• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

استخدام الإعلام في العلاقات العامة

د. نزار ميهوب

استخدام الإعلام في العلاقات العامة

◄إنّ الصحافة بامتلاكها إمكانات هائلة في تكوين الرأي العام تلعب دوراً هاماً في تحقيق مهام العلاقات العامة.

ويعود نجاح عمل مختلف البنى العملية وأجهزة السلطة وبعض القادة والسياسيين إلى مدى الرغبة في إتقان العمل مع الصحافة، وتعتبر الصحافة الدعامة الرئيسية لأكثرية برامج العلاقات العامة والموضوع الأساسي لعمل شركة العلاقات العامة اليومي، ويعتقد أيضاً أنّه حتى 80% من مجمل العمل فيها يرجع إلى العمل المشترك مع الصحافيين وإلى إعداد المطبوعات.

 

إمكانات الإعلام في برامج وحملات العلاقات العامة:

يمكن تصنيف كلّ الإعلام (وسائل الإعلام الجماهيري) حسب المنظور التالي تقريباً:

الصحف:

·      إنها متنوعة حسب مساحة انتشارها وتوزيعها ويمكنها أن تكون مركزية أو إقليمية (في الأقاليم والمحافظات) أو محلية.

·      والصحف تتمايز حسب موضوعاتها ويمكن أن تكون رسمية وسياسية وعملية وإخبارية وإعلانية ومسلية.

·      الصحف حسب صدورها يمكن أن تكون يومية وأسبوعية، وهي تصدر بمقاسات (A-4, A-3, A-2).

·      بالعلاقة باستخدام الألوان يمكن أن تكون الصحف أبيض وأسود وملونة ومع حواشي ملونة.

·      إنّ الصحف تتمتع ببعض الأفضليات التالية بالمقارنة مع وسائل الإعلام الجماهيري الأخرى:

-         الجماهيرية (يقرأ الصحيفة كلّ السكان تقريباً).

-         الديمومة (تحفظ الصحف وقتاً طويلاً وبخاصة في المكتبات) ويمكن العودة إليها في أي لحظة.

-         الانتقالية (بعض فئات الناس تقرأ صحفاً معينة وتبحث عن مواد معينة).

المجلات:

إنها تتميز بموضوعاتها أيضاً وبطبيعة تقديم المادة وبالرغم من أنها تتخلف عن الصحيفة من حيث السرعة في نقل الخبر لكن لديها إمكانية كبيرة للتحليل والإضافة إلى الخبر.

وكالات الأنباء:

العاملون فيها يجمعون الأنباء ويوزعونها على الصحف الأخرى وعلى مختلف المؤسسات.

دور النشر:

تصدر الكتب والمنشورات والكراسات.

الصحافة الإلكترونية ووسائل الإعلام السمع بصرية (الإذاعة والتلفاز):

إنها الأكثر سرعة والأكثر شمولية بين أجهزة الإعلام، ففي أثناء البث المباشر تستطيع أن تجعل كلّ السكان مشاهدين للحدث من حيث المبدأ وحتى سكان الكرة الأرضية، الأمر الذي لا تقدر عليه الصحيفة أو المجلة.

إلا أن تطورالعلوم والتكنولوجيا في الآونة الأخيرة قد سمح بإنتاج وسائل جديدة لنشر الأنباء وتوزيعها على جمهور واسع بما فيه الكفاية، من هذه الوسائل الشبكات الألكترونية المختلفة ومن بينها الإنترنت وكلّ ما يحتويه من مواقع وخدمات إعلامية.

وتساعد الصحافة على إطلاع الوسط الاجتماعي على عمل الشركة، وتنشر الإعلان ويمكنها أن تكون مصدراً للأنباء عن أحوال السوق، وعن نشاطات المنافسين وغيرها من المعلومات، وتستخدم هذه الإمكانات بشكل واسع في الحياة العملية لرجال الأعمال في الغرب.

إنّ وسائل الإعلام الجماهيري تنشر الأنباء والمعايير والقيم التي يعتبر استيعابها ضرورية لمشاركة المواطنين الواعية والفاعلة في حياة الدولة والمجتمع، وتكون الصحافة وسيطاً للأنباء من "الأعلى" ومن "الأسفل".

والنبأ من "الأعلى" يحمل معطيات عن القرارات الحكومية والإدارية (العلاقة المباشرة)، أما النبأ من "الأسفل" (العلاقة العكسية) عن كيف تستقبل هذه القرارات وما هي حاجات الخاضعين للإدارة. وهكذا تكون الصحافة بشكل طبيعي داخلة في نظام الإدارة الحكومية وإلى جانب السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية تأخذ وضع "السلطة الرابعة"، وتعمل بنشاط أكثر فأكثر وبفاعلية أجهزة السلطة التشريعية والتنفيذية مع الصحافة.

إن عمل الصحافة في التطبيق الدولي للعلاقات العامة تسمى العلاقات الإعلامية، وحسب شهادة الخبراء الإنكليز إنّ هذا العمل المتكامل الذي يقوم به "وراء الكواليس" مثلاً، في ظروف جمع المعلومات وفي سبيل إقامة والحفاظ على الاتصالات ومن أجل تحليل المنشورات يعتبر هاماً للغاية بالنسبة لبرنامج العلاقات العامة الناجح أنظر:

Selection & Empoloying a Puplic Relations Consultion c4-p5.

إنّ استخدام الصحافة في برنامج العلاقات العامة يفترض في نهاية المطاف تغييرات ما في الرأي العام ولتكن حتى في جمهور محدد، وهذا التأثير على الجمهور يحدد مفهومين:

الفاعلية والتأثيرية: (بالرغم من أنّ التأثيرية يمكن أن تتضمن الفاعلية).

الفاعلية هي رد الفعل السريع للوسط الاجتماعي أو أجهزة الإدارة على ما تقوله الصحافة.

أما التأثيرية فهي فهم مستوى تحقيق الأهدف المطروحة وتلبية حاجات الجمهور بالمعلومات الموجهة إليه. لذلك إن كلّ خبر وكلّ جريدة وبرنامج بشكل عام يجب إعداده بالاعتماد على الجمهور الفعلي لخدمة أهداف العلاقات العامة، وبالطبع على الصحفي أن يعرف من أجل ذلك حاجة الجمهور من الأنباء حول هذه أو تلك من الوقائع والأحداث والحقائق.

وهذا يعني ضرورة وأهمية القرب من متطلبات الجمهور، والآن أصبحت ملحوظة براغماتية الوعي العام واهتمامه بالقضايا الفعلية الواقعية، لذلك التمسك بها يمكن أن يضع مهمة العلاقات العامة في مستوى عال.

إلى جانب التوجه إلى جمهور معين يبرز كشرط هام جدّاً للتأثيرية العوامل التالية الواجب تحقيقها:

صحة التصوير، مراعاة خصوصية قناة نقل النبأ وموقف الجمهور منه.

ويعتبر النظر في القضايا والأفكار والحالات الدينامية المطروحة في المادة الصحفية، شرطاً هاماً من شروط استيعاب هذه المادة.

إضافة إلى أن جدلية المادة تعطي إمكانية جيدة لتحقيق التأثير، الجدلية هي قبل كلّ شيء احترام الإنسان الذي يتحدث إليه الصحفي.

ولضمان الاستيعاب الناجح لا تكفي مرة واحدة لتقديم الأنباء فلابدّ من التكرار، وفي هذه الأثناء يجب إيصال المعلومات المرغوب نقلها  كل مرة بطريقة جديدة وبشكل مغاير مع تغيير طريقة النقل، أو الفكرة الجديدة فيجب إدراجها في القديمة بشكل يوحي بالمقارنة.

وأثناء العمل مع الجمهور لابدّ من مراعاة مستوى تعليمه وثقافته أيضاً، والنبأ يجب أن يكون مفهوماً للجمهور وأن يأخذ بالاعتبار اللغة الانفعالية التأثيرية التي تراكمت على مدى عصور.

وتحدد الرغبة في تحقيق هذه النتيجة أو تلك، أثناء عملية تنفيذ برامج العلاقات العامة، اختيار نوع الفن والإمكانات المنطقية والبلاغية وغيرها وذلك لتحقيق التأثيرية.

وعموماً إنّ التأثيرية كنتيجة للعمل التطبيقي مع الصحافة والصحافة نفسها مع الجمهور يمكن النظر إليها على مختلف المستويات:

·      وسيلة معينة من وسائل الإعلام الجماهيري أو حتى الصحفي.

·      حسب الأنواع والمناطق.

·      كلّ نظام وسائل الإعلام الجماهيري.

إنّ هذه المستويات مترابطة، لكن كلّ منها يمكن أن تكون له طرقه، ولابدّ من استخدام مختلف وسائل الإعلام الجماهيري وتنسيق جهدها في برامج العلاقات العامة، ويفترض ذلك توافق المضمون مع الإمكانيات " الموروثة" للمنشورات الطباعية ولبرامج الإذاعة والتلفاز، أي توحيد كلّ فروع الصحافة في وحدة وظيفية غير منقطعة، لكن هذا التناسب لأنواع الصحافة بالمعنى الوظيفي لا يعتبر بالطبع لا بديل له، فإنّ بعض الوظائف لعدد من وسائل الإعلام الجماهيري يمكن أن تتبدل في حالة واقعية حالها حال مهام برامج العلاقات العامة.

إنّ تركيز اهتمام الجمهور على أهم القضايا والأحداث وظواهر الواقع الاجتماعي بواسطة تكرار (بالطبع بشكل مميز) المواد الأكثر قيمة بالنسبة للمجتمع في جميع قنوات الإعلام الجماهيري وتوظيف المنشورات وبرامج الراديو والتلفاز وفي الوقت نفسه استبعاد الجمهور المعروف الأنباء يشكل جوهر مهارة وحرية الصحفي.

وإنّ حرفية الصحفيين عموماً تنحصر في التحليل الدقيق للظواهر في الحياة الاجتماعية (بالطبع مع الالتزام بكل ما ذكر أعلاه من عناصر المهارة) وليس في "الخصال الأدبية".

ومن جهة ثانية إنّ اللاحرفية تجعل من المادة الصحفية مادة عديمة الفائدة في أفضل الحالات.

وهكذا عند اختيار هذه الوسيلة أو تلك من وسائل الإعلام الجماهيري لبرامج العلاقات العامة يجب معرفة خصائصها جيداً واستراتيجيتها العامة وموقفها وموضوعها وعدد نسخها وجغرافيتها وتشكيلة الجمهور وغير ذلك من المواصفات بما فيها خصائص تكنولوجيا إصدار المنتج النهائي.

إنّ مثل هذا العمل على إصدار عدد الجريدة أو المجلة أو المواد الإعلامية الإخبارية في الوكالات أو الكتب في دور النشر يتم في هيئات التحرير، وبغض النظر عن اختلاف هيئات التحرير يمكن تقسيم تكنولوجياتها إلى إبداعية وعمليات إنتاجية نظرياً لأنهما متشاركان ومرتبطتان بعضهما بالبعض الآخر.

ويرجع إلى العناصر الإبداعية البحث عن الموضوع وجمع المواد واختيار النوع واستخدام الوسائل المنطقية والبلاغية، وهذا العمل يجري في هيئات التحرير بشكل أساسي في الأقسام – (أقسام التحرير)، ويستطيع خبراء العلاقات العامة جلب موادهم إلى الأقسام أو اقتراح إعداد مواد جديدة.

إنّ استخدام الصحافة في برامج العلاقات العامة يحدد بداية في كثير من الحالات موضوع وفكرة المادة القادمة.

أمّا النوع والوسائل المنطقية والبلاغية أقل حتمية، ومن حيث المبدأ يمكن أن تستخدم أي الأنواع: الريبورتاج والملاحظة والمقابلة والمقالة والتحقيق.

لذلك يجب معرفة خصائص كلّ نوع منها وإتقان استخدام هذه الخصائص، مثلاً الملاحظة يجب أن تجيب كحد أدنى على ثلاثة أسئلة: متى وأين وما الذي حدث؟ وحسب التجربة العالمية تبدأ الملاحظة بما يسمى بـ"موجز".

الموجز هو الخبر عن الحدث في بداية النشرة الإخبارية ويلخص الحدث، ويضع القارئ مباشرة في الموضوع.

أما النص نفسه فيجب أن يبنى على مبدأ الهرم بإضافة فقرات جديدة إلى الجملة الأولى، عندئذ إذا حدث اختصار الملاحظة في هيئة التحرير من نهايتها لن يؤثر ذلك على المعنى، إذاً ليس بالضرورة حل مسائل العلاقات العامة عن طريق المواد الإخبارية المباشرة، بل بشكل غير مباشر، ولنقل في مقالة حول قضية حيوية ما.

وهكذا عند التخطيط لحملة العلاقات العامة تجب معرفة ما هي العناصر الأساسية للتأثيرية في الصحافة:

·      أهمية الموضوع.

·      دقة تحليل الوقائع وظواهر الوقائع.

·      وسائل الصحافة المنطقية والبلاغية والنوع.

·      المهاراة المهنية لدى الصحفي.

·      العوامل التنظيمية في عمل هيئة التحرير.

·      العمل المشترك مع جمهور معين.

·      التوزيع الناجح لأعداد النسخ.

ويجب استخدام هذه العوامل والخصائص والإمكانيات في حملة العلاقات العامة بالترابط المتبادل والاشتراك المتبادل.

عند الإشارة إلى القوانين العامة لاستخدام الصحافة لأهداف العلاقات يمكن التنبيه إلى بعض خصائص عمل أنواعها التالية مثل وكالات الأنباء ودور نشر الكتب، وتسمح وكالات الأنباء بتوزيع المواد مباشرة بكميات كبيرة إلى هيئات التحرير.

بل إن – أيفي لي – ذاته من شركة "ستاندارت أويل" الروكفيليرية عندما أقام اتصالات وثيقة مع الصحافة كان يرسل عن طريق وكالة أنباء "أسوشيتدبرس" المواضيع والمقالات.

(أنظر: فورسينكو بمائلة روكفيلير – ص216). وإلى ذلك إنّ المادة المرسلة عبر الوكالة تلقى اهتماماً بالغاً من هيئة التحرير أكثر من المادة التي ترسلها الشركة.

أمّا العمل مع دور النشر فيفترض إصدار الكتب ومواد أخرى تتضمن معلومات عن (المؤسسة)، ويمكن أن تكون تاريخ الشركة ومذكرات عاملين مشهورين، وذكريات عن المؤسسين العظماء للمؤسسة، وخبرائها وكلّ ما هو ممكن من إصدارات إخبارية ودلالية وإعلانية.

والعمل بهدف العلاقات العامة مع وسائل الإعلام الجماهيري الإلكترونية له خصائصه المميزة، إن إمكانيات برامج التلفاز ناهيك عن البث المباشر تسمح بالتأكيد على أفضلية (إن كانت موجودة) الشركة وممثلها، أو مدير، أو رجل سياسة بالمقارنة مع المنافسين.

ويبدو ذلك ملحوظ جيِّداً عند إلقاء المرشحين إلى مجلس النواب كلماتهم، وبناءً على كلمة الشخص يمكن حتى رسم صورته السيكيولوجية وتحديد مناقبه ونواقصه التي يمكن أخذها بالاعتبار في سير الحملة الانتخابية ذاتها.

إنّ الحوارية التي يمتاز بها البث المباشر والبرامج التلفزيونية عموماً تعطي إمكانية إيصال أفكارها إلى الجمهور بصورة أكثر إحكاماً، وإن بث مختلف البرامج على شاشة التلفاز التي يطلق عليها "توك – شو" و"الطاولة المستديرة" وغيرها تسمح لنا باستخدامها لتحقيق أهداف حملات العلاقات العامة، وتفت مجالات هامة أمامها.

 

العمل التحليلي مع الصحافة:

إنّ الصحافة بإخبارها عن جوانب الحياة تعتبر المصدر الأهم للأنباء والموضوع الجدي لتحليل العديد من المؤسسات بدءاً من الأجهزة الأمنية وقادة الدولة وانتهاءً بخبراء الاقتصاد والتجارة، الذين يبيعون نتائج تحليلهم على شكل تقارير وشهادات لكل ما أمكن من المستهلكين، وفي غضون ذلك لا تملك الإمكانيات للقيام ببحوث كبيرة، لديها القدرة على مراجعة الصحافة وإيجاد المعلومات المفيدة لها.

إنّ تحليل الصحافة يمكن أن يقدم مادة جيدة للتخطيط للحملات الإعلانية، كما أن عمليات مراقبة الصحافة ضرورية لنشر الموضوعات المتنوعة خاصة بهدف شرح شعبية السياسيين والشركات والبنوك والمنتوجات.►

 

المصدر: كتاب مدخل إلى العلاقات العامة

ارسال التعليق

Top