كانت لأمي عين واحدة... وقد كرهتها لذلك... كانت تسبب لي الإحراج، وكانت تعمل طاهية في المدرسة التي أتعلم فيها لتعيل العائلة.
ذات يوم... في المرحلة الابتدائية جاءت لتطمئن عليّ، أحسست بالإحراج الشديد فعلاً... كيف تفعل هذا بي؟
تجاهلتها، ورميتها بنظرة مليئة بالكره... وفي اليوم التالي قال لي أحد التلامذة... أمك بعين واحدة... وحينها تمنيت أن أدفن نفسي وأن تختفي من حياتي.
وفي اليوم التالي واجهتها:
لقد جعلت مني أضحوكة، لم لا تموتين؟
ولكنها لم تجب..
لم أكن متردداً فيما قلت ولم أفكر بكلامي لأني كنت غاضباً جداً..
ولم أبالي لمشاعرها..
فأردت مغادرة المكان..
درست بجد وحصلت على منحة للدراسة في سنغافورة، وفعلاً... ذهبت... ودرست... ثم تزوجت... واشتريت بيتاً... وأنجبت أولاداً... وكنت سعيداً ومرتاحاً في حياتي.
وفي يوم من الأيام. .
أتت أمي لزيارتي ولم تكن قد رأتني منذ سنوات ولم ترى أحفادها أبداً.
وَقفت على الباب وأخذ أولادي يضحكون.
صرخت: كيف تجرأتِ وأتيت لتخيفي أطفالي.. أخرجي حالاً. .
أجابت بهدوء: (آسفة... أخطأت العنوان على ما يبدو..) واختفت، وذات يوم وصلتني رسالة من المدرسة تدعوني لجمع الشمل العائلي، فكذبت على زوجتي وأخبرتها أنني سأذهب في رحلة عمل.
بعد الاجتماع ذهبت إلى البيت القديم الذي كنا نعيش فيه، للفضول فقط !
أخبرني الجيران أنّ أمي توفيت، لم أذرف ولو دمعة، قاموا بتسليمي رسالة من أمي تقول فيها: "ابني الحبيب لطالما فكرت بك... آسفة لمجيئي إلى سنغافورة وإخافة أولادك، كنت سعيدة جداً عندما سمعت أنك سوف تأتي للاجتماع ولكن يؤلمني ويحزنني كثيرا أنني مريضة وقد لا أستطيع مغادرة السرير لرؤيتك.
آسفة لأنني سببت لك الإحراج مراتٍ ومرات في حياتك.. هل تعلم... لقد تعرضتَ لحادث عندما كنتَ صغيراً وقد فقدتَ عينك، وكأي أم لم أستطع أن أتركك تكبر بعين واحدة... ولذا أعطيتك عيني وكنت سعيدة وفخورة جداً لأن ابني يستطيع رؤية العالم بعيني"...
مع تقديري واحترامي . . أمك
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق