• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

حماية الطفل من أمراض الماء والشمس في الصيف

د. علي الربيعي

حماية الطفل من أمراض الماء والشمس في الصيف
◄لكل موسم أمراض ترافقه، وتختلف أمراض الكبار عن أمراض الأطفال الذين غالباً ما تكون إمراضهم معروفة لدى العائلة بفعل تكرارهم في كل موسم، ومن أهمها النزلات المعوية التي تتسبب بالإسهال والقيء وإرتفاع درجة الحرارة وكذلك مرض الحمى الشوكية والإلتهاب السحائي والصحبة وغيرها.   -        العواصف الترابية والفايروسات: تشهد بعض الدول في فصل الصيف حدوث العديد من العواصف الترابية التي تتسبب بأمراض تنفسية عديدة خاصة لمن يعانون من أمراض القصبات الهوائية والتحسس والربو ويكون الأطفال من أكثر المتضررين منها بفعل ضعف وعيهم الصحي وعبثهم بأشياء تكون قد تعرضت للغبار الذي غالباً ما يكون محملاً بمختلف أنواع الفايروسات بعكس الفهم الخاطئ الذي يشيع أحياناً بأن هذه العواصف ستغطي أماكن ملوثة بالأمراض وتقضي عليها، فيما إنّ الصحيح إنها حيثما تتنقل تحمل في مسارها ما تحمله من سطح التربية وغالباً ما تمر بمناطق ملوثة بالعديد من الأوبئة فتصبح وسطاً نشطاً ناقلاً للأمراض. وأيضاً يلعب الذباب وإنتشاره في البيئة غير النظيفة دوراً في التسبب بأمراض مختلفة وغالباً ما تكون ضحيته السهلة الأطفال.  

-        ارتفاع حرارة الطفل: في وقت متأخر من الليل دخلت إلى المستشفى حيث كنت خافراً في عيادة الطوارئ، سيدة شابة تحمل طفلتها على صدرها وهي مضطربة ولا تكاد تسيطر على كلامها، لا هي ولا زوجها وهما يحاولان إخباري إن إبنتهما تعاني من إرتفاع حاد بحرارتها، كانت الأُم قد غطت طفلتها بأكثر من غطاء لإعتقادها إنّ هذا الأمر هو أفضل وسيلة لحمايتها في وضعها ذلك، وشعرت بهلعها حين طلبت منها أن تنزع كل ما على الطفلة من ملابس وأغطية، وكادت أن تنتزعها من يدي ويد الممرضة حين وجدتنا نضع الطفلة في حوض الماء لنسرع بإنزال حرارتها، كنت واثقاً إنّ الأُم حديثة العهد بتربية الأطفال وتأكد لي ذلك حين علمت أنها طفلتها الأولى التي كانت في شبه غيبوبة بسبب الحرارة المرتفعة التي تعاني منها، لكنها حين فتحت عينيها بعد الحمام السريع الذي عملناه لها إستوعبت الأُم الدرس وكان عليّ أن أكمل توضيح الحالة لها والتي تتلخص بالآتي وهي تعليمات على كل أم العمل بها في الحالات الطارئة: على العائلة أن تحرص على وجود مقياس لدرجة الحرارة في صيدلية البيت وحين ترتفع درجة حرارة الطفل لأسباب متعددة سنشرحها لاحقاً، فسيكون على الوالدين الإسراع بانزال هذه الحرارة التي إن كانت أكثر من 38 فلابدّ من إستخدام التحاميل التي تعمل على إخفاض الدرجة وفي حالة وصولها إلى أكثر من 39 فلابدّ من عمل الكمادات للطفل على أن يتم الإبتعاد عن الثلج والماء البارد حتى لا يصاب الطفل بنزلة شعبية. أما إذا استمرت درجة الحرارة مرتفعة على مدار اليوم فيجب إستشارة الطبيب فربما يكون الطفل مصاباً مثلاً بالتهاب اللوزتين.  

          

-        ضربة الشمس: كثيراً ما نرى في الإشارات الضوئية العديد من الأطفال والكبار وهم يبيعون مختلف الأشياء وربما يتسولون بطرق تجعل أجزاء من أجسادهم ظاهرة تحت لهيب الشمس الحارقة ودون غطاء للرأس، وهذا الأمر يجعلهم عرضة للإصابة بضربة الشمس وأيضاً سرطان الجلد والحروق وضربة الشمس كثيراً ما يُصاب بها الإنسان نتيجة التعرض والوقوف في وهج الشمس المحرقة لساعات طويلة خصوصاً في الأماكن المزدحمة، ومع زيادة الرطوبة النسبية يتأثر جسم الإنسان وخصوصاً بشرته وجلده الذي هو أكبر وأكثر الأجزاء من الجسم تأثراً بأضرار الشمس وحرارتها ويترتب على ذلك فقدان كمية كبيرة من سوائل الجسم بسبب التبخر والعرق بالإضافة إلى بخار الماء الخارج مع زفير الهواء أثناء التنفس، كل ذلك يؤدي إلى فقد حجم الدم السائر بالأوعية الدموية، ويتضاعف هذا النقصان في كمية الدم بإتساع وتمدد الشرايين بالجلد وما تحته فيؤدي إلى زيادة نسبية في حجم ومساحة الأوعية الدموية دون ما يقابلها أي زيادة نسبية في حجم الدم، فتحدث كل مضاعفات هبوط ضغط الدم وفقدان السوائل والأملاح وبصفة خاصة إذا حدث ذلك في فترة وجيزة. ويتأثر الأطفال وكبار السن أكثر من متوسطي العمر.. كذلك تكون حرارة الشمس أكثر خطورة على مرضى السكر الذين يعانون إرتفاعاً في ضغط الدم.  

-        إرواء العطش ليس بالماء فقط: النقطة المهمة التي يجب التركيز عليها في معالجة حرارة الصيف هو تجنب العطش وذلك باستخدام السوائل بجميع أنواعها وبالذات السوائل التي تحتوي على أملاح مثل العصائر أو المياه الغازية وليس بالماء فقط، لأنّ التعويض بالماء فقط يؤدي إلى نقص الأملاح النسبي بالجسم، وبالتالي يشعر المريض بمزيد من الهزال والضعف لأنّ السوائل المفقودة من الجسم عند العرق تحتوي على كمية من الأملاح، ولهذا يجب عدم القيام بأي مجهود عضلي أو رياضي أو السير لمسافات بعيدة أو حتى كثرة الكلام لمدة طويلة.   -        حروق الشمس للجلد: يعتبر فصل الصيف من أكثر الفصول تأثيراً على الجلد، إذ ترتفع درجة حرارة الجلد ويزداد إفراز العرق فيحدث إنسداد بفتحات الغدد العرقية ويبدأ ظهور حبيبات صغيرة حمراء في حجم رأس الدبوس، وغالباً ما يصيب الأشخاص المعرضين لارتفاع درجة الحرارة والأطفال (الرضع) هم أكثر المعرضين للإصابة به أكثر من البالغين وتظهر الحبيبات في المناطق المعرضة لإحتكاك الملابس وخصوصاً تلك التي تصنع من الخيوط الصناعية، لأنّها تمنع نفاذ العرق وتزيد بالتالي من درجة حرارة الجسم ويصاب الإنسان بحكة شديدة.. وعند الأطفال غالباً ما تتحول هذه الحبيبات الحمراء إلى خراريج تنتشر بكافة الجسم. لهذا كلّه فإنّ التهوية وعدم التعرض لأشعة الشمس وإرتداء الملابس القطنية يساعد على تبخر العرق مع الحرص على عدم حك الجلد بشدة، كما ينبغي إستخدام الدش البارد مع قليل من الصابون فقط، دون إستخدام الليفة، بالإضافة إلى إستخدام إحدى الكريمات التي تحتوي على مادة (التتراسيكلين) على المناطق المصابة.   -        الحصف تكثر الإصابة به خلال الصيف ويعني إصابة الجلد بالميكروب العنقودي أو السبحي أو بهما معاً ويصيب هذا المرض الأطفال في سن من 5-7 سنوات، ويظهر على شكل فقاقيع مكونة من قشرة سميكة تبدو على شكل دوائر على الجلد وللوقاية في هذه الحالة لابدّ من الإهتمام بنظافة الطفل الشخصية.   -        النزلات المعوية: النزلات المعوية من أهم أمراض الجهاز الهضمي، نظراً لكثرة تناول الأطعمة خارج المنزل، وهي عبارة عن تسمم غذائي بميكروب السالمونيلا.. وقد تكون الإصابة بها بسيطة أو شديدة جدّاً، وتبدأ أعراضها بعد ساعات قليلة من تناول أي أطعمة ملوثة بهذا الميكروب، ويعاني المريض من إرتفاع بالحرارة وغثيان يصل إلى حد القيء وآلام بالبطن مع إسهال أحياناً يكون شديداً ومتواصلاً مما يسبب الجفاف والهبوط بالدورة الدموية وخصوصاً في الأطفال والشيوخ. ورغم خطورة هذه الأعراض إلا أن أغلب المرضى يتماثلون للشفاء في خلال أيام قليلة بالعلاج الناجح. ومن الملاحظ أنّه قد يختلط تشخيص النزلات المعوية التي يسببها ميكروب السالمونيلا مع التسمم الغذائي الذي تسببه الميكروبات العنقودية أو يختلط في التشخيص مع النزلات المعوية الفيروسية الأميبية أو الدوسنتاريا، وعلاج هذه الحالات يكون عن طريق إعطاء المحاليل المناسبة خصوصاً في حالة الجفاف، أو تعالج بمركبات الكلورامفنيكول أو بغيرها.   -        التايفوئيد: قد يصاب الإنسان في الصيف بالحميات المعوية الحارة (التيفود والباراتيفود) وحمى التيفود يسببها ميكروب السالمونيلا الباراتيفودية بأنواعها الثلاثة أ، ب، وتختلف فترة حضانة المرض من أسبوع إلى ثلاثة أسابيع، وتكون فترة الحضانة أقصر في حميات الباراتيفود عنها في حميات التيفود وتعتمد شدة الإصابة على كمية الميكروبات الملوثة للطعام الذي تناوله المصاب وعلى درجة مقاومته ومناعته ضد هذا المرض. ومن أعراض الإصابة بهذه الحميات أنها تبدأ بفقدان الشهية والصداع ويكون على هيئة ألم مستمر بالجبهة، ويكون الإحساس بالإعياء ظاهرة متغيرة ومتزايدة خلال فترة ظهور الأعراض. وللخروج من متاعب أمراض الجهاز الهضمي خلال فصل الصيف يجب تناول الوجبات الخفيفة وتجنب الدهنيات والإكثار من شرب السوائل والامتناع تماماً عن تناول الأطعمة المكشوفة أو إستعمال أدوات الآخرين مع الإهتمام بقواعد النظافة والصحة العامة.►

ارسال التعليق

Top