• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

حافظ على التوازن في خياراتك

ألكسندرا ستودارد

حافظ على التوازن في خياراتك

◄الحياة السليمة هي الحياة الملائمة لك، ما هو تعريفك للحياة السليمة؟ ما هي الخيارات التي تعتقد أنّه يُفترض بك اتخاذها وتساعدك على إقامة توازن سليم طوال حياتك؟ ما هي الخطط أو العادات التي يمكنك تطويرها وتساعدك على اتخاذ الخيارات الصائبة بانتظام؟ كيف يمكننا اختيار السعي وراء الأشياء التي يكون من الجيِّد لنا امتلاكها واكتسابها؟ كيف يمكننا اكتساب القدرة على تمييز ما هو مناسب لنا، طامحين إلى كل خير حقيقي – في إطار التوازن الصحيح؟ كيف يمكننا السعي وراء الأشياء التي تلبي احتياجاتنا الحقيقية؟

كيف يمكننا النظر إلى الصورة الكبيرة والخطوات السليمة على المدى البعيد دون اختيار المصالح الضيّقة الملائمة أو تلك التي تصب في إطار الخدمة الذاتية؟

تقودنا خياراتنا الحكيمة إلى إدراك قدراتنا بصورة أكبر، ونحن قادرون بشكل أفضل على فهم متطلباتنا الحقيقية الخاصة وتلبيتها عندما نختار هذه الخطوات السليمة الحقيقية وفقاً للترتيب الصحيح، والمقياس الصحيح، وفي الوقت الصحيح، وللأسباب الصحيحة. أنا أؤمن بتعاليم أرسطو في ما يتعلق بالوسيلة الذهبية: المسار الحسّاس والمعتدل، الموقع الوسط بين القليل القليل والكثير الكثير. ولبلوغ السعادة البشرية، يجب علينا معرفة ما هو جيِّد وصالح لنا وللآخرين، ويجب علينا اتخاذ قراراتنا بالارتكاز على الحكمة والحقيقة المنبثقة من هذه المعرفة.

 وكلما ترنّحنا بسبب آخرين أو قوى خارجية، فإننا نخرج عن طريقنا. وتصحيح حالة اللاتوازن هو الجزء الأصعب ولكن الضروري لكل قرار صحيح. وهناك حكمة كبيرة من تحقيق حالة اعتدال مؤاتية بين طرفي نقيض القليل القليل والكثير الكثير. ولا يمكننا إنجاز الأمر بشكل صحيح على الدوام، ولكن المسعى نفسه يحمل في طيّاته العِلم والعِبَر.

نحن بحاجة إلى تبنّي خطة سليمة ودقيقة ترشدنا إلى خيرنا الأكبر. علينا وضع كل شيء في نصابه الصحيح، متجنّبين طرفي النقيض. فمبدأ كل شيء أو لا شيء لا يفيدنا بشيء، فهناك أمان ووضع سليم في الوسط، وعلينا الاعتدال في كافة الأمور.

قاوم إغراء الإفراط في إشباع رغباتك. فكلنا نتعرض لإغراء تحقيق المُتَع الجسدية لأنّه باستطاعتنا الحصول عليها على الفور. إختر بين الكعك المُحلّى والمثلّجات، فعادة الاعتدال تمكّننا من مقاومة ما يبدو جيِّداً على المدى القصير ويكون لصالح ما هو جيِّد لنا بالفعل على المدى البعيد. فقد تتمكن ربما أنت وزوجتك من مشاطرة طبق ثانوي لتوفير السُعُرات الحرارية والمال عندما تتناول طعام العشاء في الخارج. وفي المنزل، يمكنك تدبّر أمر التحكم بهذين العاملين بصورة جزئية.

نحن بحاجة أيضاً إلى التفكير ملياً وبجدية في إقامة توازن بين تمريننا الجسماني والعقلي. أعرف الكثير من الأشخاص الذين يدرّبون أجسادهم بجنون بهدف التمتع بلياقة بدنية، وتخفيض مستوى الإجهاد، والشعور بأنّهم أفضل على الصعيد الجسدي. ولكنهم نادراً ما يدرّبون عقولهم من خلال تمارين غير قراءة الصحف والقيام بكل ما يتطلّبه منهم عملهم لأنّ التمرين العقلي يتطلّب مزيداً من الانضباط والعمل الشاق. وفي الطرف الآخر، هناك الأشخاص الذين يبذلون جهوداً جمّة على مشاريع أو في عملهم بحيث لا يخصصون أبداً وقتاً للقيام بنزهة بدون استعجال، أو حضور صف في اليوغا، أو دورة بالألعاب الرياضية.

ومشاعرنا أيضاً تحتاج إلى توازن. فمن خلال قراءة مآثر أدبية شهيرة، والتفكير في "التساؤلات الكبيرة"، وتخصيص وقت للتأمّل، وقضاء وقت مع العائلة والأصدقاء الذين نحبهم، نحافظ على التوازن بين عقلنا وجسدنا ونحقق تفوّقاً في صميم روحنا.

والنطاق الأساسي الآخر في حياتنا الذي يحتاج إلى حكمة عملية مُتقَنة هو الخيارات التي نتّخذها لتحقيق التوازن بين عملنا ووقت الفراغ. ووفقاً لطريقة التفكير العظيمة الخاصة بصديقي ووكيلي الأدبي كارل برنت، "فإن كونك قادراً على القيام بأمر ما لا يعني أنُه يُفترَض بك لقيام به". ويبدو أنّ العثور على هذا الحل الوسط هو الأمر الأكثر صعوبة. فالناس هم إما مشغولون جدّاً في المكتب ويسعون إلى الحصول على الثروة والنفوذ والشهرة على حساب قضاء وقت مع عائلاتهم أو القيام بعمل تطوّعي، أم أنهم يريدون الحصول على المرح ولا يركزون بما يكفي على تلبية متطلباتهم الأكثر أهمية. فكلا طرفي النقيض يُضعفان الحياة السليمة والسعيدة.

أضحك كلما أفكر بكاتب المقالات إي. وايت الذي كتب ذات مرة "أنهض في الصباح وتتنازعني رغبة في تحسين (أو إنقاذ) العالم ورغبة في الاستمتاع بالعالم. فهذا الأمر يصعّب علينا التخطيط لكيفية قضاء اليوم". نحن نكتسب مهارة الحكمة العملية خياراً بخيار. ويمكن تطبيق الحكمة العملية على كافة ميادين حياتنا وبنجاح مطرد. ويبدو أنها لا تستحوذ على ايديولوجية التوازن هذه بين الحواس فحسب بل أيضاً على الحكمة المرتكزة على الحقيقة الجسدية والروحية. أدرس نتائج خياراتك. ماذا سيكون معنى هذا الخيار الذي تتخذه اليوم في حياتك؟ هل سيؤذي هذا الخيار آخرين؟ لقد تحدث لاو تسو بصورة عملية إلى الناس: "إن تخطي الحدود هو أمر خاطئ بقدر الخطأ الذي نرتكبه عندما نقصّر".

يجدر بنا محاولة تكبّد أي نوع من الآلام للقيام بالأمر الصحيح لصالح عيش حياة سليمة. ومن خلال الدراسة، والتأمّل، والتخيّل، والاسترخاء، وحتى الصلاة، يمكننا استجماع الشجاعة لاختيار ما هو جيِّد بالفعل. علينا واجب بذل الجهد لا المبالغة. وتعتمد حياتنا السليمة والسعيدة وحياة الآخرين على تولّي مسؤوليتنا للعيش وفقاً للوسيلة الذهبية. ولا يمكن لأي شيء أن يكون أكثر جدارة بالاهتمام أو أكثر إرضاءً. وعندما نشعر بأننا مكتفون بتوازن حياتنا، نمتلك حينذاك ما نريد ونشعر بالسعادة.►

    

  المصدر: كتاب خياراتك بين يديك (50 وسيلة ناجحة لعيش حياة سعيدة)

ارسال التعليق

Top