• ٢٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

واقعة الغدير.. بيعة الوحدة والتآخي

عمار كاظم

واقعة الغدير.. بيعة الوحدة والتآخي

الدِّين الإسلامي... دين عالمي جاء لخير البشرية جمعاء، ولقد وحّد بين أبنائه وجمعهم حول العقيدة الصادقة والمبادئ السامية وأصبح الإخاء العامّ بينهم هو الرباط والدعامة اللذان بنوا عليهما علاقاتهم وتعاملهم. الإسلام دين يدعو إلى جمع الكلمة والاتحاد والأخوّة، فالاتحاد نظام الأُمّة الإسلامية وعمودها، وبه تحصل الألفة وتحل المودّة محل الجفاء وتجمع الكلمة، قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا) (آل عمران/‏ 103). ويقول تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة/ 2). وأيضاً هذا ما دعا إليه العملاق الشاخص الإمام عليّ (عليه السلام) الذي دعا إلى الإخاء الإنساني، ومساواة الإنسان في الحقوق والواجبات، والوقوف إلى جانب المظلوم، ورفض الظلم، والدعوة إلى التحلي بالقيم الإنسانية، والأصالة.

تعدُّ الوحدة أساس من أُسس تطوّر المجتمع وتقدّمه، حيث إنّها تلعب دوراً مهماً في نشر الوعي السياسي بمفهومه الصحيح والواضح وتعمل على تكريس مبادئ التواصل والانفتاح على الآخر.. فالوحدة الإسلامية أمل الشعوب الإسلامية وحلم حياتها ودعوة مفكريها وهدف المخلصين من قادتها، لأنّ في حقيقتها تحقيق للنهضة والقوّة ولحماية الذات. أغلب علماء الاجتماع يرون بأنّ التأثير الأساسي لعامل الدِّين يتمثّل في محو التفاوت الطبقي وخلق التجانُس والتضامن الاجتماعيين فمن وجهة نظرة الدِّين أنّ جميع الناس متساوون أمام الله تعالى. وقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات/ 13).

يعتبر عيد الغدير من أبرز معالم الوحدة بين المسلمين ولمَ شملهم، فإنّ القرآن أشار في طياته إلى ما يحقّق الوحدة هو الاعتصام بحبل الله قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) (آل عمرن/ 103). ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحّد المسلمين في يوم الغدير وجعله عيداً لهم والاحتفال بهذا العيد هو شكر لله واقتداء برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحبّاً لأمير المؤمنين (عليه السلام).. فهذا العيد هو هدية من الله لتجدّد الأُمّة الإسلامية أصالتها وإيمانها بالله وحبّها لرسوله وأهل بيته فتتوحّد بهذا العيد وتحتفل به سنّة وشيعة.

وهكذا، فإنّ مسألة الغدير بإمكانها أن تتحوّل إلى مصدر للوحدة بين المسلمين، فإضافة لما تثيره مسألة الغدير من اهتمام الشيعة باعتبارها تمثّل بالنسبة لهم بُعداً اعتقادياً، لما تنطوي عليه من تنصيب لأمير المؤمنين الإمام عليّ (عليه السلام) من قبل رسول الله محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو ما ورد صريحاً في حديث الغدير، فإنّها تتضمن مسألة مهمّة وهي مسألة الولاية بحدِّ ذاتها، وهي مسألة تتسامى وتعلو على البعد الطائفي. لذلك ينبغي إيصال منهج الغدير إلى العالم أجمع، عبر الكتاب وكلّ وسائل الإعلام الحديثة بإسلوب جذّاب وعصري، وهو عمل يتطلّب جهوداً كبيرة ويتحمّل الشباب مسؤولية مضاعفة في هذا المجال، فعلى المؤمنين جميعاً أن يجدّوا ويجتهدوا ويتوحدوا ويتعاونوا من أجل تبليغ رسالة الله تعالى والنبيّ الأكرم وأهل البيت للعالم أجمع. علينا أن نتعلّم من الإمام عليّ (عليه السلام) خطّ الوحدة الإسلامية، لننفتح على مَن نختلف معه بالحوار، ولنؤكّد ما يجمعنا، في سبيل حفظ الإسلام في مواجهة التحدّيات التي تعصف اليوم بالأُمّة، ولا تفرّق بين مذهب وآخر، ولا بين مُسلِم ومُسلِم.. فإنّ عليّاً (عليه السلام) يمكن أن يكون رمز وحدتنا الإسلامية، لأنّ المسلمين جميعاً لا يختلفون على احترام الإمام عليّ (عليه السلام) وتقديمه على غيره لما يملك من مكنونات العلم الذي لاينتهي. إنّ الالتزام بعليّ (عليه السلام) هو الالتزام بالوحدة الإسلامية، بمعنى أنّ الواقع الإسلامي إذا واجه التحدّيات الكبرى التي لا تتحمّلها التعقيدات، فلابدّ لنا من أن نلتقي جميعاً أمام القضايا الكبرى، رغم الخطوط المختلفة، أي لابدّ من أن يتحرّك كلٌّ من موقعه.

ارسال التعليق

Top