عندما نتيح المجال أمام أولادنا ونطلب إليهم مساعدتنا على القيام بالواجبات المنزلية اليومية، فإننا ندرّبهم على الإهتمام بأنفسهم وبعوائلهم مستقبلاً، والأهم من ذلك إنّنا نمضي معهم وقتاً قيّماً وحميماً.
مع تسارع إيقاع الحياة العصرية في الألفية الثالثة، لم تعد غالبيتنا تجد متسعاً من الوقت للموازنة بين متطلبات عملها واحتياجات منزلها وضرورات الحياة، وفي نهاية المطاف أداء المهام والواجبات المنزلية، علماً أنّ هذه الأخيرة تتشكّل فرصة قيّمة لا تثمن لضرب عصفورين بحجر واحد، إذ أنّها تشكّل منجماً من الوقت القيّم الذي يمكن أن نمضيه مع أولادنا في أداء أمور تفيدنا وتفيدهم.
وفي هذا السياق، يرى كثيرون أنّ هذا الأمر هو جزء من واجباتهم تجاه أولادهم، فمن الحري بكلّ منّا تدريب بنيه وبناته على الإهتمام بشؤونهم وبالمنزل، ففي هذا الأمر خبرة لا تقدّر بثمن تهيّئهم للإهتمام بأنفسهم وبعوائلهم يوماً ما.
وعلى النقيض من الفرص العديدة المتاحة لقضاء وقت عائلي قيّم، تنفرد المهام المنزلية بدورها في إكساب الأولاد خبرة قيّمة تساعدهم في حياتهم اليومية مستقبلاً، ما يمثّل حلاً للتعامل مع تحديين في آن معاً، ولاسيما أنّ المهام المنزلية تشكّل عبئاً على الكثيرين منّا خلال أيامنا المتسمة بمحدودية الوقت، فتبدو كضرورات لابدّ منها تعوقنا عن تخصيص المزيد من وقتنا القليل المتاح لصغارنا.
ومن الضروري الإنتباه إلى أن طبيعة المهام التي يمكن أن نطلب من صغارنا القيام بها أو مساعدتنا على أدائها تختلف بحسب سنّهم، ولكن من المحبّذ أن نبدأ في مرحلة مبكرة من أعمارهم بطلب القيام ببعض المهام حتى يعتادوا الأمر، لأنّنا سنجد صعوبة في ذلك عندما يكبرون إن لم يكونوا معتادين على أدائه. وقد نستهل هذا التدبير في سنّ مبكرة، من خلال الطلب إليهم جمع ألعابهم ووضعها في مكانها، مع مساعدتهم في القيام بذلك وتعليمهم أين يتوجب وضع كلّ منها. ويستحسن التأكيد على أهمية الإهتمام بترتيب المنزل والأغراض الخاصة كالألعاب، وإيضاح نقطة مفادها أن ذلك يساعدنا على الإهتمام بالواجبات المنزلية، وبالتالي يتيح المزيد من الوقت لقضائه معهم في أنشطة كاللعب أو الذهاب إلى السينما أو التسوق.
من جانب آخر، يمكن أن نطلب من الأولاد مساعدة كلا الوالدين على أداء مهام عامّة، كتنظيف المنزل وترتيبه أو تحضير المائدة لتناول الطعام وتنظيفها بعد ذلك، وقد نرى في فرص أخرى أنّه من المناسب أن يساعد الصبية آباءهم في الإهتمام ببعض المهام التي يتولى أمرها الرجال عادة، في حين تُعين الفتيات أُمّهاتهنّ في تدبير شؤون المطبخ، مثلاً.
وهذا غيض من فيض إحتمالات مفتوحة أمام كلّ والد ووالدة لضرب عصفورين بحجر واحد، أي لتمضية وقت حميم مع أبنائهم، وإعدادهم ليعتمدوا على أنفسهم في المستقبل.
* سابين رزق (أخصائية في علم النفس، معهد العلاقات البشرية)
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق