• ١٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

العنصر الشبابي في بناء الأُمّة

حسين خضر

العنصر الشبابي في بناء الأُمّة

◄تعتبر مشكلة البطالة والفراغ الناشئتين من تراكمات اجتماعية وأسباب أخلاقية، ومحرضات خارجية، واحدةً من المعضلات الرئيسية التي تجتاح المجتمع، وتمنع من الاستفادة المضمونة من عالم الشباب، الذي يفترض أن يُشكِّل الحلقة الأكثر نشاطاً وإنتاجاً في حلقات الأجيال، والتي يوليها الإسلام أهميّة خاصّة.

فالشباب في الإسلام هم عماد الأُمّة وضمانة تطوُّرها، وهم طليعة المدافعين عن ثغور هذه الأُمّة، سواء في المجالات العسكرية أو العلمية، أو الاقتصادية أو الصناعية، أو غيرها من القطاعات الحيوية المنتجة.

كما إنّ الدور الذي يمكن أن يضطلع به الشباب، بقي على مدار الساعة محط أنظار القوى الهدامة وحركات الإفساد، فقد استثمرت مئات الملايين من الدولارات، وعشرات الآلاف من الخطط والطرق، وملايين السعات، والهدف واحد، هو إطلاق أساليب تحجب الشباب المسلم عن متابعة دوره في الأُمّة.. حتى تكاد تؤكد بأنّ مجمل أنشطة الغرب الإفسادية متوجهة فقط إلى الشباب، الذي ينشد شخصيته بعد سنوات من القمع المدرسي والرقابة الاجتماعية والعائلية الصارمة، والذي يقف مع هذا التحول عند مفترق طرق بين التغيير الفاعل والانزلاق في إشراك الفساد والإفساد ليتحوّل إلى عنصر من عناصر التدمير.

وفي مجمل الدعاية الغربية، تكاد ترى فيلم السينما والتلفزيون، وبرامج اللهو، وأفكار التحرر الموجهة إلى الشباب مرتكزة على الأمور التالية:

1- اعتماد أسلوب التكرار المشوق لدعوات الرذيلة والعنف، والتحلل من كثير من عادات المجتمع وقيمه، وينتج عن هذا الأسلوب الذي يعتمد فكرة التلقين المعرفي في إيصال الملتقي وهو الشباب إلى قبول هذه الأفكار بالمبدأ، طالما أنّ أجهزة الدعاية تأخذ دور جهاز التربية، فيما المجتمع في حالة اللامبالاة.

2- تطويع أدوات التلقين كافة لمصلحة الأفكار الهدّامة، الأمر الذي يؤدّي إلى محاصرة الشباب وجعلهم أسرى لهذه الأدوات دون غيرها.

3- الإتكال على التقنية المتقدمة التي تمنح مروّجي الأفكار تفوقاً في الأداء والتوصيل، وفي هذه التكنولوجيا حلٌّ وافٍ لتطلع الشباب الدائم إلى الانطلاق والابتكار، وهنا تقوم التقنية المتقدمة بدورٍ ناقلٍ للشباب إلى عالم الخيال، والخيال فقط، وتسلب منه قدرته على الإبداع والإبتكار.

4- تقديم الأبطال وشخوص السينما كنموذج للإنسان الكامل، بهدف تحطيم صور القادة الروحيين والأشخاص المقدّسين عند الشباب.

5- مدح العبثية والفوضى باعتبارها صفة محمودة لدى الشباب.

6- تمجيد الأفكار التي تطلق الشباب وتبعده عن قيم المجتمع وأعرافه وعاداته.

7- اعتبار الدين والتديُّن عنوان تخلُّف وتراجع بالحياة الإنسانية، خلافاً للعبثية وأفكار الإلحاد المغطاة بالبرامج آنفة الذكر.

ومن هذه الخطط والبرامج يسعى المتولّون لأنشطة الإفساد إلى التركيز على طائفة واسعة من الشباب، وقد بدأت هذه البرامج من المدرسة والجامعة والنادي والشارع، وتهدف إلى إيجاد سلسلة طويلة من المشاكل تندرج في هذا السياق.

وللأسف، فإنّ الغالبية العظمى من شباب اليوم واقعة تحت هذه المشكلة، فلم يجدوا حلاً غير الفرار من الواقع، والهجرة إلى إحدى الدول الغربية طمعاً بحياة رغيدة وتحصيلاً لمستقبل جيد، وماذا كانت النتيجة؟ الوقوع تحت براثن عصابات التخريب، والانزلاق في هاوية الشرك والفساد.

فكم من الحالات التي عاد بها شبابنا جثثاً هامدة نتيجة للصراع مع إحدى المافيات؟ أو نتيجة للإفراط في تعاطي المخدرات؟ أو حتى نتيجة لأمراض خطيرة سببها الإستغراق في الإنغماس باللذّات المحرمة؟

وهنا نستعرض بعض المقدمات التي يجب اعتمادها مع العنصر الشبابي حتى لا يستغرق في تدمير مستقبله ومستقبل مجتمعه معه:

أوّلاً: زرع الدين كقيمة اجتماعية تربوية في نفوس هؤلاء الشباب، بدءاً من المدرسة ووصولاً إلى الجامعة.

ثانياً: محاورة هؤلاء الشباب وإشعارهم بمسؤولياتهم تجاه الأُمّة ومناقشة مشاكلهم وآمالهم وأفكارهم.

ثالثاً: إرشادهم إلى أقصر السُّبُل التي تعينهم على أخذ قرارهم بنفسهم بعيداً عن أي تشويش، داخلياً كان أو خارجياً، من بنيتهم التربوية، أو من التأثيرات الخارجية.

وأخيراً: إنّ الأمانة الملقاة على عاتق هذه الطائفة كبيرة جداً، لأنها بلا شك اللبنة الأساسية لمستقبل هذه الأُمّة التي تعيش صراعاً مريراً مع الأفكار الهدّامة.►

ارسال التعليق

Top