◄كما أنّ لشبكة الإنترنت إيجابيات كثيرة جدّاً، فإنّ لها سلبيات خطيرة جدّاً أيضاً، وعلاقة الشباب بالإنترنت لا تخلو من إيجابيات، لكن سلبياتها عليه أكثر، فقد أكّدت دراسة أنّ تسعين في المئة من المستخدمين العرب للإنترنت يقتصرون على التسلية والترفيه، مع العلم أنّ أغلب مستعملي الإنترنت من العرب خاصة شباب.
إنّ هذه التأثيرات وغيرها تفرض علينا إعادة النظر في تربية وتأهيل الشباب للتعامل الإيجابي مع شبكة الإنترنت. إنّ الوقوف على حقيقة علاقة الشباب بالإنترنت يفرض دراسة ميدانية اجتماعية لتحديد مكامن القوة والضعف في مؤهّلات الشباب وقدرتهم على الاستفادة السليمة من الإنترنت، وإنّ الإجابة عن هذه الأسئلة الآتية التي وضعها بعض المهتمّين قد تساعدنا في معالجة الوضع: كيف يستعمل شبابنا الإنترنت؟ هل يستفيد من الإنترنت في التحصيل العلمي والمعرفي؟ هل تطوّر الأداء الدراسي سلباً أم إيجاباً بعد تعامله مع الإنترنت؟ هل تقوم الأسر بدورها في توجيه أبنائها لاستعمال الإنترنت في الاتجاه السليم؟ هل قامت المدرسة والجامعة بدورهما في تسخير الإنترنت لخدمة المنهج الدراسي؟ هل أنتجنا نحن إنتاجات إعلامية كافية للتفاعل من الإنترنت على المستوى الدولي والمشاركة في الإنتاج العلمي والمعرفي على الشبكة؟ علماً بأنّ المواقع العربية والإسلامية واللغة العربية لا يتعدّيان واحداً في المئة ممّا هو معروض على الإنترنت.
الإرشادات الوقائية: والمراد هنا بعض الإجراءات التي من المفيد لفت نظر مستخدمي شبكات التواصل والإنترنت بشكلٍ عام كمقدّمة للدخول في تفاصيل العلاج والذي مثله كمثل أي دواء، ما لم يستخدمه بالشكل الصحيح فإنّه لا يمكنه أن ينتظر الشفاء من المرض.
ومن أهمّ هذه التوصيات الوقائية:
أ) تحديد أوقات معيّنة لاستخدام الإنترنت لا يمكن تجاوزها بأيّ صورة.
ب) منع استخدام الإنترنت في الغرف المغلقة والاهتمام بإمكانية مشاهدة ما يدخل عليه الطفل أو المراهق على الإنترنت بصفة مستمرّة.
ج) تنويع الأنشطة التي يمارسها الأطفال والمراهقون داخل وخارج المنزل.
د) الحرص على قضاء وقت عائلي ممتع، والعمل على حلّ المشكلات العاطفية والتواصلية التي قد تنشأ في البيت أو خارجه، من خلال التعبير عن المشاعر والصراعات واحترامها ومواجهتها، حتى لا يصبح الإنترنت وغيره من السلوكيات الإدمانية وسبيلاً للهرب من المشكلات.
هـ) جعل الأسرة مكاناً خالياً من الإساءات بأنواعها المختلفة حيث إنّ الإساءات والجروح والتربية غير السليمة تؤدّي إلى مشكلات في الشخصية التي ربما تؤدي إلى الإدمان فيما بعد.
الإرشادات العلاجية:
قبل الدخول في العلاج الذي يبحث عنه الجميع اليوم يجب أن يوقن المدمن على شبكات التواصل الاجتماعي أنّه مريض ويحتاج إلى علاج ويسعى إلى الشفاء من إدمان الإنترنت، إذ لا يمكن للمرء أن يقلع عن أمر إلّا بعد يقينه بالخطر المحدق به من جرّاء هذا الأمر.
1- إجراء تعديلات على استخدام الإنترنت: فإذا اعتاد المريض استخدام الإنترنت طيلة أيام الأسبوع نطلب منه الانتظار حتى يستخدمه في يوم الإجازة الأسبوعية، وإذا كان يفتح البريد الإلكتروني أول شيء حين يستيقظ من النوم نطلب منه أن ينتظر حتى يفطر، ويشاهد أخبار الصباح، وإذا كان المريض يستخدم الكمبيوتر في حجرة النوم نطلب منه أن يضعه في حجرة المعيشة... وهكذا، فإنّ هذا السلوك الجديد يضع حدّاً للانجراف اللاإرادي ويضعه أمام سكّة التحكم والسيطرة على نفسه عند استخدام الإنترنت.
2- إيجاد موانع خارجية: نطلب من المريض ضبط منبّه قبل بداية دخوله الإنترنت بحيث ينوي الدخول على الإنترنت ساعة واحدة بعد انتهائه من دراسته إن كان تلميذاً، أو قبل نزوله للعمل مثلاً إن كان موظفاً، حتى لا يندمج في الإنترنت بحيث يتناسى دراسته أو موعد نزوله للعمل.
3- تنظيم وتحديد وقت الاستخدام: وهذا الأمر يساعد في تنظيم الحياة واستقرارها عند المولعين باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي حيث يُطلب من المريض تقليل وتنظيم ساعات استخدامه بحيث إذا كان – مثلاً – يدخل على الإنترنت لمدة 40 ساعة أسبوعياً نطلب منه التقليل إلى 20 ساعة أسبوعيّاً، وتنظيم تلك الساعات بتوزيعها على أيام الأسبوع في ساعات محدّدة من اليوم بحيث لا يتعدّى الجدول المحدّد.
4- الامتناع التامّ: إنّ إدمان بعض المرضى يتعلّق بمجال محدّد من مجالات استخدام الإنترنت. فإذا كان المريض مدمناً لحجرات الحوارات الحية (الدردشة) نطلب منه الامتناع عن تلك الوسيلة امتناعاً تامّاً في حين نترك له حرية استخدام الوسائل الأخرى الموجودة على الإنترنت.
5- إيجاد بدائل وأنشطة بديلة: نطلب من المريض أن يفكر في الأنشطة التي كان يقوم قبل إدمانه للإنترنت؛ ليعرف ماذا خسر بإدمانه مثل: قراءة القرآن، والرياضة، وقضاء الوقت في النادي أو مع الأسرة، والقيام بزيارات اجتماعية وهكذا.. نطلب من المريض أن يعاود ممارسة تلك الأنشطة لعلّه يتذكر طعم الحياة الحقيقية وحلاوتها.
6- عدم الاستغراق: في بعض الأحيان يحدّد الفرد وقتاً للجلوس على الإنترنت ولكن لا يسطيع الالتزام به نتيجة عدم شعوره بالوقت في استخدام الإنترنت ولا يعرف أنّ الوقت المحدد قد مرّ، فأنصحه باستخدام منبّه مثلاً وضبطه على الوقت المحدّد، حتى إذا دقّ الجرس أغلق الكمبيوتر حتى يتغلّب على الإدمان.
7- الانضمام إلى مجموعات اجتماعية: وذلك بهدف تفعيل الحياة الاجتماعية التي بدأ يخسرها ويفشل فيها حيث يمكن الطلب من المريض زيادة رقعة حياته الاجتماعية الحقيقية بالانضمام إلى فريق الكرة بالنادي مثلاً، أو الالتزام ببعض المهارات الإضافية كالذهاب إلى درس لتعليم الخياطة للفتيات مثلاً، أو الذهاب إلى دروس المسجد؛ ليكوّن حوله مجموعة من الأصدقاء الحقيقيين.
8- المعالجة الأسرية: والمراد إيجاد البيئة الأسرية السليمة والمعالجة؛ لأنّ المرض قد يكون منتشراً بحيث تحتاج الأسرة بأكملها إلى تلقّي العلاج الأسري بسبب المشاكل الأسرية التي يحدثها إدمان الإنترنت بحيث يساعد جوّ الأسرة على استعادة النقاش والحوار فيما بينها، ولتقتنع الأسرة بمدى أهميتها في إعانة المريض؛ ليقلع عن إدمانه.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق