قد يكون للصوم تأثيراً كبيراً في علاج إلتهاب المفاصل الروماتيزمي. الامتناع عن الطعام والشراب – بإستثناء الماء – قد يبدو وكأنّه اتخاذ نمط غذائي بهدف السيطرة على الالتهابات. إنّ الإستغناء عن اللبن الرائب ومخلل الملفوف والموز يلعب دوراً في كبح تسارع التهاب المفاصل الروماتيزمي؛ لكن للصوم الكامل نتائج مثيرة وسريعة.
لطالما كان الصوم – عبر التاريخ – جزءاً من الشعائر الدينية ولطالما استعمل كعلاج لأمراض عدّة. الطب اليوناني القديم والذي يعتبر أساس الطب الحديث كان يوصي بالصوم لعلاج أمراض متنوعة ومتعددة. الامتناع عن الأكل لثلاثة إلى سبعة أيام يبدو مستحيلاً وخطيراً، ولكن بإمكان الإنسان البقاء بدون طعام لمدة أربعين يوماً دون أن يكون لذلك أيّة آثار سلبية.
الصوم لمدّة تزيد عن ثلاثة أيام يجب أن يكون تحت إشراف الطبيب المعالج، خاصة لأولئك الذين يتداوون بالعقاقير. فالأدوية الأكثر استعمالاً لمعالجة التهاب المفاصل الروماتيزمي بما فيها المسكنات والكورتيزون، قد تتسبب بإحداث خلل في عمل الكليتين إذا استعملت أثناء الصوم. من هنا، وفي مثل هذه الحال وحتى يكون صيامك غير محفوف بالمخاطر، عليك مراجعة الطبيب أوّلاً وقبل الامتناع عن استعمال بعض الأدوية.
بعض الناس لا يستطيعون الصوم مطلقاً وإلّا تعرّضوا لمشاكل صحّية. من هنا، فمن الأفضل التحول إلى اتباع نظام غذائي يعتمد على الأطعمة الكاملة والعضوية. على الطبيب، خلال فترة الصوم، مراقبة ضغط الدم ومستويات الحديد في الدم أيضاً. وفي حال بيّنت الفحوصات المخبرية أي تغيير حاد، فعلى الطبيب أن يطلب إليك وقف الصوم فوراً.
عندما تكون صائماً، نادراً ما تسنح الفرصة لجسدك باستعادة التوازن. خاصة في غياب الضغط الناتج عن عملية الهضم للطعام ثلاث مرّات يومياً. في كتابه (الصوم، الأكل، من أجل الصحة) يقول الدكتور جويل فوهرمان: "الصوم العلاجي فعّال لأنّ الجسد يمتلك قدرة ذاتية على الشفاء، وذلك بمجرد إزالة العوائق التي تحول دون الشفاء".
من المهم جداً الاستعداد للبدء بالصوم كما لوقفه. بعد تمضية أسبوعين من تناول الأطعمة الكاملة يبدأ العد العكسي نحو الصوم بتناول الخضراوات، الفاكهة، والأرز. إنها الطريقة الأسلم للبدء بالصوم دون التسبُّب بأيّة صدمة للجسد. وعند نهاية المطاف، سيأتي وقت العودة إلى الحياة الطبيعية. هذه العودة تتطلب التصرُّف بعناية، فابدأ بالوجبات الصغيرة السهلة الهضم المعتمدة على الخضار والفاكهة والحبوب الكاملة وشيئاً فشيئاً ابدأ بإضافة الدهون والبروتينات على أن يستغرق ذلك يومين أو ثلاثة أيام تتوقف بعدها عن الصوم.
بعد اليوم الثاني أو الثالث على بدء الصوم، يختفي الإحساس بالجوع وتبدأ التحولات تأخذ مكانها. الجسد يستمد حاجته للطاقة مما سبق له وخزّن، كما تحدث تغيرات داخلية لحماية أنسجة العضلات وتوفير الطاقة من مخزون الدهون. إنّه الجسد يُطهِّر نفسه بنفسه. يتخلص من السموم، ويرتاح من همّ العمل على هضم وجبة بعد وجبة وعلى مدار اليوم. يستغل الفرصة للتخلص من النفايات المتراكمة في أنسجة الجسد. الكبد وجهاز المناعة الذاتية سيعملان بصورة أفضل أثناء فترة الصوم.
الاستخدام الواعي للحقن الشرجية مفيد جداً في عملية تنظيف وتطهير الجسد، إنّها أشبه بعملية فرك الجلد قبل الاستحمام وأثناءه وبالتناوب مع المياه الباردة أو الساخنة. خلال فترة الصوم، حاول الاستراحة بقدر ما تتمكّن. تجنّب الضغط النفسي واستفد من فترات الراحة للقيلولة.
إذا كانت فترة الصوم الطويلة مزعجة ويصعب عليك تحمُّلها، بسبب التداوي أو عوامل أخرى، فهناك حلول أسهل بمقدورك إتباعها: الصوم عن الماء لمدّة يوم واحد أمر سهل وآمن ولكن ليس للذين يستعملون الأنسولين لمعالجة السكري. أمّا أولئك الذين لا يرغبون بالامتناع عن الطعام، فبإمكانها إتباع حمية التطهير ليوم واحد كل أسبوع فيقتصر طعامهم على الخضار العضوية والطازجة، الفاكهة، الماء والشاي. الصوم لفترة طويلة هو أكثر فعالية من تلك الحلول الأخرى، إلّا أنها مفيدة إلى حدٍّ بعيد. أمّا أولئك الذين يرغبون الصوم لفترات قصيرة أو إتباع حمية تنظيفية، فهؤلاء ليسوا بحاجة لإشراف الطبيب.
- الآثار الجانبية للصوم:
ليس مستغرباً أن يشعر الصائمون بالغثيان، الصداع، رائحة جسم كريهة، طفح جلدي، حكة، تعب وغيرها من العوارض غير المستحبة. في حين يكون الجسد يحرق مخزون الدهون، تكون حركة السموم على حالها في الدورة الدموية بانتظار لحظة التخلص منها وإفرازها خارج الجسم، إذ من الصعب القضاء عليها بالسرعة المتوخاة. قد ترتفع إلى مستويات عالية جداً في الجسم، بحيث تشعر بالسُّوء قبل الإحساس أنّك أفضل. كلما شعرت بعوارض أكثر، فهذا يعني أنّ جسدك يختزن الكثير من السموم التي خير عزاء لك هو معرفتك أنها تخرج من جسدك.
الكاتب: د. إيرل ميندل/ ترجمة: د. علي الحداد
المصدر: كتاب العلاجات الطبيعية (لإلتهابات المفاصل والروماتيزم)
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق