• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

حصاد اللسان

حصاد اللسان
روى أحمد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (ص): "لا يستقيم إيمان العبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، ولا يدخل رجل الجنة لا يأمن جاره بوائقه". وقال الشاعر: لسان الفتى نصف، ونصف فؤاده **** فلم يبق إلا صورة اللحم والدم   -       اللسان نعمة جلى: إنّ نعم الله تعالى على الإنسان كثيرة وعديدة، وأهم هذه النعم ما اختص بها الإنسان على سائر المخلوقات في الدنيا، وهي أمران: الأولى الوعي والإدراك والعقل، والثاني: المنطق والكلام واللسان، وهذان الأمران أحدهما باطني ذاتي داخلي، والآخر ظاهري خارجي، وهما متلازمان في معظم الأحيان، ويندر أن ينفصلا، والقلب والعقل والإدراك والوعي الداخلي هو الأساس والأصل، ولكنه لا يظهر إلا بالكلام واللسان، ولا يعرف إلا بالمنطق والحديث، والعاقل والمفكر والخبير والذكي لا يظهر ذلك منه إلا بالكلام ولا يكشف حقيقة الإنسان مثل لسانه وكلامه الذي يخبر عن باطنه، ويعلن سره، ويذيع خبره، ويظهر للآخرين ما يكنه الشخص من خير أو شر، ومن صلاح أو فساد، ومن محبة أو كره، ومن صدق أو كذب، ومن إيمان أو كفر، فاللسان وسيلة التعبير عن النفس، والكلام ترجمان عن القلب، لذلك ربط الإسلام الحكم على الشخص بالنطق بالشهادتين، وجعل مناط الثواب والأجر، أو العقوبة والجزاء على ما يصدر عن اللسان، فإن استقام اللسان، وصدر عنه الخير والبر، والعفو والإحسان، والصدق والاستقامة، الهدى والصلاح، استقام القلب بالإيمان والصفاء، النقاء والطهر، والحب واليقين، فالمرء بأصغريه: لسانه وقلبه. واللسان وسيلة التفاهم بين الناس، وسبيل التعبير عن الأفكار، ومع أنّ بقية المخلوقات تتفاهم مع بعضها بأساليب معينة، وإشارات محددة، وحركات خاصة، ولكن يبقى اللسان والكلام أسمى وسائل التفاهم، ونقل المعارف، لأنّه لا يقتصر على التخاطب بين الحاضرين، وإنما يمتد فضله وأثره إلى الغائبين، ويعتبر أفضل طريق لاتصال البشرية مع بعضها بين القديم والحديث، وبين الحاضر والمستقبل، فتدون المعارف، وتحفظ للأجيال وتنقل عبر القرون، وتمتد مدى العصور، بفضل الكلام واللسان، "تبارك الله أحسن الخالقين".   -       عناية الإسلام باللسان: وقد اهتم الإنسان باللسان، وأولاه العناية الفائقة، والرعاية الكاملة، واتجه إليه بالإصلاح والتقويم، ووجهه إلى السداد والخير، وحذره من الفساد والشر، وقد وكّل الله بالإنسان ملكين، يرصدان أقواله وأفعاله، ويسجلان ما يصدر عنه، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، فقال تعالى: (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (ق/ 17-18)، فلابدّ من تهذيب اللسان لحفظ كيان الإنسان، وإصلاح شؤونه في دينه وحياته، وفي دنياه وآخرته، وتكون العناية باللسان بتوجييه نحو الخير، واستعماله في الإصلاح، واستخدامه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثمّ بحفظه ومنعه من الشر والسوء وكفه عن الأذى والإفساد، وإن لم يكن هذا ولا ذاك فيجب السكوت والإنصات، فقد روى البخاري ومسلم وأحمد والنسائي وابن ماجه أنّ رسول الله (ص) قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت" وفي رواية أخرى "أو ليصمُت" وإن استعمال نعمة اللسان في هذه الدائرة التي رسمها الشرع يؤدي إلى الخير الكثير، والفوز الكبير، وإلا كفر الإنسان بالنعمة التي تفضل الله بها عليه، وتعرض لنقمة الله تعالى التي بينها في القرآن الكريم: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ) (إبراهيم/ 28-29). وجاء عقبة بن عامر (رض) إلى رسول الله (ص) يسأله عن طريق النجاة وأسباب النجاة، فقال: "يا رسول الله، ما النجاة؟ قال: "إملك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابكِ على خطيئتك"، ولذلك قال الحارث المحاسبي: "فرض اللسان: الصدق في الرضى والغضب، وكفُّ الأذى في السر والعلانية، وترك التزيد بالخير والشر".   -       ثمار اللسان اليانعة: وهذه النعمة الجلى على الإنسان باللسان والكلام ذات منافع عظيمة، وثمار يانعة، وفضائل جمة، يبلغ بها الإنسان أعلى الدرجات، ويتبوأ بوساطتها أسمى المراتب في الدنيا والآخرة، ويجني قطافها عند رب العالمين في جنات النعيم، وذلك بما يصدر عن اللسان من أعمال خيرة، وأقوال نافعة، وحكم مأثورة، وإصلاح بين الناس، وذكر لله تعالى، وتسبيح في آناء الليل وأطراف النهار، ودعاء في السراء والضراء، وإعلان الشهادة لله تعالى بالتوحيد والألوهية والربوبية، وتلاوة القرآن الكريم، فهو مأدبة الله في أرضه، ومن أراد أن يتكلم مع ربه فليقرأ القرآن، والكلمة الطيبة صدقة، وإفشاء السلام حسنة، ولسان المؤمن يبقى دائماً رطباً بذكر الله تعالى، والكلام النافع سبيل الإصلاح وطريق التعليم، وسيلة التقدم والرقي، وسلاح الخطيب، ومادة الكاتب والناثر، وإكسير الشاعر. والإنسان العاقل ينطق بالكلمة، ويحرك اللسان فيبلغ بها مكانة في النفوس، واحتراماً بين الناس، وتقديراً في المجتمع، ويرتفع بها على الأكتاف، ويسحر بها القلوب، ويسكت له السامعون، ويجذب بها الأفئدة، ويتأثر با الحاضر والقارئ، ويحبه الآخرون، ويزدادون له تقديراً، وينجو بها إن كان صادقاً، ويزداد مهابة إن كان مخلصاً وناصحاً. والإنسان المؤمن يحرك لسانه في مرضاة الله فيكتب له الأجر العميم، والثواب الجزيل، وتسجل له في صحائف عمله، ويضعها له رب العالمين في ميزانه، ويكفر بها سيئاته ويمحو عنه ذنوبه، ويستحق بكلامه جنات الخلود، لما رواه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي وابن ماجه أنّ رسول الله (ص) قال: "كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن سبحانه الله وبحمده، سبحان الله العظيم"، وروى الإمام أحمد أنّ رسول الله (ص) قال: "كلمات من ذكرهن مائة مرة دبر كل صلاة: الله أكبر، سبحانه الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لو كانت خطاياه مثل زبد البحر لمحتهن، وروى أبو داود أنّ رسول الله (ص) قال: "كلمات لا يتكلم بهنّ أحد في مجلسه عند فراغه ثلاث مرات إلا كفر بهن عنه، ولا يقولهنّ في مجلس خير، ومجلس ذكر إلا ختم الله بهنّ عليه كما يختم بالخاتم على الصحيفة: سبحانك اللّهمّ وبحمدك لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك".   -       آفات اللسان الخطيرة: وفي مقابل ذلك يصدر عن اللسان آفات كثيرة وغريبة، ويبلغ خطرها إلى القمة، ويصل سمها وضررها إلى صميم الإنسان، وكيان الأُمّة، وأساس المجتمع، ويزيد ضررها عن استعمال السلاح، ويشتد أذاها على النفوس والقلوب، وينطلق معظم الشر من وراء الكلمة واللسان، ويختفي وراءها كل فتنة وإفساد. ويكمن الخطر في اللسان لسهولة الكلام والنطق، وأنّ الناس يظنون غالباً عدم تأثير اللسان ولا يبالون بالكلام، ويطلقونه على عواهنه، ويقذفون بالحديث العابر، وينقلون الكلام بين الناس، ولذلك حذر رسول الله (ص) من ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام، فيما رواه البخاري ومسلم، "إنّ العبد ليتكلّم بالكلمة، وما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق"، وروى ابن ماجه أنّ رسول الله (ص) قال: "إنّ الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يرى بها بأساً فيهوى بها في نار جهنم سبعين خريفاً". وأكثر آفات اللسان تضر الغير وتفسد بين الناس، وتثير بينهم الأحقاد والاضطهاد وتحرك الفتن، وتخلق النزاعات والخصومات، وتفتك بوحدة الأُمة، وتعصف بالمجتمع وتفق الأحباب، وتمزق الأهل والخلان، وتقطع الرحم، كالغيبة والنميمة، والكلام فيما لا يعنيه، والخوض في الباطل، والسب والقذف وفحش الكلام، والمزاح المفرط، والسخرية والاستهزاء والاحتقار والاستهانة وفضح الأسرار، وكشف العيوب، وتعداد النقائص، وغير ذلك مما تكون الألسنة، وتملأ به مجالس اللهو والعبث والفجور، وتدور عنه أحاديث الأشرار والمفسدين وأعوان الشيطان. وأخطر آفات اللسان، وأكثرها مجلبة للشر والأثم والبغي، وأولاها عقوبة بالنار يوم القيامة الإشراك بالله تعالى، وشهادة الزور، والرياء واليمين الكاذبة التي تغمس صاحبها في النار، والكذب الذي يسقط المروءة، ويشين صاحبه، ويهدي به إلى الفجور، ثمّ إلى النار، لذلك يبين الرسول (ص) هذا الخطر للناس، وانه يقودهم إلى العذاب الدائم، وانّه أكثر السبل التي تؤدي إلى جهنم، فقال (ص)، فيما رواه الترمذي وأحمد: "وأكثر ما يُدخلُ الناس النار الأجوفان: الفم والفرج"، وروى الترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد عن معاذ بن جبل قال: "قلت يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني عن النار، قال: لقد سألت عن عظيم، وإنّه ليسير على من يسره الله عليه، تعبدُ الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصومُ رمضان، وتحج البيت، ثمّ قال له: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثمّ تلا: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ * مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة/ 16-17)، ثمّ قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذرةُ سنامه الجهاد، ثمّ قال: ألا أخبرك بملاكِ ذلك كله؟ قلت بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه ثمّ قال: كفَّ عليك هذا، قلت: يا رسول الله، وإنا لموآخذون بما نتكلم به، قال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم". فقد اعتبر الرسول (ص) ملاك الأمر بحفظ اللسان، وكفه عن المحرمات، وإلا كبَّ صاحبه في النار، قال ابن رجب رحمه الله: "والمراد بحصائد الألسنة جزاء الكلام المحرم وعقوباته، فإنّ الإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات، ثمّ يحصد يوم القيامة ما زرع، فمن يزرع خيراً من قول أو عمل حصد الكرامة، ومن زرع شراً من قول أو عمل حصد غداً الندامة". ودعا رسول الله (ص) إلى حفظ اللسان، وأن يستعمل في الخير، وأن يؤدي الحق الذي عليه من النطق بما يجب عليه، أو الصمت عما لا يعنيه، فمن فعل ذلك دخل الجنة، ونجا من النار، فروى البخاري والترمذي عن سهل ابن سعد الساعدي أنّ رسول الله (ص) قال: "من يضمن لي ما بين لحييه (أي لسانه) وما بين رجليه (أي فرجه) أضمن له الجنة" أي من ضمن وتكفل برعاية لسانه وفرجه، وحفظهما من السوء والشر والفساد والحرام واستعملهما في الحلال والمباح، وأدى الحق الذي عليهما استحق الجنة، وفار بالنعيم وإلا تعرض لغضب من الله وعقابه، وكان سبيله إلى النار كما جاء في حديث الترمذي وأحمد السابق. ومن آفات اللسان أيضاً أنّه يفسد الطاعات، ويبطل الأعمال، ويحبط الأجر عن الأفعال الصالحة، حتى تصبح هباءً منثورا، وكأن لم تكن، فالصيام مثلاً امتناع عن الطعام والشراب والجماع طوال النهار، امتثالاً لأمر الله تعالى، مع تحمل مشاق الجوع، وآلام الظمأ، طمعاً في مرضاة الله تعالى، وتهذيباً للنفس، وتربية للإنسان، وسمواً بالروح، ولكن قد يتحرك لسان الصائم بالكذب والزور والفحشاء والمنكر، فيفسد الصوم، ولا يجني صاحبه إلا الجوع والعطش، لما رواه البخاري وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه أنّ رسول الله (ص) قال: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه". والصدقة تطفئ الخطيئة، كما جاء في حديث معاذ، والله يضاعف ثواب الصدقات إلى سبعمائة ضعف، ولكن القرآن الكريم بين أنّ اللسان يبطل ثواب الصدقات بالمن والأذى، ويمحي أثرها عند الله تعالى، فلا يكتب لصاحبها شيء من الأجر، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) (البقرة/ 264)، والحج من أركان الإسلام، ويكفر الذنوب، ويرجع المؤمن بالحج المبرور كيوم ولدته أمه، بشرط أن يحفظ لسانه، ويمنعه من الفسق والفجور، ويجنبه الرفث والإثم، وحذر القرآن الكريم الحاج من لسانه وكلامه فقال تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) (البقرة/ 197)، وإنّ اللسان يحبط أعمال جميع الأعضاء ولذلك تخاطبه وتتوجه إليه برعاية أعمالها، وتنمية خيراتها، فروى الترمذي عن أبي سعيد الخدري رفعه قال: "إذا أصبح ابنُ آدم فإنّ الأعضاء تكفِّرُ اللسان، فتقول: اتق الله فينا، فإنّما نحن بك (أي نتعلق ونستقيم ونعوَّج بك) فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا"   -       اللسان سلاح ذو حدين: ومما سبق يظهر أنّ اللسان سلاح ذو حدين، يستعمله صاحبه فيبلغ به المكانة العليا في الدنيا والآخرة، ويسيء به صاحبه فيرديه إلى الهلاك والدمار، والويل والثبور في الدنيا، ويصل به إلى جهنم في الآخرة، ولذلك قال الحسن البصري: "اللسان أمير البدن، فإذا جنى على الأعضاء شيئاً جنت، وإذا عفَّ عفت"، وبينت السنة النبوية خطورة هذا السلاح وفعاليته المزدوجة، فروى البخاري عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله (ص) قال: "إنّ العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يُلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وانّ العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم". وروى الترمذي وابن ماجه عن بلال بن الحارث أنّ رسول الله (ص) قال: "إنّ أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، ما يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله عزّ وجلّ بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإنّ أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله، ما يظن أن تبلغ به ما بلغت، فيكتب الله عزّ وجلّ بها سخطه إلى يوم يلقاه"، فالإنسان يحاسب على كل كلمة أو لفظة ينطق بها، ويتفوه بها، ويسأل في الدنيا والآخرة عن كلامه وأقواله، وروى الترمذي وابن ماجه والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن أم حبيبة أنّ رسول الله (ص) قال: "كلام ابن آدم عليه، إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذكر الله عزّ وجلّ". وهذا يؤدي إلى فضيلة الصمت والسكوت، وانّه أفضل من الكلام الفارغ إلا إذا تكلم بخير، أو أمر بمعروف أو أصلح بين الناس، أو أراد التعلم والتعليم، وهنا يرد المثل الشائع: إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، وقد ورد في الأثر انّ المؤمن يكن صمته فكراً، ونظره عبرة، ونطقه ذكراً، ونختم هذا المقال بكلمة ابن عباس (رض) وهو يخاطب لسانه: "ويحك قل خيراً تغنم، أو اسكت عن سوء تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم" ونسأل الله تعالى السداد في القول، والسلامة من آفات اللسان، والحمد لله رب العالمين. المصدر: مجلة هدي الإسلام/ العدد 28 لسنة 1984م

ارسال التعليق

Top