• ١٢ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٠ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

مصدر السلم والسلام

عمار كاظم

مصدر السلم والسلام

إنّ «السلام» من أسماء الله الحسنى، قال تعالى: (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الحشر/ 22-24). لأنّ الله عزّوجلّ خالق السلم والسلام، ويضمن ذلك للناس بما شرعه من مبادئ، وبما رسمه من خطط ومناهج، وبمن بعثهم من أنبياء وأوصيائهم (عليهم السلام)، وبما أنزله من كُتُب، فهو تعالى مصدر السلم والسلام، والخير والفضيلة. قال الإمام الباقر (عليه السلام): «إنّ السلام اسم من أسماء الله عزّوجلّ».

كما إنّ الإسلام جعل «السلام» شعاراً لـه واختاره تحيّة للمسلمين، حيث إنّ المسلم إذا التقى بمسلم قال: «سلام عليكم» أو ما أشبه ذلك من الصيغ المذكورة في باب السلام وأحكامه. وتحيّة الله للمؤمنين تحيّة سلام: (تَحِيّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ) (الأحزاب/ 44). وتحيّة الملائكة للبشر في الآخرة سلام: (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ) (الرعد/ 23-24). وتحيّة المؤمنين بعضهم لبعض في الجنّة هي سلام: (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلا سَلامًا سَلامًا) (الواقعة/ 25-26).

وفي آخر كلّ صلاة يذكر المصلي لفظ «السلام» ثلاث مرات، فتبدأ الصلاة بتكبيرة الإحرام وتنتهي بالسلام، حيث نقول: «السلامُ عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته» وهو سلام على القائد الأعلى. كما نقول بعد ذلك: «السلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصالحين» وهو سلام على المجموعة الصالحة من العباد. و«السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته» وهو سلام على جميع مَن ينطبق عليه الخطاب. ومن أسماء الجنّة «دار السلام» كما في الآية المباركة: (لَهُمْ دَارُ السّلاَمِ عِندَ رَبّهِمْ) (الأنعام/ 127)، فإنّها مستقر الصالحين. وأهل الجنّة لا يسمعون من القول ولا يتحدّثون بلغة غير لغة السلام: (لاّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلاَماً) (مريم/ 62). وحتى جوابهم رداً على الجاهلين هو السلام: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً) (الفرقان/ 63).

لقد حثّ الإسلام على السلام نظراً لشرفه العظيم وضرورته للفرد والمجتمع، وجعل له العديد من الوسائل التي تعدّ عوناً على تحقيقه، كالاهتمام بالسلام الداخلي وعلى نفس درجة الاهتمام بالسلام الخارجي. كما وضع الإسلام العديد من الأُسس التي تحافظ على السلام كعدم البدء بالعدوان، وقبول السلام إذا عرضه الآخرون. إنّ الإسلام خير مَن يُوفّق بين الواقعية والمثالية، فلو اجتمع العالم على المثالية لوجد في الدعوة الإسلامية معيناً له وسنداً، لأنّه دين السلام.

فالإسلام بعدله وسماحته لا يفرّق بين جنس وجنس، وإنّما النداء جاء في القرآن الكريم للناس جميعاً فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) (فاطر/ 3)، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) (محمّد/ 7). فبم أنّ الإسلام رسالة عالمية فالذي لا شكّ فيه أنّ السلام يكتسب العالمية من عالمية الإسلام، حيث جاء الإسلام لكلّ الناس والخطاب الإسلامي موجّه لكلّ البشر، وكلّ الناس لا يمكن أن تتوفّر لهم سُبُل الراحة والأمن والأمان إلّا بالعيش في سلام، فاكتسب السلام العالمية من عالمية الإسلام.

ارسال التعليق

Top