• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

تغيير عادات الطفل السيئة بالصبر والتفهم

تغيير عادات الطفل السيئة بالصبر والتفهم

إنّ تصرّف الطفل الطبيعي يعتمد على عمره وشخصيته وتطوره الجسمي والعاطفي. ويمكن أن يصبح تصرف الطفل مشكلة للأهل إذا لم يتلاءم مع توقعاتهم، أو إذا كان يثير الاستياء. والتصرف الطبيعي أو «الجيّد» هو التصرف المقبول اجتماعياً، حيث بالصبر والتفهم يمكنك الوصول إلى الهدف.

يجد الأهل أن الكثير من عادات وتصرفات الأطفال مزعجة لهم، مع ذلك، عندما تريد الأم تغيير العادات غير المرغوب فيها، عليها بدايةً أن تفهم السبب وراء تصرفات طفلها السيئة، فقد يساعدها ذلك على حل المشكلة.

ففي الغالب، يلجأ الطفل إلى العادات السيئة عندما يشعر بالتعب أو الملل، أو بالضغط الشديد، أو بالإحباط، أو بعدم الاستقرار، أو بعدم الأمان، أو بالنعاس، أو بعدم الرضا والسعادة، وفي نظر الطفل، أنّ العديد من هذه العادات السيئة هو نوع من الضرورة والترفيه والتسلية، لأنّها تساعده على الشعور بالراحة والهدوء وتخفف عنه، وبما أن هذه العادات السيئة هي شيء يشغل الطفل خلال سنوات تكوينه من دون أن يفكر فيها، يجب عدم محاولة القضاء عليها بأساليب مزعجة ومؤلمة للطفل، مثل تأنيبه بقسوة والضغط عليه، فعندما يُعامَل الطفل بقسوة، فإنّه يميل إلى التمرّد والشعور بالحقد والعدائيّة نحو الأهل، وقد يتطور هذا الشعور لديه، بحيث يُصبح من الصعب السيطرة عليه.

في جميع الأحوال، يجب أن يُقال للطفل إنّ عاداته السيئة، بمعزل عن كونها مزعجة للأهل، يمكن أن تتسبّب في أذيّته، ففي بعض الحالات النادرة، يمكن أن تترك هذه العادات أثراً في حياة الطفل عند بلوغه سن الشباب، من هنا، من المهم أن تتدخّل الأم لمساعدة طفلها على التوقّف عن هذه العادات المزعجة قبل أن تؤثر في نموه وتطوره. وأكثر العادات السيئة شيوعاً، والتي يرغب الأهل في معالجتها هي: نقر الأنف، قضم الأظافر، مَصّ الإصبع، اللعب بالشعر وشدّه، حبس النَّفس للدلالة على الاحتجاج.

من ناحية أخرى، إذا حاولت الأم مُقاربة هذه العادات السيئة بهدوء وبطريق ودّية، يمكن أن يستمر معظمها مع الطفل حتى بعد أن يصبح شاباً. فهذه العادات السيئة ما هي إلّا مجرّد حالة يمرّ بها الطفل، ويتخطاها عاجلاً أم آجلاً، ومع أنّها ليست مشكلة صحيّة، مع ذلك قد يكون من الصعب معالجتها، بشكل عام، يُفضّل تجاهل هذه العادات، فالصراخ والاحتجاج ولفت انتباه الطفل إلى عاداته السيئة ومعاقبته، لا تساعد، في العادة على وضع حد لهذه العادات، بل على العكس، يمكن أن تزيد منها. لذا، قد يكون الأفضل أن تمدح الأم تصرفات طفلها الجيدة، وتكافئه عليها، وتعامله بصبر وهدوء، وأن تحاول تجاهل العادات السيئة.

وهنا بعض الأفكار العلمية التي يمكن أن تساعد على وضع حد لعادات الطفل السيئة:

1. سأستخدم أسلوب الجَزَرة ولكن من دون عصا:

كلّ طفل يحب الجوائز، فهي بالنسبة إليه كنز مُخفَى، قد تكون الجائزة هدية أو مكافأة مالية أو أي شيء آخَر يرغب الطفل في الحصول عليه. لذا، يجب أن تُشعر الأم طفلها بأنه إذا مَرّ يوم بطوله وتجنب عاداته السيئة، أو إذا لم يأتِ بأي تصرّف سيئ، يحصل على مكافأة. وهنا، على الأم أن تكافئ طفلها فعلاً وبشكل دائم، شرط أن يكون للمكافأة مغزىً وهدف. فإذا كافأت الأم طفلها بالشكولاتة أو بالبيتزا، تعمل بذلك على إفساده. عليها أن تكافئه بشراء كتب له، أو ملصقات يحبها، أو حلوى خالية من السكر، أو اصطحابه إلى السينما لمشاهدة فيلم قيّم.. إلخ. كلّ هذه جوائز ثمينة، وهي في الوقت نفسه مفيدة للطفل.

إضافة إلى هذه الجوائز المادية، على الأم أن تكثر من مدح تصرفات طفلها الجيدة، لتدفعه إلى محاولة بذل المزيد من الجهد للتوقف عن عاداته السيئة، وأن تُبيّن له أنّها تهتم بأمره، وأنّها تتألم عندما تراهُ يضع إصبعه في أنفه مثلاً، وأنّها لا تحب أن تراه وهو يتصرف تصرفاً سيئاً. وبما أن الأطفال يحبّون أن يكونوا محبوبين من قِبل الأم، فإنّهم يميلون إلى التوقف عن تصرفاتهم السيئة لينالوا رضاها.

2. معالجة الأمر بهدوء وحزم ووضوح:

عندما يتنفس الطفل في العادات السيئة وتصبح فعلاً يومياً ودائماً، على الأم أن تُبيّن له بهدوء ووضوح وحزم أيضاً عواقب عاداته السيئة في حال استمر في ممارستها. عليها أن توضح له تأثير تصرفه السئ في مظهره وفي نفسيته إذا اتّخذه أصدقاؤه هدفاً لنكاتهم وضحكاتهم. كما يتوجب عليها القول له بصراحة ووضوح، ولكن من دون أن تقسو عليه، إن عاداته السيئة تزعجها.

3. اعتماد أسلوب المشاركة:

إنّ إشراك الطفل في عملية وضع حد للعادات السيئة، يُعتبر أسلوباً بارعاً من أساليب معالجة هذه المشكلة المزعجة. على الأم أن تشرك طفلها عند محاولتها وضع حد لعاداته السيئة، وعمّا إذا كان قد واجه لحظات حرجة بسببها. ثم، عليها أن تدعه يُدرك أنّ مسؤوليته عن معالجة هذا الموضوع بشكل جاد ووضع حد له، لا تقل عن مسؤوليتها. وبهذه المشاركة سيشعر الطفل بأنه يخوض مغامرة، فيحثّه هذا الشعور علي التخلص من عاداته السيئة، إضافة إلى ذلك سيتعلّم الطفل الإسهام في طرح أفكار جديدة وإدراك أهمية الأفكار البارعة.

4. اعتماد الصبر والمثابرة:

الأطفال مَرِنُون بطبيعتهم، لكنهم قد يُصبحون عنيدين عندما يقصدون. أحياناً، كلّ محاولات الأم، من حفز الطفل، إلى مكافأته، إلى استخدام أسلوب الحزم، إلى الترغيب.. إلخ، لا تُجدي نفعاً عندما يرفض الطفل التراجُع عن عاداته السيئة. في مثل هذه الحالات يكون الحل في اعتماد الصبر والمثابرة. لذا، يجب ألّا تستسلم الأم أو ان تفقد أعصابها. كما يجب ألّا تأمل في وضع حد لتصرفات  طفلها السيئة بسرعة، بل عليها أن تستمر في محاولتها وأن تصبر، فلابدّ من أن تحصل على النتيجة المرجوّة في نهاية الأمر.

5. إجراء تعديلات على الخطط المعتمدة:

على الأم أن تشغل طفلها ببعض الهوايات لكي تلهيه عن رتابة الروتين. بعض الأطفال يطورون عادات سيئة لأنّه ليس لديهم شيء آخر يفعلونه. لذا، إذا شجعت الأم طفلها على الانشغال بهواية مُشوّقة، سيتخلّص من عاداته السيئة، وسينتهي به الأمر إلى تعلُّم أشياء مفيدة.

6. التحدّث إلى الطفل:

بما أنّ لدى الطفل القدرة على إدراك وفهم ما تحاول الأم أن تقوله، عليها أن توضح له أن ما يفعله يُعتبر عادة سيئة. وأنه لا أحد يرغب في رؤيته وهو يفعل ما يفعل. وبما أن الطفل الصغير يحب الحصول على اهتمام وانتباه الآخرين، فإنّه سيبذل أقصى ما في استطاعته ليُغيّر من عاداته السيئة ليُحافظ على محبة وعطف الآخرين. فإذا أرادت الأم وضع حد لعادات طفلها السيئة، عليها أن تركز على هذه الناحية وأن تحاول ألّا تحيد عن موقفها وهدفها. مثلاً، عليها أن تُوجّه أنذاراً إلى طفلها كلما رأته يأتي بتصرُّف خاطئ، على أن يكون الإنذار واضحاً ومقتضباً بحيث يفهم طفلها قصدها، وألّا تكتفي بالنظر إليه بغضب.

7. اللجوء إلى الوقت المستقطع:

على الأم أن تشرح لطفلها أنّها إذا رأته يتصرّف تصرفاً سيئاً ستعزله في مكان لوحده. ثم عليها أن تختار مكاناً خالياً من كلّ شيء، ولكن يجب ألّا يكون مُخيفاً (زاوية بعيدة عن ألعابه مثلاً)، وأن تتركه في المكان فترة مُحدّدة وقصيرة (دقيقة واحدة مقابل كلّ سنة في عمر الطفل)، وأن تضع ساعة مُنبّه بالقرب منه ليعرف الطفل متى وقت العقوبة. ويجب أن تحسب الأم الوقت ابتداءً من لحظة وضع طفلها في الزاوية، كما يجب أن تبقَى الأم في مكان قريب من المكان الذي يمضي فيه الطفل عوبته، بحيث تستطيع رؤيته أو سماعه، ولكن عليها ألّا تكلّمه أبداً. فإذا غادر مكانه قبل انتهاء الوقت عليها إعادته بهدوء ولطف.

على الأم أن تتجنّب الأمور التي تدفع بطفلها إلى الجنون أو تُجهده أو تُشعره بالملل، وألّا تنتقده أمام الآخرين، وأن تصف عاداته بالسيئة لا أن تصفه هو بالسيئ، وأن تمدحه عندما يستحق المدح، وأن تضمّه إلى صدرها بحنان دائم. فالطفل يرغب في الحصول على اهتمام أمه ليتمكّن من التغلب على مشاكله، وعلى رأسها عداته السيئة.

بعض العادات السيئة

- عادة مَصّ الإصبع:

يبدأ الطفل عادةً في مَصّ إصبعه في الأشهر الأولى من حياته. ويتخلص العديد من الأطفال عن هذه العادة قبل أن يُتمّوا السنة، لكن أغلبهم يتوقفون عن مصّ إصبعهم في عمر الثلاث سنوات تقريباً، نتيجة تعرضهم لضغط من قِبل أندادهم. وبعض الآخر طرف غطاء أو قطعة خبز.

إنّ عادة المص تُريح الطفل وتُهدئ أعصابه، وفي الغالب تساعده على النوم. لكنها قد تصبح مزعجة ومقلقة، وذلك عندما تتسبب في تشويه أسنان الطفل الدائمة، في عمر الخمس سنوات تقريباً، فتغيّر شكلها أو شكل حَنك الطفل أو عَضّة أسنانه.

- عادة ضرب الرأس:

نظراً إلى حركة الطفل الدائمة، فمن الطبيعي أن يقع ويضرب رأسه بالأرض أو بحرف الطاولة أو بأي شيء صلب. ولكن من غير الطبيعي أبداً أن يضرب الطفل رأسه بالحائط أو طرف سريره مرّات عديدة في الدقيقة الواحدة، ولفترة قد تدوم أحياناً مدة عشر دقائق. إنّها عادة من العادات السيئة التي يمارسها بعض الأطفال.

تبدأ هذه العادة السيئة، عادةً، عندما يصبح الطفل في الشهر التاسع من عمره تقريباً، وتنتهي عندما يصبح في عمره السنتين تقريباً. وقد لا تبدو على الطفل مظاهر الألم عندما يضرب رأسه، بل على العكس يبدو عليه الارتياح والرضا، لكن هذه العادة السيئة تُزعج الأهل وتقلقهم، لأنها فد تسبب مشاكل صحية للطفل، كارتجاج في الدماغ مثلاً، أو بجروح ونزف الدم.

- عادة صَرّ الأسنان:

هناك عدد كبير من الأطفال الطبيعيّين يتّبعون عادة صَرّ أسنانهم. وفي العادة، يبدأ الطفل في اتّباع هذه العادة في الشهر السادس من عمره تقريباً، عندما تبدأ أسنانه في الظهور، ويتوقف عنها عندما يصبح في عمر خمس سنوات، عندما تبدأ أسنانه الدائمة في الظهور. ويصرُّ الطفل أسنانه أثناء النوم في الأكثر، ويستمر على ذلك حتى سن البلوغ. وقد تصبح هذه العادة مزعجة ومقلقة في حال تسببت في الإضرار بأسنان الطفل أو تشوّه حنكه. وهنا يجب تدخل طبيب الأسنان فوراً.

- عادة قضم الأظافر أو انتزاع الجلدة القاسية عند أطراف الأصابع:

نثير هذه العادة قلق الأم لأنّها قد تسبب في التهاب الظفر أو نزف دم دائم. ومثل بقية العادات السيئة الأخرى، إن أفضل طريقة لوضع حد لهذه العادة، اتّباع أساليب إيجابية مع الطفل. فإذا رأت الأم طفلها يقضم أظافره أو يَنتش جلد إصبعه، عليها أن تشرح له ببساطة ما يستطيع فعله بيديه بدلاً من قضمها، كأن تقول له مثلاً: «أظنّ أن يديك تصلحان للعزف على آلة موسيقية، أو للرسم»، ثم عليها تشجيعه على ممارسة أيٍّ من الهوايات لتبُعد انتباهه عن عاداته السيئة.

- عادة نقر الأنف:

إنّ وضع الإصبع في الأنف من أكثر العادات السيئة المثيرة لغضب الأهل، لأنّها أكثر عادة مرفوضة اجتماعياً. ومع ذلك هي أكثر عادة شائعة بين الأطفال الصغار والبالغين أيضاً. وتبدأ هذه العادة عندما يصاب الطفل بالتهاب الأنف، أو الأنفلونزا، فتتشكل قشرة داخل الأنف يَعمَد الطفل إلى نزعها، فيتسبب في تهيّج الأنف، وهذا بدوره يتسبب في تكوين قشرة من جديد، فيصبح الطفل وكأنه يدور في حلقة مفرغة.

على الأم أن تقول لطفلها بصراحة، إنّ نقر الأنف عادة سيئة، من غير المقبول ولا المستحّب اتّباعها، خاصة في الأماكن العامة. وعليها أن تعلمه استخدام منديل ورقي لتنظيف أنفه. كما يجب أن تصرّ على أن يغسل طفلها يديه كلما وضع إصبعه في أنفه أو استخدم منديلاً ورقياً. باستمرار، يمكن أن يساعد على وضع حد لهذه العادة السيئة.

- عادة اللعب بالشعر أو شد الشعر:

إنّ عادة لَفّ خصلات الشعر أو شدّه، من العادات السيئة التي يتّبعها الأطفال الصغار والبالغون أيضاً، والتي يعتقدون أنها تُريحهم. ومثل عادة مَصّ الإصبع، يقوم الطفل باللعب بشعره عندما يكون شاعراً بالملل أو التعب أو الاضطراب. وفي العادة، الأخطر هي عادة شد الشعر، حيث يقوم الطفل بنزع شعره من جذوره، أو نزع رموش عينيه، أو شعر حاجبيه، وهذه عادة نادرة تدل على اضطراب الطفل أو على اعتلاله جسدياً أو ذهنياً. لذا، يجب عرض الطفل علي طبيب أخصائي.

- عادة حبس النَّفَس:

وهي من العادات السيئة التي تُرعب الأهل. ففي نوبة حبس النَّفَس يحبس الطفل أنفاسه إلى حد احتمال فقدان وعيه. وقد تدوم النوبة من بضع ثوانٍ إلى دقيقة. تبدأ هذه النوبات عادة عندما يصبح في عمر خمس سنوات.

وهناك نوعان مختلفان من نوبات حبس الأنفاس: نقص الأوكسيجن، حيث يميل لون الطفل إلى الزرقة، والشحوب، حيث يصبح لون الطفل باهتاً. وقد يلجأ بعض الأطفال إلى هذه العادة السيئة عندما لا يحصلون على ما يريدون.

وفي حال كان طفلك يتّبع هذه العادة السيئة، يجب أن تحرصي على عدم إثارته، وأن تحميه، مَخافَة أن يتسبّب في أذِيّة نفسه

ارسال التعليق

Top