• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الأمهات العاملات بين الضرورة المهنية والتقصير العائلي

أسرة البلاغ

الأمهات العاملات بين الضرورة المهنية والتقصير العائلي
تضطرنا ظروف الحياة أحياناً لركوب أمواج أقدارٍ قاسية علينا، لكل منا قدرةٌ على التحمل تتفاوت من شخص لآخر، ومنذ قديم الأجل ارتبط كسب الرزق والأعمال والمهام المضنية بالرجل كونه الأقوى بنية والأشد عوداً والأكثر تحمّلاً، ومع تغيّر الزمن وأبجديات الحياة دخلت المرأة سوق العمل لها وأبدعت فيه وتبوأت مراتب عليا بل ونافست الرجل في كثير من مجالات الحياة. لكنها لم تنسَ أنها أم، وأن على الضفة الأخرى من يومها أبناء ينتظرون رعايتها واهتمامها وبصمتها الحانية عليهم، فهل تملك القدرة على منح كل ذي حقٍ حقه؟ في هذا التحقيق نقل عن تجارب لنساء عاملات من واقع حياتهم. - نسرين صادق (إعلامية) تقول: أشعر بالذنب أحياناً تجاه ابنتي.. لكنني أجيد التعويض كمّاً ونوعاً. مهما قلت أنني أستطيع أن أتعامل بمهارة مع ضغوط العمل والعلاقة العائلية في المنزل فإن ذلك يبقى أحلاماً أتمناها بشدة، طبيعة عملي تفرض قضاء ساعات طويلة في غرفة الأخبار وتفرض مؤخراً سفراً لأسابيع أعود منه مرهقة، بنفس الوقت يتوجب عليّ متابعة أمور المنزل وسيرورة العمل أيضاً. بصراحة أتعامل مع هذه الأمور على حساب نفسي وإن بدأتُ مؤخراً العمل على فرض توازنٍ حاسم حتى لا أنجرف دائماً في العمل والأمور العائلية على حساب نفسي، بالنسبة لعلاقتي مع ابنتي فإني أحمد الله أن طبيعة عملي تطوّرت وجاءت بعد أن صارتا مراهقتين أي تستطيعان الاتكال على نفسيهما إلى حدٍ ما، فالأطفال يكون من الصعب تركهم أما الأولاد في عمر المراهقة فلو احتاجوا شيئاً يمكن أن يتصرفوا بأنفسهم خصوصاً مع تسهيلات العصر الحالي. في حال سفري أقوم مسبقاً بتأمين كل احتياجات المنزل على مدى أسبوعين حتى لا تحتاجان إلا للأمور الطارئة، كما أقوم بإعداد وجبات عديدة فلو كنت مسافرة أسبوعين يمكنني أعدّ ثماني وجبات غداء مختلفة حتى يكون طعامهم جاهزاً دائماً لدى عودتهم إلى البيت، أمّا بالنسبة إلى العلاقة النفسية والروحية فهي أهم نجاحاتي في علاقتي مع ابنتاي فنحن قريبات جدّاً من بعضنا البعض، صديقاتٌ عند الضرورة، ولكنني أبقي خيط الأمومة موجوداً كيلا ينفرط عقد الأمور، ابنتاي تأتمناني على أسرارهما وكم نسعد في الخروج معاً والذهاب إلى مطعمٍ يعجبنا أو قضاء عطلةٍ معاً، وعندما أعود من السفر مثلاً فإنّ دقائق في حضني لكل منهما أفضل من قضاء نهار كامل ونحن في نفس البلد وكلٌ منشغلٌ عن الآخر بعمله أو بدراسته، أعمل بجهدٍ وكدّ من أجلهما وهما تتفهمان ذلك بالرغم من بعض الشكاوى أحياناً ولكن المحصّلة تعرفان وتقدّران تعبي وهذا يعوّضه تماماً..   - إيمان فارس (سيدة أعمال) أبنائي أهم مشاريعي.. وإدارة الوقت سر نجاحي العائلي: الاستثمار الحقيقي للتنمية البشرية هي الأسرة بفئاتها ومراحلها العمرية المختلفة إذ أنها الثروة الحقيقة ليس للوالدين فقط وإنما للمجتمع بأسره، من خلال تربيتي لأبنائي أحرص على نجاحهم وتميّزهم وتأهيلهم بما يتلائم مع شخصية كل منهم وهم متميزون وناجحون بفضل الله ثمّ بفضل إدارة الوقت في المشاريع إذ أني أعتبرهم أهم مشروع استثماري في حياتي، تعليمهم، دينهم، عاداتهم وسلوكهم كل ذلك مسؤولية كبرى تقع على عاتقنا. بصفتي سيدة أعمال ولها مشاريع واهتمامات عدة أعتبر النجاح منظومة متكاملة بخبرات نكتسبها ونؤهل أبناءنا عليها من خلال منحهم إدارة مشاريع تحت إشرافنا تمنحهم القوة والثبات والخبرة ليزدادوا تميزاً. أبناؤنا هم المسؤولية الكبرى أمام الله ثمّ المجتمع وهم الرصيد الحقيقي لمكانة المرء في الدارين وهم الصدقة الجارية بعد رحلينا إن صلحوا، فلنعمل على تنشئتهم على الخير ما استطعنا بقليل من إدارة الوقت وبالحوار وبالصداقة وهذه معايير ذهبية أتبعها معهم وأهمها معيار الرقابة الذاتية التي ترتقي بهم لدرجة الإحسان أسأل الله أن يبلغوها ويربوا أولادهم عليها.   - د. أمل جنيد أخصائية أنف وأذن وحنجرة الشهادة ليست ديكوراً للحائط.. والأولوية للنجاح العائلي: تقع المرأة العاملة دوماً تحت ضغطين كبيرين هما ضغط العمل الذي لا يرحم والذي لا يمكنها الاستغناء عنه لإثبات وجودها وللعمل بالشهادة التي أفنت سنين عمرها للحصول عليها بعد جهدٍ وتعبٍ وتحدٍ قاس، لذا هي ترفض تعليق الشهادة على الحائط كقطعة ديكور أثرية جميلة تمسح عنها الغبار فقط، وكلما أرادت إثبات وجودها والتفاني في عملها أكثر كلما طلب العمل مزيداً من الوقت والتفرّغ. بالمقابل هناك العائلة والأطفال والزوج الذين هم أغلى ما تملك وتود النجاح عائلياً كما مهنيا، فهي أم أوّلاً وآخراً ويجب أن تنسى مكانتها العلمية والوظيفية عندما تكون مع أبنائها فهي مصدر الحنان والعطف والتفاني وهي تمضي أسعد أوقاتها مع عائلتها، فمهما حقّقت الأم من نجاحات خارج أسرتها تعد واهية ضعيفة أمام نجاحها كأُمٍ وزوجة. التحدي كبير ولكن تنظيم الوقت والدعم والتفهّم الأسري أساس القيام بهذه المهمة الصعبة بنجاح فالمرأة في البيت يجب أن تكون أماً تطبخ وتنظّف وتهتم بأبنائها وزوجها متناسية وظيفتها، وأثناء العمل هي امرأة عاملة نشيطة قادرة على تحمّل المسؤوليات وأعبائها وهذا صعب بالتأكيد لكنه ليس مستحيلاً.. فالمرأة التي تفوّقت علمياً لنيل شرف الحصول على شهادة بارزة يمكنها تنظيم وقتها لتكون أُمّاً مثالية أيضاً.   - الإعلامية جنان، مواعيد الدوام المتغيّرة أرهقتني.. وخالتي وزوجي "واسطتي" أمام أبنائي: عملت في الإذاعة منذ العام 1999 ورزقت بأوّل أبنائي في العام 2003، مشكلة العمل في الإذاعة بالنسبة للأُم أنّ الدوام ليس ثابتاً والإجازات الأسبوعية غير محددة ولا حتى السنوية منها. لكن الله حباني بنعمةٍ كبيرة هي خالتي شقيقة أمي التي عاشت معي تهتم بي ولذلك فإن وجودها أساسي بالنسبة لأبنائي، كما أن زوجي رجلٌ متفهمٌ جدّاً لطبيعة عملي وهو يحب الأسرة والاهتمام بالأبناء فيغطّي غيابي قدر الإمكان، ومع مرور السنين راعت الإدارة في الإذاعة وضعي الأسري وثبّتت دوامي في الصباح لفترات أطول وثبتت إجازتي الأسبوعية يومي نهاية الأسبوع والإجازة السنوية في الصيف بدل الشتاء فصار بالإمكان تنظيم أيامٍ أسرية ورحلاتٍ خاصة وإجازات خارجية. اعتاد أبنائي على كون أُمّهم امرأة عاملة ونادراً ما يعترضون لأن دوامي كان مؤخراً قصيراً وبيتي قريب من الإذاعة وكنت أحرص على أن يكونوا بخير وكل متطلباتهم مؤمّنة وخالتي تهتم بهم وتساعدها الخادمة كما أتصل بهم كل ساعة للاطمئنان، أكره ساعات العمل القصيرة تلك فقط إذا كان أحد أطفالي الثلاثة مريضاً فإني حينها أحصي الدقائق والثواني لأنهي عملي وأعود للمنزل، وفي بعض الأحيان يزداد ضغط العمل فأصل متعبة جدّاً ولا أقوى حتى على اللعب معهم قليلاً فيحزنون وأحاول إقناعهم بمشاهدة فيلم فأكون معهم لكنّي أستريح في الوقت نفسه. لا يكف مديري في العمل عن المقارنة بين عملي قبل أن أصبح أُمّاً وبعد أمومتي لثلاثة أطفال، ويخبر الجميع حين تسنح له الفرصة أني كنت أعمل لساعات تصل إلى 15 ساعة في دار الإذاعة دون تملّلٍ أو ككل حتى في حالات المرض الشديد، وكونه من محبي الأطفال ويقدّر عمل موظفيه فقد راعى كوني أمّاً بشدة ولم أسمع منه يوماً أيّ اعتراض. في السنوات الثلاث الماضية باتت هموم الأمومة تشغلني أكثر من هموم عملي وعن عملي كذلك فصرت أرغب بترك العمل وكانت الإدارة في كل مرة تقدّم لي التسهيلات حتى استمر خاصة أنّ العمل الإعلامي إدمانٌ شديدٌ بالنسبة لي، لكني اتخذتُ قراري واستقلت من الإذاعة مؤخراً وأعمل في الأوقات المتاحة من البيت في رئاسة تحرير مجلة إلكترونية هي www.bilmersad.comوأقوم بالتحضير لكتابي الأوّل.   - الروائية والإعلامية مريم محي الدين ملا العمل يستهلك الوقت والطاقة.. واستقالتي بسبب رفضي لمبدأ الخادمة: تواجه المرأة العاملة صعوبات عدة وضغوطاً نفسية من خلال التوفيق بين المنزل والعمل والمسؤولية حتى لو كان هناك من يساعدها (خادمة)، هناك أيضاً قلقٌ كبيرٌ ومعاناة تعيشها الأُم جراء ترك أطفالها دون رعايتها المباشرة أو الاطمئنان عليهم بنفسها ويتحول هذا القلق إلى الشعور بالذنب، كما أن قلقها هذا لابدّ أن ينعكس على أداء العمل فالمنزل له مشاكله والعمل أيضاً له مشاكله وهنا تعيش المرأة العاملة تحت ضغوطٍ كبيرة لا يمكن أن يفهمها إلا من عاشها على الواقع. من واقع تجربتي الشخصية كنت موظفة وأُمّاً لطفلة صغيرة وكان عليّ الالتزام بأمومتي كما هو الالتزام بعملي، خلال حملي كانت فكرة ترك طفلتي وحدها في المنزل تضايقني فلا أرغب بوجود خادمة في منزلي وحتى لو وُجدت فلن تحلّ مكان الأُم مهما كانت، لهذا تركت العمل بعد الإنجاب وتفرّغت لابنتي إلى أن أصبح عمرها 5 سنوات ثمّ عدت إلى العمل ومع ذلك كنت دائمة القلق عليها إن تركتها وحيدة وكان ينعكس ذلك على عملي الذي يتطلب مني التواجد الدائم فالعمل في الإعلام صعبٌ ومرهق ويحتاج إلى ساعات طويلة خاصة الإعلام المرئي الذي هو صميم عملي والذي يتطلب الكثير من الصبر المنهك جسدياً ونفسياً، العمل المتواصل والضغط الكبير كانا ينعكسان على أعصابي وأعود متعبة للمنزل ولا طاقة لي للتحدث مع طفلتي ولا متابعة دروسها ولا الإشراف النموذجي على سير أمورها وإن فعلت يكون من باب الواجب فقط، وكنت دائماً أسأل نفسي: ماذا كنت سأفعل لو كان لدي أكثر من طفل؟ وهنا يجب أن نعترف بأننا أمام مشكلة حقيقية فعلاً. لذا أرى أنّه من الصعب جدّاً التوفيق بين العمل والإنتاج وبين دورنا كأُمّهات دون التعرض للضغوط المنهكة جسدياً ونفسياً وكثيراً ما سمعنا عن مشكلات كان سببها ضغوط العمل من أزمات قلبية وانهيارات عصبية وغيرها نشدها في هذا العصر بسبب الضغوطات المتعددة.   - هويدا الحسيني المدربة الرياضية وخبيرة الطب النبوي والبديل: الحل في اعتبار باب المنزل عازل فكري ونفسي بين العمل والعائلة. في ظل إيقاع الحياة المتسارع تتكاثر الضغوط على العائلة بشكل عام والأُم العاملة بصفة خاصة، لكن الأُم الذكية هي التي تتكيّف وتتأقلم بحنكتها وخبرتها الحياتية وتدرك بوجوب إغلاق باب العمل والضغوط نهائياً بمجرد الدخول من باب المنزل وترمي خلفها كل ما يعكّر صفو ذهنها وروحها ونفسيتها تجاه عائلتها وأبنائها. لابدّ من تحول كامل في التركيز باتجاه المنزل والعائلة بنفسية متجددة خالية من الضغوط والمشاكل لتتمكّن الأُم من العطاء في المنزل بالابتسامة والدعابة والنصيحة والمشاركة. يجب على كل أُم التحلي بالقدرة على العمل بين محاور العمل والمنزل والقناعة بأن لكل مشكلة حل لكن الحلول تضيع في عيون الغضب والتوتر والضغوط، لذا عليها بالصبر وضبط النفس والتحكّم بالانفعال وسموّ الروح على الغضب والاستمتاع بالحياة العائلية الجميلة الهادئة مع الأبناء والأصدقاء.   - الإعلامية مي عالم شهاب عملي زاد علاقتي بأبنائي عمقاً وأقسو على نفسي لتحقيق التوازن. صحيح أن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، لكن تحقيق أقل الأمنيات وهو تربية الأبناء والتفوق المهني في آنٍ معاً ليس بالسهل أبداً فهو بحد ذاته إنجازٌ كبير. إنّ القدرة على إيجاد التوازن المطلوب بين العاطفي من جهة والعملي من جهة أخرى هو هبةٌ من الله سبحانه وتعالى تتمتّع بها معظم الأُمّهات العاملات اليوم وهو أيضاً نتيجة للتوازن النفسي والدعم المعنوي من المجتمع. لذا فإن علاقتي بأبنائي لم تتأثير بضغط العمل إنما على العكس إزدادت عمقاً ومحبة وتفاهماً وانعكست إيجاباً في تصرفاتهم ويومياتهم، فالحقيقة أنّ الأبناء لا يتعلمون مما نقول، بل مما يشاهدون من أفعالٍ نقومُ بها وأحداثٍ نعيشها. شخصياً تعبتُ كثيراً في تربية أولادي بين مشقّة العمل والاعتناء بهم وبتفاصيلهم اليومية، سهرت ليالي طويلة حرصت فيها على عدم إشعارهم بالنقص من حيث وجودي في البيت أو من حيث تأمين احتياجاتهم، وفي نفس الوقت حرمت نفسي من أشياء كثيرة كي أرضي ضميري تجاههم، وهذا هو لبّ الصراع الذي تعيشه الأُم العاملة، وكانت اهتماماتي وأولوياتي ولازالت منصبة في اتجاه واحد، إما البيت أو العمل، وأيّ عاملٍ آخر يأتي تالياً لهما في الأولوية. أذكرُ خلال رحلة عمل إلى الخارج أرسلت لي ابنتي الكبرى رسالة نصية قالت فيها (ماما عودي الآن.. البيت فارغٌ من دونك وليس فيه حياة.. والدي يعتني بنا جيِّداً ولكن الحياة ليس لها طعمٌ بدونك). الحمدلله لم أتوانى يوماً عن تأدية واجباتي الأسرية والمهنية ولقد أتممتها دوماً قدر المستطاع حتى لو كان هناك تقصير من هنا أو هناك فلم يكن ذلك على حساب أي منهما، بل عل حساب نفسي أوّلاً وهذا ما أصبحتُ اليوم أدركه أكثر، وهو أهمية السعادة الشخصية وانعكاسها على أفراد أسرتي. أتمنى لكل أم عيداً سعيداً بين أفراد أسرتها وأن تبقى دوماً شمعة مضيئة في حياتهم.   - الكاتبة الروائية فاطمة عبدالله عمل البنت له ما يبرّره.. وعمل الأُم "لعنة يدفع ثمنها المجتمع": المجتمع يدفع غالياً ثمن انشغال الأُم عن أبنائها بالعمل، فالأبناء الصغار بحاجة ماسة لجودة رعاية أُمّهم لهم واهتمامها بشؤونهم وملاحظتها لتفاصيل حياتهم المدرسية والسلوكية الاجتماعية وحتى الصحية، وانشغالها عنهم يولّدُ أخطاراً لا حصر لها. البنت في الصغر تدرس وتتعلّم لتتسلّح بالمعرفة كي تكون أهلاً لتنشئة جيلٍ واعٍ واثقٍ بنفسه قادر على التعامل مع مستجدات الحياة، وليس لتترك أولادها وتذهب لعملٍ يجب على الرجل تأديته بدلاً عنها. البنت عندما تحصل على وظيفة فتكون الوظيفة بابُ رزقٍ مشروعٍ لها تستعين به على أمور حياتها وقد تعين به عائلتها إذا كانوا بحاجة، مع أنّ الأصل هو الاكتفاء بعمل ربّ الأسرة والأخوة الذكور إن تطلّب الأمر أما بالنسبة للأُم فأعتقد أنّ الوظيفة "لعنة" حلّت عليها وعلى أبنائها وبالتالي على المجتمع كاملاً.   - ذكرت الدكتورة سامية الساعاتي – أستاذة علم الاجتماع – بجامعة عين شمس: أن نتائج بحث المرأة الجديدة تمّ تقديمها لمؤتمر بكين تبين أن 66% من نساء العينة في البحث، تعرضن للإهانة في أماكن عملهنّ، وقد اتخذت الإهانة في 70% من هذه الحالات الطابع الجنسي، و30% من الحالات التحرّش بالكلام، و20% الغزل المباشر، وأشارت مجلة "ماري كير" بفرنسا إلى استفتاءٍ عام 1990م، على مليونين ونصف من الفتيات، أبدى 90% منهنّ الرغبة في العودة إلى البيت لتجنب التوتر الدائم في العمل، ولعدم استطاعتهنّ رؤية أزواجهنّ وأطفالهنّ إلا عند تناول العشاء.   - أميمة دهام العاني رئيس قسم البحوث والدراسات – إدارة مراكز التنمية الأسرية: أدّت وتيرة الحياة المتسارعة وكثرة متطلباتها إلى خروج المرأة إلى المجتمع الخارجي في رحلة بحثٍ طويلة من أجل كسب قوت يومها، ولا ينكر أي جاهلٍ بأنّ المرأة (نصف) المجتمع، وقد أثبتت كفاءتها ومساهمتها الفاعلة في بناء المجتمعات أسوة بالرجل، وأباح الإسلام للمرأة العمل للضرورة العامة وما تقتضيه بدون أن يكون هناك إخلال بدورها كربّة بيت وزوجة في آنٍ واحد، وألا يكون ذلك على حساب راحة أطفالها، وأن يكون في الوظائف التي تتناسب وطبيعتها كأنثى. وقد أثبتت المرأة العربية نفسها بقوة في المجال الوظيفي مستفيدة من الانفتاح المجتمعي وحبها للعمل والنجاح، لكن على الرغم من تنامي العائلات الممتدة واحتوائها على الأجداد والجدات، إلا أن بعض الأسر لا تزال تعاني عدم وجود من يهتم بالأطفال في غيابهم الأمر الذي ساعد على تفشّي عدة ظواهرٍ أدّت لتفاقم المشكلة ومنها على سبيل الذكر التالي: ظاهرة الخدم: إن وجود الخدم في المنازل لا يعني أن تتنازل المرأة عن أهم أدوارها الأساسية وهو تفير الحب والرعاية والأمن والأمان بحجة الحصول على قسطٍ من الراحة، بل عليها أن تعوّض فترة غيابها بالجلوس مع أطفالها والتحدّث إليهم والتعرّف على رغباتهم، وعدم تركهم مع الخادمة كي تلقنهم تقاليدها وعاداتها الغربية والمخالفة لمجتمعنا المحافظ، وعليها أن تتفقدهم وتقضي الوقت في الترفيه والخروج معهم، فالخادمة ليست أمّاً بديلة ولن تكون، وإن كان ولابدّ من الموضوع فعليها أن تقوم بتسجيل أبنائها في أقرب حضانة لبيتها، بحيث تكون موثوقة وذات إدارة وطاقم تدريسي متمكّن وذو مهاراتٍ جيِّدة. كثرة الطلاق: نعم لقد زادت نسبة الطلاق بين المتزوجين، وذلك لعدم وعي الزوج الكامل والكافي بلأن زوجته موظفة، فبعض الأزواج قد يكون ذو راتب متوسط أو من ذوي الدخل المحدود ولكن لا يتقبّل أن تترك زوجته البيت وتعود مثلما هو يعود أما قبله أو بعده، حالها كحاله، وهذه معظلة تحدث في سنوات الزواج الأولى تحديداً، وعلى الزوجة أن تعمل جاهدة على توصيل فكرة أنّ العمل لن يشغلها عن أداء وظائفها البيتية. عقدة الشعور بالذنب: إن كثرة خروج المرأة إلى العمل، وصراعها الداخلي بين الاهتمام ببيتها والارتقاء بوظيفتها يجعلها تعيش في دوامة التفكير المطبق مما ينعكس على مشاعرها فتجدها دائمة التوتر والشكوى، وضيقة الأفق وعصبية، فالبال مشغول حتى وهي على رأس وظيفتها، ولا تنتهي الدوامة إلا عندما تعود للمنزل، وعليه فإنّ الوظيفة مهمة للسيدة فهي تكسبها البروتوكول والوجاهة بأنها إنسانة مُنتجة وفعّالة في المجتمع، بالإضافة بأنها توفر لها المال الكافي في شراء احتياجاتها ورغباتها، ولكن يجب ألا يكون ذلك على حساب راحتها وصحتها.   - د. محمد النحاس: مدير مركز للاستشارات النفسية: نحن نعيش في عصر أصبحت فيه تربية ورعاية الأبناء أمراً ليس باليسير بل في غاية الصعوبة وذلك بسبب الاضمحلال القيمي والضياع الأخلاقي وغياب المبادئ والمُثُل وعدم مصداقية القدوة وظهور المعايير السلبية المادية المتفشية في المجتمعات، مما يجعل وجود الأُم أمراً لا بديل عنه للأبناء وأنا كمستشارٍ نفسي أقول بأهمية "وجود" الأُم مع الأبناء وليس "تواجدها" مع الأبناء، فالوجود مع الأبناء يعني الرعاية والاهتمام والعطف والحنان أما التواجد فيعني العناية دون الرعاية، وذلك أن تكون الأم غير قادرة على الاستماع لاهتمامات ومشكلات الأبناء ليتسنى لها العمل على معرفة أسباب مشكلات الأبناء والتصدي لها بالتوجيه والإرشاد والعقاب المناسب إن كان الأمر يتطلب هذا العقاب دون إسقاط الأُم العاملة لضغوط العمل التي تواجهها في عملها على الأبناء عند تعاملها معهم والتي تتمثّل في العصبية وإيقاع الأذى على الأبناء أو التجاهل الذي يؤدي لتفاقم المشكلات وتكون النتيجة أبناء غير أسوياء سلوكياً ووجدانياً. وفي حال تعارض عمل الأُم مع اهتمامها بأبنائها فيجب عليها اختيار رعاية أبنائها لأنهم رعيّتها التي ستُسأل عنها يوم يُسأل كل راعٍ عن رعيّته، وهي المسؤولية المُلقاة على عاتق كل أم وهي تربية الأبناء من خلال جوٍ أسريٍ يمتاز بالصحة النفسية والتوافق الأسري.

ارسال التعليق

Top