الإبداع سنة كمال والكلمة الطيبة سنة عطاء متواصل.
الإبداع يكون كالكلمة الطيبة حين تكون أصوله ثابتة وفروعه نامية نمواً لا حدّ له.
يجب أن لا يختلط أمر الشجرة الطيبة بالشجرة الخبيثة.
الشجرة الخبيثة منقطعة عن أصول حركة الكمال في الكون.
والشجرة الخبيثة تبدو أنها متحركة ولكن دونما هدف ومقصد وعطاء.
الكلمة الطيبة تقابل الكلمة الخبيثة.
والكلمة الطيبة:
· كشجرة طيبةٍ
· أصلها ثابت
· وفرعها في السماء
· توتي أكُلَها كلَّ حين بإذن ربّها
· والكلمة الخبيثة
· كشجرة خبيثة
· اجتُثّت من فوق الأرض
· مالها من قرار
والكلمة هي سنّة الله في الأرض: (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ...) (الأنعام/ 115)، (وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ..) (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ) (يونس/ 96).
والكلمة الطيبة هي سنّة الكمال والبناء في الكون.. والكلمة الخبيثة هي سنة التخلّ والهدم في ساحة الوجود.. كلّ شيء يجري وفق سنّة.. البناء والهدم.. الإيمان والكفر.. الرضوان والعذاب.. إحقاق الحقّ وقطع دابر الكافرين.. والمنطلق الأساس لتحقق هذه السنن إرادة الإنسان: (حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الأنفال/ 53).
والكلمة الطيبة في الآية الكريمة لها علاقة بما نحن مهتمون به في هذا العام الهجري الشمسي.. بالإبداع، فهي كشجرة طيبة..
الشجرة رمزٌ للنماء والعطاء والازدهار.. وذات قدرة متواصلة على النمو والتكامل.
وارتباط الإنسان بالشجرة قديم قبل أن يهبط على ظهر الأرض.. ولقد بدأ استخلافه في الأرض منذ أن اقترب من تلك الشجرة.. ورأى نور الله منذ أن علم أنّه يوقد من شجرة مباركة.. وسمع نداء ربّ العالمين (مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ) (القصص/ 30).
سنة البناء والتكامل والإبداع مقرونة إذن بالشجرة.. لكنها شجرة طيبة. وصفات هذه الشجرة الطيبة كما في الآية أنّ: (أصلها ثابت). وثبات الأصل لا يعني الجمود والركود.. بل يعني الحركة القائمة على أصول ثابتة من سنن الكون.. فللنموّ والإبداع سنّته، وإذا تخلّى عن هذه السنن الثابتة يبتعد عن مدارج النموّ والكمال والإبداع.
أما فروع هذه الشجرة فتنمو نمواً لا حدّ له: (وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ) (إبراهيم/ 2). هذا النموّ المتواصل يتحقّق حين تقوم هذه الشجرة على أصول ثابتة من سنن الكمال والإبداع في الكون.
وحين تكون هذه الشجرة الطيبة قائمة على أصول ثابتة من سنن الكمال فإنّها: (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا) (إبراهيم/ 25).
(بإذن ربّها) تأكيد على السنة الإلهية في عطاء هذه الشجرة.. إنها مستمرة في العطاء دونما توقّف.
الإبداع – إذن من خلال عرض الآية لسنّة الشجرة الطيبة – يقوم على أسس ثابتة من سنن الكمال في الكون.
لكنه ينمو باستمرار مقدماً العطاء والخير والبركة.
الشجرة الطيبة يجب أن لا يختلط أمرها بالشجرة الخبيثة..
هذه الشجرة الخبيثة مشمولة بسنّة الدمار والانحراف ونكد العيش لأنّها:
(اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ) (إبراهيم/ 26)، فهي لا تتصل بالأصول الثابتة من سنن الكمال..
ثمّ إنّها (مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ) وهو تعبير عظيم عن حركة ليس لها هدف ومقصد، تبدو وكأنها متحركة، لكنّها حركة الانقطاع عن الجذور، لا حركة النماء والازدهار والكمال.
أمتنا في تطلعها نحو الإبداع لابدّ أن تميّز بين الشجرتين، وبين الحركتين، كي لا تتجه نحو إبداع هو في الواقع سراب يحسبه الضمآن ماءاً.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق