• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

جزئيّات هاربة من الذات

محمود محمد أسد

جزئيّات هاربة من الذات

 

أمامي تُغرِّدُ

تَبْعَثُ في النفسِ دفئاً

تُضاحِكُ أتعابَ قلبي

تسابقني في احتضانِ الأسى

و أخيراً عرفْتُ

لماذا أكونُ أسيراً

أمامَ الحبيبةْ..

تُكَلِّمني باختصارٍ

و تمشي وراء همومي

لتَبْعَثَ فيَّ الأمانْ..

    ـ    ـ    ـ

عَرَفْتِ مزاجي و كابَرْتُ،

أنكَرْتِ خوفي

و أنكَرْتِ حقدي

عرفْتُ لماذا،لأنِّي

كغيري من الناسِ

لا نُبْصِرُ العيْبَ

إلَّا مِنَ الخلفِ

و العيْبُ فينا..

    ـ    ـ    ـ

و مَنْ يَقْدِرُ اليومَ

وقْفَ البغاثِ ؟

و مَنْ يَسْتطيعُ ارتداءَ

ثيابِ النقاءِ ؟

و مَنْ يُدْرِكُ العمق و العومَ

و العالَمَ المُحْتفي بالمظاهِرْ،

أراهُ، و أقْصِدُ هذا الجنونَ المحيطَ

بعنقِ الوليدِ من الموتِ

حتَّى الولادةْ..

أراهُ بخطْوةِ شيخٍ يجرُّ أساهُ

و يَحْمِلُ في داخلِ العمرِ

نزفاً و ذكرى مريرةْ..

    ـ    ـ    ـ

لِبَعْضٍ من الوقتِ أدعوكِ،

أرجوكِ،لا تحضري قصَّة الأمسِ،

لا تجلبي دمعةً

مِنْ خوابي الزمانِ..

لبعضٍ من الوقتِ ننظُرُ في القادماتِ،

و نحكي قليلاً بغيرِ كلامٍ ،

و نَعْمَلُ مَنْهَلَ حبٍّ

بغيرِ إشارةْ..

سَمِعْتُكِ همساً تقولينَ :

هذا جنونٌ

و ليس تجارةْ..

    ـ    ـ    ـ

أَلَمْ نتَّفِقْ في المساءِ

على كلِّ أمرٍ صغيرٍ ؟

ألمْ نَتَّفِقْ في الصباحِ

على رجْمِ كلِّ المطالبِ ؟

نأكُلُ صَبْراً و ملحا..

و نَلْتَحِفُ الحبَّ

إنْ داهمتْنا رياحُ المكائدْ..

و أيضاً على كتمِ صوتِ الصِّغارِ

و إطعامِهِمْ من بذورِ انتظارٍ

تُلَمْلِمُ خوفاً يداهِمُها

مِنْ بطونِ الرجالِ الذينَ

أطاعوا هواهُمْ..

ألمْ نَتَّفِقْ بعد هذا ؟

كلامُ المساءِ سيمحوهُ ضوءُ الصباحِ..

    ـ    ـ    ـ

عَرَفْنا معاً كلَّ سرٍّ

و كلَّ حديثٍ يُدارُ،

هناكَ خيوطٌ،هناكَ صكوكٌ

نعمْ و هناكَ حقولٌ تفيضُ

و تجري إلى ردْهةٍ في الخفاءِ..

عرفْنا معاً كلَّ هذا

و خفْنا على ما تبقَّى لنا مِنْ هِباتِ السَّرايا.

و مِنْ أعْطِياتِ الوظيفةْ..

و نخشى على زوجةٍ و بنينَ

أقاموا الموائدَ،

لو بُحْتُ عُدْتُ كقردٍ تعرَّى،

خَسِرْتُ العشيقةَ و القَصْرَ

صرْتُ بقايا ركامٍ

تحطُّ عليه العفونةْ..

ارسال التعليق

Top