• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

دور البيئة والأسرة في تربية الطفل

مزوار أحمد ياسين*

دور البيئة والأسرة في تربية الطفل

◄يجب علينا ألا ننسى أنّ الطفل يمر بمرحلة النمو التي يكتسب خلالها كل أبجديات الحياة، لهذا نجد البيئة والأسرة تلعب دوراً كبيراً في تحديد مستقبله.

 

-       التأثير الأسري:

"يجب أن تهدف التربية أوّلاً وقبل كل شيء إلى تعليم الأفراد المحافظة على الذات" هربرت سبنسر.

لهذا عندما يفتح الطفل عينيه ويرى نور الحياة يوضع في حضن أمه، لهذا تكون علاقته بوالدته عاطفية أكثر منها تربوية، لهذا يأتي دور الأب في تحديد سلوكه وانطباعه المبكر، لكنني أعتقد أنّ السلوك المكتسب من طرف الطفل في صغره مستمد بشكل كبير أو كلي من شخصية الأب، لأنّ هذا الأخير يحدد نمطية تفكير إبنه وأسلوبه في التعامل في الكثير من المواقف، والطرق المتوفرة لحل المشكلات وردات الفعل الصحيحة، لهذا نجد التأثير الأسري يظهر على الطفل تدريجياً، فالطفل يكّون شخصيته من ذلك الاحتكاك المتواصل سواء العاطفي أو الواقعي من الوالدين طوال سنوات النمو الفكري، ولا ننسى أن مبادئ الأسرة ونظرتها للحياة ومشاكلها وإنطباعها عن الأشخاص تنتقل بشكل عفوي للطفل، وتؤثر بشكل مباشر على نفسيته التي تكون هشة وناعمة، لهذا نصدق حين يقال "الطفل سفير أسرته" لأنّه في نظري الصورة الكاملة لذلك النمط الفكري والثقافي السائد في الأسرة، لكن الغريب في الأمر حين نصادف أسرة ذكية لديها طفل غبي، ففي هذه الحالة نستنتج أنّ هذه الأسرة ذكية في كثير من المجالات لكن في التربية غبية لأنّها لم تستطع إيصال مقومات نجاحها لطفلها، وهنا يكمن الفشل الأسري والتربوي، في حين نجد أسرة فقيرة تعطيك طفلاً ذكياً مثقفاً، فهذه الأسرة مع بساطتها لكنها أعطت لطفلها كل تلك الرعاية النفسية والأسرية التي جعلته قادراً على النجاح، لهذا فالتربية في عالمنا العربي تختلف من مكان إلى آخر ومن شخص إلى آخر، لهذا وجب علينا تحديد دفتر شروط تجعل العائلة والوالدين ملتزمين بتنفيذه، من أجل مصلحة الطفل والمجتمع والعالم العربي بشكل عام.

 

-       هكذا نربي:

التربية تعتمد على المربي، لكن المربي نجده أحياناً يحتاج للتربية، في الجزائر مثلا نجد الكثير من الحالات الغربية التي تؤثر في المجتمع، فالمربي أحياناً يكون متخلفاً ثقافياً وعلمياً ودينياً ونجده يربي... فكيف يربي؟

في الحقيقة الإنسان الأمي غير القادر على تطوير مستواه الثقافي والجاهل بالأسس الاجتماعية والتطور العلمي والأخلاقي يلجأ إلى نمطية تربية تقليدية، أي يعيد طريقة التربية التي اتبعها أبوه في تربيته ليطبقها حرفياً على أبنائه، وهنا يكمن الخطأ، لأنّ التربية تختلف من زمان لآخر، إذ أنّ البيئة تتطور والعقلية أصبحت أكثر انفتاحاً على العالم بأسره بسبب التطور التكنولوجي السريع، لهذا يجد هذا المربي صعوبة بالغة في إيصال ثقافته الهشة والناقصة إلى أبنائه، فيلجأ بطريقة أوتوماتيكية إلى الحل الثاني المتمثل في القسوة المتعمدة، فيطبق نظرياته وقوانينه المتطرفة على أبنائه بالقوة، وهذا ما يوسع الفجوة بين الأب وأبنائه، فالانضباط الذي ينشده الأب يتحول إلى تمرد داخلي وظاهري على الابن كلما شعر بالقوة المستوحاة من النضج، لكن في أوقات أخرى نصادف البعض من الآباء الذين يجعلون من الدين ضرورة حتمية على أبنائهم فهم ينسون أنّ الدين يكتسب ولا يفرض، لهذا نجد نسبة تاركي الصلاة في الجزائر كبيرة بين الشباب لأنّ أغلبهم أجبروا على ممارسة الصلوات بالقوة في صغرهم، وتركها ليس دليلاً على انحرافهم بل تحد وانتقام من آبائهم، لهذا يجب على المربي أن يكون في الوسط، حيث قال السباعي – رحمه الله – "القسوة في تربية الولد تحمله على التمرد، والدلال في تربيته يعلمه الانحلال، وفي أحضان كليهما تنمو الجريمة".►

 

*كاتب من الجزائر

ارسال التعليق

Top