◄يولد الشعور بالمسؤولية الإسلامية لدى المسلم، حين يستقر الإيمان في قلبه، ويتفتح الوعي في عقله.. فتستجيب كلّ جوارحه لدواعي العقيدة، ونداءات الرسالة الخالدة.. ويندفع لأداء التزاماته الفردية والاجتماعية بهمة وبطولة.
وشعور المسلم بمسؤوليته: هو مظهر الإحساس بعظمة الله تعالى، وتعبير عن الانقياد الصادق له، وسمة التعلق به، ومنطلق العمل في سبيله.. ابتغاء وجه ربه الأعلى.
أما ضمور الشعور بالمسؤولية: فهو علامة الضلال، وسوء الظن بالله سبحانه.. وهو كذلك من مظاهر فقدان الثقة بالنفس، وانهيار الإرادة، والتهرب من الواقع، وتفاقم بواعث التخوف لدى الإنسان.
وإذا اختفى الشعور بالمسؤولية.. انطلق البحث عن المعاذير!! عند ذاك، ألفيت روح الهزيمة تشرئب.. ووجدت التنصل يمد أخطبوطه ليشد كلّ جوارح الإنسان إلى الحياة التافهة، والذلة والمسكنة، وقبول الانحراف والاستسلام، والخلود إلى الكسل والرهبنة. فالشعور بالمسؤولية شرارة الثورة على الفساد.
- العمل.. لا الدعاء وحده:
الدعاء: توسل واستغاثة لجلب الخير ودفع الضر.
وإذا توجه العبد بالدعاء إلى الله تعالى، اتصل برب الأرباب، وتعلق بمسبب الأسباب، واستعان "بالصمد" الملجأ الأحد في استجابة الدعوات، وقضاء الحاجات.
واتصال الإنسان بخالقه: يمنحه القدرة بعد العجز.. والقوة بعد الضعف.. والكرامة بعد الهوان، لأنّه اتصال المخلوق العاجز الضعيف الهين، بالخالق القادر القوي العزيز.
فالله تعالى لا يقيم للإنسان، بل للبشرية جمعاء، وزناً لولا هذا السمو الروحي، والتعلق النفسي، به سبحانه، والذي يحققه الدعاء.
(قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ) (الفرقان/ 77).
الّا أنّ الإسلام العظيم: يرفض رفضاً قاطعاً، الفرار من العمل، حيث يجب، والانصراف إلى الدعاء وحده.. ويمنع منعاً باتاً، الهزيمة من المقاومة والتضحية، حيث تجب، والتوسل بالدعاء وحده.
فرسول الله (ص) كان يجد ويحشد كلّ قواه لتعبئة جيشه الإسلامي، تعبئة عسكرية مادية ومعنوية مثلى.. وبعدها، يتوجه في طلب التوفيق والنصر من الله تعالى.
"من سأل الله التوفيق.. ولم يجتهد فقد استهزأ بنفسه" (الإمام علي بن موسى الرضا (ع)).
- العمل.. لا الولاء وحده:
وان حبنا وولاءنا لرسول الله (ص)، وأهل بيته (ع)، واجب، تفرضه العقيدة بالله، ويستلزمه الإيمان بالإسلام.
ذلك لأننا لم نخرج من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام.. إلّا بفضل جهادهم وتضحياتهم البطولية السخية الرائعة.. وقياداتهم الحكيمة الرشيدة الرائدة.
وقد أمرنا الله تعالى بمودتهم: (.. قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى...) (الشورى/ 23).
الا أنّ هذه المودة، مع الاقرار بوجوبها، لا تغني أبداً عن العمل بالإسلام، ولا تعفي اطلاقاً من العمل للإسلام.. فالصلاة لا تغني عن الصوم.. والحج لا يسقط الزكاة، وهكذا سائر الواجبات المطلوبة والمفروضة على المسلمين، لأنّها متكاملة لا يسقط أحدها بأداء الآخر.
كما أنّ الحب الصادق لرسول الله (ص)، وأهل بيته (ع)، يلزم أن يدفعنا إلى التمسك الواعي بالإسلام، ومواجهة تحديات أعدائه، بصلابة عقيدة، ورسوخ إيمان.
فالمسلم الذي يترك العمل بالإسلام.. أو يدع العمل من أجل الإسلام، اتكالاً على مجرد حبه أو ولائه لرسول الله (ص)، وأهل بيته (ع)، إنما يكذب في حبه، ويماري في ولائه.. لأنّه يتيح المجال لسيطرة الجاهلية على مرافق الحياة الإسلامية:
"لا تدعوا العمل الصالح والاجتهاد في العبادة اتكالاً على حب آل محمد" (الإمام علي بن موسى الرضا (ع)).
- يا أُمّة محمد (ص):
إنّ التقاعس عن النهوض بالمسؤولية وحماية أعبائها من أخطر الأمراض التي فتكت بمجتمعنا، وساعدت على شيوع المنكرات. وتعطيل الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر..
وان مراتب المسؤولية الإسلامية:
أوّلاً: الشعور بالمسؤولية.
ثانياً: الإيمان بالمسؤولية.
ثالثاً: الاستعداد لتحمل المسؤولية.
رابعاً: التفكير بمتطلبات المسؤولية.
خامساً: العمل الرسالي لأداء مهام المسؤولية.
وانّه لا يمكن بلوغ هذه المراتب إلّا بتوظيف كافة الطاقات الفكرية والمالية والاجتماعية المطمورة لدى الأُمّة، لصالح الإسلام.. وتنسيق عوائد العمل، وتصعيد الوعي الرسالي، وتوجيهها نحو الأهم فالمهم، من مشاكلنا وأهدافنا العليا المشتركة.. ومواصلة السعي النضالي من أجل انتصار الإسلام مهما طال الزمن..
"لنا حق فان أعطيناه.. ولا ركبنا أعجاز الابل، وان طال السري" (الإمام علي (ع)).►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق