• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

إلى أمي.. أعذب الكلمات وأشدها عطراً

إلى أمي.. أعذب الكلمات وأشدها عطراً

عندما نحيي مناسبة في يوم من أيام السنة فحتماً ذلك لا يعني كما يحلو للبعض تفسيره أو فهمه، وهو البعض الذي في العادة يعترض على كلِّ شيء لا لشيء سوى الاعتراض، فتراهم يعترضون على "يوم الحب" علماً أنّه يوم حب لا عيد حب، باعتبار أنّ كلّ أيام السنة يجب أن تكون أيام حب، ثمّ يعترضون على "يوم الأُم" وهو أيضاً يومٌ لا عيد، محاججين أنّ الأُم يجب أن تكون محبوبة طيلة أيام السنة.

لا خلاف على أنّ حب الأُم، وحب الحبيب، وحب المعلم، وحب الشجرة، هو حب صالح لكلِّ أيام السنة، بل يجب أن يكون طيلة السنة، إلّا أنّ تخصيص يوم للاحتفاء بهذا الحب لا يلغي أيام الحب والمحبة الأخرى، مثلاً الدول تحتفي باستقلالها في يوم من أيام السنة، ويكون مرتبطاً في العادة إما بنصر أو تحرير أو ثورة... إلخ. إلا أنّ هذا اليوم المخصص لا يعني البتة أنّ باقي أيام السنة هي أيّام احتلال، أو لا استقلال.

لذلك لا يمكن أن يمرّ يوم دون أن نُعبّر كلاماً وفعلاً عن حبنا لأمهاتنا، وكلّ بطريقته المختلفة والخاصة، وأنى شاء، لكن الجميل في هذه المناسبة أي يوم الأُم، إضافة إلى جماليتها المطلقة بأنها مناسبة لأعزو "ست الحبايب"، هو أنّ كلَّ المحتفين بها يجيشون أفئدتهم ويشحذون وجدانياتهم معاً في يوم من أيام السنة ليكون تأكيداً وتعزيزاً لهذا الحب تجاه من حملت وصبرت وتحملت ألم وصرخات الولادة، ثمّ سهرت الليالي ولم تهجع مادام لها طفل بكى في الليل أو حتى سعل.

يوم الأُم هو اليوم الذي تضيق فيه اللغة بما رحبت، ونحن نسعى في مناكب المفردات حتى نسطر بعضها بما يليق بمن جُعلت الجنة تحت قدميها، لكن قلبها يدرك أيما إدراك أنّ فلذات كبدها يرسلون لها أعذب الكلمات وأشدها عطراً، وإن عجزوا عن الكلام.

أمي هي الوطن الذي أنتمي إليه، فحضنها مشفى من الهموم، وجهها يبدد كدر العيش فيمسح ما يشوب صفاءه، لمسة يدها بلسم يداوي الجراح، وقولها "الله يرضى عليك يا ولدي" هو شهيقي الذي يجعل قلبي ينبض.

أنا المَسْكون بالحرفين يا أمي... وكم أشتاق للتقبيل والضمّ... فبالكَفين قد كفكفتِ كمَ الكرْبِ، كيف الكفُ لا تكفي لكفّ الكرْب من كيفٍ ومِنْ كمِّ!.

 

*للكاتب محمَّد أبو عبيد

ارسال التعليق

Top