• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

دماغ المرأة ودماغ الرجل وأثرهما على الصمت

أ. د. أمل المخزومي

دماغ المرأة ودماغ الرجل وأثرهما على الصمت
   تشير بعضُ الأبحاث إلى أنّ مخّ المرأة يتميز بتعرُّجات أكثر من الموجودة في مخّ الرجل، وأنّ مخها يحتوي على روابط بين فصيْ المخ ممّا يساعدها على مَزْج الفن والخيال والعلوم واللُّغة بعضها ببعض، إضافة إلى إجادتها للُّغة والتفنُّن في استعمال تلك اللغة بشكل يُلفت الانتباه مقارَنةً بالرجل؛ ولهذا يحسدها بعض الرجال على تلك المهارة والإمكانية. للمرأة أيضاً القدرةُ على استعمال فصيْ المخ بشكل جيِّدٍ فيمكنها ذلك من التحكُّم بعواطفها ولُغتها، فتتحدث بعواطفها وبالتالي تثير عواطف الآخرين نحوها. وتشير أبحاثٌ أخرى إلى أنّ عدد خلايا الدماغ لدى الرجل أكثر منها لدى المرأة بنسبة 4%، بينما تزداد شبكاتُ الاتصال في مخِّ المرأة أكثر من مخ الرجل ولهذا تكون النساء أكثر تأثُّراً بالتجارب من الرجل ولهذا تستطيع المرأة أن تحتفظ بتلك الخبرات والتجارب بشكل مكثّف أكثر بكثير مما يستطيع الرجل؛ فتتذكر الأحداث وتفاصيلها أكثر من الرجل، وهذا يساعد المرأة على إطالة بالحديث عن الذكريات ويصمت الرجل أمامها متعجباً من تلك الميزة. تتميز مناطقُ استقبال اللغة وإرسالها لدى المرأة بأنها أغنى من مثيلاتها لدى الرجل بحوالي 13% في مناطق الاستقبال و23% في مناطق الإرسال، ولهذا تستطيع المرأة أن تستلم اللغة وترسلها بشكلٍ أسرع مما يستطيع الرجل بحيث تأخذ حصة الأسد في التحدُّث والكلام. أمّا الرجل فتكون المناطق المتعلِّقة بالقياس والأبعاد والأجسام لديه أكبر من المرأة؛ ولهذا نجد الرجل يفكر في تلك المجالات التي لا تحتاج إلى الكلام وبالتالي يكون كلامه أقل من المرأة. فعلى سبيل المثال إنّ وجَّهْت سؤالاً لرجل وامرأة لإرشادك لعنوان مُعيَّن ترغب في الذهاب إليه، فإنّ المرأة توضِّح لك العنوان بدقة وتستعمل إشارات اليدين والكلام في الوصف معاً وتعطيك عدة أسماء لأماكن قريبة من العنوان كاسم مخزن معيّن واللوحة الفلانية الحمراء أو الخضراء... إلى آخره بإسهاب وتفصيل. أمّا الرجل بشكل عامٍّ فيصف لك العنوان ويعرِّفه لك بتحديد الجهات والمسافات، ويقول لك، إنّ المكان على بُعد كذا متر، ويقع شمالاً أو جنوباً أو إلى الشرق من كذا، ويكتفي بذلك أي أنّه يختصر الكلام. تتحدَّث المرأة بإسهال وأحياناً ينزعج الرجل من ذلك وبعضهم يتجرأ ويطلب منها أن تُوجز الكلام. يتميز الرجل بقدرته على الاستدلال والقياس والاتجاهات ومن السهل عليه أن يتعرف على العنوان الذي يريده أيضاً، ولديه القدرة على تحديد المسافات وقياسها ولكنه كثيراً ما ينسى أشياء بالرغم من أهميتها في حين تتابعه زوجته وتحتفظ بتلك الأشياء وتقدمها له عند السؤال عنها كمكان كتاب، أو النظارات، أو دفتر التليفونات، أو مفتاح السيارة... إلخ من أدوات يستعملها يوميّاً وبالرغم من ذلك فإنّه ينساها وكلّما تقدّم في السن زاد هذا النسيان. أمّا المرأة فإنّها تتذكر ذلك بالرغم من أنّها في العمر نفسه. تميل أُذُن المرأة إلى التقاط الكلمات المحبَّبة لها، والتي تتأثر بها من الناحية العاطفية أكثر من الرجل، كما أنّ لها القدرة على ملاحظة الآخرين خاصة سلوك الزوج مما يثير المشاكل بينهما أحياناً، وتذكر أن حاستها لا تخيب ظنها وأحياناً يكون ما اعتقدت أو ما تعتقد صحيحاً، وربما تلعب الصدفة دورَها في ذلك وتساعدها على إثبات ما تشعر به!.   - فعاليات نصفي الدماغ: ذكرت المخزومي أنّ الإنسان يحمل جهازاً عصبيّاً وكمبيوتر بشرياً عجيباً حيَّر العلماءَ، ووقفوا أمامه عاجزين عن معرفة أكثر أسراره بالرغم من التقدُّم وتلك التكنولوجيا المتطورة. وقد واجه العلماء صعوباتٍ لا حصر لها في سبر أغوار هذه الآلة الكيماوية والكهربائية العجيبة. إنّ للخلايا العصبية قدرةً هائلةً على تحويل الطاقة الكيماوية إلى طاقة كهربائية، كما تستطيع الخلايا العصبية أن تشحن نفسها بتلك الطاقة وتفريغها لتنطلق نبضات كهربائية خفيفة ترسلها إلى الخلايا الأخرى المجاورة، أو ترد على الرسائل القادمة من أنحاء الجسم. إضافةً إلى أنها تعمل على إعادة شحن نفسها لتستخدمه لوقت الحاجة. وتتأثر تلك العملية بالخبرة والتجربة والتعلم، وكلَّما كانت تجارب الفرد كثيرة كلَّما تكررت عملية الشحنُ والتفريغ كثيراً وكانت على أشُدِّها. يحتوي الدماغ على (100 بليون) خلية عصبية، وهذا الزخم الهائل يقوم بفعاليات هائلة جدّاً. ومهما توصل العلمُ في معرفة الدماغ فإنّه لا يزال في البداية ولا زالت النتائج قطرة في بحر. يتَّصف الجهاز العصبي للإنسان بصفاتٍ خاصةٍ تميزه عن باقي الحيوانات الأخرى. يقوم هذا الجهاز بنقل المثيرات من البيئة الخارجية عن طريق أجهزة الحواس التي تستلمها والتي تحولها إلى الأعصاب الناقلة التي تقوم بدورها بنقل تلك المثيرات إلى الدماغ. يتميز الدِّماغ البشريُّ بأنّه مركز المعلومات التي تدور حول العالم الداخلي والخارجي المحيط بالفرد. ولا يقتصر عمله على جمع المعلومات من المحيط الخارجي فحسب؛ بل يقوم أيضاً بتصنيف تلك المعلومات وذلك لقدرته على تمييزها وتنقية المعلومات التي يستلمها ليأخذ منها ما يصلح ويحتفظ به في الذاكرة طويلة الأمد ويستدعيه عند الحاجة. كما أنّ لديه القدرة على طَرْح ما لا يصلح من هذه المعلومات عن طريق النسيان. هناك من يعتبر الجهازَ العصبي كمصفاةٍ للمعلومات والمثيرات القادمة من الخارج. (المخزومي، دليل العائلة النفسي).   - نشاط نصفي الدماغ: تطرقت المخزومي إلى أنّه حدث في سنة (1961) في "لوس أنجلوس" عندما كان الطبيبان (Philip Vogel) & (Joseph Bogen)، يجريان عملياتٍ جراحية للمصابين بالصرع، أنّهما وجَدا أنّ هناك بعض النشاطات غير الاعتيادية تحدث في فعاليات الدماغ لدى هؤلاء المصابين بالصّرع خاصةً في المناطق الخلفية والأمامية من الدماغ. كما تطلّب الوضعُ قطع الاتصال بين نصفي المخ (Corpus Callous) من الموضع الذي يعمل على ربط جزئي الدماغ. بعدها شجّع هذا العمل النفسانيين على القيام بتجارب على القِطَطِ والقِرَدة. فعلى سبيل المثال قام النفسانيون: (Roger Michael Gazzaniga) & (Ronald Myers)، (Sperry) بفَصْل أقسام مُخِّ قطٍّ وقِردٍ بدون أن يحدث تأثير على تلك الأقسام من الناحية التشريحية؛ فوجدوا أن لتلك العملية تأثيراً كبيراً على سلوك الحيوان بحيث أصبح يصاب بصداع نصفي شديدٍ. يفصِلُ بين هذين القسمين من المخ فاصلٌ كثيفٌ من الخلايا العصبية يبلغ عددها حوالي (200 مليون) خلية عصبية تقوم بنقل أكثر من مليون (Bits) من المعلومات خلال الدقيقة الواحدة بين نصفي المخ. ويختصُّ كلُّ قِسمٍ منهما بمهامٍّ خاصة به, ويعتبر البعض القسم الأيسر رئيساً والقسم الأيمن ثانويّاً. يستعمل الفردُ نصفي