العسل يعطي مفعولاً سريعاً وحبة التمر تنفع
كلّهم يتحدثون عن ارتفاع السكر في الدم. لكن، ماذا عن هُبوطه؟
ماذا لو هبط السكر في أجسادنا فجأةً؟ ماذا لو شعرنا بدوارٍ وكدنا نتهاوى أرضاً مثل ريشة في مَهَبّ الرّيح؟
ماذا لو شعرنا بوهنٍ هائل وبتعرّق وبدقات قلب مُتلاحقة وبجوعٍ غير مُبرّر؟ فلنأخذ قطعة سكر، ولنأخذ نسبة السكر في دمنا، ولنأخذ، منذ الآن، حذرنا... فهبوط السكر في الدم أكثر خطراً من ارتفاعه.
يكثرُ كلّ سنة، في شهر نوفمبر، الكلام عن السكري، وينهمك الجميع في سَرْد ما قد يفعله ارتفاع هذا الداء فينا. مسائل كثيرة، أضرار كثيرة، أمراض وعلل وحالات كثيرة. طبعاً، ارتفاع السكر في الدم لا يُستهان به. لكنّ هناك، كما تعلمون، بعد كلّ صعود هبوطاً. هكذا تتشكل الوديان والتلال، وهكذا يتشكل مسار عمرنا: صعوداً وهبوطاً وهبوطاً وصعوداً. والسكري الذي قد يرتفع قد يهبط أيضاً. والهبوط يُنذر بأمور خطيرة ووخيمة. فلماذا يهبط السكري؟ ومتى علينا أن نأخذ حذرنا من هبوطه؟ وكيف نتعامل معه "طبيعياً" إذا هبط فجأةً؟
يُشكّل السكر في الدم، هبوطاً أو ارتفاعاً، "عبئاً حقيقياً" تَنهمكُ دول كثيرة في البحث عن حلول ناجعة ناجحة له.
ماذا عن هبوط السكري؟ وهل أعراض هبوط السكر تُشبه أعراض ارتفاعه؟
سؤال يُطرح...
يقتصر مفهوم السكري عادةً، لدى الكثيرين على مُعادلة ارتفاع السكر في الدم، بينما هناك جانب آخر أكثر خطورة يتمثل في هبوط السكري ما قد يؤدي، في بعض الحالات، إلى الوفاة. نقص السكر في الدم إذن كما ارتفاعه يُنذر بعللٍ وبمشاكل قد تنتهي بالموت.
متى نقول: هذه حالة هبوط سكري؟ هبوط السكري معناه انخفاض مستوى الغلوكوز في الدم إلى ما دون 60 ملليغراماً وهذه الحالة قد تصيب مريض السكري أو أي إنسان آخر لا مشاكل لديه مطلقاً مع داء السكري.
ثمة سؤال نطرحه عليكم أنتم: ما هو في رأيكم السبب الأوّل لهبوط السكر في الدم؟ فكروا، فكروا أكثر، طُرح هذا السؤال على مجموعة من الأشخاص وأتت إجاباتهم تقريباً واحدة: "يكمن السبب في عدم تناول كمية كافية من الأطعمة القادرة على تزويد الجسم بالطاقة". تُرى هل هذا السبب حقيقي؟ هل هو السبب الوحيد؟ ما رأيكم أنتم؟ تجهلون؟
هذا هو جزء من الحقيقة، جزء من المشكلة، لا كُلها، لأنّ السبب الحقيقي قد يكون في الإفراط في أخذ جرعات من الأنسولين، أو في ممارسة برامج رياضية عنيفة في ظل حمية قاسية، وهناك عامل آخر وراثي وأمراض مزمنة قد تؤدي إلى هذه الحالة.
سكّريون؟ غير سكريين؟ أنتم في عين "هبوط السكر"... والحل؟
إذن، ماذا علينا أن نفعل؟ كيف يمكننا أن نحتاط "طبيعياً" من حالة هبوط السكري؟
ستة في المئة، ستة في المئة فقط لا غير من مرضى السكري يعيشون في عالمنا حياة خالية من المضاعفات الناتجة عن دائهم. لماذا؟ لأنّ نصف مرضى السكري يتم تشخيص حالاتهم، ويتلقّى نصف عدد هؤلاء فقط العلاج. ونصف مَن يتلقون العلاج يحققون أهدافه، ونصف مَن يحققون أهداف العلاج الآنية يحققون على المدى البعيد النتائج المرغوبة في العيش حياة خالية من المضاعفات. وهكذا، لا يبقى إلّا ستة في المئة من مرضى السكري في دائرة الأمان. هي حقيقة لكن مُرّة. لهذا نتكلم عن السكري ارتفاعاً وهبوطاً على أمل أن تتسع هذه الدائرة ليُصبح كلّ مرضى السكري في أمان. هو أملٌ والأملُ حلم اليقظة.
دعونا نُكرِّر السؤال من جديد: كيف لنا أن نواجه "طبيعياً" هبوط السكري؟
إذا شعرت بعوارض مُحدّدة مثل الدوار أو خلل في الرؤية، ازدواجية مثلاً، أو رَجَفان في الأطراف، في اليدين تحديداً، وإذا شعرت بخفقان في القلب وبتوتر كبير وعدم القدرة على التركيز، وإذاً أصابك التعرق الشديد من دون سبب مناخي حار، وإذا شعرت بنفسك تتهاوى فأنت في دائرة الخطر. ثمة ما يحدث معك، ثمة تطورات داخلية تؤثر فيك. ثمة إمكانية كبيرة أن تكون في حالة هبوط السكري. فإذا كنت قادراً على أخذ المبادرة، اطلب فحصاً سريعاً للسكري لتتأكد من حالتك، وإذا شعرت بأنك ما عدت قادراً على الحراك تناول عصير فاكهة، عصير البرتقال أو التفاح أو ربما العنب. ليست في متناولك؟ اشرب مشروباً غازياً. ليس في برّادك عبوة؟ السكر قد يفيد. ذَوّب 3 أو 4 ملاعق سكر في كوب ماء وضع فيه قليلاً من ماء الزهر واشربه. شعرت بالغثيان؟ لم تستطع أن تشرب الكوب؟ خُذ حفنةً من الزبيب أو حبّتي تمر. ثمّة مكونات كثيرة قد تُفيدك في مثل هذه اللحظات. في كلّ حال، ثمة نصيحة لا تُسارع إلى تناول مصادر الكربوهيدرات المعقّدة، لأنّ الجهاز الهضمي لا يكون قادراً على امتصاصها بسرعة، وأنت تكون في حال سيئة وتحتاج إلى مكوّن سريع الامتصاص يُعيدك إلى رشدك.
هناك مَن يسأل ربما في هذه اللحظات: ماذا يُقصد بالكربوهيدرات المعقدة؟
الكربوهيدرات هو مصدر أساسي للطاقة، مسؤول عن عملية تحليل الجلوكوز وتحويله إلى طاقة يحتاج إليها الجسم. وهناك نوعان من الكربوهيدرات: المعقّد والبسيط. الكربوهيدرات البسيط يكون بمذاق حلو ويوجد في السكر الأبيض والعسل، وفي بعض المشروبات الخفيفة، وهو سهل للهضم ويؤدي إلى ارتفاع السكر في الدم بسرعة، غير أنّ الكربوهيدرات المعقّد يجري هضمه على مَهْل، وهو يناسب مَن يقومون بحمية، لأنّه يمنحهم الشعور بالشبع لمدة طويلة، لكنه لا يناسب من يمرّ بحالة هبوط السكري، ويحتاج إلى ما يمنحه السكر بسرعة ليستعيد قدراته الذهنية والجسدية. في كلّ حال يوجد الكربوهيدرات المعقد في الأرز والخبز وفي المعكرونة والبطاطا.
ماذا عن الشوكولاتة؟ هل يفيد تناول الشوكولاتة الحلوة مثلاً في حالات هبوط السكري؟
لا، لا، لا تنفع الشوكولاتة في هذه الحالات، لأنّها تحتوي على الدهون التي تُعيق عملية امتصاص السكريات. لذا، يُحبّذ الاستغناء عنها واستبدالها بملعقة من العسل الطبيعي. هي أكثر نفعاً بكثير.
هذه الإجراءات السريعة قد تقيك "الأعظم"، أي فقدان الوعي ربما، لكنه ليس حلاً نهائياً أحياناً، وبالتالي، عليك بعد أن تستعيد قوتك أن تبحث عن السبب الذي أدّى إلى ما حدث. راجع طبيب السكري إذا كنت مريض سكر. انتبه إلى عيار الأنسولين الذي تحصل عليه يومياً إذا كنت تأخذ الأنسولين. احرص على تناول وجبات خفيفة كلّ 3 ساعات لتفادي الهبوط مرة أخرى. خفّف من الرياضة التي تمارسها يومياً. ابتعد عن أسباب الضغوط النفسية. ابتعد عن الحمية القاسية. وأكثر من كلّ هذا راجع طبيبك.
إذن، أعراض هبوط السكري متعددة، ويزيد أطباء الغدد الصماء والسكري على كلّ ما ذُكر "أنّ العارض قد يتراوح بين معتدل إلى حاد، وقد يترافق مع خفقان في القلب وجوع هائل، وتنميل وضعف إدراكي وتَبدُّل في السلوك وشعور بالدفء أو بالضعف والتعب وبآلام في الرأس، وقد يصل إلى خفقان سريع في القلب وربما إلى سكتة دماغية أو نوبة قلبية وإلى تشنُّج وغيبوبة. في كلّ حال، تستجيب الأعراض غالباً بمجرد تناول السكر، غير أنّ 58 في المئة من حالات هبوط السكر في الدم تحصل مساءً، خلال النوم، ما قد يؤدي إلى تفاقم الحالة.
نختتم؟
ما رأيكم في أن نفعل هذا برقم وتوقع عالميين؟
يعاني نحو 382 مليون شخص في العالم داء السكري، ويُتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 600 مليون في سنة 2035.
رقم مُخيف؟
فلنقل إنّ المطلوب عمل كثير.
هل أنت في دائرة الخطر؟
ضائع؟ غير قادر على تحديد طبيعة الحالة التي اجتاحتك؟ هبوط في سكر الدم؟ دوار عادي، ثمة أسئلة يفيد جدّاً أن تسألها لنفسك على أن تضع جانب كلّ سؤال إجابة نعم أو لا، فإذا أجبت بنعم عن سؤال أو أكثر من أصل أربعة فأنت في دائرة هبوط السكري:
- هل واجهت في الآونة الأخيرة أعراضاً مثل الرجفان والتعرق والدوخة ودقات قلب سريعة؟
- هل تشعر بالتعب والضعف وتجد صعوبة في التركيز؟
- هل تتناول وجبات خفيفة أو تشعر بجوع هائل؟
- هل تعاني صداعاً أو تشوّهاً في الرؤية؟
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق