• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الجانب الجمالي في الرسالة الإعلامية

الجانب الجمالي في الرسالة الإعلامية

 دراسة نفسية في أثر الصورة على فاعلية الاستجابة

مقدمة.. يتفق معظم الدارسين على أن الاتصال Communication يهدف إلى تحقيق هدف أو أكثر من الأهداف التالية: 1- توفير المعلومات. 2- تيسير التعاون. 3- تحقيق الذات. (Cronkhite, 1976,p.26). ولكي تتحقق هذه الأهداف كلها أو بعضها، فإن هناك شروطاً ينبغي توفيرها. ومن بين هذه الشروط، ما يخص المرسل، ومنها ما يخص المستقبل، ومنها ما يخص الرسالة، مما يمكن أن نعثر عليه فيي معظم الكتب المهتمة بعملية الاتصال Miller; 1967; Argyle 1972; Cronkhite 1976; Laver & Hurcheson, 1972. واهتمامنا الأساسي في هذه الدراسة، هو الكشف عما يمكن أن يوجد من تفاعل أو علاقة بين الرسالة ومن يتلقاها. ووضوح الرسالة هو من أبرز الخصائص التي يوصى بها المتخصصون، إذا أريد لها أن تحقق هدفها، ولكن هذه الخاصية وجدت من يزعم أنها إذا تحققت في الرسالة، فإنها لن تؤدى إلى أفضل النتائج تحت ظل ظروف معينة. بمعنى أنّ الوضوح، وإن كان أمراً مطلوباً، إلا أنّ الملاحظة المباشرة تدلنا على أنّ الإنسان في كثير من الحالات يسعى إلى معايشة حالة من عدم الوضوح من خلال عملية اتصالية يقوم بها، كما يذكر كرونكايت ومن ذلك على سبيل المثال، مشاهدة الأفلام الملغزة، والدخول في مراهنات غير مضمونة النتيجة، والاشتراك في جدل حول قضية معقدة وذات جوانب مبهمة. صحيح أن كل الأطراف تتنافس أو تتصارع أو تتعاون من أجل حل الغموض، ولكن عملية الاتصال في حد ذاتها تمر بالفعل خلال ارتقائها بمناطق غامضة، وقد تنتهي العملية ويجد المرء نفسه لم يبرح المنطقة التي كان فيها عند بداية العملية الاتصالية. من ناحية أخرى، قامت دراسات تحاول أن تكشف عن طبيعة العلاقة بين عدم اليقين وازدياد درجة التفضيل لموضوع من موضوعات الاتصال، ومن بين من اهتموا بهذا الجانب بيرلين (Berlyne, 1974, p.160) الذي يشير إلى أنّ العلاقة بين عدم اليقين وازدياد درجة التفضيل لموضوع من موضوعات الاتصال علاقة مستقيمة، أي أنّه كلما ازداد الشك أو عدم اليقين إزاء مادة الرسالة، ازداد درجة التشويق والاستثارة والتفضيل لمحتوى ومضمون هذه الرسالة. على حين يرى آخرون، أنّ العلاقة بين عدم اليقين وإصدار حكم تفضيلي، علاقة منحنية، بمعنى أنّه كلما ازدادت الرسالة غموضاً، بما يؤدى إليه ذلك من تشكك أو عدم يقين، زادت درجة التفضيل حتى مستوى معيّن، ثمّ تبدأ العلاقة بعد هذا المستوى في التدهور. (الشيخ، 1978، ص50). وهناك دراسة شيقة، نشرها تيرنس مور عن خبرة شخصية اتصالية، تمثلت في إقامته لفترة من الوقت بين جماعة من الناس لا يعرف لغتهم ولا يفهمون لغته. وقد حاول الباحث أن يحلل هذه العلاقة الاتصالية الصعبة، وتوصَّل من هذا التحليل إلى وجود خصائص لمثل هذا النوع من الاتصال نوجزها فيما يلي: 1- الترميز أي وضع الرسالة من قِبَل المصدر في شكل رموز معيّنة. 2- محاولة المستقبل للفهم. 3- التفاعل النفسي بين المتلقي وموقف فك الرمز. 4- التعبير أي الاستجابة برموز أخرى (بداية جملة اتصال جديدة). وقد كشف التقرير، عن أن تلك العملية الاتصالية، كانت تمضي على النحو التالي: 1- عزل الكلمات التي يمكن التعرف عليها. 2- استدعاء معاني الكلمة واكتساب المفردات. 3- ترتيب معاني الكلمات في جمل ذات معنى. 4- إيجاد مصطلحات تحدد بشكل مناسب، المفاهيم والعلاقات المتعلقة بموضوع الاتصال، من خلال ما يمكن أن نطلق عليه قطار الفكر. (Moore, 1978). وفي كل مستوى من هذه المستويات، كان الباحث يلاحظ المشاعر المترتبة على نجاحه أو فشله، فقد كان على سبيل المثال يحاول أن يخمن معاني الكلمات المجهولة له، وكان يصاب بحالات من الإحباط، أو حالات من الانفعال، ذات خصائص متداخلة. ومجمل ما تشير إليه هذه الدراسة، هو أن طبيعة الرسالة، فضلاً عن خصائص من يتلقاها، تلعب دوراً أساسياً في تشكيل، ليس فحسب الاستجابات المباشرة للفرد، ولكن أيضاً فيما يتبقى ويتراكم في البناء النفسي لهذا المتلقي. وربما كان من الممكن الاستدلال على ذلك، مما توصل إليه باحثون متعددون، في مجال العلاقة بين التوتر النفسي وتحمل الغموض والتشتت النفسي من ناحية، ومستوى حضرية المجتمع من ناحية أخرى، بما يتضمنه ذلك من توفر وسائل الرفاهية، والمواصلات والاتصالات وشيوع أفكار متعددة ذات خصائص متباينة ودرجات متفاوتة من الاتساق والتناقض، أو بين الوضوح والغموض أو البساطة أو التركيب أو الكثافة والندرة. فقد اتضح على سبيل المثال في دراسة نجاتي، أنّه كلما ازدادت درجة المدنية، ازدادت درجة التوتر لدى الشباب (1963). وفي دراسة سويف (1968) تم الكشف عن أن مواطني مصر أعلى من حيث درجة التوتر النفسي من مواطني كل من سوريا والأردن. وفي دراسة برنجلمان أتضح أن مواطني ألمانيا أعلى توتراً من المواطنين الإنجليز.. وفي دراسة أجريناها على ثلاث مجموعات من المواطنين المصرين، مجموعة ريفية ومجموعة شبه حضرية ومجموعة حضرية، تم الكشف عن وجود تدريج متصل من التوتر النفسي، يمتد من أعلى درجات التوتر لدى الحضريين وينتهي بأقل درجات التوتر عند الريفيين. ونتائج هذه الدراسات تشير بوجهٍ عامٍ إلى أنّ المجتمع الذي يتمتع بدرجة أعلى من التحضر (والاتصال دالة أساسية في هذه الدرجة)، يكون أفراده أكثر ميلا إلى إصدار استجابات أكثر توتراً وأعلى تطرفاً (سويف 1968، نجاتي 1963، حنورة 1968، 1976، Brengelman, 1976). وربما كان هناك تفسير آخر لهذه النتائج، مؤداه، أن زيادة درجة الحضرية، يقابلها ازدياد مستوى النشاط والدافعية لدى الأفراد، بما يرتبط بذلك من مستوى مرتفع من التوتر. وأيّاً كان التفسير المقدم، فهناك علاقة واضحة بين كمية وأنواع المعلومات المطروحة وحالة الدافعية وارتفاع مستوى النشاط وعدم اليقين والشك والتوتر والأحكام التفضيلية لدى الأفراد. والعملية الإبداعية المصاحبة لصنع الرسالة، عبارة عن جهد مركب يبذله المبدع (صانع الرسالة)، لاقتحام عالم مليء بالغموض والأسرار. وقد كشفنا في عدد من الدراسات دارت حول عملية الإبداع الفني، عن الطبيعة المركبة لتلك العملية والتي من أبرز خصائصها تلك الحالة من الاستكشاف المتتالي بما يصاحبه من تناوب للوضوح والغموض على المجال الوجداني والمعرفي والجمالي للمبدع (سويف 1970، ص215-306/ حنورة 1979، ص234-235 و 1980، ص223). يؤكد ذلك ما يقرره تشيلد (Child, 1969)، من أنّ الأسلوب الذي يستخدمه الفنان لعرض موضوعه، ذو أثر كبير في تشكيل طبيعة الخبرة التي تتحقق لدى المتلقي. ويشير هذا الباحث، إلى رأي أرنهيم، الذي يذهب فيه إلى أنّ العمل الفني يعكس الفهم الخاص للعالم. كما هو متحقق لدى الفنان (صانع الرسالة). والموضوع الإدراكي، يجعل المتلقي قادراً على أن يجرب بنفسه مثل هذا الفهم الذي يحمله الفنان – صانع الرسالة – للعالم. من كل ما سبق، يمكن لنا أن نتصور أنّ الرسالة، والرسالة الإعلامية على وجه الخصوص، تحمل بين طياتها، وتملك ضمن خصائصها، ما يمكن أن يؤثر إلى درجة كبيرة في استجابات الأفراد. يوضح ذلك أكثر، ما يشير إليه سويف، من أنّ العمل الفني رسالة موجهة من الأنا إلى الآخر بقصد استعادة "النحن". (سويف 1970، ص125). ولكن هذا كله، يفسر لنا الأبعاد الكبرى ولا يقترب كثيراً من خصائص نوعية المنبهات المعروضة على الإنسان وطريقة عرضها. ألا يمكن أن يكون اختلاف طبيعة المنبهات وطريقة بثها وأساليب تلقيها، ما يترتب عليه آثار في جانب أو آخر من جوانب العملية الاتصالية؟ يجيب على هذا السؤال، دراسة أجراها وولفولك (Wolfolk, 1976)، ناقش فيها بعمق، طريقة تقديم وعرض المعلومات في عملية الاتصال، فقد قارن بين ما أسماه الأسلوب التأكيدي التقليدي في العرض، وأسلوب اللامعقول: الأسلوب التأكيدي يعرض المنبهات عرضاً متتالياً فيه اتساق ووضوح ومباشرة وتأكيد، وأسلوب اللامعقول يعرض المنبهات عرضاً شاذّاً غير متسق لا يستجيب مباشرة للمنبهات أو الرسائل الأسبق منه. - وقد توصل هذا الباحث، إلى أن أسلوب اللامعقول Absurd في العرض، كان أكثر تشويقاً وأكثر فاعلية، من حيث إنّه يستفز قدرات الإنسان ويستثير فضوله، ويشد انتباهه، ويحد من سلطان التمادي أو القصور الذاتي والتلقي المسترخي للمعلومات، على حين أنّ الأسلوب التأكيدي المباشر، كثيراً ما يحمل معه الملل والشعور بالاكتفاء وعدم الرغبة في الاستكشاف. ومن المفروغ منه، أن لا معقولية العرض، تتعلق في جانب أساسي منها، بالطريقة التي تتسلسل بها العناصر والمكونات، والتي تتشكل بصورة غير معتادة لدى من يتلقاها. من كل ما سبق، يمكن أن نخلص إلى الأفكار التالية: - أن عملية الاتصال تعتمد ليس فحسب على مضمون المنبهات أو على وسيلة البث أو على خصائص المتلقي، بل هي عملية ذات طبيعة تركيبية ارتقائية متشعبة أيضاً. - أنّ الحاجة إلى الوضوح، كخاصية مميزة للعمل المعروض ومميزة للنشاط المبذول، ليس في جميع الأحوال بذات الفاعلية الأكبر في العائد المأمول من العملية الاتصالية، بل ربما كان عدم اليقين والغموض وخصوبة عناصر الرسالة، مما ينتج أثراً أعمق وأبقى. - أنّ الخصائص الإبداعية في العملية الاتصالية، تمتد فتشمل الرسالة وصانعها ومتلقيها والقناة الحاملة لها.   - أهداف الدراسة الحالية: تهدف الدراسة الحالية إلى الكشف عن أثر الصورة الإبداعية المدركة والمنبثة من خلال رسالة إعلامية، على طبيعة الاستجابة لدى المتلقي، ومقارنة هذا الأثر بالأثر الناتج عن نفس الرسالة إذا وجهت من خلال قول وليس من خلال صورة. وقد تحدد هذا الهدف، انطلاقاً من عدة مبررات، لعل في الاستعراض النظري السابق، ما يعرض بعضها، خاصة فيما يتعلق بطبيعة الرسالة، وما ينتج عنها من آثار. ويمكن افتراض أنّ (القول أو الكلام)، وإن توفرت له بعض الخصائص الإبداعية، إلا أنّه في سياق الرسالة الإعلامية يكون أكثر مباشرة ووضوحاً من الصورة التي يمكن أن تكون أكثر خصوبة وامتداداً في دلالاتها ورموزها، خاصة إذا كانت الصورة رسماً كاريكاتوريّاً. ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف، تم وضع فرض صفري عام مؤداه: أنّ الرسالة الإعلامية المعروضة من خلال صورة كاريكاتورية، لا تختلف فيما تنتجه من استجابات لدى متلقيها عن الرسالة الإعلامية المعروضة من خلال كلام يشير إلى نفس ما تشير إليه الصورة. والاستجابة التي رؤى أنها يمكن أن تتعلق بالصورة أو الكلام، عبارة عن استجابة عامة إجمالية، تتكون من الأبعاد التالية: أ- بُعد معرفي، ونقصد به المضمون العقلي للرسالة بما تحتويه من معارف ومعلومات، وما يستثيره هذا المضمون لدى المتلقي من نشاط عقلي وقضايا فكرية... إلخ. ب- بُعد وجداني، ونقصد به البطانة الانفعالية التي تحتويها الرسالة وما تثيره لدى المتلقي من انفعالات واتجاهات وعواطف... إلخ. ج- بعد جمالي، ونقصد به الجوانب التشكيلية والإيقاعية المكونة للرسالة، وما تستثيره لدى المتلقي من خبرة جمالية سارة كانت أو مكدِّرة... إلخ. د- بُعد اجتماعي، والمقصود به المتعلقات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية التي تشير إليها الرسالة، وما يشعه ذلك من آثار لدى المتلقي. هـ- بُعد يتعلق بالتكامل أو الوحدة بين تلك العناصر والأبعاد الجزئية. (حنورة 1979، ص236 وما بعدها، 1980، ص223 وما بعدها).   - المنهج: للكشف عن صحة الفرض السابق، رؤى إجراء دراسة امبريقية استكشافية، باستخدام أداة ملائمة وعينة مناسبة، وقد اتبعت الإجراءات التالية لتحقيق ذلك:   1- الأداة: تكونت الأداة من ستة أقوال وست صور كاريكاتورية، تم الحصول عليها من بين حوالي خمسين قول وصورة أخرى نشرت خلال شهر مارس سنة 1980 بالجرائد اليومية المصرية الصباحية الثلاث (الأهرام والأخبار والجمهورية) وقد روعى في انتقاء الأقوال والصور الست، عدة اعتبارات من أهمها: 1- أن يكون موضوعها مما يشغل اهتمام غالبية القراء. 2- أن يكون موضوع كل منها مازال مطروحاً ومتداولاً. 3- أن يتوفر في الصورة والقول المنشور معها خصائص إبداعية كالأصالة والتفرد والعمق والملاءمة لمقتضى الحال... إلخ. وقد اشترك مع الباحث في عملية الاختيار، ثلاثة باحثين آخرين ممن لهم اهتمام بالفن والسلوك الإنساني والمسائل العامة. تم بعد ذلك فصل الكلام المعروض مع الصور (مع إدخال تعديل طفيف لكي يصلح للعمل كمنبهات مستقلة) وبذلك أصبح لدينا: أوّلاً: ستة صور بالكلام المنشور معها. ثانياً: ستة أقوال مكافئة فيما تشير إليه أو فيما تعنيه الصور الست. وقد تم إعداد التعليمات المناسبة والتي يطلب فيها من المفحوصين الاستجابة لكل من الأقوال والصور، كل منها على حدة من حيث الزوايا التالية: 1- البُعد المعرفي. 2- البُعد الوجداني. 3- البُعد الجمالي. 4- البُعد الاجتماعي. 5- الوحدة والتكامل والتماسك. وذلك بتقييمها وتقييم أثرها، بدرجة تتراوح ما بين صفر، 9 لكل بُعد من هذه الأبعاد. وبذلك يتكون لدينا لكل مفحوص 5 درجات لكل صورة و5 درجات لكل قول وقد تم حساب معامل ثبات لكل بُعد من أبعاد الصور والأقوال، عن طريق القسمة النصفية، ويعرض الجدول رقم (1) لمعاملات ثبات كل بُعد من هذه الأبعاد مضافاً إليها معامل ثبات كلي لكل من الصور والأقوال. (Garret, 1971, p.343). جدول رقم (1) معاملات الثبات للصور والأقوال محسوبة بطريقة القسمة النصفية (البنود 1، 2، 3 في مقابل البنود 4، 5، 6) لكل بُعد من الأبعاد الخمسة والمقياس العام المكون من مجموعها:   جدول رقم (1)   المقاييس الأقوال الصور م. الارتباط * م. الثبات ** م. الارتباط * م. الثبات ** المقياس العام 0.83 0.91 0.36 0.53 البُعد المعرفي 0.79 0.88 0.47 0.64 البُد الوجداني 0.65 0.97 0.42 0.59 البُعد الجمالي 0.62 0.76 0.67 0.81 البُعد الاجتماعي 0.49 0.66 0.31 0.47 الوحدة والتماسك 0.75 0.86 0.65 0.79   * بين نصفي البنود الستة.            (ن = 30) ** بعد تصحيح الطول. تم حساب معامل الارتباط بطريقة بيرسون، كما تم حساب معامل الثبات بمعادلة تصحيح الطول (سبيرمان براون).   2- المفحوصون: تم اختيار 30 شخصاً للعمل كمفحوصين، وكانوا جميعاً من دارسي علم النفس بجامعة القاهرة (السنة الثالثة والرابعة دبلوم علم النفس التطبيقي وماجستير علم النفس) وكانت أعمارهم تتراوح ما بين 21 سنة و25 سنة، وكان من بينهم 16 ذكراً و14 أنثى).   3- التطبيق: تم التطبيق على المفحوصين خلال الفترة الواقعة ما بين 12 و15 أبريل سنة 1980 في جماعات تراوح حجمها ما بين 5 أفراد و12 فردا.   - النتائج: يعرض الجدول (2) النتائج التي أمكن الحصول عليها من تحليل استجابات أفراد العينة:   جدول رقم (2)     المقاييس (1) الأقوال (2) الصور الارتباط بين الأقوال (1) والصور (2) النسبة الحرجة * مستوى دلالة الفروق بين المتوسطات المتوسط الانحراف المعياري المتوسط الانحراف المعياري المقياس العام 105.7 43.89 135.35 54.84 0.51 2.98 بعد 0.05 البُعد المعرفي 23.65 13.23 26.65 10.81 0.69 1.12 أقل من 0.05 البُعد الوجداني 21 18.07 23.6 15.64 0.63 1.19 أقل من 0.05 البُعد الجمالي 18.65 10.99 28.10 13.13 0.52 4.33 بعد 0.01 البُعد الاجتماعي 25.1 14.55 30 11.76 0.23 1.59 أقل من 0.05 الوحدة والتكامل 23.65 13.02 32.2 11.74 0.397 4.15 بعد 0.01   * حسبت النسبة الحرجة باستخدام الفروق بين المتوسطات والخطأ المعياري ودرجة الارتباط (بيرسون) وفقاً للمعادلة التي أوردها جاريت، (Garret, 1971, P.226).   - مناقشة النتائج: تكشف النتائج المعروفة في الجدول رقم (2) عن أنّ الفرض الصفري لم يثبت، وهو ما يشير إليه الفرق بين المتوسطين في المقياس العام، إذ وجد أن قيمة النسبة الحرجة بين المتوسطين المترابطين (باستخدام الفروق بين المتوسطات والارتباط بين القياسين والخطأ المعياري)، دالة أي أنها ليست نتيجة للصدفة، وإن دل هذا على شيء، فإنما يدل على أنّ الصورة الكاركاتيرية عموماً أكثر فعالية من حيث ما يمكن أن تنتجه من منبهات مركّبة ورموز موحية في أكثر من اتجاه وقيمة جمالية ينتج أثرها لدى من يتلقاها، كما أنّها تشير إلى بعد اجتماعي يتمثل في المشكلة المطروحة والتي تحاول أن تعبر عنها فضلا عن بروز التكامل والوحدة بين عناصر الصورة. والتفسير الذي يمكن أن يقدم في هذا المجال، هو أنّ الصورة ليست إشارة بسيطة مباشرة، كما أنّها تحمل من العناصر المركبة ما يمكن أن يستثير أكثر من استجابة لدى الإنسان، على خلاف الأمر مع القول المصاحب للصورة وحده وهو ما برز من صغر حجم متوسطات الاستجابات التي أفرزتها الأقوال وحدها. فإذا انتقلنا من هذه الصورة المركبة إلى الأبعاد الفرعية التي طلبنا من المفحوصين الاستجابة لها كل على حده، وجدنا ما يلي: 1- لم تكشف متوسطات الأبعاد المعرفية والوجدانية والاجتماعية عن فروق ضخمة، وإن كان الاتجاه العام للفروق بين المتوسطات والدرجات مما لا يؤيد الفرض الأساسي الصفري، وهو ما يؤكد فاعلية الصورة فيما تنتجه من استجابات عامة. 2- كشفت درجات الوحدة والتكامل ودرجات البعد الجمالي عن أكبر الفروق بين المتوسطات، وهو ما يؤيد ما سبقت الإشارة إليه، من أن استجابات التفضيل وعدم اليقين إزاء المنبهات ذات الطبيعة المركبة والمفضية إلى التشويق، مما يمكن أن يلعب دوراً بارزاً في تشكيل استجابات الناس للرسائل الاتصالية المعروضة عليهم. - والنتائج بهذه الحدود، تلتقي مع ما أشارت إليه دراسات كل من ولفولك (Wolfolk,1976)وتيرنس مور (Moore, 1977) معاً من حيث الأثر النوعي الذي يمكن أن ينتج عن الشكل غير التقليدي للمنبهات المعروضة في عملية الاتصال، كما أنّه يلتقى مع ما يشير إليه تشيلد وأرنهيم، من حيث إنّ طبيعة الرسالة الفنية، وبالتالي، الأثر الناتج عنها، لا يتحددان من مجرد رغبة وميل صانع الرسالة فقط، ولكن أيضاً وبشكل أكثر فاعلية، من خلال ما يوجد عند المتلقي نفسه من استعداد عقلي وتفضيل جمالي وبطانة وجدانية وحس اجتماعي... إلخ، مما يلعب دوره في طريقة تلقي الرسالة والتعامل معها والاستجابة لها (Child, 1969) وهو ما يلتقي أيضاً مع دراسات برلين وغيره من علماء الجماليات التجريبية التي سبقت الإشارة إليها. وإذا كانت النتائج قد أكدت عدم صحة الفرض الصِّفري للدراسة الذي يرى أنّ الصورة ليست بذات أثر أكبر من أثر القول المكافئ لها، فإنّه من الضروري أن نضع في اعتبارنا خصيصتين أساسيتين على الأقل هما: 1- أنّ الصورة المعروضة (كرسالة)، قد تضمنت القول أيضاً، ومن ثم، فقد يثور تساؤل حول ما إذا كانت الصورة وحدها يمكن أن تنتج أثراً أكبر من أثر القول منفرداً وما إذا كان مزج الصورة بالقول يؤتى أثره بأكبر مما يصدر عن الصورة أو القول كل على انفراد؟ الواقع أنّه تساؤلنا له ما يبرره، ويستحق أن نفرد له دراسة مستقلة. 2- أنّ النتائج قد أبرزت أنّ الأبعاد الثلاثة (المعرفي والاجتماعي والوجداني) في الرسالة، لم تفرق بشكل جوهري سواء (في القول وحده) أو في (الصورة + القول)، ولكن الفرق الرئيسي في الفاعلية، أتى من البعد الجمالي ومن الوحدة والتكامل بين الأبعاد الأربعة، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عما إذا كان البعد الجمالي في الصورة أو في الرسالة عموماً، هو صاحب الفاعلية ذات الحجم الأكبر، وهو في الواقع ما نميل إليه إزاء المستوى الراهن من النتائج والمعرفة السيكولوجية المتوفرة، وإن كان الأمر ما زال بحاجة إلى مزيد من الاستقصاء. والقضية التي يمكن أن تثيرها الدراسة الحالية، تتمثل في أن مجالات الاتصال عموماً، والإعلام خصوصاً، والرسالة الإعلامية على وجه أخص ما زالت بحاجة إلى مزيد من الجهد يوجه إليها من خلال ما يمكن لنا أن نطلق عليه المنحى المتعدد الأبعاد لدراسة الظواهر الإنسانية. والدراسة الحالية بالنتائج التي انتهت إليها، ليست أكثر من خطوة على الطريق، ومن الضروري أن يكون واضحاً أن حدود انطباق نتائجها، لا ينبغي لها أن تتجاوز حدود العينة والأداة المستخدمة فيها، باعتبارها دراسة استكشافية استخدمت عينة ذات خصائص نوعية وأداة ذات صفات محدودة، وإن كان هذا لا يمنع من اعتبارها مؤشراً للاتجاهات التي يمكن أن يوجه إليها المزيد من الاهتمام.   - ملخص.. حاولت الدراسة الحالية، أن تكشف عن الفرق بين أثر الرسالة المصورة على الاستجابة لدى الأفراد، عند مقارنة ذلك بأثر الكلام غير المصور. ولتحقيق هذا الهدف، تم استخدام أداة مكونة من جزئين: الجزء الأوّل، عبارة عن 6 صور كاريكاتورية نشرت بالصحف المصرية، والجزء الثاني عبارة عن الكلام الذي نشر مرافقاً لهذه الصور، واستخدم 30 مفحوصاً من طلاب علم النفس، طلب منهم الاستجابة لهذين الجزئين من الأداة بتقييم الجوانب المعرفية والوجدانية والجمالية والاجتماعية والتكاملية في كل صورة وفي كل قول. وقد أبرزت التحليلات الإحصائية على وجه العموم، وجود فرق بين الاستجابة للصور والأقوال في الاتجاه الذي لا يؤيد الفرض الصفري الذي قدمته هذه الدراسة، وبما يؤكد أنّ الصورة الكاريكاتورية والقول المصاحب لها، أكبر تأثيراً من القول (فقط)، من حيث ما ينتج عن كل منهما من استجابات.   - مراجع: - الشيخ، عبدالسلام (1978) بعض متغيرات الشخصية الشارطة لتفضيل متغيرات الفنون المرئية، دكتوراه علم نفس جامعة القاهرة. - حنورة، مصري (1980) الأسس النفسية للإبداع الفني في المسرحية، دار المعارف، القاهرة. - حنورة، مصري (1979) الأسس النفسية للإبداع الفني في الرواية، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة. - حنورة، مصري (1976) التوتر النفسي ومستوى الحضرية، دراسة قرأت بمؤتمر منظمة تطوير العلوم الاجتماعية، الخرطوم، فبراير 1976. - حنورة، مصري (1968) الريف والحضر في المجتمع المصري، الاجتماعية القومية، 5، 3، 323. - سويف، مصطفى (1970) الأسس النفسي للإبداع الفني في الشعر خاصة، دار المعارف، القاهرة. - سويف، مصطفى (1968) التطرف كأسلوب للاستجابة، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة. - Argyle, Michael (1972) The psychology of Interpersonal Behavior, penguin. - Berlyne, D. E. (1974) Studies in The New Experimental aesthatics. John Wiely, Washington. - Berngelmann, J. C. (1959) Differences questionnaire responses between English and German nationals, Acta psychol. 160, 161 186. - Ghild , Irvin (1969) Esthetics, The Hand Book of social psychology, U. S. second Edition ed Lindz, & Aronson. Addison Wesley Menlo park, Californian. P.853. - Cronkhite, Gary (1976) Communication and Awareness. Cummings Publishing, California. - Garret, Hemry (1971) Statistics in psychology and education, Vakils, Fiffer and Simons, Bombay. - Millere, Geoge (1976) The psychology of communication, pentuin. - Moore, Terrence, (1977) An experimental language handicap , Bulletin of the British psychological society, 30, 107 110. - Woolfolk, Robert (1976) Absurd communication as an adjunct to assertion training, Psychotherapy, 13, 2, 1.   المصدر: كتاب سيكولوجية التذوق الفني

ارسال التعليق

Top