• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الأنماط الستة للقيادة

د. ياسر العيتي

الأنماط الستة للقيادة

◄في دراسة عالمية شملت 3871 مديراً تنفيذياً تبين أن أكثر هؤلاء المديرين نجاحاً هم أولئك الذين يستخدمون أنماطاً ستة من القيادة، كلّ نمط بالقدر المناسب وفي الظرف المناسب. فما هذه الأنماط الستة؟

 

النمط الأوّل: القائد صاحب الرؤية

يُعدُّ وجود الرؤية شرطاً أساسياً من شروط القيادة الناجحة. فما الرؤية؟ الرؤية هي أن يكون لدى القائد هدف واضح يسعى إليه.. أي أن يعرف إلى أين يريد الوصول بالمؤسسة أو المجموعة التي يقودها. الرؤية هي جواب القائد عن السؤال التالي: أين ترى مؤسستك بعد خمس سنوات من الآن أو عشر؟ إذا لم يكن لدى القائد جواب واضح عن هذا السؤال فمعنى ذلك أنّه لا رؤية لديه. إنّ القيادة هي تحريك الناس نحو الهدف وبما أنّ الإنسان لا يستطيع الوصول إلى هدف لا يعرف ما هو فإن وجود الرؤية الواضحة شرط أساسي من شروط القيادة الناجحة. وكمثال على الرؤية الواضحة نورد هنا رؤية هنري فورد صانع السيارات الشهير التي عبر عنها كما يلي:

سأبني سيارة للجماهير العظيمة، ستكون منخفضة السعر، بحيث يستطيع كلّ من يكسب راتباً جيِّداً أن يحصل عليها، وليستمتع مع عائلته بساعات السعادة في فضاء الله الواسع، وعندما أنتهي فسيكون بمقدور كلّ شخص أن يقتني واحدة، وسيملك كلّ شخص سيارة، وسيكون الحصان قد اختفى من طرقنا السريعة، وستصبح السيارة أمراً طبيعياً، وسنعطي الوظائف لأعداد كبيرة وبأجور جيدة.

 

عندما يعجب الناس بشخص ما كإنسان يحترمونه، وعندما يعجبون به كصديق يحبونه، وعندما يعجبون به كقائد يتبعونه..

 

كان الرجل يعرف تماماً ما الذي يريده، لذلك استطاع تحقيقه. ولكي تكون لدى القائد رؤية واضحة للمستقبل الذي يريد أن يصنعه للمجموعة التي يقودها يجب أن تكون لديه رؤية واضحة لما يريد أن يحققه هو شخصياً في هذه الحياة، أي يجب أن يسأل نفسه: مَن أنا؟ وماذا أريد؟ ما المهم بالنسبة إليَّ؟ ما غايتي؟ وما دوري في هذه الحياة؟ وكيف أحقق ذاتي؟ بعد الإجابة عن هذه الأسئلة يستطيع القائد أن يضع رؤية للمؤسسة التي يقودها، بحيث تكون تعبيراً عن الرؤية الخاصة به، وهكذا يصبح تحقيق رؤية المؤسسة هو تحقيق لذات القائد وتطلعاته الشخصية. عندما تكون الرؤية التي يضعها القائد لمؤسسته منسجمة مع رؤيته لذاته ومعبرة عنها سيمتلئ قلبه حماساً وشغفاً بتحقيق هذه الرؤية، لأنّه يحقق ذاته من خلالها، وسينتقل هذا الحماس والشغف إلى من حوله. وهكذا يستطيع القائد أن يؤثر في الآخرين، وأن يدفعهم إلى تحقيق رؤيته. لذلك كانت الرؤية الواضحة شرطاً أساسياً من شروط القيادة الناجحة.

إنّ وجود الرؤية هي الفارق المهم الذي يميز القائد من المدير؛ فالمدير هو الذي يسيّر الأمور اليومية للمؤسسة، أما القائد فهو الذي يصنع مستقبل المؤسسة. المدير يتبع القواعد الجارية ولا يحيد عنها، أما القائد فيغير هذه القواعد، ويضع أسساً جديدة للعلاقات والإنتاج. المدير يلعب لعبة اليوم التي يلتزم الجميع بها، أمّا القائد فيضع قواعد لعبة الغد التي سيضطر الجميع إلى الالتزام بها (كما فعل بيل غيتس في مجال الكمبيوتر). المدير يلتزم بالحدود الموضوعة له، أمّا القائد فيوسع الحدود مع حركته. المدير يدفع الناس إلى فعل الأمور، أما القائد فيخلق في الناس الرغبة في فعل الأمور، المدير يُطاع، أما القائد فيُتبع، لأنّه صاحب رؤية شُغف بها ونقل هذا الشغف إلى أتباعه.

إنّ الرؤية وحدها لا تكفي لصنع قائد ناجح، واستخدامها وحدها من دون الأنماط الأخرى من القيادة يجعل القائد غارقاً في أحلام اليقظة بعيداً عن أتباعه معزولاً عن الواقع. إنّ القائد الحقيقي هو الذي يعرف كيف يأخذ بأيدي مَن معه ويضعهم على الطريق الصحيح الذي يحقق رؤيته. ولكي يستطيع القائد فعل ذلك يجب أن يتعرف على أتباعه عن قرب ويشاركهم مشكلاتهم وآمالهم وطموحاتهم، وهذا ينقلنا إلى النمط الثاني من أنماط القيادة، وهو القائد المشارك.

 

النمط الثاني: القائد المشارك

هو القائد الذي يبني علاقات جيِّدة مع موظفيه، ويتعاطف معهم في أمورهم الشخصية. هذا النوع من العلاقات يشعر الموظف بالاهتمام الشخصي به، وبأنّ هناك من يفهمه ويعتني به، وهذا الشعور من أكثر الأمور التي تغرس الولاء للمؤسسة في نفس الموظف. التعاطف يعني أكثر من أن يكون القائد لطيفاً، فهو يعني أن يعرف قائد المؤسسة حاجات موظفيه، وأن يعمل على تلبيتها حيث يجعل الجميع أكثر نجاحاً ورضا عن عملهم. لكن يجب الحذر من المبالغة في استخدام هذا النمط، لئلا تصبح مراعاة مشاعر الموظفين مقدمة على مصلحة العمل. وليس المطلوب هنا تقديم مصلحة العمل على المشاعر أو العكس، بل المطلوب إيجاد معادلة تحقّق الاثنين معاً وبشكل متوازن. إنّ هذه المشاركة والتعاطف ستمكن القائد من ممارسة النمط الثالث من أنماط القيادة الناجحة، وهو نمط القائد المدرب.

 

النمط الثالث: القائد المدرب

من المهارات التي يهملها بعض مديري المؤسسات مهارة التدريب؛ فهم يوجهون الملاحظات إلى الموظف إذا أخطأ، لكنهم لا يدربونه على تجنب الخطأ. إنّ القائد المدرب هو القائد الذي يهتم بتطوير موظفيه، ويساعدهم على معرفة نقاط ضعفهم ونقاط قوتهم، ويشجعهم على وضع أهداف بعيدة الأمد لتطوير أنفسهم، وعلى رسم خطط لتحقيق هذه الأهداف.

إنّ من أكبر العوامل التي تخلق عند الموظف دافعاً ذاتياً إلى العمل هو ربط هذا العمل بطموحاته الشخصية والمهنية، لذلك فإنّ القائد المدرب تتجاوز أحاديثه مع موظفيه مجال العمل، إلى مجال اهتماماتهم وطموحاتهم وأحلامهم، وهو يفوض موظّفيه بأعمال تتجاوز طاقتهم الاعتيادية، من أجل رفع كفاءتهم، ويعطيهم جرعة من الثقة بالنفس، تدفعهم إلى النهوض بهذه الأعمال.

إنّ القائد الذي يركز فقط على الأداء الممتاز، والذي يهتم فقط بالأهداف القصيرة المدى للمؤسسة – كزيادة المبيعات مثلاً –، ولا يعير أي اهتمام لطموحات موظّفيه واهتماماتهم الشخصية سيُشعر هؤلاء الموظفين بأنهم يُستخدمون كأدوات لتحقيق مآربه، وذلك يؤثر سلباً في اندفاعهم بالعمل، أما إذا جعل القائد تحقيق أهداف المؤسسة منسجماً مع تحقيق طموحات موظفيه فإنّه يلمس في نفوسهم الوتر الذي سيطلق طاقاتهم، ويجعلهم يعطون أفضل ما عندهم. فعندما يهتم قائد المؤسسة بقسم الإعلان مثلاً، ويوفّر للعاملين فيه التدريب الذي يحتاجون إليه، ويقنعهم بأن نجاح هذا القسم ونموه وتطوره يعني نجاح ونمو وتطور كلّ واحد منهم، عندها سيعملون بجد وإخلاص، ويبذلون أفضل ما لديهم، لا نجاحهم الشخصي أصبح مرتبطاً بنجاح القسم الذي يعملون فيه.

ولكن يجب في أثناء تطبيق هذا النمط الحذر من أن يلعب القائد دور المدير الذي يتدخل في كلّ صغيرة وكبيرة، فذلك يزعج الموظف، ويحرمه من فرصة الاعتماد على نفسه في التعلم والتطور.

 

قدرة الموظفين على الإنجاز تحددها قدرة المدير على التفويض

 

إنّ القائد المدرب يوصل إلى كل موظّف الرسالة الآتية: "أنا أؤمن بك وأتوقع أن تعطي أفضل ما عندك"، وتشير الدراسات إلى أنّ الموظّفين الذين يشعرون بالدعم المعنوي وبرغبة مديرهم في تدريبهم وتطويرهم ورفع كفاياتهم يدينون بالولاء للمؤسسة التي يعملون فيها. وعندما يدين الموظف بالولاء لمؤسسته يعطيها أفضل ما عنده، ويعمل لها وكأنّه يعمل لنفسه. إنّ الذين يدينون بالولاء لمؤسساتهم يجتهدون أكثر في وجه الصعوبات التي تواجهها، بدلاً من أن يتذمروا ويعدُّو ذلك ازدياداً في الضغوط والأعباء.

لكن الولاء لا يتحقق إذا شعر الموظّف أنّه معزول عن القرارات التي تؤثر في عمله، وإذا لمس من المشرفين عليه استبداداً بالرأي وانفراداً بالقرار. وهنا يأتي دور النمط الرابع من أنماط القيادة، وهو القائد المشاور.

 

النمط الرابع: القائد المشاور

هو الذي يأخذ آراء الآخرين بالحسبان، وينصت إليهم ويعرف كيف يستفيد من اختلافاتهم، ويستثمرها للخروج بقرارات تحظى بأكبر قدر ممكن من التجاوب.

إنّ استطلاع آراء الآخرين لا يعني موافقتهم دائماً وإنّما يعني استجلاء رغباتهم ومخاوفهم ومعرفة حاجاتهم وما يفكرون به، وذلك يوسع من دائرة المعلومات التي يبني القائد قراره على أساسها، كما يُشعر الآخرين بأن أفكارهم ومشاعرهم محط اهتمام وعناية. وهذا وحده كفيل بإعطائهم الدافع إلى العمل، وغرس روح الفريق في نفوسهم.

ولا يعني ذلك استشارة أي موظف في أي أمر، وإنما استشارة من لهم خبرة في الموضوع الذي يُراد البتُّ فيه، وأولئك الذين هم على علاقة مباشرة بهذا الموضوع.

لابدّ من الإشارة هنا إلى أن بعض القرارات تحتاج إلى السرعة، ولا يمكن استجلاء آراء جميع الموظفين قبل اتخاذها؛ لذلك لا يمكن تطبيق نمط القائد المشاور عند اتِّخاذ كلّ قرار.

إنّ أنماط القيادة الأربعة التي ذكرناها إلى الآن (القائد صاحب الرؤية، والقائد المشارك، والقائد المدرب، والقائد المشاور) هي الأنماط التي يرتاح الموظفون إليها في معظم الأحيان. أما النمطان المتبقيان فقد يجلبان الإزعاج لبعض الموظفين، لكن القائد الناجح يحتاج إلى استخدامهما في الظرف المناسب وبالقدر المناسب ومع الأشخاص المناسبين، لكي يدفع العمل في اتجاه الذي يريده. يجب الحذر في أثناء تطبيق هذين النمطين وعدم الإفراط في استخدامهما؛ لأنّ ذلك يضر بالعمل، ويشحنه بالمشاعر السلبية، ولأنّ المبالغة في استخدامهما قد يأتي ينتائج إيجابية سريعة على المدى القصير، لكنه على المدى الطويل ينفّر الموظفين، ويدمر الشعور بالولاء في نفوسهم. وهو أثمن ما يجب على القائد أن يحرص عليه.

فما هذان النمطان الضروريان اللذان يجب استخدامهما بقدر وحذر؟

 

النمط الخامس: القائد الساعي إلى التفوُّق

هو القائد الذي يحث الآخرين على الامتياز دوماً. هو لا يريد من موظفيه الإنجاز فقط، وإنما يريد منهم الإنجاز الأفضل، وهو يسعى لرؤية مؤسسته في المقدمة، ويطلب إلى موظفيه أن يحققوا التفوق على المؤسسات الأخرى. وعندما يحققون ذلك يطلب إليهم أن يتفوقوا على أنفسهم، وأن يحطموا الأرقام القياسية!.

إنّ هذا النمط من القيادة يخلق في المؤسسة جوّاً من الحماس والتحدي، ويفجر طاقات الموظفين، ويحثهم على الإبداع والمبادرات. لكن الإفراط في تطبيقه دون استخدام الأنماط الأخرى التي تعتمد على الرؤية المشاركة والتدريب والتشاور يشعر الموظفين بالضغط، ويحملهم من الأعباء ما لا يطيقونه، وذلك ينعكس سلباً على أدائهم. كما أنّ هذا النمط يناسب الموظفين الذين يتحلون بحب الإنجاز ولديهم روح المبادرة والإبداع. أما الموظفون الذين لا يتمتعون بهذه الصفات فإنّه يؤثر سلباً عليهم، وربما يجدي مع هؤلاء النمط السادس من القيادة، وهو القائد الآمر الناهي.

 

النمط السادس: القائد الآمر الناهي

هو نمط من القيادة يضطر القائد إلى استخدامه في أوقات الأزمات ومع الموظفين الصعبين. لكن الاعتماد عليه وحده يؤدي إلى الفشل الذريع، كما حدث في إحدى شركات الكمبيوتر التي كانت تخسر أموالاً، فعنيت مديراً جديداً لإنقاذها من الخسارة.

خلق المدير الجديد حوله جواً من الرعب، فكان يصدر الأوامر، ويهدد المقصرين بالعقوبات، مما جعل الكثير من الموظفين يمتنعون عن نقل الأخبار السيئة إليه خوفاً من ردود أفعاله. وهكذا فقد المدير الاتصال بواقع المؤسسة. ارتفع الأداء مؤقتاً، لكن ذلك تم على حساب المعنويات التي انخفضت بشكل كبير، وقدَّم أفضل الموظفين وأكثرهم ذكاءً استقالتهم، في حين تم طرد الآخرين، وفي النهاية فُصل المدير الجديد من منصبه!

إنّ القيادة الفعالة تضطر القائد إلى استخدام هذا النمط من القيادة في بعض الأحيان بشرط أن يكون هذا الاستخدام بحكمة وحذر، وأن يترافق مع الأنماط الأخرى التي تعتمد على الرؤية والمشاركة والتدريب والتشاور، كما فعل أحد المديرين الذي عُيِّن لإنقاذ شركة من الخسائر التي كانت تتعرض لها، فوجد أن ترتيب الأثاث في غرفة الاجتماعات في الشركة لا يعين على تحقيق التقارب والتآلف بين أعضاء الفريق الإداري في أثناء الاجتماعات؛ إذ كانت طاولة بيضاوية كبيرة من المرمر تتوسط الغرفة، في حين تتناثر الكراسي حوله، مما أوجد بعداً فيزيائياً ونفسياً بين المجتمعين، لا يشجع على الحوار وتبادل الآراء، وهنا أمر المدير الجديد بتغيير الأثاث بشكل يجعل المجتمعين أكثر قرباً بعضهم من بعض، لكي يعكس سياسة الشركة الجديدة في الانفتاح وتبادل الآراء.

كذلك لاحظ المدير أن أفراد الفريق الإداري يتبعون طريقة في إبداء الآراء تعتمد على تعبئة بيانات معينة يتناقلها الجميع إلى أن تصل إلى المدير الذي يتخذ القرار النهائي. وهنا أمر المدير الجديد بإلغاء هذه الطريقة أيضاً، واستبدل بها الحوار المباشر، ليوصل إلى الموظفين رسالته في أنّه استبدل بالأسلوب القديم أسلوباً جديداً قائماً على التعاون والانفتاح وروح الفريق.

لقد غيّر هذا المدير بعض الأمور بطريقة القائد الآمر الناهي، لكنه لم يهاجم الموظفين، ولم يتعرض لشخصياتهم، بل هاجم أسلوبهم القديم في التعامل مع الأمور.

إنّ القائد الآمر الناهي الذي نادراً ما يثني على الموظّفين، وكثيراً ما ينتقدهم يشيع جوّاً من الاستياء والسلبية في المؤسسة التي يقودها، وينتزع روح الفخر والولاء من نفوس موظفيه.

وقد بيّنت دراسة أجرتها وزارة العمل الأمريكية أنّ 46% من الذين استقالوا فعلوا ذلك بسبب عدم تقدير مديرهم لجهودهم.

يسمع بعضهم أحياناً عن قادة ناجحين يستخدمون هذين النمطين الأخيرين (نمط القائد الساعي إلى التفوّق، ونمط القائد الآمر الناهي) فيظنون أنّ هذا الأسلوب هو سبب نجاحهم، ويغفلون عن أنماط القيادة الأخرى التي يستخدمها هؤلاء القادة، وتكون قائمة على الرؤية والتدريب والمشاركة والمشاورة، ويعتمدون على هذين النمطين وحدهما في إدارتهم للأمور، فيخلقون جوّاً سلبياً من حولهم، ويخفقون في النهاية.

سأختم هذا الموضوع بمثال واقعي عن تجربة سيدة تسلّمت إدارة شركة للأطعمة ظلت عدة سنوات لا تحقق الأرباح المتوقعة، وسنرى كيف استخدمت هذه السيدة الأنماط الستة للقيادة الناجحة للإقلاع بالشركة وزيادة أرباحها.

بدأت المديرة الجديدة بنمط القائد المشارك فعقدت لقاءات وعشاءات عمل مع كلّ شخص مهم في الشركة، لكي تعرف رأيه في مشاكل الشركة، وفي الحلول التي يراها مناسبة، والأهم من ذلك أرادت أن تتعرف عن قرب على الأشخاص الذين ستتعامل معهم وعلى طموحاتهم وأحلامهم، ثمّ استخدمت نمط القائد المدرب، فكانت تساعد من يتعرض لمشكلة معيّنة، وتدربه على حلها؛ فمثلاً كان أحد الموظفين يعاني من صعوبات في عمله مع الفريق، فأخذت تبين له أسباب هذه الصعوبات والأساليب الخاطئة التي كان يستخدمها في الاجتماعات (الانتقاد الجارح مثلاً). ثمّ استخدمت نمط القائد المشاور فكانت تسأل الآخرين عن آرائهم في سياسات الشركة، واستخدمت نمط القائد صاحب الرؤية؛ إذ كانت تذكّر الموظفين في بداية كلّ اجتماع بأهداف الشركة وطموحاتها، وتشعر كلّ واحد منهم بدوره في تحقيق هذه الأهداف. وعند التنفيذ استخدمت نمط القائد الساعي إلى التفوّق مع الموظفين المبدعين والمبادرين لتحثهم على إعطاء أفضل ما عندهم، وتضعهم في جو من الحماس والتحدي. واستخدمت نمط القائد الآمر الناهي مع الموظفين الذين كانوا يقصرون في أداء واجباتهم.

بعد ستة أشهر كانت أرباح الشركة أكثر بخمسة ملايين دولار من المتوقع، في حين أنّها عندما استلمت الشركة كانت أرباحها أقل بخمسين مليون دولار من المتوقع. وكانت الشركة تصل إلى الربح المتوقع للمرة الأولى منذ خمس سنوات.

وأخيراً فإنّ القائد الناجح هو إنسان مرن، يتعلم من أخطائه، ويراجع أساليبه باستمرار، ويعدل منها بما يحقق له أفضل النتائج.

إنّ من الحمق أن ينتظر الإنسان تغيُّر النتائج دون أن يغيِّر الأسباب التي أدت إليها وإن من أسباب الإخفاق في القيادة أن يستخدم القائد الأسلوب الذي أوصله إلى نتيجة سلبية، ثمّ ينتظر بعد ذلك نتيجة إيجابية!

القائد هو الذي يرى أكثر مما يراه الآخرون، ويرى أبعد مما يراه الآخرون، ويرى قبل أن يرى الآخرون.►

 

المصدر: كتاب الذكاء العاطفي في الإدارة والقيادة

ارسال التعليق

Top