• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

ضرورة القانون والتشريع في المجتمعات

ضرورة القانون والتشريع في المجتمعات
◄عن رسول اللَّه (ص) قال: «القرآن غنى ولا غنى دونه ولا فقر بعده».

إنّ‏َ لمن الضروري لكلّ‏ِ أمّة لكي تنهض وتتقدّم أن يكون لها قانون ونظام وتشريع تعتمد عليه في حياتها الفردية والاجتماعية. فالتشريع ينظِّم لأي أمّة شؤونها الدنيوية حتى لا يصبح هناك فوضى، وحتى لا يكون لكلّ‏ِ إنسان قانونه الخاص، ونهجه المتفرِّد، فيتَّبع كلّ‏ُ إنسان هواه وميله وما يشتهيه، فحينئذ يصبح النظام فوضى، والشريعة شهوات، والقانون أنانيّة ومصالح ضيّقة.

القانون والتشريع متناسقان مع التقدّم والحضارة، فإذا فُقدا (القانون والتشريع) فُقِدت الحضارة، هذه حقيقة يثبتها الوجدان، وتجارب الأمم عبر التاريخ.

فما من أمّة خلت من تشريع أو نظام أو تفلتت منهما ولم تطبقهما إلا وكان مصيرها الفساد والموت والاندحار.

إنّ‏َ الإنسان يختلف عن الحيوان في أن لديه تشريعاً وقانوناً يسير عليه، أو بالأحرى: إنه قابل لأن يسير على النظام والشريعة لو أراد، لأنه يملك العقل والإرادة، بخلاف الحيوان الذي لا يملكهما.

إننا إذا نظرنا إلى التاريخ نجد أنه حتى الإنسان (القديم) البدائي هو أيضاً لديه شريعة على قدر مستواه من الرقي والتمدُّن، فهو يتبع تُراث قبيلته، وما تراث القبيلة إلا مجموعة أنظمة وعادات وشرائع.

يقول«ألفرد رسل ولاس»: «لقد عشت مع جماعات الهمج في أمريكا الجنوبية وفي الشرق، ولم أجد بينهم قانوناً ولا محاكم سوى الرأي العام الذي يعبِّر عنه أهل القرية تعبيراً حُرَّاً، فكلّ‏ُ إنسان يحترم حقوق زملائه احتراماً دقيقاً، فالاعتداء على هذه الحقوق يندر وقوعه أو يستحيل، إن الناس جميعاً في مثل هذه الجماعة متساوون تقريباً».

فأنت ترى في هذه القبيلة أنه لا يوجد لديها قانون مكتوب ولكن في النتيجة لديهم عرف وعادات متّبعة وهي بمثابة تشريع ولو كان بدائياً.

وتجدر الإشارة إلى الفارق بين التقاليد والأعراف والعادات وبين القانون والتشريع والنظام، فالأولى وإن كانت تعطي شيئاً من الاستقرار والنظام إلا أنها ضرورية لمرحلة من عمر الإنسانية على الأرض، إنها تصلح لمجتمعات ضيِّقة بدائية، وكلّما تطوّر الإنسان واتسعت المجتمعات وتعقّدت علاقاتها كلما احتاج الأمر إلى القانون والتشريع، ولا تكفي التقاليد في السير به نحو الأمام.

 

وإذا أضيف إلى القانون والتشريع مشرِّع غير إنساني، أي كان إلهياً سماوياً، كان لهما (أي للقانون والتشريع) قوَّة أكبر في التأثير على الإنسان.

فشتَّان بين التشريع الإنساني المحكوم لنقصه وضعفه، لعدم معرفته بكلّ‏ِ ما يصلحه وما يفسده، ولكونه يتبع هواه ومصالحه، وبين التشريع الإلهي الكامل؛ باعتبار أن خالق الإنسان أعرف به وبأمراضه ومشاكله وكيفية علاجها.

خذوا مثالاً: الإنسان الجاهلي عندما كان يُقتل أحدُ أقربائه، فيقول: إنّ الثأر ثأري وسأردّ عن نفسي ما لحق بي، فيقتل دون حسيب أو رقيب، ولا يكتفي بقتل القاتل وإنما لو تُرك وقدرته لقتل عشيرة القاتل بأجمعها!

هذا مثال واحد على ذلك، وإذا أردنا أن نكثر من الأمثلة لطال بنا المقام.

القانون الإنساني الوضعي ينظر إلى الأرض فقط وإلى جسد الإنسان ويغفل طاقاته الأخرى، بينما القانون الإلهي (القرآن الكريم) ينظر إلى الأرض وإلى السماء، إلى الدنيا وإلى الآخرة، إلى الجسم وإلى الروح، ينظر إلى ابن آدم بكلِّه لا لجهة واحدة من جهاته. ►

ارسال التعليق

Top