• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

سحر القراءة وجاذبيتها

سحر القراءة وجاذبيتها

◄"خير تعريف للكتاب في نظري أنه عمل من أعمال السحر، تخرج منه أشباح وصور، لتحرك كوامن النفوس وتغير قلوب البشر"

أناتول فرانز

مجرد معرفة الأشياء متعة، كيف لنا أن نعرف دون أن تكون القراءة جزء من أجندتنا اليومية؟ وأن يكون شراء كتاب تماماً كشراء الخبز، ضرورة وغاية حياتية؟ الجوع إلى التعلم غريزة، كما الجوع إلى الغذاء، قد تختلف وسائل إشباع هذا الجوع في العصر الحديث لتوفر عدد هائل من تكنولوجيا المعلومات التي تقوم بإيصال المعلومة بطريق أسهل مما تفعله الكتب، مما قد يجعل الأغلب يتساءل: لماذا يجب علي أن أقرأ وكلّ مصادر المعلومات المتوفرة قد تغنيني تمامًا ومتوفرة في متناول اليد؟.

 لذا؛ يستبدلون القراءة بأنشطة مختلفة كمشاهدة التلفاز أو تصفح شبكة الإنترنت وحفنة من الأنشطة التفاعلية الأخرى مثل ألعاب الفيديو ومشاهدة الأفلام وغيرها. مما قضى بشكل كبير على حس الشغف العلمي الفطري في النفس البشرية. لأكون منصفة؛ أنا لا أدعو لإلغاء كلّ هذه الأنشطة، بل أطالب بدمج القراءة معها لخلق نوع من التوازن في النشاطات اليومية.

القراءة سفر بتكاليف زهيدة، لأن الكاتب تعنى المشاق كلها. القراءة سفر الخيال إلى عوالم مختلفة، أن تقرأ قصة يعني أن تتخيل المكان وأشكال الشخصيات ولباسهم وأماكن جلوسهم. - يقال أن غالبية القراء يصابون بخيبة أمل من مشاهدتهم للأفلام التي تصور رواية قرؤوها لأن الإخراج لم يتوافق مع الخيال الذي رسموه في أذهانهم أثناء قراءتهم للرواية-  كما أن القراءة سفر إلى الجانب الحقيقي الآخر من العالم، الذي لا تسعفنا مشاق الحياة وتكاليفه ومحدودية الزمن من التأهب الحقيقي للذهاب إليه.

يقول الكاتب الأمريكي أنطون دي باولا: "أن تقرأ يعني أن تعرف أي شيء عن كلّ شيء، وكلّ شيء عن أي شيء". الغاية الأولى والأساسية من القراءة هي التحصيل المعرفي وتوسيع الثقافة، وقد لا تجد هذا المطلب في المعلومات الرخيصة المتداولة عوضاً عن الكتب، كما أن القراءة تساعدك على رؤية العالم بطرق مختلفة.

ولأن القراءة تحدد من أنت، ومن تكون، ما توجهاتك، ومعتقداتك. فمن خلال التجارب القرائية يستطيع الفرد أن يفهم نفسه ويعرف موقعه من العالم. من خلال تحديد الموضوعات التي تناسب توجهاته كما تمنحه القراءة طرق جديدة للتعبير عن أفكاره وسبر أغوارها.

يخطئ من يظن أن القارئ شخص انعزالي، معنوياً؛ فالكتاب كائن حي يتنفس أفكار مؤلفه، أو كما تقول الشاعرة الأمريكية إيميلي ديكنسون "الكتب هي العربة التي تحمل روح الكاتب"،  لذلك فهي كائن حي تحس وتغبر وتذبل حين تترك زمناً بلا يدا قارئ يحتويها. أما حسياً؛ فالقراءة لا تجعل من القارئ شخصاً انعزالياً، كما توهم صورته وهو منعكفاً ساعات على الكتب،  فبعد هذه الصورة؛ ثمة العديد من الأماكن والمقاهي التي ترعى مثل هذه العادة، ليجتمع رواد الكتاب والثقافة لمشاركة أفكارهم وقراءاتهم.

القراءة أيضاً طريقة لطيفة للاسترخاء: مكان هادئ مريح، كتاب في يدك، مع مشروب دافئ، تشكّل لك فردوساً خاصاً تهرب إليه من ضغوطات الحياة والعوالم المتقلبة حولك. اقرأ كلّ يوم، لساعة على الأقل. ستجد نفسك في كلّ مرة منجذب نحو الكتب، إلى أن تأخذ موقعها الأصلي في جدول أعمالك، ولا تزول أبداً!►

ارسال التعليق

Top