نهى مصطفى
◄قد تتعلق موهبة الطفل في تعلم الرياضيات – أو فشله في تعلمها – بحجم جزء معيّن من المخ وعلاقة هذا الجزء ببقية أجزاء المخ. كشفت دراسة جديدة أن سهولة تعلم الرياضيات قد يتكون لها علاقة بتشريح المخ – ولكن هذا لا يعني أنّه يمكن الهروب بسهولة من القيام بأداء واجب الرياضيات بحجة أنك لا تملك الدماغ المناسب للأرقام.
في عمق كل جانب من جانبي المخ تقع منطقة تدعى هيبوكامبس Hippocampus أو الحصين. تتخذ هذه المنطقة شكل فرس البحر، فكلمة Hippocampus تعني في اليونانية "وحش البحر"، ويعتقد أنها مركز العاطفة والذاكرة بالمخ. وحجم هذه المنطقة في المخ وارتباطها بأجزاء المخ المختلفة قد يلعب دوراً مهماً في كيفية تعلم الأطفال للرياضيات، كما جاء في دراسة حديثة جدّاً.
كوستباه سوبكار، عالم للمخ والأعصاب في جامعة ستانفورد، عمل على هذه الدراسة، ووجد هو وزملاؤه في العمل، أن قياس بنية المخ وارتباط الأجزاء المختلفة من المخ ببعضها البعض قد يتنبأ بقدرة الطالب على تعلم الرياضيات. بل قد يكون مؤشراً أفضل من اختبارات الذكاء أو غيرها من الاختبارات الأخرى. وقد قضى العلماء سنوات في دراسة مناطق مخ الكبار المختلفة وعلاقتها بتعلم الرياضيات، لكن الخبراء مازالوا لا يعرفون كيف تتم عملية تعلم الرياضيات للأطفال.
إنها "مسألة ضخمة"، كما يقول سوبكار لأخبار العلوم.
يقول ديفيد جيري، وهو طبيب نفساني في جامعة ميسوري في كولومبيا، ويدرس كيفية تعلم الإنسان، ولكنه لم يعمل على البحث الجديد، إنّ النتائج التي توصلت إليها الدراسة الجديدة تشير إلى أنّ الأطفال الذين يجدون الرياضيات الصعبة "قد لا يكون لديهم نفس حجم المنطقة من المخ المخصصة لتشكيل الذاكرة مثل الأطفال الآخرين".
نتائج الدراسة الجديدة أجريت على 24 من طلاب الصف الثالث تتراوح أعمارهم بين 8 و9 سنوات. وقام سوبكار وفريقه بقياس الذكاء لكل طفل، كما قاموا أيضاً بتقييم مستوى كل طفل وقدراته في حل مسائل الرياضيات وقدراته في القراءة. ثمّ استخدم العلماء جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي (الجهاز الذي يستخدم موجات الراديو ومجال مغناطيسي قوي لإنتاج صور للأعضاء الداخلية) لفحص مخ الطلاب. وساعد هذا المسح العلماء على قياس أحجام مناطق المخ المختلفة للطلاب، بما في ذلك منطقة Hippocampus الخاصة بهم. قام هذا المسح أيضاً بتحديد العلاقات بين أجزاء المخ المختلفة لكل طالب.
الدروس الخصوصية: ثمّ جاء بعد ذلك الجزء طويل الأجل من الدراسة: الدروس الخصوصية. حصل كل طالب من 15 إلى 20 ساعة من دروس الرياضيات على مدى ثمانية أسابيع، ثمّ اختبر العلماء مرة أخرى قدرة تعلم الرياضيات لكل طالب.
ساعدت الدروس الخصوصية جميع الأطفال الذين شملتهم الدراسة. ومع ذلك فإنّ الأطفال الذين شهدوا تحسناً أكثر في الرياضيات كانت منطقة Hippocampus لديهم أكبر من بقية المشاركين الآخرين. والأطفال الأكثر تحسناً كانت منطقة Hippocampus لديهم على اتصال جيِّد بمناطق المخ الأخرى المسؤولة عن الذكريات واسترجاع الحقائق.
يوضح روبرت زيجلر، عالم الأعصاب والجهاز العصبي والمخ في جامعة كارنيجي ميلون في بيتسبرج، وهو لم يعمل على الدراسة الجديدة، ولكنه فوجئ بالنتائج التي توصلت إليها، أن منطقة Hippocampus لا تلعب دوراً كبيراً في استخدام الكبار للأرقام. ولكن مع الطلاب الصغار "فإنّه يبدو أنها تشارك في تعلم الرياضيات"، كما يقول لـ"أخبار العلوم".
يقول سوبكار إنّ تعلم الرياضيات يسير على نهج مقاس واحد يناسب الجميع، ويأمل أن تساعد هذه الدراسة المعلمين على تكييف وتصميم دروس الرياضيات بطريقة تتناسب مع الكيفية التي يتعلم بها كل طفل على حدة.►
المصدر: مجلة العربي الصغير/ العدد 251 لسنة 2013
ارسال التعليق