المخ عند دراسة الأمور المعقّدة مثل التجارب العلمية، العلوم المختلفة مثل علم النفس وعلم الفيزياء والكيمياء والذرّة. كما يستعمل فصّ المخ الأمامي في الابتكار والإجادة في العمل، ويستعمل النصف الأيسر من المخ في الكلام ويستعين بالنصف الأيمن عندما يريد أن ينمِّق ويوضِّح معاني الكلمات ويستحدثها. أمّا عند قراءة القصص فإنّه يستعمل نصفي المخ؛ عندها يقومُ القسم الأيمنُ بالتفاعل مع العواطف والأشكال والتخيل والمزاج الذي تحويه القصة، أمّا القسم الأيسر فإنّه يساعد على فهم كلمات تلك القصة. عندما يقوم الفرد بنشاط وفعاليات وإدراك للمواقف المعينة يزداد تدفق الدم والجلوكوز إلى المخ، كما تزداد موجات المخ والنشاط في القسم الأيمن. وعندما يتكلم الفرد أو يفكر في مسائل حسابية يؤدي هذا إلى زيادة النشاط في القسم الأيسر من المخ. وعندما يرى الفرد الشيء أو المنظر بشكل مستقيم فإنّ العينين تقومان بنقل ذلك المنظر إلى القسم الأيمن من المخ، أمّا العين اليمنى فإنّها تنقل فقط المنظر إلى القسم الأيسر من المخ أيضاً. يعود السبب إلى طبيعة ارتباط الأعصاب البصرية الصادرة من العينين بنصفي الدماغ الأيمن والأيسر. فأعصاب العين اليسرى تتصل بنصفي المخ الأيمن والأيسر وكذلك بالنسبة للعين اليمنى، إضافة إلى تقاطع الأعصاب البصرية الذي يلعب دوراً مهماً في نقل المنظر الذي يراه الفرد بحيث تنقل الأعصاب الذاهبة من العين اليمنى المنظر إلى القسم الأيسر من المخ والأعصاب الذاهبة من العين اليسرى فإنّها تنقل المنظر إلى القسم الأيمن من المخ. تحدث فعاليات لا حصر لها في المخ. ويتكوّن هذا المخ من فصّين تربط بينهما شبكةٌ من الأعصاب المترابطة. يحيط بالقسم الأيمن من المخ قشرةٌ (لحاء)، وهذه الطبقة رمادية سمكُها من (4.3 ملم). كما يحتوي المخ على لحاء البصر والغدة النخامية وقرن آمون الذي يقوم بتنظيم فعاليات الذاكرة، واللوزة التي تقوم بتنظيم السلوك والانفعالات. يختص القسمُ الأيمنُ من المخ بالسيطرة على القسم الأيسر من الجسم كاستعمال اليد اليسرى، والرسم، والموسيقى، والرقص، والنحت، والإدراك، والخيال، والانفعالات، والعبادات وغيرها. وهناك أمثلة عديدة من مشاهير العالم الذين كانوا يستعملون اليد اليسرى، منهم: الإمبراطور الروماني (طيباريوس)، والقائد الإنكليزي (نلسون)، والرئيس الأميركي (جيرالد فورد)، والمثل المشهور (شارلي شابلن)، والرئيس الأيركي (هاري ترومان)، والرسام الشهير (ليوناردو دافنشي)، والرئيس الأميركي (كلنتون)، والرئيس الأميركي الحالي (باراك أُوباما)، وغيرهم من مشاهير العالم الذين يوصفون بالذكاء. وتقدَّر نسبةُ من يستعملون اليد اليسرى بين الناس بـ12%. أمّا القسم الأيسر من المخ فإنّه يحتوي على اللحاء الحسيِّ المسئول عن إحساسات الجسم، إضافة إلى اللحاء الحركي الذي يقوم بتنظيم حركة الجسم، والفصِّ الجداري الذي يقوم باستقبال الأحاسيس، والفصِّ الخلفي للبصر الذي يحتوي على منطقة (رنكل) التي تقوم بأحاسيس اللغة، ومنطقة (بروكا) الكائنة في الفصِّ الصدغيّ تلك المنطقة التي تختص بالكلام وذاكرة اللغة، كذلك البصلة الشمية التي تسيطر على حاسة الشم والذوق. يسيطر هذا الجزء من المخ على القسم الأيمن من الجسم كاستعمال اليد اليمنى والعمليات الحسابية واللغة ومختلف العلوم والكتابة والمنطق. وللقسم الأيسر السيادة في الحركة والكلام والسمع لدى من يستعمل اليد اليمنى، ونسبة من يستعملون اليد اليمنى مرتفعةٌ جدّاً وتقدر بحوالي 88%. يختلف الأفرادُ بناءً على قوة وضعف أحد الفصّين، ونستطيع أن نتعرف على ذلك من خلال السلوك اليومي، فإن كان الفرد قويّاً بالمنطق ويبرز في التأليف، فهذا مؤشرٌ على أنّ الفصّ الأيسر لديه هو الأقوى، أمّا إذا كان رسّاماً أو نحاتاً أو موسيقاراً لهذا مؤشر على أنّه يستعمل الفصّ الأيمن من الدماغ بشكل أكبر. كما يستعمل المبدعون الفص الأيمن من المخ أيضاً. إذن يلعب القسم السائد من المخ دوراً مهمّاً في نوعية سلوك الأفراد ونشاطهم ومعرفة ذلك السلوك والدوافع أيضاً. كما يساعد معرفة القسم السائد من المخ كثيراً على تحديد الأسلوب المناسب في معاملة وتعليم الأفراد حسب ذلك الاستعداد (المخزومي، دليل العائلة النفسي). أشرنا سابقاً إلى أنّ الأبحاث وضّحت نقطة الاتصال بين فصي مخ المرأة يكون أكثر كثافة واتساعاً منها في الرجل بنسبة 30%، ولهذه الكثافة أثرٌ كبيرٌ في سلوك المرأة؛ لأنها تعمل على تنشيط الاتصال بين الخلايا بشكل أكبر، الأمر الذي يساعد المرأة على تشغيل نصفي المخ في آنٍ واحدٍ، وبالمقارنة نجد أنّه يصعب على الرجل ذلك. فعلى سبيل المثال، يمكن للمرأة أن تتحدث مع زميلتها بالهاتف وهي منهمكة في طبخ الطعام وفي الوقت نفسه تراقب طفلها الذي يتحرك أمام عينيها يلعب، كما يمكنها سماع حديث جارتها في الوقت الذي تتحدث فيه مع الآخرين؛ أيْ أنّ لها القدرة الفائقة على التحدث والسماع في آنٍ واحد. وتميل المرأة التحدث لمجرد التحدث ولهذا تفضل الجلوس مع صديقاتها وتنسجم معهنّ في أحاديث لا أوّل لها ولا آخر، وإنْ لم تتوفر لديها تلك الفرصة فإنّها تتصل بهنّ هاتفياً للتحدث إليهنّ بينما يتصل الرجل بأصدقائه للضرورة القصوى وللاستفسار عن شيء مهمٍّ ويختصر الحديث معهم خاصة إذا شعر بأنّ الحديث بينهم خرج عن الهدف الذي استعمل الهاتف من أجله.   - مناطق المخ: يقوم المخ بأعمال وفعاليات ونشاطات لا تُعدُّ ولا تُحصَى. يَزِن المخ تبعاً لوزن الجسم. على سبيل المثال، يزِنُ مخُّ الديناصور (1/ 100000) من وزن الجسم، وفي الحوت (1/ 10000) وفي الفيل (1/ 600000)، وفي الإنسان (1/ 45)، وفي القرد الأميركي (1/ 25). ينقسم المخ إلى ثلاث مناطق هي: ساق المخ، والجهاز الجوفي، والمخ الدماغيِّ. وللفائدة نستعرها باختصار على النحو التالي: 1- (Brainstem) ساق المخ، ووظائفه هي: أ- يتصل عمل هذا الجزء بالعواطف ونظام الإثارة، وقد يكون أقوى لدى المرأة ولهذا تسيطر عليها العواطف، يتصل الساق أو يتعامل مع المخ الدماغي ويحتوي على لُبِّ النخاع الذي يسيطر على التنفس وضربات القلب. ب- (Spinal cord) الذي يمثِّل طريقاً للحركة باتصاله مع المخيخ كما أنّه يتحد مع (الثلاموس) التي تشبه البيضة وفي داخل ساق الدماغ توجد تلك الشبكة الهائلة. 2- الجهاز الجوفيُّ (The Limbic system) الذي يتضمّن (الهيبوثلاموس)، والذي يتعلق بفعاليات وأعمال كثيرة مثل الأكل والمساعدة وإدارة النظام والانفعالات وتكرارها، أمّا اللوزة (mygadala) فإن لها علاقة ماسّة بالانفعالات، و(Hippocampus) هو النظام الذي يتولى فعالية الذاكرة، كما أنّ له علاقة بفعالية الغدد التي تفرز الهرمونات في الجسم مثل الغدد الصمّاء وإفراز الأدرينالين والغدة النخامية. لهذا القِسم أيضاً علاقة بانفعالات المرأة. 3- المخ الدماغيُّ (The Cerebral) عندما ينظر الفرد إلى الدماغ يرى منطقة متعرجة ويطلق عليها (سريبرال كوتيكس) طولها (1/ 8 من البوصة) وفيها ملايين الخلايا. كما تقسّم مناطق الدماغ إلى الفصوص التالية: 1- الفصِّ الأمامي، الذي يتولى حركة العضلات والكلام ووضع الخطط واتخاذ القرارات لقد توصل العلماء حديثاً إلى منطقة الناصية الواقعة في أعلى مقدمة الدماغ والتي تتولى عملية اتخاذ القرارات، هناك من يشير إلى أنّ القسم الأيمن من الناصية يتولى اتخاذ القرارات السلبية، أما القسم الأيسر منها فإنّه يتولى اتخاذ القرارات الإيجابية، وكلما كانت المنطقة اليسرى من الناصية لدى الفرد نشطة وفعالة كلما كانت القرارات أكثر دقة وحكمة، كما أنها مسؤولة عن عمليات الابداع والقيادة. 2- الفصِّ الخلفيّ، ويكون هذا في خلف الرأس ويتولى عمليات البصر والرؤية. 3- الفصِّ الصدغي أو قشرة المخ التي تقع تماماً أعلى الأذن وتقوم بفعاليات السمع. وتقوم القشرة الدماغية الحركية بالسيطرة على الحركة للأعضاء، والقشرة الدماغية الحسية باستلام الإحساسات، وهناك مناطق الربط والتي تتولى العمليات العقلية العليا التي تحدث في المخ مثل: التعلم والتذكر والتفكير والكلام.   - حوادث الإخلال بالمخ: قد تؤدي الحوادث التي يتعرّضُ لها الفرد إلى تخريب بعض مناطق المخ، كما تؤثر على سلوك الفرد الذي يؤديه. على سبيل المثال وقع حادث أليم في عام (1848) كان ضحيته شاب يُدعى (Phineas Gage)، الذي تجاوز عمره الخامسة والعشرين، كان يعمل في السكك الحديدية وذات ليلة وضع بندقيته المحشوة بالطلقات النارية بين الصخور والحديد وبحركة غير مقصودة منه انطلقت البندقية ودفعت القضيب الحديدي باتجاه فاخترق خدَّه الأيسر وخرج من أعلى قمة جمجمته. وبالرغم من تخريب تلك المنطقة كان الرجل يتحرك ويجلس ويتكلم. وبعد شفائه من الحاديث المروِّع رجع إلى عمله وكانت قدراته العقلية وذاكرته كما هي لم تُصَب بأيِّ أذىً ولكن الحاديث أدى إلى تغيير في انفعالاته وسلوكه!؛ فقد كان قبل الحادث لطيفاً رقيقاً في كلامه، وبعد الحادث تغيَّر وصار سريع الغضب قاسياً في كلامه بحيث أن أكثر أصدقائه لاحظوا ذلك التغيير على سلوكه. ونستدل من ذلك على أنّ الحادث قد أثّر على مناطق الانفعالات لديه ممّا أحدثَ ذلك التغيير فيها. تُستعمل عدةُ أماكن في الدماغ في أمور تتعلق باللغة، ويؤدي فقدان إحدى هذه المناطق إلى فقدان الكلام الذي يُطلَق عليه (Aphasia)، وفي الحالات الاعتيادية تكون منطقة (بروكا – Broca) هي التي تتحكم في النطق لدى الإنسان، وهي تقع في (Left temporal lobe) أيْ في منطقة القسم الأمامي الأيسر من المخ. هذه المنطقة تتحكم في حركة العضلات وفي النطق، وإن أُصيبت تلك المنطقة فإنّ الإنسان يتكلم ولكنه لا يستطيع أن يقرأ بالرغم من سلامة النظر، وفي بعض الأحيان يقرأ ولكنه لا يستطيع أن يتكلم، والبعضُ الآخر يستطيع كتابة الأرقام فقط أو يكتب الكلمات فقط، والآخر يُغنِّي ولكنه لا يتكلم... إلخ. من هنا، نتوصل إلى أنّ الحالة تتوقف على المنطقة التي حدث فيها التخريب. اكتُشفت منطقة (بروكا – Pau Broca) التي تختص باللغة عام (1865)، وسُمِّيت باسم تكتشفها (Karl Wernicke). كما أنّ هناك مناطق مختلفة لها علاقة ماسّة بجزء من أجزاء اللغة، على سبيل المثال إذا تعرض أفرادٌ لحادث يؤدي إلى تخريب منطقة (Left temporal lob) والتي أُطلق عليها (Wernick's are) عندها يمكن لهؤلاء إخراج كلمات بدون معنى، وتكون على شكل مناغاةٍ تشبه مناغاة الطفل الصغير. يُظهِر المخ فعالياتٍ ونشاطاتٍ مختلفةً عند القراءة. فعندما يريد الفرد قراءة كلمة ما بصوتٍ مرتفع مثلاً، تتم في مناطق المخ الفعاليات التالية: 1- يتم تسجيل تلك الكلمة في المنطقة المختصة بالبصر الواقعة خلف المخ (Visual area). 2- وتسجل في منطقة (Angulargyrus) التي تستلم المبصَرات. 3- تقوم منطقة (Comprehension Wernicke'area) بإرسال تلك المثيرات إلى منطقة (بروكا). 4- ثمّ تنتقل إلى المنطقة التي تسيطر على الحركة لإنتاج اللفظ لتلك الكلمة. ومن هنا، نجد أنّ التخريب الذي يحصل في المنطقة التي تقوم بتلك العمليات يؤثِّر على عملها دون غيرها. على سبيل المثال إذا حدث تخريب في (Angulargyrus)، وهي المنطقة المختصّة بالبصر، فإنّ الفرد يستطيع أن يتكلم ويفهم ولكنه لا يستطيع أن يقرأ. أمّا إذا حدث تخريب في منطقة (Wernick's are) فإنّ الفرد لا يستطيع أن يفهم ما يسمع أو ما يقرأ. وإذا حدث تخريب في منطقة (بروكا) فإنّه لا يستطيع أن يتكلم.   - مرونة المخ: يتميز المخ بِسِمَة خاصة؛ فحين يحدث تخريب في منطقة ما من المخ قد تتولى منطقة أخرى تلك المهمة ويُطلق على تلك العملية (مرونة المخ). كما يستطيع المخ أن يقوم بتنظيم الفعاليات وذلك بعمل اتصال للمنطقة التي تعطّلت، ويؤدي هذا الاتصال إلى تصليح العطل أحياناً. كما يحدث في حالة فقدان الذاكرة المؤقتة. يتميز مخ الأطفال بمرونة وليونة أكثر من مخ الكبار، على سبيل المثال إذا حدث عُطل في منطقة الكلام لدى الطفل دون الخامسة في الجهة اليسرى من المخ تقوم المنطقة اليمنى منه بتلك الوظيفة وتتقوى. أمّا إذا حدث بعد سنِّ الخامسة فإنّ هذا الخلل قد يعطِّل اللغة. ويُجري العلماء تجارب على تجديد المناطق التي أصابها التخريب أو تبديلها بمناطق جديدة وحققت تلك المحاولات بعض النجاح الملموس. قام العلماء باستبدال بعض المناطق المعطَّلة للفأر بأجزاء مأخوذة من أجنَّتِه ووجدوا أنّ الفأر قد استطاع ونجح في التعلم مرتين أكثر من السابق. هل تريد أن تعرف أي جزء أقوى لديك؟ إن أردت أن تعرف من أيِّ مجموعة أنت، أو إذا كنت ممّن يستعملون الفصّ الأيمن أو الأيسر؛ فعليك أن تقرأ ما يلي: أوّلاً: الأسئلة التي تتعلق باستعمال الفصِّ الأيمن من المخ أكثر من الفصِّ الأيسر: 1- هل تستطيع أن تتذكر الوجوه فقط؟ 2- هل تظهر لديك استجابات للرموز والمصورات فقط؟ 3- عندما تعترضك مشكلة وتريد حلها، هل تفضل أن تنظر إليها بشكل عامٍّ؟ 4- هل تتناول الشكل بدلاً من أن تتناول النماذج في أكثر الأحيان؟ 5- هل تفضل الأسئلة المفتوحة؟ 6- هل أنت حرٌّ في تفكيرك؟ 7- هل تحاول أن ت كتب قصصاً؟ 8- هل يكون سلوكك معتمداً على التلقائية عندما تريد أن تغير خطة عملك؟ 9- هل يكون من السهل عليك دراسة الهندسة والرسم؟ 10- هل أنت حساسٌ ومِزاجيٌّ مع الجماعة والأفراد؟ 11- هل تتميز بالضبط والإحكام في أعمالك؟ 12- هل تهتم بعلم المرئيات أكثر من المسموعات؟ 13- هل تستفيد في استقاء المعلومات من المتاحف أكثر ما تستفيد من المحاضرات أو الندوات؟ إن كانت معظم إجابتك بالإيجاب، فهذا يؤشر إلى أنّ القسم الأيمن من المخ لديك هو المسيطر أكثر من سيطرة القسم الأيسر. ثانياً: الأسئلة التي تتعلق باستعمال الفصِّ الأيسر من المخ أكثر من الفص الأيمن: 1- هل تتذكر الأسماء أكثر من الوجوه؟ 2- عند حل المشاكل هل تحاول تفكيك المشكلة إلى أجزاء ثمّ تبدأ بحلها؟ 3- هل تستعمل المنطق في حل المشاكل التي تعترضك؟ 4- هل تضع خطة وتبني أفكارك عليها؟ 5- هل تفضل الكلام على الكتابة؟ 6- هل تفضل أسئلة الاختيار من متعدد؟ 7- هل لك القدرة على السيطرة على انفعالاتك؟ 8- هل تتذكر النكت والدعابة التي تتضمن الغمز؟ 9- هل تتذكر الأحداث التاريخية؟ 10- هل تتذكر المواقف التي لها علاقة بالسمع أكثر من التي لها علاقة بالبصر؟ 11- هل من السهل عليك أن تستعمل النسب المئوية والجبر والإحصاء الرياضي؟ 12- هل تستفيد من المحاضرة والندوات والمؤتمرات أكثر من المتاحف؟ 13- هل تهتم بالعلوم النظرية أكثر من العلوم التطبيقية؟ إن كانت إجاباتك معظمها بالإيجاب، فهذا يعني إنّ القسم الأيسر من المخ لديك هو المسيطر. أما إذا كانت الإجاباتُ للمجموعتين متساوية تقريباً في الإيجاب فهذا يدلُ على إنك تستعملُ فصي المخ بشكل متساوي تقريباً أيضاً.   - مدى تركيز الرجل على حديث المرأة: يتميز حديث المرأة بالإسهاب والتفصيل بحيث لا يستطيع الرجل مواصلة التركيز على حديثها وعندما تسأله عن أمرٍ يتعلق بسياق ذلك الحديث فإنّه يرتبك ولا يستطيع الإجابة لأنّه فقد التركيز عليه مسبقاً، وأحياناً أخرى يرتخي وينام وهي مستمرة في الكلام وعندما تنتبه له تجده قد غطَّ في النوم عندها تسكت عن كلامها المباح! ولا ننسى حكايات ألف ليلة وليلة التي كانت بطلتها (شهرزاد) وكيف استطاعت أن تتحدث طوال تلك المدة بحيث أنقذت نفسها وبنات جنسها من بطش الملك (شهريار). ومن تلك القصة يمكن أن أشير إلى أنّه ليس النساء جميعهنّ يستطعن مواصلة الحديث كما فعلت (شهرزاد) بل هناك نساءٌ صامتاتٌ أيضاً، والدليل على ذلك أنّ الملك (شهريار) قتل نساءه السابقات لأنهنّ لم يكُنّ ببراعة وذكاء (شهرزاد). النمو اللغوي لدى الأنثى أسرع بكثير من النمو اللغوي لدى الذكر في مراحل الطفولة، وتشير بعض الدراسات في هذا الصدد إلى أنّ الأنثى في السنة الثالثة من العمر تكون حصيلتها اللغوية ضعف حصيلة الذكر في عمرها نفسه. المرأة تستمتع بالحديث وتتطرّق لمختلف المواضيع بينما الرجل يهمه جوهر الموضوع وهدفه. وتشير الأبحاث إلى أنّ المرأة تلفظ (700) كلمة في اليوم بينما الرجل يلفظ (3000) كلمةً في اليوم. يختلف سلوك المرأة عن سلوك الرجل في أوقات السياحة أو عند زيارة المتاحف أو حدائق الحيوان؛ فالمرأة تهتم بتفاصيل الأمور ودقائقها بينما الرجل يقرأ اللوحة المرفقة للشيء ويكتفي بذلك ولا يعلِّق عليه وإن علَّق فباقتضاب. أمّا المرأة فهي تظهر إعجابها واستحسانها بشيء، أو تُظهِر خوفها أو تقززها من شيء آخر... إلخ هذه الأمور. هناك فرقٌ آخر بين الرجل والمرأة يظهر أثناء التسوُّق؛ فالرجل لا يهتم بالأمور الصغيرة والدقيقة والأسعار بينما المرأة تدقِّق وتقارن وتعامل وتختار وتبدِّل وتتجول في المخاون فَرِحَةً سعيدة، بينما يكون الرجل مُجبراً على ذلك بل منزعجاً وقد يبدى ذلك الانزعاج أو يجلس في مكان بعيد صامتاً ينتظر زوجته وهي تتسوق وتُفرِغ ما في محفظتها من نقود على أشياء تحتاجها – أو لا تحتاجها في أكثر الأحيان – وعند عودتها إلى البيت فإنها تتحدث عمّا رأت وما اشترت وهي سعيدة بذلك بينما يستمع الرجل في صمت وقد يعلِّق على ما اشترت أو لا يعلِّق وهي منشغلة بقياس ذلك الفستان، وتجربة تلك الأشياء، وبين الحين والآخر تسأل زوجها عن رأيه في ذلك، والمسكين لا يدري ماذا يقول وكيف يسلك؟! لأنّه إن سكت أو نام غضبت وثارت، ومنهم من يداري الوضع كل لا يُفسد سعادة زوجته بما اشترت فيظهر استحسانه بهذا وذاك. تشكو النساء من صمت أزواجهنّ وأنّهم لا يُظهِرون إعجابهم بأيِّ شيء يفعلنه كما أنّ بعضهنّ يقمن بشراء الهدايا للزوج، ومنهنّ من تختار لهملابسه، ومع كل هذا لا يُعيرها الزوج أي اهتمام وعندما تحاول الزوجة توجيه سؤال عن ذلك يتضايق من ذلك الاهتمام الزائد الذي تظهره الزوجة وهكذا يتحمّل كلٌّ منهما الآخر على مَضضٍ كي تسير مركب زواجهما وترسو على شاطىء الأمان رفقاً بأطفالهما، وخوفاً من نظرة المجتمع لهم وكأنّهم يمثلون أدوارهم على مسرح تلك الحياة إرضاءً للمشاهدين من الأصدقاء والمعارف.   - التوصيات: علينا الاستفادة من نصفيْ المخ في جميع سلوكياتنا في الحياة اليومية لأنّ استعمال نصفي المخ بشكل متساوٍ كثيراً ما يؤدي إلى تقوية الجهاز العصبي وبالتالي يؤدي إلى تنمية الذكاء لكلّ الأعمار خاصة الأطفال.   - إن أردتَ استعمال نصفي المخ بشكل متساوٍ؛ عليك إتباع ما يأتي: 1- وضع برامج تعليمية بحيث تؤدي إلى تقوية الذاكرة كالبرامج التي تمزج بين الخيال والواقع. 2- العمل على وضع برامج يومية الغرض منها تقوية الارتباطات العصبية ونموها؛ كربط الأرقام بمناظر معينة أو أحداث وتواريخ محددة، على سبيل المثال (ربط أرقام التليفون بعيد الميلاد لأفراد العائلة مثلاً). 3- وضع أهداف لتقوية دائرة النشاطات التي تحدُث في خلايا المخ، وذلك بالقيام بفعاليات فنية ومنطقية. 4- الاهتمام بتقوية خلايا المخ المختلفة واستحداث نشاطات جديدة في الخلايا العصبية، وذلك بتقوية حب الاستطلاع لديك. 5- وضع أهداف لتقوية الارتباطات الحاصلة بين خلايا نصفيْ المخ، وذلك بممارسة حل الألغاز المختلفة التي تُنشر بالصحف والمجلات. 6- تعلُّم المهارات المختلفة التي تؤدي إلى حدوث تغيُّرات إيجابية في ارتباطات الجهاز العصبي، ودوائر ومراكز الجملة العصبية. 7- استعمال كُلٍّ من اليد اليمنى واليسرى في الكتابة كلما سنحت الفرصة. 8- الإكثار من قراءة القصص والأحداث التاريخية. 9- التمتع بسماع الموسيقى، وأفضلها الهادئة. 10- ممارسة عمليات الاسترخاء والاسترسال والتخيل والتفكر والتبصر، والتمعُّن فيها. 11- التمتع بالمناظر الطبيعة كرمال الصحراء، أو الأفق، أو الشمس، أو أمواج البحر، أو الحقول الخضراء، أو الجبال الشاهقة، أو الأنهار، أو ما شابه ذلك. 12- تعلُّم مهارة من مهارات الفنية كالرسم، أو النحت، أو الموسيقى. 13- القيام بزيارة المتاحف ومعارض الرسم والتمعن بالمعروضات بدقة. 14- وضع برامج تعليمية لجميع أفراد العائلة، بحيث تعتمد على استعمال نصفي المخ. 15- الاعتماد على المنطق في حل المشاكل ومعاملة الآخرين. 16- تذكُّر أسماء ووجوه الأصدقاء القدامى. 17- استعراض المناظر والمشاهد التي مرت عليك بالماضي القريب أو البعيد، واعتبار هذه الممارسة تمارين للدماغ الهدف منها استعمال نصفي المخ. 18- محاولة طَرْق باب جميع العلوم والتدقيق فيها. 19- الاشتراك في المؤتمرات والندوات والمحاضرات والمناقشات. 20- قراءة القرآن، قراءة تعتمد على التمعُّن والتدقيق والتفحص والتفكير والتدبر. 21- تجنُّب الصمت لأنّه يؤدِّي إلى تعطيل نصفي المخ.   المصدر: كتاب (لماذا يصمتُ الرجل؟!)

ارسال التعليق

Top