونه مديري في العمل. أما الانتقاد فأتقبله في البيت والعمل على حدٍّ سواء، لأن هاشم لا يفعل ذلك إلا بُغية التصحيح والتوجيه".   - مدير يصعب فهمه: في تعليقه على الموضوع، يشير فادي حبيب (مهندس مدني مدير مشاريع) إلى أنّ المدير الناجح "هو الذي يعرف كيف يتعامل مع موظفيه من الجنسين، ويتقن توزيع المهام عليهم بشكل صحيح ومفيد للشركة أو لعمله بشكل عام"، إلا أنه يؤكد "أنّ التعامل مع المرأة، يختلف في جزئية بسيطة، ترتبط بوضعها الاجتماعي، ما يحتم على مديرها أحياناً، مراعاة خصوصية كونها مخلوقاً حساساً ومرهف المشاعر، فلا يتردد في تقدير وضعها في حالات استثنائية، مع التشديد على عدم إسقاط ضرورة المحاسبة والانتقاد عندما يلزم الأمر". ومن منطلق أن "على المدير الناجح أن يفهم موظفيه، لكي يحسن إدارتهم"، يتابع حبيب قائلاً: "المدير البارع في عمله، لا يجد صعوبة في فهم الرجل والمرأة على حد سواء، ذلك أنّه من الخطأ التمييز الجنسي، أما إذا كان هناك تمايز، فيرتكز الموضوع في رأيي على الكفاءة والبراعة والإبداع، في الأعمال الموكلة إلى الشخص المحدد، امرأة كان أم رجلاً". لم يُفاجأ حبيب بنتيجة الاستطلاع، خصوصاً حول الأسئلة التي سجلت نسبة مرتفعة لمصلحة المدير، ويشرح: "إنّ نتيجة الاستطلاع التي تتمحور حول موضوعي صعوبة تعامل المرأة مع المدير، وصعوبة التعبير عن نفسها أمامه، تعود في المقام الأوّل، إلى شخصية المرأة وإلى مدى تفهم المدير لها. لا أنكر وجود المدير الذي يصعب فهمه، لأنّه أوّلاً ليس بارعاً كما ذكرت، أو لأنّه غير مقرب من الموظفين، ولكن لكي لا أظلمه، أشير إلى اعتبارات أخرى كثيرة، مثل التوجيهات العامة لمصلحة العمل، التي تجعله حازماً بشكل لا يتفهمه من يعمل تحت إمرته". "ولكن هذا لا يعني حقيقة أن يكون العيب في الموظفة نفسها"، يكمل حبيب شارحاً، ويقول: "السبب الرئيسي هو جهلها منهجية العمل الملتزم مديرها بها". وينصح: "إنّ فتح باب الحوار والمصارحة بين الطرفين، هو ضرورة، لأن أموراً كثيرة أكرر، تخرج عن سيطرة المدير في أغلب الأحيان. وفي الوقت عينه قد يكون على المدير إبداء رغبة أكبر في تفهم فريق عمله، لكي تستقيم الأمور، ويضمن نجاح العمل ضمن مجموعة متجانسة ومتكاملة".   - غطرسة: في رأي الدكتور محمود لملوم (مدير طبيب نفسي وموجه أسري) "أنّ المقارنة بين الزوج والمدير "تبدو صعبة لأسباب عدة، منها اختلاف أهداف كل منهما، ففي حين تتمثل أهداف في الاستقرار وتلبية الحاجات النفسية والغريزية وبناء جيل جديد، والزوج في هذه المعادلة، هو القائم على تحقيق هذه الأهداف بمعاونة زوجته (مفهوم القوامة)، نجد أنّ المدير هو شخص يسعى إلى تحقيق أهداف المؤسسة الربحية. لذلك فإنّ العلاقة بينه وبين السيدة هي علاقة عمل وإنجاز وأداء وانضباط وتحقيق خطط ونتائج". وفي قراءة سريعة للاستطلاع الذي أُجري، يقول الدكتور لملوم: "إنّ درجة المصداقية في استطلاع الرأي عالية، وهو معبر بشكل جيِّد عن هذه القضية. وبالتأكيد إنّ النتيجة خلصت إلى أن يكون الزوج هو صاحب النصيب الأوفر من الناحيتين السلبية والإيجابية"، ويشرح: "78 في المئة من الزوجات صرّحن بأنهنّ حين لا يكن على خلاف مع أزواجهنّ، فإنهنّ يشعرن بأن نصف مشاكلهنّ محلولة"، لافتاً إلى أن "هذه النسبة الأعلى بين نتائج الاستطلاع تُعبر بشفافية عن حالة الحزن الشديدة والكآبة التي تصاب بها المرأة، عند زيادة ضغوط العلاقة الزوجية، فالمرأة خُلقت لتكون ملكة متوجّة تُعامل بلطف وبلغة مشاعر يطالبها بأن تكون آلة تعمل، وتحاسب وتدرس وتنتج وتخطط، فتكون هنا بداية الأزمات النفسية أو سلسلة الألم النفسي الحاد، الذي تزداد بازدياد مهام خروج المرأة للعمل". يتابع د. لملوم: "إنّ تأكيد الاستطلاع ألا شيء يمكن أن يفسد يوم الزوجة مثل الخلاف مع الزوج، وهو ما أشارت إليه نسبة 75 في المئة من السيدات، يؤكد أنّ الزوج هو غير المدير. وإذا توقعنا من المدير الجدية المفرطة، أو الغطرسة والتعالي، لا يمكننا أن نقبل بالصفات هذه من الزوج، وسيصعب على الزوجة العيش في كنفه، لأن علاقتها به سوف تتأزم بشكل مؤذٍ". ويتابع د. لملوم قراءته للاستطلاع، فيتوقف عند الناحية النفسية، لمسألة فقدان الزوجة أعصابها وانفجارها، فيعلق موضحاً: "لا أستغرب النتيجة، لأنّ المرأة تتنفس من لسانها (مقولة لأحد الحكماء)، والمحبب للمرأة أن تتنفس أمامه هو زوجها". ويقول: "لذا، أطالب الأزواج بأن يصبروا على زوجاتهم، وألا يأخذوهنّ بكل كلمة. ومن الطريف في الموضوع، أنّ المرأة هي أطول من الرجل عمراً، والسر يكمن في تنفسها من اللسان بالشكوى والثرثرة والكلام". وينتقل د. لملوم إلى قراءة التعامل النفسي للمرأة في مواجهة الرجلين، المدير والزوج، ودائماً مستنداً إلى نتيجة الاستبيان، حيث يقول: "يجب علينا أوّلاً أن نشير إلى أن نتائج أسئلة الاستبيان، تشير في معظمها إلى حقيقة المرأة التي نعرفها. بالتالي أدعو الجميع إلى تفهم سيكولوجية المرأة، والنظر إليها على أساس أنها كائن عاطفي فدائي، تحمل النبل في داخلها لكل من يحسن التعامل معها". ويتوجه بحديثه إلى الزوج مشدداً على أن "على الزوج أن يتحمل بسعة صدر ومحبة، هفوات اللسان التي تصدر عن زوجته، واضعاً في باله أنّها لا تعني كل ما تقول، وقد يكون الأمر برمّته تنفيساً وتعبيراً عن اعتراض". ويختم متوجهاً بكلامه إلى المديرين، مؤكداً أن "على المدير أن يفرق في معاملاته مع مرؤوسيه لأنّه "ليس الذكر كالأنثى" كما ورد في القرآن الكريم".   - استطلاع: بين زوجها ومديرها: عدد العينة التي شاركت في الاستطلاع (188) 1- أيهما يمثل مصدر ضغط نفسي أكبر بالنسبة إليك؟ 47% زوجك 53% مديرك 2- هذا الرجل تجدين صعوبة كبيرة في التعامل معه، فأنت بالكاد تفهمينه.. 43% زوجك 57% مديرك 3- لا شيء يمكن أن يفسد يومك مثل خلاف مع: 75% زوجك 25% مديرك 4- أكثر من مرّة كدت تفقدين أعصابك وتنفجرين فيه صارخة.. من تظن نفسك؟ أنا لست مستعدة لتحمل غطرستك إلى الأبد.. 55% زوجك 45% مديرك 5- أنتِ تجدين صعوبة أكبر في التعامل مع الأمر إذا كنتِ على خلاف مع: 60% زوجك 40% مديرك 6- عندما لا تكونين على خلاف مع هذا الرجل، تشعرين بأن نصف مشاكلك محلولة: 78% زوجك 22% مديرك 7- تجدين صعوبة حقيقية في التعبير عن نفسك وشرح وجهة نظري، أمام: 47% زوجك 53% مديرك 8- كلمة تقدير وثناء من هذا الرجل تجعلك في أحسن حالات: 73% زوجك 27% مديرك 9- عبارة انتقاد واحدة من هذا الرجل كفيلة بأن تجعل دموعك تنهمر: 72% زوجك 28% مديرك

ارسال التعليق

Top