• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإحسان إلى الحبيب

أسرة

الإحسان إلى الحبيب
تنويه: (الحبيب) هو كلّ مَنْ بينكَ وبينه مودّة ورحمة سواء كان زوجةً أو ولداً أو والدين أو إنساناً تكنّ له مشاعر الصَّفاء والإخاء والإمتنان بأنّ له عليكَ فضلاً، كالمُعلِّم أو المُربِّي أو المُحسِن إليك، وغيرهم. 1- الإحسان إلى الحبيب في القرآن الكريم: أ) مقابلة حبّه بحبٍّ أو بحبٍّ أكبر منه: قال تعالى: (هَل جَزَاءُ الإحسانِ إلا الإحسَان) (الرحمن/ 60). ب) الأنس بكلِّ ما يتعلّق به: قال سبحانه على لسان يعقوب (ع)، عندما شمّ رائحة يوسف (ع) بقميصه: (إنِّي لأجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَولا أن تُفَنِّدُون) يوسف/ 94). ت) الحفاظ عليه من كلِّ سوء قد يلحق به، ودفعه عنه بكلِّ ما يُستطاع: قال عزّوجل عن أُمِّ موسى (ع) عندما ألقتهُ في النِّيل: (وَأصبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسَى فارِغاً إن كادَتْ لِتُبدِي بِهِ) (القصص/ 10). ث) الميل والإنجذاب إلى الخصال الحميدة في شخصية الحبيب: يقول تعالى على لسان ابنة شعيب (ع) التي أحبّت قوّة موسى (ع) وأمانته: (يا أبَتِ استَأجِرهُ إنّ خَيرَ مَنِ استَأجَرتَ القَوِيُّ الأمِينُ) (القصص/ 26). ج) عدم الإساءة إلى مَنْ نُحبّ، هو إحسانٌ بحدِّ ذاته: قال جلّ جلاله: (وَلا تَعضُلُوهُنَّ لِتَذهَبُوا بِبَعضِ ما آتَيتُمُوهُنَّ) (النِّساء/ 19). ح) التعبير عن مشاعر الحبّ للحبيب، يزيد في الحبِّ والقُرب: قال عزّوجل عن حوريات الجنّة: (عُرُباً أَتراباً) (الواقعة/ 37). والعُرب: المُعربات المُفصحات عن مشاعر الحبّ. خ) التعبير عن الحب بغير الكلمات: قال سبحانه في مسح سليمان (ع) على أعناق الخيل وسوقها: (رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسحاً بِالسُّوقِ وَالأعناق) (ص/ 33).   2- الإحسان إلى الحبيب في الأحاديث والروايات: قال رسول الله (ص) في الغزل: "إنّ قول الرجل لامرأتِه أحبّكِ، لا يُمحى من قلبها أبداً". ويقول الإمام علي (ع) في ترجمة عمليّة الحب: "مَنْ لانَ عودُهُ كثفت أغصانه". وقال (ع) في لغة التعبير عن الحب: "إنّ المودّة يُعبِّر عنها اللسان، وعن المحبّة العينان". وقال الإمام الصادق (ع) في الإستدلال على الحب: "دليلُ الحب إيثار المحبوب على ما سواه". وعن الإمام علي (ع) أيضاً: "مَنْ أحبّكَ نهاكَ" أي نهاكَ عن كلِّ ما يشين بك، ويؤثِّر على جمالك في نظره، وهذا يعني أنّه يريد أن تكون محبوباً دائماً في نظره مُتزيِّناً بأحلى الخصال. وعن الإمام الصادق (ع): "ثلاثة تورث المحبّة: الدِّين، والتواضع، والبذل".   3- الإحسان إلى الحبيب في الأدب: يقول الأديب الروائي (شارلز ديكنز) عن الحبّ الصادق الذي هو الإحسان بعينه: "الحب الحقيقي يُصدِّق كلَّ شيء، ويثق بكلِّ شيء، وإذا سيطرَ على قلبِنا هذا الحبّ الصادق صيّرنا ملائكة، وصارت الأرضُ سماءً". وقال (لاروشفوكو) في الإحسان المُترتِّب على الحب: "نحنُ نغفرُ طالما نُحِبّ". وقال الشاعر أنّ الحبّ حبّ مكارم الأخلاق، فيقول: وما حُبِّي لفاحشةٍ ولكن رأيتُ الحُبَّ أخلاقَ الكِرامِ ويلاحظ (أبو نصر الكاتب) في (الكتاب الجامع) أنّ الإحسان حب مُتبادَل، فيقول: "الحب ليس موقوفاً على الحُسنِ والجمال، وإنّما هو تشاكل النفوس وتمازجها في الطِّباع المخلوقة فيها". ومن أمثال (الكونغو) ما يشير إلى ائتلاف الإحسان والحبّوتغذية بعضهما لبعض: "الحب كالطفل، بحاجةٍ إلى المعاملةِ برقّة". وتعتقد إحدى الأديبات أنّ الإحسان هو الحب الحقيقي، فتقول: "إذا ظَلمَكَ مَنْ تُحِبّ، فلا تظلم مَنْ يُحِبّك".   4- برنامج الإحسان إلى الحبيب: 1- تودَّد لمَنْ تُحبّ، لأنّ الحبّ ينموويزداد بالتودُّد. 2- أن تحبّ إنساناً، أن تُسامحهُ على الهنّات الصغيرة. 3- إعطَ أقصى ما تستطيع في الحب، ولا تُفكِّر في الأخذ، فهو يأتي طواعية وبشكل تلقائي. 4- عبِّر عن حُبّك بالكلمات إذا كان الوقت مناسباً لها، وعبِّر عن حبِّك بالإخلاص في كلِّ الأوقات. 5- تعلّم أن تُوسِّع دائرة حبّك: أحبِب الطفلَ وإن لم يكُ لك.. أحبِب المُسنِّين الذين سكب الزمن ثلوجه على رؤوسهم، وما زالت قلوبهم تحمل الحب للناس كالمدافئ.. أحبِب أهل بيتك لأنّهم جنّتك المُصغّرة.. أحبب تلاميذكَ لأنّهم آثروا أن يشربوا من نهرك.. أحبِب كلَّ مَنْ له فضلٌ عليكَ، لأنّه تركَ بصمة في حياتك.. أحبِب الفقراء والبُسطاء والمساكين وتحبَّب إليهم. لا تقبل بحدٍّ محدودٍ للحبّ، إفتح جدرانه على بعضها، وسِّع آفاقه.. فأنتَ كبير بقدر ما تحمل من حب. وعندما تحبّ بصدق، دع مياه الإحسان تسقي جذور هذا الحب ليرسخ في الأعماق كما يتطاول في الفضاء.

ارسال التعليق

Top