◄ما أحوجنا إلى الإيمان بالله الذي يورث الطمأنينة في حياتنا، والسكينة في نفوسنا والقوة في قلوبنا وشخصيتنا.
يقول الدكتور (هنري لنك) – وهو أحد رجال علم النفس التجريبي المشهورين وقد بقي ملحداً سنين طويلة حتى عاد إليه الإيمان بالله – في كتابه (الطريق إلى السعادة، ص17): (وقد استخلصنا من هذه الاختبارات نتيجة هامة وهي: إن كل من يعتنق ديناً أو يتردد على محل عبادة تكون شخصيته أقوى وأفضل ممن لا دين له أو لا يزاوله). وقال هنري في كتابه أيضاً: (إذ إنّه مهما بلغت المعتقدات من السخافة، فهي أفضل من عدم الاعتقاد في شيء على الإطلاق).
فالملاحدة لا يجدون إلا فراغاً هائلاً في نفوسهم، وهوة سحيقة في قلوبهم.. تكاد الحيرة تمزق فؤادهم، وتطير بلبِّهم، فَهُمْ يودون أوّلاً لو يتأكدوا من وجود حياة أخرى مثلاً، بل يتمنّون وجودها في الأقل، لأنّ من طبيعة الإنسان أنّه يرغب في البقاء ويحب الخلود. وهم ثانياً لا يملكون دليلاً في نفوسهم، أو ليسوا متأكدين من وجود تلك الحياة، فيخشون إن تزهّدوا في معيشتهم، وامتنعوا عن شهواتهم ألا يكون هناك يوم آخر فبذلك قد يكونون ممن أضاعوا حياتهم (كما يظن) سدى، ويكونون بذلك قد خسروا أثمن شيء لديهم. كما يخشون إن انحدروا في مهاوي الرذيلة، وغطسوا في حمأة الشهوة أن يكون هناك يوم آخر فيحاسبون على أعمالهم، وتكون نتيجتهم العقاب الأبدي. وهم لا يملكون برهاناً على عدم ذلك، بل إنّ موحيات الحياة قد تضطرهم إلى الإيمان أو التفكير على الأقل في شأنها، وبذلك يكونون قد وصلوا إلى درجة من الحيرة القاتلة. لذا نراهم أنهم يبعدون هذا التفكير عن نفوسهم إبعاداً، ويغافلون عنه إن وجدوا صيحته في نفوسهم، ويتعامون عنه إن رأوا موحياً بذلك.
أيها الأخ القارئ: علوم هذا العصر تتجلى فيها عظمة الخالق، وهي في قمتها، فليعلم المحلدون أننا الربانيون قد نتعافى بإيماننا وأننا الرابحون في الدارين، فإذا كان الملحدون عِلمانيين، فهذا هو العلم الذي يوضح لنا أنّ أهل الإيمان بإيمانهم قد ينجون من أمراض فتاكة، وهذا الإدعاء برز نتيجة لدراسات وأبحاث نشرت في مجلة الجلطة الدماغية (Stroke)، حسب وكالة الأنباء العالمية (رويترز) في 16/2/2007 وجاء فيها:
دالاس: لطالما جادل المتدينون بأنّ قوة الإيمان والدعاء يمكن أن يسهما في شفاء المرض. والآن تشير دراسة أُجريت في روما إلى أنّ الإيمان قد يساعد الناس على التعافي من السكتة الماغية. وأفاد تقرير نشر سابقاً في دورية (ستروك) أنّ الدراسة تشير إلى أنّ جرعة روحية قوية بوسعها تخفيف الضغط العاطفي المرتبط بالعقبات في التعافي من السكتة الدماغية.
وأجرى الباحثون في مركز سان رفائيل بيسانا لإعادة التأهيل في العاصمة الإيطالية روما مقابلات مع 132 شخصاً نجوا من السكتة الدماغية بشأن معتقداتهم الدينية ومدى تعلقهم بالقيم الروحية. وكان متوسط عمر عينة الدراسة 72 عاماً. وقال الدكتور سالفاتور جياكنتو رئيس إدارة إعادة التأهيل بالمركز: "تتزايد احتمالات تلقي المتدينين النشطاء في مجتمعاتهم لدعم خارجي من متطوعين. وهذا الدعم الاجتماعي يشعرهم بالاهتمام بهم والحب والتقدير. وبالتالي فإنّ الإحساس بمساندة الآخرين والخلفية الإيمانية تجعل المرضى يشعرون أنهم ليسوا وحدهم".
ربما يظن المرء من أنّ الإيمان الذي أتحدث عنه إنما هو شيء خيالي لا دور له... لذا كان عليَّ لزاماً أن أبرهن علمياً تأثير قوة الفكر على الجسم وكالآتي: يقول الدكتور أحمد توفيق:
قبل عدة سنوات قام أستاذ جامعي من جامعة بيل بتجربة يظهر فيها قوة الفكر على الجسم. فجعل شاباً يستلقي على مقعد متوازن في مختبره. ثمّ أشار للشباب – الذي كان أخصائي رياضيات – أن يفكر في مسألة حسابية معقدة وأن يحاول حلها عقلياً.
عندما بدأ الشاب التفكير العميق. مال المقعد إلى الجانب الذي يركز عليه رأس الشاب. وهذا من جراء ثقل الدم الذي سرى إلى الدماغ بكمية كبيرة بحيث مال الميزان. ثمّ أشار للشاب أن يفكر بالركض، حيث كان هذا الشاب لاعب كرة. وعندما بدأ الشاب التفكير بالركض مع الكرة، مال القبان إلى الجهة التي بها قدمي الشاب وأطرافه. فالدم أصبح يسير بيسر إلى هذه الأعضاء.
وبسؤال الشاب أن يعيد قراءة جدول الضرب رقم 9، أصبح الميل في جهة الرأس أكثر مما كان وهو يستعيد جدول الضرب رقم 5 (لكون جدول الضرب رقم 9 أكثر تعقيداً من جدول الضرب رقم 5، مما أدى إلى تدفق دم أكثر إلى الرأس في الحالة الأولى – أي جدول رقم 9 –).
لقد وجد البروفسور أن مركز الجاذبية في جسم الرجل كان ينتقل بمجرد تغيير تفكير هذا الشاب، بدون أن يحرك أي عضل من جسمه. فالدم يسري بحرية أكبر من جهة إلى أخرى بمجرد تغيير الفكر والصور الذهنية. فهنا قوة بالإمكان بالقصد والاختيار استعمالها.
وإنّ وظائف الجسم من هضم، وتمثيل غذائي، ودورة دموية، وتخلص من الفضلات، يمكن التأثير فيها سلباً أو إيجاباً بواسطة الأحوال العقلية، وأنّ جميع الوظائف الجسمية التي باتصال مستمر مع الجهاز العصبي، يمكن أن تساعد أو يُمنع عملها بواسطة الأفكار التي نفكر بها.
وإنّ جميع الوظائف الحيوية التي لدينا مع أنها لا شعورية في عملها، فهي دوماً وبعمق متأثرة بقوة أفكارنا الواعية. وهذا يعني أنك لست دائماً تحت رحمة المرض والعلل الصحية، وذلك لأنّه بإمكانك توجيه طاقة أفكارك إلى أي جزء من جسمك والتأثير في وظائفه توازناً وحيوية.
إذن أصبح الآن واضحاً من هذه التجربة الفريدة من نوعها أنّ لقوة التفكير تأثيراً واضحاً وضوح الشمس في رابعة النهار على الجسم، فبمجرد تفكير الشاب بالركض مع الكرة مال القبان إلى الجهة التي بها قدما الشاب، وفي الواقع أنّ الشاب لم يحرك أي طرف من أطرافه بينما التفكير الذي هو ظاهرة معنوية كان له الدور الفاعل في سريان الدم في الأطراف وأدّى بذلك إلى ميلان القبان إلى قدمي الشاب وباقي أطرافه.
إذن باستطاعة المرء أن يبعث الإيمان بإرادته ووعيه ليتدفق من مستوى عقله الظاهر إلى مستوى عقله الباطن ومنه إلى الوظائف الحيوية اللاشعورية في داخله من الأحشاء الباطنية وما تحتويه من أعضاء... هذه إذن هي قوة الإيمان وتأثيرها، إذن هل من مُنكر؟!!
المصدر: كتاب قبسات علمية من القرآن الكريم
ارسال التعليق