• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

شهرُ الصيام

عمار كاظم

شهرُ الصيام

العنوان الثاني لشهر رمضان هو «شهر الصيام»، الذي أراد الله فيه للإنسان أن يقوم بأداء هذه الفريضة، من أجل أن يؤكّد له إنسانيّته في مواقع السموّ عن الإجواء المادّية التي تشدّه إلى الاسفل، لأنَّ المطلوب فيه أن يرتفع إلى الأعلى، بأن يكون روحاً يحرّكه الجسد في روحيّته لينال رضى الله، وليعيش القُرب من الله حتى يعيش المعاني الكبيرة الصافية المشرقة من خلاله، لأنه كلّما إقترب من الله أكثر، في أجواءٍ شفافيّة الروح وطهارة الجسد، إقترب من الانفتاح على المسؤوليّة الكبيرة التي تدعوه إلى أن يحمل في وعيه معنى الخلافة عن الله في إدارة شؤون الحياة من حوله. إنَّ قضية الصيام هي أن تخفِّف ثقلّ الضغط الجسديّ على مواقع الإرادة في شخصيّتك... أن لا تُثقل الرغبةُ حركتَكَ نحو أهدافك... أن لا يسحقك الحرمانُ الذي تعيشه في بعض ساحات التحدّي لتسقط أمامه، لأنَّ إحساسك بالجوع الغذائيّ أو الجنسيّ وبالظمأ المُحرِق للحاجة المخزونة في أعماقك، قد يُسقطك أمام الآخرين فتفقد طُهرَك وتبتعد عن استقامتك، وتموت قضأياك، وتنسحق إنسانيتك. إنَّ قضية الصيام، هي أن تكون إنسانَ الله، بدلاً من أن تكون إنسانَ الشيطان... أن تعرف كيف تعيش سكينة الروح وطُمأنينة القلب، بدلاً من أن تحترق بنار الشهوة... وسُعَار الأطماع. أن تشفي روحك حتى تطير إلى الله، وأن يخفّ جسدك حتى يحلّق في آفاق المعنى الكبير الذي يتحمّل مسؤوليّة الحياة كلّها، ولعلّ هذا هو الذي يفسّر الحديث القدسي: «الصوم لي وأنا أُجزي به»...

ارسال التعليق

Top