يعدّ الاهتمام بقضايا الشباب واتجاهاته ومشكلاته اهتماماً بالمجتمع ككلّ وبمستقبله لأنّهم يُمثِّلون جيل المستقبل، والطاقات التي تسهم في تحقيق أهداف المجتمع وإنجازاته من خلال ما تحويه من ميزات وخصائص مهمّة تجعلها بحقِّ من أهم المراحل في حياة الإنسان، وتعدّ عملية ممارسة العمل واختياره من الخصائص الأساسية لهذه المرحلة وخصوصاً لدى شباب الجامعة المقبلين على مجالات العمل المختلفة.
مرحلة الشباب هي ربيع العمر، وهي مرحلة الأمل والتفاؤل لأنّها مرحلة الانفتاح على الحياة والمستقبل، وتحدِّي المخاطر والصعوبات، وبالتالي فهي مرحلة الخصب والنماء والعطاء. يقول تعالى: (الله الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) (الروم/ 54)، وقد حثّ الرسول محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) الشباب على أهمية اغتنام هذه المرحلة، فقد رُوِي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): «اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحّتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك، وفراغك قبل شغلك»، إنّها توصيات رائعة جدّاً من نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم)، فمرحلة الشباب هي مرحلة القوّة، مرحلة الإنتاج، مرحلة العطاء، مرحلة الإرادة. وبالتالي لابدّ من الجدية في التعامل مع هذه المرحلة، بيد أنّ التفريط في هذه المرحلة، هو تفريط في أهم ثروة يملكها الإنسان.
يتمتع الشباب بقدرات عالية على العطاء والإبداع والإنتاج إذا ما أُتيحت له الفرصة، بعيداً عن كلّ وصاية أو قيود تحد من طاقاته وإمكاناته، وأنّ نجاح كلّ عمل شبابي يتم وفق مقاربة شمولية تجعل الشباب محوراً فاعلاً فيها، فدور الشباب في المجتمع يتلخص في أنّ لهم دورين رئيسين، يمكن إذا ما رُوعيت بعض المعوقات أن يحقّقا للمجتمع درجة كبيرة من طاقات الشباب وصدق انتمائهم. الدور الأوّل: هو الدور الإنتاجي للشباب، والدور الثاني: هو دور الشباب كقوّة ضاغطة نحو التطوير في المجالات الاجتماعية المختلفة.
الشباب يكتسب اتجاهاته ومهاراته وطاقاته وقيمه وتجاربه من خلال تفاعله مع أفراد المجتمع وطبيعة الوسط الذي يعيش فيه، ممّا يؤثِّر في سلوكه، والذي قد يميزه عن شباب مجتمع آخر، تبعاً لثقافة ذلك المجتمع وقيمه وعاداته، وبما أنّ كلّ مجتمع يمر بظروف معينة وكذلك يتعرض إلى المشاكل والأزمات من حين إلى آخر فإنّ الشباب نفسه يتأثر بهذه المتغيرات سواءاً كانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية والتي قد تؤثِّر في اتجاهاته وسلوكه ولذلك فهو نتاج لأوضاع مجتمعه.
الشباب هم نبض الحياة في المجتمع، ولاشكّ في أنّ لديهم قدرات عقلية فائقة، إنّ مهمّة توجيه تلك الطاقات واستغلالها إيجابياً هو أفضل استثمار يمكن أن يؤدي إلى تقدم أي مجتمع وتفوقه بكلّ تأكيد. ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى هذه الطاقات، لنزرع الأمل في الشباب ونهيئهم لمستقبل مشرق وإيجاد قاعدة إنتاجية مبدعة مفكرة تأخذ بيد مجتمعها لمسايرة التطور العملي والتطور العالمي السريع.
أمّا أُولى خطوات هذا الاستثمار فهو تفعيل الدور الإيجابي للمؤسسات الشبابية والمجتمعية بداية من التواصل والتفاعل مع هؤلاء الشباب، وخلق برامج من شأنها أن تنمي مهاراتهم، وترعى مواهبهم وتوجهها إيجابياً لخدمة بلادهم. فالشباب ثروة المجتمع والاستثمار فيهم هو أفضل استثمار، فمكاسبه مضمونة ولا خسارة فيه. هناك مسؤولية كبيرة على عاتق الجميع.. فإنّ تملّك زمام الشباب لا يكون إلّا بجذب بنّاء صحيح في العقيدة والعمل بحيث يوفّر للشباب، العمل في قبال البطالة، والعلم والدراسة في قبال الجهالة، والسكن والمسكن والعلاج الصحّي والحماية وغيرها في قبال عدمها.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق