يستطيع كلُّ إنسان أن يكون أباً ناجحاً، ولكن لا يستطيع كلّ أب أن يكون مربياً ناجحاً.
إذ لا يمكن صناعة مربٍّ ناجح افتقد الأرض التي تستنبت فيها البذار الطيبة، وهو موجود في داخل كلّ منا، وعلينا اكتشافه، بتنمية المهارات، وتعلم الأساليب المختلفة، والتدريب، والتحفيز، وتعميق الثقة بالنفس، لوجود فئة تخشى تحمل المسؤولية، لعدم ثقتهم بأنفسهم وقدراتهم.
تختلف عوامل نجاح المربي من بيئة لأخرى، إلّا أنّ المشترك لنجاحه:
1- قدرته التأثيرية على مَن تحت يده إيجابياً.
2- معرفته بطبيعة وصفات ما يقوم به.
3- معرفة المستوى العقلي والنفسي، وتحليل الكفاءة للمهام التي يؤديها.
ويكون نجاحه فيما نسميه:
1- الموقفية: أفضل الأساليب التي تمنحه حرّية اختيار المناسب بحسب الموقف، كأن يتبع التوجيه أو الاستشارة أو المساندة أو التفويض، وهنا تكمن المقدرة على استخدام الطريق الأمثل، وقد يدمج عدّة طرق في وقت واحد حسب الحالة والموقف، فيلبس كلّ حالة لبوسها المناسب.
2- المشاركة بالرأي: أفضل الطرق الناجحة، لأنّ المشاركة في الرأي تنتج خلاصة آراء، يغلب عليها أفضلية ورحيقية الآراء التي طرحت، وهي تجعله يحسُّ بأهمية رأيه، وهذا حافز ودافع له انعكاسات إيجابية في نفسه.
3- ومثله ما يسمى التفويضية، حيث يفوض بعض صلاحياته كمرب لآخر؛ لجعله يشعر بقدرته وكفاءته، وهو حافز لمواقف أخرى، تساعده على العمل والمراقبة بما يضمن وجوده في المواقف القادمة.
صفات المربي الناجح:
إنّ قناعة الأبناء بنجاح الآباء ضرورة مهمة لتحقيق نسبة عالية من النجاح، وعليه أن يقنعهم بإمكاناته وقدراته من خلال أعماله ومبادراته وتصرفاته إظهاره للمميزات والصفات الإيجابية.
ولا يمكنه أن يؤثر فيهم ما لم يكن مقنعاً لهم، وإذا لم يؤثر فيهم، فإنّه يفقد قيادتهم، لأنّ من صفات القيادة القدرة على التأثير في سلوك الآخرين لتحقيق أهداف محددة.
والقدرة على التأثير هي التي تفرّق بين الأب الناجح والمربي الناجح، فإذا لم يكن مؤثراً، فإنّهم ينفّذون ما يطلبه منهم بلا رغبة ولا قناعة، وإنما بحكم موقعه، ومن صفات المربي الناجح: الذكاء، وسرعة البديهة، والنظرة العميقة للأمور، والشخصية الجذابة، والنصح العقلي، والعاطفي، والقدرة على التحمل، والأمانة والاستقامة وحسن الخلق والتهذيب، والإيمان بالهدف، والحماس لمهمته، والقدرة على التعبير والإقناع، وفهم حقائق المواقف، وإدراك أبعادها المختلفة، وتحمل المسؤولية، والقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة في أوقاتها.
المربي المبدع:
من الواجب أن نكون جميعاً مربين مبدعين، وذلك للضوابط الربانية التي تضبطنا، فلنا في أخلاق رسول الله (ص) الأسوة الحسنة، الذي كان خلقه القرآن، وديننا يأمرنا بالقراءة، والجد في العمل، والصدق في المعاملة، والأمانة، وحسن الخلق، والمشورة، والشجاعة، وغيرها مما لو التزمنا به فسنكون مبدعين.
لتكون مبدعاً تحتاج إلى:
1- الفضول، لتكثر من الأسئلة: لماذا تعمل هذا الشيء بهذه الطريقة باستمرار، أليس من الأفضل أن نغير هذه الطريقة؟، فهذا يؤدي إلى الابتكار.
2- الشجاعة في تطبيق الأساليب المبتكرة.
3- الوقت الذي يجب أن يمنحه لنفسه، ليدرس ويحلل الأفكار لمعرفة مدى الاستفادة منها وإمكانية تطبيقها.
4- الرغبة لديه، ليكون مبدعاً.
5- فهو يبحث عن التغيير، وعن المختلف.
6- ويفكر بشكل متحرر عن القيود، ولا تقف قلّة الإمكانات وغيرها حائلاً دون غايته.
7- ولا يعتمد على التفكير المنطقي المتسلسل المعتمد على ربط العلاقات مع بعضها فقط، بل يجب عليه أن يبحث عن الفكرة الجديدة لا الفكرة الجيِّدة.
8- المبادرة بأن يكون مستجيباً لذلك في الوقت المناسب، وأن يعمل لسياسة الأهداف، وترتيب أولوياتها، وأن يحرص على إنجازها، وأن يكون جيد الاستماع لآراء الآخرين، وحسن الإقناع، وأن يكون عنده روح الاستمرارية في التحسين، ومطلعاً على الجديد، وأن يكون مقتنعاً ومطبقاً للبرامج التعليمية والتدريبية الخاصة بعمله، وأن يكون واضحاً وصريحاً في تعامله، وأن يبعد التخوف عن أبنائه في المبادرات والتصرفات، وألا تكون الحواجز بينهم مانعاً له من تجاوز العقبات، وأن يكون مدركاً للأنماط التربوية، وأن ينتقل من نمط لآخر حسب كلّ موقف، وأن يكون ملتزماً بعمله في إطار الضوابط الدينية والأخلاقية والاجتماعية بما يجعله مثالاً وقدوة.
الكاتب: عبدالله محمد الدرويش
المصدر: كتاب الأطفال الطريق إلى المستقبل
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق