في بعض الأحيان، يمكن أن يكون الطفل مفرط النشاط مُنظّماً، أو مُشتَّت الذهن، أو مُهمِلاً. وقد يفقد أشياءه ويُنهي واجباته بصعوبة. قد يتهزهز في مقعده، أو يتحرك كثيراً، أو يتكلم كثيراً، أو يقاطع أحاديث الآخرين. وبدلاً عن أن يجلس إلى الطاولة أثناء تناول الطعام، يمكن أن يقوم عن كرسيه ويتمشّى، أو يلعب بألعابه.
يمكن أن يواجه الطفل مُفرط النشاط أوقاتاً صعبة في المدرسة، لأنّه لا يستطيع الجلوس في مقعده هادئاً. وهذا يؤدي إلى عدم فهم الكثير ممّا تقوله المعلمة، لأنّ الدماغ لا يكون مُتحفّزاً أثناء الحركة كما أثناء الجلوس. قد يصرخ بالجواب، وهو جالس في مقعده، قبل أن يتسنّى للأطفال الآخرين رفع أصابعهم.
من الصعب التعامل مع طفل مفرط النشاط. فهو في حاجة دائمة إلى الانشغال بعمل ما. بعض الأطفال يكونون مفرطي النشاط بطبيعتهم، بينما يصبح البعض الآخر مفرط النشاط، بسبب افتقاره إلى الاهتمام الذي يرغب في الحصول عليه من الأهل.
أفكار مساعدة:
على الرغم من صعوبة التعامل مع هؤلاء الأطفال، فإنّه ليس من المستحيل إدارتهم بنجاح. إليك في ما يلي بعض الأفكار التي يمكن أن تساعد في مجال التعامل مع طفل مفرط النشاط.
· وضع قوانين وتبعات وحدود للطفل مفرط النشاط وللعائلة بأكملها: يجب أن تعتمد الأُم قوانين مُحدّدة لكلِّ أفراد الأسرة. تكتبها على ورقة بخط واضح، وتضعها في مكان بحيث يستطيع كلّ فرد في العائلة رؤيتها. وعلى الأُم ألّا تكون متساهلة في القوانين، خاصةً تلك المتعلقة بالطفل مُفرط النشاط، لأنّه يحتاج إلى ضابط يضبط تصرفاته، التي يمكن أن تصل إلى حد التهور أحياناً، على أن تكون القوانين واضحة، بحيث يستطيع الطفل فهمها. عندما تقدّم الأُم القوانين لطفلها، عليها أن تتحدث إليه مباشرةً، وأن تحرص على أن يقع نظرها على نظره، وأن تطلب منه إعادة ما قرأت عليه. وهذا لا يعني حرمان الطفل مفرط النشاط من الخيارات، من مثل، تريد أن تلبس قميصك الأحمر أو الأزرق؟ أو هل تريد معكرونة أو همبرغر؟... إلخ. ولكن عليها ألّا تتهاون في حال أساء التصرف. بل عليها أن تحدّد تبعات بعض التصرفات (من مثل: البَصْق، الضرب، التحدي) بوضوح للطفل، حتى يكون على اطّلاع بما يمكن أن ينتظره في حال لجأ إلى أيٍّ من هذه يسهّل الحياة على كلِّ الأطفال، وبصورة خاصة الأطفال مُفرطي النشاط. يميل الأطفال من كلِّ الأنماط إلى إيجاد صعوبة عند الانتقال من شيء إلى شيء آخر، من اللعب إلى الدرس، مثلاً، عندما لا يكون الروتين واضحاً وثابتاً. إذا عرف الطفل أنّ وقت النوم هو الساعة الثامنة مساءً، عندها يلتزم بالروتين بشكل طبيعي، ويذهب إلى فراشه في الساعة الثامنة. أمّا في حال كان وقت النوم "أي وقت"، أو إذا سمح أحد الوالدين بزيادة الوقت نصف ساعة أو ساعة، عندها يُعاني الطفل لعدم وجود روتين، ويتصرف بناءً على ذلك. يجب ألّا يكون روتين الأنشطة شديداً أو عفوياً، إذ يمكن ألّا تخدم العفوية الطفل مفرط النشاط، في حين جَدْوله وقت الفراغ يمكن أن تخدمه. بالنسبة إلى الطفل المفرط النشاط، يجب ألا تزيد أوقات الفراغ عن نصف ساعة، حتى لا يبدأ في التملمُل أو يثور غاضباً.
· اعتماد روتين منتظم: من المعروف أنّ الروتين يسهّل الحياة على كلِّ الأطفال، وبصورة خاصة الأطفال مُفرطي النشاط. يميل الأطفال من كلِّ الأنماط إلى إيجاد صعوبة عند الانتقال من شيء إلى شيء آخر، من اللعب إلى الدرس، مثلاً، عندما لا يكون الروتين واضحاً وثابتاً. إذا عرف الطفل أنّ وقت النوم هو الساعة الثامنة مساءً، عندها يلتزم بالروتين بشكل طبيعي، ويذهب إلى فراشه في الساعة الثامنة. أمّا في حال كان وقت النوم "أي وقت"، أو إذا سمح أحد الوالدين بزيادة الوقت نصف ساعة أو ساعة، عندها يُعاني الطفل لعدم وجود روتين، ويتصرف بناءً على ذلك. يجب ألّا يكون روتين الأنشطة شديداً أو عفوياً، إذ يمكن ألّا تخدم العفوية الطفل مفرط النشاط، في حين جَدْولة وقت الفراغ يمكن أن تخدمه. بالنسبة إلى الطفل مفرط النشاط، يجب ألا تزيد أوقات الفراغ عن نصف ساعة، حتى لا يبدأ في التملمُل أو يثور غاضباً.
· استغلال أوقات الفراغ: على الأُم أن تستغل أوقات الفراغ، وتصطحب طفلها إلى حديقة عامة، أو أن يقرأا معاً في كتاب يختاره الطفل، أو أن يتمشيا معاً، أو تقوم ببساطة، بدغدغة طفلها وأداء حركات مضحكة لتشغل وقته. مثل هذه الأوقات تُعتبر مفيدة لأنّها، بصورة خاصة، تزيد من ارتباط الأُم بطفلها مفرط النشاط. باستثناء القوانين المنزلية العادية، من غير المفروض تقييد الطفل مفرط النشاط بقوانين إضافية، بل يجب تركه يعيش بطريقة طبيعية وحرّة.
· توظيف طاقة الطفل الزائدة: من سمات الطفل مفرط النشاط الطاقة الزائدة، التي تجعل من الصعب عليه التركيز. ومن أفضل الطُّرق لمساعدة هذا الطفل على تفريغ طاقته الزائدة، إتاحة الكثير من الفُرص له لممارسة الرياضة. في إمكان الأُم أن تخصّص أوقاتاً للركض، أو لكرة السلة، أو لكرة القدم، أو لنَطّ الحبل... إلخ، إذ كلها أنشطة تساعد على تفريغ الطاقة الزائدة بطريقة مُفيدة. في حين أنّه من غير المفترض أن يمارس الطفل أيّاً من هذه الرياضات إلى حد الإنهاك. وعلى الأُم أن تُدرك بأنّ الرياضة وسيلة مفيدة جدّاً، فهي تساعد الطفل مفرط النشاط على التركيز وتحسين المزاج.
· عدم استخدام الرياضة كوسيلة عقاب: على الأُم ألا تحرم الطفل مفرط النشاط من ممارسة الرياضة، عقاباً له على كثرة الحركة. إذ إنّه من المحتمل أن يؤدي هذا العقاب إلى تفاقُم مشكلة الطفل. وعلى الأُم أن تتعامل بإيجابية مع الطفل مفرط النشاط، وأن تدعمه معنوياً، لأنّه قد يكون لهذا الأسلوب تأثير أقوى على المدى البعيد، على الرغم من حاجته إلى وقت وصبر قبل أن يؤتي ثماره.
· مدح الطفل: إنّ أفضل طريقة لضبط تصرفات الطفل مفرط النشاط هي مدحه عندما يتصرف بطريقة جيدة. فالطفل يتجاوب مع المديح، وقد يحرص على القيام بعمل جيد، حتى يحصل على اهتمام الأُم، إذا تم دعمه عند تصرفه بشكل جيد. في الأغلب، تتعامل أمّ الطفل مفرط النشاط بطريقة سلبية معه: تصرخ في وجهه، تصفعه، تُعاقبه بحرمانه من أشياء يحبّها... إلخ. إنّ استخدام أسلوب الدعم الإيجابي يمكن أن يؤدي إلى تغيير تصرف الطفل، فيسعى إلى أن يكون قليل الحركة مثلاً، لينال رضى الأُم بدلاً عن ردّ فعلها السلبي.
· تجنُّب الإفراط في تحفيز ذهن الطفل: معظم خبراء التربية ينصحون بعدم السماح للطفل مفرط النشاط بمشاهدة التلفزيون لفترات طويلة، وبعدم مشاهدته في الليل، وبعدم تعريض الطفل للأصوات العالية، خاصةً أصوات الموسيقى العالية جدّاً، أو مشاهدة برامج مُثيرة، لأنها تؤدي جميعها إلى تحفيز الطفل وزيادة نشاطه. إنّ الطفل مفرط النشاط يستفيد أكثر من العمل، وليس من الجلوس. لذا، على الأُم أن تزيد من ساعات الأنشطة اليدوية، وتُقلل من أوقات مشاهدة التلفزيون إلى أدنى حد ممكن.
· أخذ العوامل الخارجية بعين الاعتبار: على الأُم أن تُدرك أنّ الطفل المفرط النشاط لا يملك دائماً القدرة على السيطرة، كما الأطفال الآخرين. على الأُم ألّا تُخَطِّئ الطفل على شيء لا يملك السيطرة عليه. بعض التربويين يعتقدون أنّه إذا كان في إمكان الطفل التصرف بشكل مناسب مرّة واحدة، ففي إمكانه فعل ذلك دائماً. لكن، هذه الحال لا تنطبق على الأطفال مفرطي النشاط.
عوامل مؤثرة:
هناك عوامل عديدة يمكن أن تؤثر في قدرة الطفل على السيطرة. لذا، على الأُم أن تُولي اهتماماً خاصاً للعوامل الخارجية، التي يمكن أن تجعل ضبط النفس أكثر صعوبة، من مثل: التوترات بين الوالدين، أو موت شخص عزيز، أو ضياع شيء يحبه الطفل، أو مواجهة مشاكل في المدرسة، أو عدم النوم جيداً في الليل. المرض من العوامل التي تؤثر سلباً في الطفل مفرط النشاط. لذا، على الأُم مراقبة صحته بشكل دائم، وعليها، أيضاً، أن تهتم بما يلي:
· تشجيع القراءة: على الأُم أن تشجع الطفل مفرط النشاط على القراءة، لأنّها تساعد على تهدئته، خاصةً إذا كان الكتاب الذي يقرأه مُمتعاً. وعلى الأُم أن توفّر الكتب التي تتناسب واهتمام الطفل، وتفسح له المجال ليختار من بينها الكتاب الذي يحب أن يُقرأ في تلك اللحظة.
· إشراك الطفل في الأعمال المنزلية: يجب تحديد وقت تمضيه العائلة بأكملها في نشاط إبداعي. مثلاً، تكليف كلّ شخص تنظيف غرفته، وتوزيع بقيّة أعمال المنزل على الجميع. إنّ مشاركة جميع أفراد العائلة في عملية التنظيف يُتيح الفرصة للأُم لقضاء وقت مُثمر مع طفلها مفرط النشاط.
· تحويل انتباه الطفل إلى الوجهة الصحيحة: على الأُم أن تفرض أفكاراً وأنشطة إيجابية على الطفل، وتساعده على أن يُولي الإبداع اهتماماً، وأن ينخرط في أنشطة يُمكن أن تحوّل طاقته إلى الاتجاه الصحيح، وتساعده على التركيز جيداً. وعلى الأُم أن تُوجه طاقة الطفل وتحصرها في الاتجاه الصحيح، بدلاً عن استغلالها في مجالات يمكن أن تتسبب في إيذائه.
· مساعدة الطفل ليكون مرناً: على الأُم أن تُعلّم طفلها الانضباط، وتُولِيه الاهتمام اللازم لمساعدته على أن يكون مرناً أيضاً. وعليها أن تكون متأكدة أنّه يعرف ماذا تعني بالانضباط، وعليها ألّا تجعل علاقتها بطفلها مرتكزة على التعليمات والأوامر فقط. بل عليها أن تمضي بعض الوقت مع طفلها، ويُفضّل أن تأخذه إلى حديقة عامة ليستمتع بالجو ويستفيد من طاقته باللعب.
الهدوء والصبر:
ختاماً، يجب ألّا يغيب عن بال الأُم، عندما تتعامل مع طفل مفرط النشاط، أنّه يجب عليها أن تكون هادئة وصبورة، وأنْ تعلَم أنّ قضاء وقت نوعي مع الطفل يساعد على تحسين وتعميق العلاقة معه. وعلى الأُم التركيز على إقامة علاقات جيدة مع الطفل بغض النظر عن سنّه، وأن تحرص على التواصل معه، وأن تأخذ بعين الاعتبار أنّ الرياضة تساعد على التركيز بشكل جيد، وتستخدم الطاقة العصبية بطريقة صحيحة.
من المهم أن تتجنّب الأُم مُحاربة النشاط المفرط، بالطلب من الطفل أن يتوقف عن التملمُل، أو أن يهدأ، أو ألّا يتحرك من مكانه. إنّ القول للطفل بالبقاء هادئاً يمكن أن يؤثر في نفسيّته، وأن يؤدي إلى إثارة المشكلات في مجال احترام الذات. بدلاً عن ذلك، على الأُم أن توجّه طاقة الطفل الزائدة إلى الوجُهة الصحيحة. إذ يجب أن تتذكّر أنّ هذه الطاقة التي يصعب عليها التعامل معها في الصِّغر، هي نفسها التي يمكن أن تُنتج شخصاً مُدهشاً في الكِبَر. فهناك الكثير من المفكرين والمبدعين الذين شُخّصوا كأطفال مُفرطي نشاط في الصّغَر، يستخدمون اليوم طاقاتهم لإمتاع الناس وتحفيز أذهانهم.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق