كريستو فرفازي/ الترجمة: د. لينة موفق دعبول
إنّ حرارة الجسم 36.5% درجة مئوية هي درجة الحرارة المثالية لحسن سير وظائف الجسم. ويسعى الجسم باستمرار ليحافظ على درجة حرارته في هذا المستوى. فهل هذا يعني أنه علينا أن نشرب مشروبات درجة حرارتها هي نفس هذه الدرجة؟ الحياة العملية تنفي هذا. عموماً إننا نشرب دائماً إما مشروبات درجة حرارتها أعلى (على سبيل المثال درجة حرارة منقوع الأعشاب 60 درجة) أو أكثر برودة (ما بين 3 إلى 5 درجة فيما يتعلق بالمشروبات المحفوظة في البراد، ونحو 20 درجة فيما يتعلق بماء الصنابير في الصيف). يعود سبب هذا التباعد بين حرارة الجسم وحرارة السوائل إلى حقيقة أن حرارة المشروبات تسهم في الحفاظ على حرارة الجسم ضمن الحدّ المثالي وهو 36.5 درجة. فعندما نعاني من البرد، يزودنا المشروب الساخن بالحرارة والدفء. والعكس صحيح، عندما نعاني من ارتفاع الحرارة يخفف الشراب البارد حرارة الجسم. ويجري جزء من التبادل الحراري بين الجسم والمشروبات في الفم. فعندما يحتك الشراب بالغشاء المخاطي الفموي تنتقل حرارة الشراب الساخن إلى الدم. ويقوم الدم بنقلها معه إلى الأعماق، ويتخلى عنها للأنسجة. وتجري هذه العملية بسرعة، فعلى سبيل المثال، تنخفض حرارة شراب منقوع الأعشاب من 60 إلى 40 في بضعة ثوانٍ خلال انتقالها من الفم إلى المريء. وكذلك تجري العملية المعاكسة، عملية تبريد الجسم عن طريق الشراب، بسرعة كبيرة. إذ سيتخلى دم الأغشية المخاطية الفموية عن حرارة كافية بحيث تصبح حرارة شراب مثلج، من 2 إلى 3 درجات حرارية، 20 أو 25 درجة في وقت قصير هو وقت انتقاله من الفم إلى الجهاز الهضمي. إنّ السرعة التي تجري فيها التغيرات الحرارية للمشروبات لا يمكن أن تتم إلا عندما يكون تزويد الجسم بالسوائل على نحو بطيء وبجرعات صغيرة. على كل حال هذا ما يجري عادة، إذ لا يمكن شرب المشروبات الساخنة جدّاً أو شديدة البرودة بجرعات كبيرة؛ فالمشروبات الساخنة تحرق الفم، والمشروبات الباردة تحرض شعوراً بتقلصات مؤلمة. لذا عند الشرب بجرعات كبيرة يجب الانتباه إلى حرارة الشراب بحيث ألا تكون مبالغاً فيها، لأنّه يصعب على الجسم تعديلها في الفم. كما يجب التذكير هنا بأنّه في بعض الظروف قد يساعد الشراب الساخن في إنعاش الجسم. وهذه حال إنسان ارتفعت حرارته بعد بذل جهد، أو عندما تكون حرارة الوسط مرتفعة. إذ تدفع الحرارة التي زود بها الشراب الساخن الجسم إلى التعرق. ومن ثمّ عندما يتبخر العرق على الجلد يجري سحب حريرات منه، مما ينعشه. مع أن غريزتنا تقودنا عادة في اختيار حرارة مشروباتنا، إلا أنه من المفيد معرفة الخواص العامة الإيجابية منها والسلبية للماء الساخن وللماء البارد. إنّ سلبيات الماء الساخن قليلة. ولكن شرب الماء على حاله له مذاق غير مرغوب به مقارنة بالماء البارد. إذ يمنحنا الماء الساخن وكذلك الدافئ الشعور بامتلاء المعدة سريعاً. ومن ثمّ ستكون الكميات المشروبة أقل من حاجة الجسم. في حين يسهل شرب الماء على شكل منقوع الأعشاب (شراب النعناع والمليسة...) وبكميات كبيرة. من إيجابيات الماء الساخن الرئيسة هي أنه يزود الجسم بالحرارة، مما يوفر على الجسم إنتاجها جزئياً ليحافظ على حرارته الطبيعية أو ليواجه البرد. المشروبات الساخنة (على شكل منقوع الأعشاب غير المحلاة) مفيدة للأشخاص الذين تنقصهم الحيوية، أو لا يتحملون البرد مقارنة مع غيرهم، أو المتقدمين في السن، أو المصابين بأمراض مزمنة. كما يسمح الماء لكونه يمدد الأغشية المخاطية والأوعية الدموية بالتبادلات الاستقلابية، وقد يفسر هذا سهولة شرب شراب ساخن في الفطور؛ إذ يساعد تزويد الجسم بالحرارة "محرك الجسم" النائم على الانطلاق. وعندما يشرب شخص تنقصه الحيوية ماء شديد البرودة بكميات كبيرة أو بسرعة، فإن ذلك سيرفع حرارة جسمه، فيخسر قوته. عدا عن ذلك فإنّ الماء البارد مفيد دائماً. ينشط الماء الجسم عموماً عن طريق درجة حرارته. كما أنه ينعش الجسم في الأوقات التي ترتفع فيها حرارته – بعد القيام بنشاط جسدي على سبيل المثال – تلك الأوقات التي نشعر فيها بالعطش والحاجة إلى الماء بسبب التعرق عند بذل الجهد. كما أنّ للماء البارد مذاقاً طيباً، وهو الذي نفضل شربه على الغالب. المصدر: كتاب الماء مصدر حيوي لصحة جيِّدة
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق