◄يعاني كثير من الشباب من الفراغ الكبير في مرحلة ما من حياتهم، ويكون هذا غالباً في مقتبل العمر فيؤدي إلى العبث، والملل، والانحراف، والشعور بالنقص، وانسحاق الشخصية، والإحباط وغيرها من الأمور السلبية.
وإذا لم يكن الشاب متحليّاً بالإيمان والصبر، والمثابرة على الصلاة والبر، وطاعة الوالدين فإن قرناء السوء، وأحابيل الصغائر، والعيش المقلوب (أي السهر والناس نيام والنوم طيلة النهار) سيكونون له بالمرصاد، إن لم يعمد إلى أن يشغل وقته وذهنه فيما يفيده: دنيا وآخرة.
هنالك أنماط من السلوك لدى الشباب غير مبرّرة، فالتقليد الأعمى في المظاهر والتصرفات الدخيلة، والتهرب من الدراسة أو العمل الجادّ أحدها، والغياب الطويل أو المتكرر، ومتابعة القنوات الفضائية وسائر وسائل الاتصالات باستمرار دون تمييز أو انتقاء نمط آخر، والسلبية في التعامل مع الآخرين والنفور منهم، وقتل الوقت في غير جدوى، وعدم الجديّة في التعامل مع القضايا الشخصية والجماعية والاعتماد على الآخرين، وإلقاء اللوم عليهم مظهر ثالث، وعدم الرغبة في اكتساب الخبرات والتعمق العملي فيما يوكل إليهم صفة رابعة.
لابدّ من معالجة التفكك الأسري والاجتماعي والبطالة إذن – وحل مشكلات السكن والزواج والتعليم والصحة، والتركيز على تنقية البيئة من المسكرات والمخدرات، ويدر بنا أن نوجه عناية خاصة لرعاية المعاقين ودمجهم في المجتمع والاهتمام بالمسجونين بعد خروجهم من السجن، وضمان عمل شريف لمن يريد أن يبدأ صفحة جديدة ناصعة في حياته، وحبذا لو أصبحت الأعراس تقام جماعية، مما يكثف سعادة الأسر، ويبهج أضعافاً مضاعفة من البشر، ويختصر الوقت والنفقات، ويزيل كثيراً من الحرج.
أما التدخين – هذا الثعبان الناعم الذي يعزّي فاعلوه أنفسهم وأصدقاءهم بأنّه يسلّيهم ويداعبهم، وأنّه لا أنياب له – فهو سبب الكثير من المشكلات الصحية المباشرة وغير المباشرة، وعامل أساسي في نشوء السرطان، وفي أمراض الإعاقة في العالم.
- ثعابين ناعمة:
لماذا لا نواجه التدخين بجديّة أكثر في محيط العمل ووسائل المواصلات، وأماكن الضيافة، ومجالس الأسر، وشروط التوظيف؟ لماذا السكوت وكلنا يعرف خطره على الصحة والاقتصاد والبيئة، وغير المدخنين؟
جرت العادة على أن ينتظر الآباء – ومعهم الأبناء – فلا يتم زواج إلا بعد انتهاء الدراسة، وهي غالباً جامعية وزد عليها خمساً بعد التخرج قد يتمكن الشاب بعدها من مواجهة المتطلبات المادية وإرضاء الناس بمظاهر الأبّهة الفارغة. نعم.. الناس يظلم بعضهم بعضاً، فلا تعيش الأسر واقعها كما تريد بل كما يشاء الناس. يفترض أن يتم إجماع وتفاهم، وأن يعذر بعضنا بعضاً: لماذا لا يزوّج الآباء أبناءهم أثناء الدراسة؟ هل يعتقدون أنّ الزواج يعطل التحصيل أو البحث العلمي، أو الحصول على وظيفة؟ الواقع عكس ذلك تماماً، لماذا يصرّون أمام الناس على مظاهر البذخ والمصروفات التي لا مبرر بها؟ لماذا لا يكون الناس واقعيين معقولين في حفلات الزفاف وكل ما يتعلق بالأعراس؟ لماذا لا يتفاهم المتصاهرون على ما فيه دعم مستقبل العريس والعروس، لا زلزلة أركانهم منذ البداية؟ لماذا يتناسون السنّة؟
ابدأ بنفسك وسيتبعك الآخرون ويدعون الله لك من شغاف قلوبهم.
- الزواج المبكر:
إنّ الزواج المبكر يعطي الفرصة الذهبية للأب والأُم في الإنجاب والإعالة والرعاية والانسحاب المبكر من حياة أبنائهم، وتسليمهم مقاليد أمورهم، وذلك قبل دبيب الهرم، وزحف العجز، وانقضاض الأمراض، بل سيؤدي أخيراً إلى وجود أسر من الأبناء والأحفاد يرعون شيخوخة هؤلاء الآباء والأُمّهات، أيّ حضارة وأي إنسانية تلك التي يتباهى بها مجتمع يرمي شيوخه وعجائزه في الملاجئ، ويضيع فيه الأيتام على مأدبة اللئام، وتسقط فيه الأرامل والمطلقات في الوحل؟
كذلك فإن تزويج من يبتعثون للدراسة خارج البلاد هو أفضل حل تمليه الخبرة ويحتّمه الواقع، وتدعمه الوقائع الكثيرة عبر أجيال.. فكم من دارسين لم يعودوا، وكم من طلبة انحرفوا، وكم من آخرين أنجبوا أسراً لا تتكلم العربية ولا تنطق بالشهادتين؟ إن وجود زوجة المُبتعث معه يحصّنه ويركّز جهوده على هدفه، ويبعده عن قرناء السوء، وعن الضلال والإضلال، ويربطه بالوطن والأهل، ويعود بعدها بأسرة فتيّة عربية مسلمة.
ولا ينبغي للمسلم أن يضيّع وقته في أحلام اليقظة والتحسر على ما فاته، كما لا ينبغي أن يضع الجانب المادي حجر عثرة، فهو من أسهل الأمور إن عزم وتوكل على الله وأخلص النيّة، أما الفقراء فيمكن أن تحل ضائقتهم لجان تجمع التبرعات أو جهات تمنح القروض، وتنتظر التسديد بالأقساط لآجال طويلة، ويمكن تشكيل لجان من علماء ووجهاء كل منطقة يتصل بهم الأهالي أو الراغبون في الزواج فيستقصون أحوالهم، ويمدّون لهم يد العون.
على المسلمين أن يتذاكروا سير الصحابة، وأن يكونوا وسطاء خير وسفراء محبة في كل ما يتعلق بالزواج والمصاهرة، وأن يرتفعوا فوق الخلافات الشخصية، وصغائر الأمور، وأن ييسّروا ولا يعسّروا، ويبشّروا ولا ينفّروا، ويتطوعوا لكسر الجليد، وتقريب وجهات النظر، وجمع الأحبّة.►
*كاتب من الرياضمقالات ذات صلة
ارسال التعليق