◄تهذيب النفس البشرية لتأتي منقادةً مطيعةُ لأوامر خالقها تبارك وتعالى حافظةً للحدود الإلهيّة في الحلال والحرام، وفيما يحبّون وفيما لا يحبّون.
وبتعبير آخر: بلوغ الكمال الممكن، وتهذيب النفس البشرية من أدقِّ الأُمور على الإطلاق وأخطرها... ونحن نؤمن أنّ مَن لم يُفلح في ذلك يخسر الدنيا والآخرة.
حتى العلم الذي نتلقّاه أو نلقيه يصب في هذا المصب... ولولا ذلك لا لزوم له، بل قد يكون وبالاً على صاحبه وسبباً لضلاله ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (الحجرات/ 13).
والتعليم وسيلة من وسائل التربية فقط... وهناك وسائل أُخرى... فالتربية معنى أعم ليشمل التعليم وغيره.
في طريق تربية وتهذيب النفس البشرية، يجب أن نتيقّن أنّ كلَّ الأوامر الإلهيّة فيها مصلحة غيبيَّة للبشر... وإن لم تُدرك ذلك أو نتطّلع على أسرارها وخفاياها.
وهي مبنيَّة على ﴿فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ (الروم/ 30).
التربية بالقدوة
إنّ أفضل طريق تهذيب النفس أن يكون لك قدوةٌ تتعلَّم منها، وأن تكون قدوةً في مسلكك وفعلك وقولك وعبادتك وأخلاقك للآخرين ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ (الصفّ/ 2).
مقتدياً ومُقلِّداً لمولانا رسول الله (ص) في آدابه وسننه وشريعته... والقدوة في التربية هي أكثر الطُّرق فاعليةً ونجاحاً.
أن يلحظ مَن نعلِّمُهُ أنّنا في الصلاة والعبادة والصدقة والعفو والتسامح والتضحية والزُّهد والتقوى والورع وسِعة الصدر والعدل بين الناس والصدق.
ولا يمكن أن يقوم بعملية التربية والتهذيب مَن فقد ذلك... وإلّا كان موهوماً...
من السهل «تأليف» كتاب في التربية، أو إلقاء محاضرة، لكن هذا لا يكفي إن لم يتحوّل إلى سلوك وتصرُّفات وأخلاق تُعبِّر عن المؤلّف أو المحاضرة.
ولأنّه لابدّ من قدوة... قال الله سبحانه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ (الأحزاب/ 21). وأجابت إحدى زوجاته عندما سُئِلت، فقالت: «كان خُلُقُه القرآن» يعني كان ترجماناً وتعبيراً عمّا في القرآن.
وقال الله سبحانه في حقّه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ (الأحزاب/ 45-46).
كان قدوة في جلسته وحديثه وشجاعته وغضبه وسياسته ومودّته وعطفه... قال الله سبحانه: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ (آل عمران/ 164)، وقال تعالى:﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ (الأنبياء/ 107).
لذلك لابدّ للطفل من قدوة في أبويه وأستاذه ومجتمعه.
القدوة في المنزل
1- في الأُم ودينها وصلاتها وخلقها وسلوكها وحشمتها ولسانها وورعها. بعيداً عن الغنج والدلع والإسراف والكبر والغرور والتغاضي بالملابس والسهرات والأموال.
2- في الأب في احترامه لشعائر الدِّين وأداء الفرائض ورفاق ونصرة الحقّ وترك المحرمات، قيل: «ليكن أوّلُ إصلاحك لولديك، إصلاحُك لنفسك، فالحُسن عندهم ما صنعت والقبيح عندهم ما تركت».
المشكلة
* في عدم وجود القدوة.
* في جهلها بكثير من مقوِّمات القدوة.
* في وجود القدوة المقابلة المفسدة والملهية والصارفة.
القدوة في المدرسة
أن يكون الأُستاذ مصلحاً لنفسه، قدوة، صاحب رسالة وهدف، خادماً للإسلام، داعياً للديَّان، صاحبَ قضية ومشروع... لديه الحدّ الأدنى من الثقافة الإسلامية في السيرة والأخلاق والقرآن... يُميِّز الهفوات والمخاطر في المناهج غير الإسلامية.
ومن الأخطاء والأخطار العظيمة: الاستعانة بمدرسين وبمدرسات من غير الوسط الإسلامي اتكالاً على شهاداتهم ولغاتهم ولسانهم!!!
وطريقة الإسلام في التربية متكاملة، لا تترك شيئاً، ولا تهُمل شيئاً: في جسمه وروحه، في حياته المادّية وفي حياته المعنوية.
وما من نظام آخر يُعالج البشر بهذه الدقّة والشمول، بل اعتبر أنّ ما يُدرك موجود، وما لا يُدرك غير موجود... فاهتم بالمأكل والمشرب والمسكن... وأغفل الروح.
يقول الإسلام: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) (القصص/ 77).
والتربية يُمكن أن تكون من خلال:
القدوة الحسنة، والموعظة المؤثِّرة، والعقوبة الرادعة، والقصّة المعبِّرة، والعادة الكريمة، والرفقة المخلصة.
القدوة في البيئة والمجتمع
من خلال مصاحبة الأخيار وأهلِ الخُلق والأدب، والصالح من العلماء... والقيام بالرحلات الطبيعية... واجتناب أماكن الفساد.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق